مجموعة قيادة المظاهرات...التشكيل والتحديات

محمد جمعة عباس

الحوار المتمدن-العدد: 4920 - 2015 / 9 / 9 - 16:40
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    

مجموعة قيادة المظاهرات...التشكيل والتحديات

بعد فترة قصيرة من بداية الحركة الشعبية العراقية، بدأت الكثير من الاصوات تدعو الى ضرورة تشكيل قيادة لحركة الشارع. انا كتبت وقتها مقالا (ضبط الايقاع واتقان الحركة) تحدثت فيه عن نوعين من القيادة لحركة مثل هذه، الافقي والعمودي، ودعوت الى نموذج وسطي عبر تشكيل مجموعة او هيئة تتولى مهام القيادة وخاصة رصد و تحليل حركات الاطراف الاخرى وكيفية الاستجابه لها. ثمة حديث يدور الان بين بعض النشطاء باتجاه تكوين هيئة او مجموعة قيادية وثمة حديث كثير ايضا عن الصعوبات التي تعترض تكوين هكذا هيئة وعن امكانية العمل الجماعي او عمل الفريق الواحد . ساحاول في هذا المقال مقاربة هذا الموضوع من زاوية علم النفس الاجتماعي الذي يتناول الاليات التي تحكم وتضبط التقاء عدد من البشر لتكوين مجموعة group .

تتشكل المجموعة اما لان هناك عوامل جذب شخصية بين افرادها( مثل كونهم متشابهين او لهم اهتمامات متشابهه) او لان هناك مهمة او وظيفة تستدعي تشكيلها. في مثلنا العراقي الحالي يبدو ان السبب الثاني هو العامل الرئيسي في الحاجة الى تشكيل مجموعة قيادية للمظاهرات مع ان هناك عوامل تقارب بين بعض الناشطين الفاعلين وليس كلهم.

تمر المجموعة بعدة مراحل في تشكيلها وكالاتي:

1.Forming
وهي مرحلة تشكل المجموعة حيث يتعرف الافراد على بعضهم وعلى الهدف من تشكيل المجموعة بالاضافة الى قواعد العمل وادارة جلسات المجموعة..عادة مايكون هناك نوع من القلق في هذه المرحلة خاصة وان الاهداف والادوار تكون غير واضحة بالشكل الكافي. مع هذا القلق عادة مايكون هناك تحفز من الاعضاء لمهمتهم وعادة مايكون التصرف مهذب في هذه المرحلة.دور قائد المجموعة او المشرفاو ال facilitator اي الشخص الذي يدير النقاش مهم جدا في تسهيل عملية التشكيل هذه.

2.Storming
هذه هي المرحلة الاخطر في تكون المجموعة وقد تحدد استمراريتها من عدمها. في هذه المرحلة تبدا الخلافات والفروقات بين الاعضاء والتي لها اسباب متعددة منها الفروقات الشخصية بين الافراد ، التصرفات الغير مقبولة او الاستفزازية من البعض الاخر، الفهم الخاطيء لمايريده البعض او تضخم الخلافات البسيطة الى خلافات كبيرة. دور قائد المجموعة او المشرف عليها او ال facilitator الذي يدير او ييسر عمل المجموعة يكون محوريا هنا في امتصاص هذه الخلافات بل واستخدامها لتقوية المجموعة ويتم ذلك عبر مجموعة من اساليب ال facilitation. حكمة المشرف هنا ضرورية وفي حالة نجاح المجموعة تعبر الى المرحلة الاخرى.

3.Norming
في هذه المرحلة تنتقل المجموعة الى طور يتميز بالانسجام، تقبل الاخر، وضوح الهدف ، الثبات ، والعمل الجماعي واشتراك معظم الاعضاء ورضاهم عن مايقدمونه.

4.Performing
هذه المرحلة تدخل المجموعة فيها الى مرحلة الانجاز وتحقيق المهام .الوصول الى هذه المرحلة ليس باليسير ففي احدى الدراسات وجد انه مجموعة واحدة فقط من كل ١-;-٢-;- مجموعة تصل الى هذه المرحلة.

البعض يضيف الى هذه المراحل الاربعة مرحلة خامسة هي ال Adjourning وهي مرحلة فض المجموعة بعد انتهاء مهامها.

من المخاطر التى تواجه المجموعة المتكونة حديثا هو توجهها بشكل سريع الى مرحلة ال storming او الصراع لعدم ثبات فترة التشكيل وتوضيح الاهداف والادوار واليات العمل، هذا الخطر موجود الان في حالة تشكل قيادة للمظاهرات لان هناك عامل ضغط الوقت بالاضافة الى ان اهداف هكذا تجمع وادوار الاشخاص فيه واليات العمل ليست سهلة التحديد. هناك ايضا خطر اخر وهو ما يسمى ب متلازمة المجموعة الحديثة او New group syndrome حيث ان غياب الوضوح لدى الاعضاء قد يضعهم في موقف يجعلهم يوافقون على كل مايطرحه عضو او اعضاء اكثر قوة وربما نفوذا داخل المجموعة.

المفاهيم المذكورة اعلاه مستمده من علم النفس الاجتماعي الذي هو في معظمه علم غربي مبني على دراسات غربية لمراحل تشكل المجموعات في الغرب. هذه الحقيقية ربما تعطي لاصدقائنا وزملائنا من الناشطين في الحركة الشعبية العراقية اطارا لفهم الخلافات التي يتم الحديث عنها او المتخوف منها ذلك ان الكثير منها هي ظواهر انسانية متوقعة وليست بالضرورة بسبب انه (احنه مايصيرنا جارة!)...مع ذلك اعتقد ان من المهم ايضا ان نضع في الاعتبار الاطار العراقي والذي لابد ان يكون له بعض التأثير على المراحل والمخاطر اعلاه ...الاطار العراقي من حيث بنية المجتمع، النظام التعليمي وغياب فرص تنمية بعض المهارات الضرورية في عمل الفريق، النظام الثقافي، اساليب التواصل السائدة الخ. ولانني غير مطلع على دراسات علمية ومنهجيه لدور هذا الاطار العراقي على هكذا موضوع فان اي محاولة لفهم دورة لاتتعدى كونها محاولة وصفية او محاولة لتقديم فرضيات قابلة للصحة او الخطا وربما نحاول في مقالات لاحقة القيام ببعض من هذه المحاولات.



د محمد جمعة عباس استشاري الطب النفسي بريطانيا

#محمد_جمعة_عباس (هاشتاغ)      

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات