|
بحر
لنا الفاضل
الحوار المتمدن-العدد: 4919 - 2015 / 9 / 8 - 19:28
المحور:
الادب والفن
مررت مساءاً من عند بنايتك كانت على غير المعتاد شبابيكك مغلقة وأنوارك مطفأه وسط بهاء الشارع المكتظ بالأنوار. درت حول المكان مرتين وثلاثا بلا وعي. تملكني شعور غامض وأنا أبعد منظرنا ونحن نتشاجرآخر مرة عن عيني والتساؤلات تتملكني... أخذت صباحا طريقي من هناك أيضا وجدت البلابل تبحث عمن يفتح الشبابيك لها وهي حائرة تفتقد طعامها. أحسست بها تطير فوقي وتسألني لم يخبرنا برحيله هل تعلمين أنت؟ لم أخبرهم شيئاً لأنني لا أعرف شيئاً مثلهم. أطعمتها بضع قطع من الخبز كانت في كيس أحمله، وعدتها أن أضع لها الطعام في كفي كل يوم لحين عودتك. سمعت سيارتين كانتا تصطفان أمام الدار تتحدثان أين ذهب الذي كان يقول لنا : صباح الخير أيتها الآلات العظيمة كونا بخير أيتها الجميلتان وأحذرا الطائشين . سمعت الأشجار على الرصيف تهمس :أين صديقنا الطيب الذي كان يحدثنا كل يوم عن حبيبته غريبة الطول نخلة الدار البعيدة؟؟ شعرت إنني في حلم هرعت للدار أغسل وجهي لأصحو وجدت كل شيء حولي حقيقي لست مجنونة اذن، ولست في كابوس أنا في يقظة تامة. انا حقيقة في هذا المكان وانت حقيقة تماثلني واقعية ،لكن أين أنت؟ هاهي آثارك في كل مكان. تلك هناك على منضدة جدتي القديمة هديتك إطارات الفضه لصورنا بعد مشاجرتنا الغبيه على ولعي بشِعر نزار وحبي لدرويش وأنت تقول تظنين إنك هائمة وثورية،أغبى إمرأة خلقت في الكون أنت،ِ وأنا أضحك طويلاً لأنني أعرف إنك تغار منهما ومن كل من أصفق له دونك، نظاراتي الكلاسيكية تنظر اليّ وتذكرني بقرب ميلادك على التقويم كيف سأهديك هديتي الان؟ وذلك الشعر المستعار بألوان المهرجين لم ألبسها يوما إلا وضحكنا حد الشهقه كمعتوهين لم يجدا ما يضحكا عليه سوى أنفسهما. خاتم خطوبة من الذهب الابيض منقوش بحروفنا الاولى تحتفي به عيناي كل لحظة، كل ما حولي هو أنت، حتى شال الصوف الدافيء الذي كنت تحبه جدا أتخيل لونه تغير من الأحمر الى الأسود هذا اليوم بالذات، بعد أن وصلتني رسالتك التي ترددت في قراءتها، كنت غاضبه منك جداً، هدأت نفسي وأنا اقول ربما كانت معلقة طويلاً في طرف أمواج بحر البريد اللعين ماذا كنت تريد أن تقول بها، هل أقرأها؟؟ قاومت غضبي جلبت علبة مناديل استعدادا لطوفان الدمع فتحت الرساله وأنا مغمضة العينين ،اخذت أضغط على أسناني بشدة خوفا مما ينبئني به ظني بعد حواراتنا خلال الاسابيع الماضية: سيدة قلبي مشيت كثيرا لأصل محطتي الآن سأركب البحر قريباً، لا أفتقد شيئا سواكِ. كنت أستغرب كثيراً أنكِ لم تفقدي الأمل ونحن تدوسنا غربتنا في وطن القسوة هذا. تدوس آلامنا وأسمائنا ،وذواتنا المهذبه عن الاعتراف بضياعنا. جُرحي الذي تعرفينه لا يندمل، وأنا لست قادراً على أن أتعامل بسذاجة مع واقع يتحرك تحتي بقوة زلزال.. أنتِ وطني الأجمل القريب لكنك كالحلم البعيد الذي لا يمكن الأمساك بهِ. كل شيء يشدني للخلف، إسمي، تاريخي،إنتمائي المهان بلفظ الخائن رغم تضحياتي لوطن لم يعرفني يوماً أوقات فَرحهِ لكنه كان يعرفني فقط وقت التضحيات . وطن ٌربما أنا من ضيعته مستسلماً، خائفاً، متعباً. لكنه من المؤكد إنه من ضيعني، إشتريته بدمي لكنه أنكرني وعلق إسمي على جدار ممتلكات وطن مستباح. وضعتُ كل ما أملك لمن حولي وله ووضعني من حولي أمامهم هدفاً للإنتقاص ووضعني وطني لهم وليمة . أنتِ فقط من أعدتِ تشكيلي من جديد بعد أن هدمتني معاول إختياراتي الخاطئة طوال الوقت لذا الآن قررت إن هذا هو إختياري الاخير الصائب،ألا أكون نهايتك التي لا ترضاها لك روحي ولا يرضاها قلبي. تحرري مني حبيبتي . أنت عالم متكامل ثري سأخدش نقاءه بضعفي وتراكم أحزاني. سأكون هناك غداً المهاجر الجديد الى اللا مكان الذي سأنتمي له مجبرا، أنت يا من ملأتني حنانا ًو كنت كاليتيم الذي فقد طفولته ووجدها في عينيك، أعتذر لك أنت فقط أنا عاجز عن رفع راية إنتصار أهديها لك أيتها البطلة التي صنعت معجزة إسمها التفاؤل، عاجز أن أمسك غيمة أهديها لك يا من تهبين الصغار حولك السِحر والفرح . إنني عاجز عن أمنح نفسي الامان فكيف أكون ملاذك الآمن، العجز يكبلني لأكتشف إنني لاشيء يضيف لك سوى الالم. تمنيت طويلا أن أفكك المعادلة الصعبه التي إسمها الحياة لكنها أبت أن تمنحني مفاتيح الحل،الحل صعب ومكلف جدا في بلادنا يا غاليه . إنه الوداع لكنك لن تنفكي تزوريني في الحلم أيتها المرأة التي تتقن دور الأم بلا نهايه. لا تنتظريني لكنني يوما قد أعود لأحصل على غفرانك . أغلقتُ رسالتك، بدأت الاشياء تطير من حولي في دوامة تقتلع كل شيء وتقتلعني. أصحو من هذيان الكلمات التي غلفتني كغيمه سوداء. وأقرر قراراً لا رجعة فيه : لن أتحرر منك كل أرض ستصنع وطناً معك. كتبتها في سطر واحد أرسلتها فورا وأنا اعرف انك في عرض البحر الآن ظلت معلقة لم تأتي إشارة بالإستلام.
#لنا_الفاضل (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
هجرة ضوئية
-
في داخلي
-
كسل للبيع
-
إخترت
-
موجة ضوء
-
حرف
-
ذكورة
-
كثيرا
-
أكلمك من أرض لا تموت
-
فأس
-
قصص قصيرة جدا
-
ظلك
-
لاحقاً
-
على وقع نغمة صوفية
-
سأعود
-
لوعة وأفكار
المزيد.....
-
موسكو.. انطلاق أيام الثقافة البحرينية
-
مسلسل الطائر الرفراف الحلقة 84 مترجمة بجودة عالية قصة عشق
-
إبراهيم نصر الله: عمر الرجال أطول من الإمبراطوريات
-
الفلسطينية لينا خلف تفاحة تفوز بجائزة الكتاب الوطني للشعر
-
يفوز بيرسيفال إيفرت بجائزة الكتاب الوطني للرواية
-
معروف الدواليبي.. الشيخ الأحمر الذي لا يحب العسكر ولا يحبه ا
...
-
نائب أوكراني يكشف مسرحية زيلينسكي الفاشلة أمام البرلمان بعد
...
-
مايكروسوفت تطلق تطبيقا جديدا للترجمة الفورية
-
مصر.. اقتحام مكتب المخرج الشهير خالد يوسف ومطالبته بفيلم عن
...
-
محامي -الطلياني- يؤكد القبض عليه في مصر بسبب أفلام إباحية
المزيد.....
-
التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ
/ عبد الكريم برشيد
-
مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة
/ د. أمل درويش
-
التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب
...
/ حسين علوان حسين
-
التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا
...
/ نواف يونس وآخرون
-
دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و
...
/ نادية سعدوني
-
المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين
/ د. راندا حلمى السعيد
-
سراب مختلف ألوانه
/ خالد علي سليفاني
-
جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد
...
/ أمال قندوز - فاطنة بوكركب
-
السيد حافظ أيقونة دراما الطفل
/ د. أحمد محمود أحمد سعيد
-
اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ
/ صبرينة نصري نجود نصري
المزيد.....
|