|
سوريا .. وأزمة الحلول والخيارات!!
بير رستم
كاتب
(Pir Rustem)
الحوار المتمدن-العدد: 4903 - 2015 / 8 / 21 - 20:26
المحور:
الثورات والانتفاضات الجماهيرية
يطرح الصديق والإعلامي الكوردي نهاد إسكان السؤال التالي: "طالما نحن متفقين على الحل السياسي في سوريا فما رأيك عن الحلول المقترحة لسوريا وإلى أين تتجه سوريا وماذا تريد الدول المتصارعة على سوريا .. من سوريا". وجواباً على سؤال الصديق نهاد يمكننا القول: إن كل من تابع _ويتابع_ الوضع في سوريا يدرك تماماً بأن الموضوع السوري باتت قضية دولية وإنها خرجت من يد السوريين؛ إن كان النظام أم المعارضة وذلك على الرغم من سيطرة المجموعات والميليشيات المسلحة المختلفة على مساحات من جغرافية البلد وتشكيل ما يمكن أن تعرف بإمارات وممالك الحرب والتي تتمدد وتتقلص وفق ما يقدم لها من دعم عسكري خارجي .. وهكذا فإن سوريا وبشقيها؛ المدني السياسي وما ترسم لها من مشاريع وأجندات و(مؤامرات) أو في الجانب العسكري المليشاوي، فقد خرجت من يد السوريين وباتت بيد اللاعبين الدوليين والإقليميين ومصالحهم وصراعاتهم وأجنداتهم في المنطقة .. وللأسف فإن كل فريق وطرف سياسي يحاول فرض إرادته ومشروعه وإن كان على حساب دماء ودموع السوريين ودمار البلد وتهجير ما تبقى من السوريين إلى دول الشتات والغربة.
وهكذا وإن نظرنا إلى الخارطة السياسية الإقليمية ومحاورها فإننا سوف نجد هناك عدد من تلك الأجندات والمشاريع السياسية _وهو صحيح إنه بعد خمس سنوات من الصراع المدمر والكارثي، قد إقتنع معظم الفرقاء؛ بأن لا بديل عن الحل السياسي_ لكن ما زال كل فريق متمسك بمشروعه ورؤيته السياسية وذلك كحل ومخرج للأزمة؛ حيث النظام مع المحور الإيراني الروسي ما زال متمسكاً بقراءته المزيفة عن أن الأزمة هي مرتبطة بوجود قاعدة الإرهاب وتنظيماتها وبالتالي فإن الأولوية _بحسب قراءتها_ تكون للقضاء على تلك الجماعات المتطرفة ومن دون تحميل النظام نفسه مسؤوليته التاريخية وبأن دولة الإستبداد كانت المقدمة لدخول البلاد إلى نفق الأزمة الحالية .. وهكذا فهي تهرب من الواقع وإلقاء كل تبعات الأزمة على الخارج والإرهاب المدعوم من عدد من الدول العربية وحلفائهم الدوليين. بينما يرى الفريق الآخر؛ بأن النظام كان السبب في دخول البلاد إلى نفق الحرب الأهلية وأنه يتحمل كل التبعات، بل هو الذي دفع بالمعارضة المدنية السلمية إلى العسكرة وذلك من دون أن تشير إلى السلاح الذي دخل للبلد وقدم لجماعات المعارضة وتشكيلات الجيش الحر وذلك حتى قبل أن يوفد إلينا الإرهابيين ويشكل التنظيمات الإسلامية الراديكالية _أو التأسيس على الخلايا النائمة لها_ وصولاً إلى (النصرة وداعش) وبالتالي فهي الأخرى تزيف الواقع وتتهرب من مسؤولتها بتحمل بعض تبعات ما آل إليه البلد والتورط في عسكرة المظاهرات السلمية في سوريا.
إذاً نحن ما زلنا _وللأسف_ عند المربع الأول حيث التوافق على مسألة إنهاء الصراع سياسياً وذلك بعد أن تأكد للجميع بأن "لا حسم عسكري في سوريا" وخاصةً بعد الإتفاق النووي الإيراني الغربي والذي شكل لإيران مخرجاً سياسياً لأزمتها الداخلية والإقليمية الخانقة حيث من جهة جعلتها شريكة ليس فقط لحل ملفها النووي وإنما في مجمل قضايا وسياسات المنطقة ومنها المسألة السورية، كما أن فك الحصار الإقتصادي سوف ينعش الإقتصاد الإيراني وتكون بذلك أكثر قدرة على الحركة ودعم حلفائها في المنطقة وهي الدولة النفطية الغنية .. وهكذا فسوف تكون إيران مع حليفتها روسيا أحد اللاعبين الأساسيين في صراعات المنطقة والمشاركين بوضع الحلول أيضاً وبالتأكيد فإن إيران لن تتخلى عن مشروعها "الطائفي" السياسي _وإن تخلت عن الأسد مستقبلاً_ وذلك من خلال "هلال شيعي". وبالمقابل هناك المحور السني والذي يتنازع على قيادته عدد من الدول وأبرزهم السعودية وذلك من خلال التزاوج بين المشروع القومي العروبي والديني الإسلامي (المعتدل) تنافسها تركيا من خلال مشروعها الإخواني (المعدل) .. وهناك الغرب وأمريكا واللذان يقفان على مسافة شبه واحدة من المشروعين. وأخيراً هناك الكورد وبعض المشاريع الخجولة في محاولة منهم ليكونوا جزء من لاعبي المنطقة وبدعم متردد من بعض الحلفاء الغربيين وأمريكا وذلك بحسب الحاجة إليهم وإلى مشاركاتهم لمحاربة التطرف الديني وعلى الأخص منه تنظيم "داعش" التكفيري.
وبالتالي فنحن _أي هذه الأجندات الإقليمية والدولية المتصارعة على سوريا وفي سوريا_ هي متفقة على اللاتوافق؛ أي هي متفقة على أن الحل السياسي هو الحل، لكن وبنفس الوقت تعمل على كسر الإرادات من خلال الدعم المباشر وغير المباشر للجماعات المسلحة الميليشاوية في البلد ولا يخفى ذاك الدعم وتدفق المال والأسلحة لكل الأطراف المتحاربة داخل سوريا وإدخال البلاد في دوامة أو ما عرف إصطلاحاً بـ"الفوضى الخلاقة" والتي أغرقتنا وأغرقت البلد في المزيد من الدمار والقتل والتهجير بحيث باتت الأرقام مروعة ومرعبة، وإنني على قناعة بأن هذه السياسة هي الوحيدة التي أتفقت عليها الجميع _ألا وهو ترك البلد في حالة صراع_ لإنهاك الجميع وأخيراً القبول بطاولة الحوار والمفاوضات، ناهيكم عن قضية بيع الأسلحة للمنطقة والحصول على المزيد من الإمتيازات والسيطرة على منابع النفط .. وهذا ما نلاحظه بعد صراع مرير لخمس سنوات، حيث أُحرِقَ فيه الحجر والبشر حتى وصل كل الأطراف إلى تلك "القناعة" بأن الحل السياسي هو أفضل المخرجات للأزمة السورية مع العلم ومن خلال تاريخ الحروب والصراعات نعلم جميعاً؛ بأن الحروب لا تقدم الحلول وإنما المفاوضات هي التي تقدم الحلول والمخارج المناسبة لكل الأزمات.
وأخيراً وكمخرج للأزمة، أعتقد أن الكل يدرك تماماً ومنذ اللحظة الأولى للصراع؛ بأن لا عودة إلى نظام القمع والإستبداد والديكتاتورية _حيث عصرنا هو عصر إنهيار أباطرة الشرق_ وبالتالي فلا بديل عن النظام السياسي الديمقراطي التوافقي والذي يضمن حق الجميع _كل مكونات البلد_ في حياة سياسية حرة ديمقراطية يحقق العيش المشترك والحياة الكريمة لكل المواطنين السوريين وبمختلف أعراقهم وقومياتهم ومذاهبهم وطوائفهم .. وإلا فإنه المزيد من الصراع والقتل والدمار والعنف الطائفي.
#بير_رستم (هاشتاغ)
Pir_Rustem#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الطفل العفريني/ عفرين .. مهد الحضارات.!!
-
العقل الكوردي ..ما زال خاضعاً ومرهوناً إلى الحمية القبلية!!
-
الديمقراطية ..هي البديل عن النظم التوتاليتارية.
-
البارتي .. هو الحامل للمشروع القومي الكوردي.
-
اقتتال الإخوة .. أو الحروب الأهلية كارثة
-
أحزابنا .. وسياسة عصر الباروك.؟!!
-
نظام الكانتونات..؟!!
-
مشكلتنا مع ثقافة الاستبداد
-
ثالوث الحكم في سوريا..؟!!
-
الوهم الكوردي..؟!!
-
الخلاف.. السني الشيعي.؟!!
-
الأمن السوري!!
-
أزمنة الشعارات..؟!!
-
سوريا.. والصراع الطائفي المذهبي.
-
كوردستان.. مستعمرة ام مستعبدة دولية..؟!!
-
كوردستان والارتزاق..؟!!
-
شعرة معاوية..؟!!
-
حكاية الحجل الكوردي.. ملعوناً..؟!!
-
حرب.. أم حروب في سوريا..؟!!
-
ثقافة القطيع..؟!! ...الخلاف على الكرسياتية وليس الكوردياتية.
المزيد.....
-
حزب الفقراء، في الذكرى 34 لانطلاقته
-
تركيا تعزل عمدة مدينتين مواليتين للأكراد بتهمة صلتهما بحزب ا
...
-
تيسير خالد : سلطات الاحتلال لم تمارس الاعتقال الإداري بحق ال
...
-
الديمقراطيون لا يمتلكون الأجوبة للعمال
-
هولندا: اليمين المتطرف يدين مذكرتي المحكمة الجنائية لاعتقال
...
-
الاتحاد الأوروبي بين مطرقة نقص العمالة وسندان اليمين المتطرف
...
-
السيناتور بيرني ساندرز:اتهامات الجنائية الدولية لنتنياهو وغا
...
-
بيرني ساندرز: اذا لم يحترم العالم القانون الدولي فسننحدر نحو
...
-
حسن العبودي// دفاعا عن الجدال... دفاعا عن الجدل (ملحق الجزء
...
-
الحراك الشعبي بفجيج ينير طريق المقاومة من أجل حق السكان في ا
...
المزيد.....
-
ثورة تشرين
/ مظاهر ريسان
-
كراسات شيوعية (إيطاليا،سبتمبر 1920: وإحتلال المصانع) دائرة ل
...
/ عبدالرؤوف بطيخ
-
ورقة سياسية حول تطورات الوضع السياسي
/ الحزب الشيوعي السوداني
-
كتاب تجربة ثورة ديسمبر ودروسها
/ تاج السر عثمان
-
غاندي عرّاب الثورة السلمية وملهمها: (اللاعنف) ضد العنف منهجا
...
/ علي أسعد وطفة
-
يناير المصري.. والأفق ما بعد الحداثي
/ محمد دوير
-
احتجاجات تشرين 2019 في العراق من منظور المشاركين فيها
/ فارس كمال نظمي و مازن حاتم
-
أكتوبر 1917: مفارقة انتصار -البلشفية القديمة-
/ دلير زنكنة
-
ماهية الوضع الثورى وسماته السياسية - مقالات نظرية -لينين ، ت
...
/ سعيد العليمى
-
عفرين تقاوم عفرين تنتصر - ملفّ طريق الثورة
/ حزب الكادحين
المزيد.....
|