أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - الزنديق الأعظم - هوذا الإنسان ECCE HOMO














المزيد.....

هوذا الإنسان ECCE HOMO


الزنديق الأعظم

الحوار المتمدن-العدد: 4870 - 2015 / 7 / 18 - 13:48
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


لا أحد يكشف الزنديق أكثر من نيتشه. إنه يمسح التراب عن وجه الزنديق يغسله من الأوساخ التي رماها عليه جماعة الشبح الخرافي، يسلط النور على التضاريس و يسكب الماء و يفرك بالصابون و يقشر الكلس الكاذب و يفتح المسامات و يفك المخيط من الشفتين و يداويهما ببلسم الحياة الحارق المرمم المتضوع جمالا و يفتح الفم و يمسك اللسان و يهزه يصرخ به (قم تحرك قل هز قواربهم أغرق سفنهم أقلع بشراع الحقيقة في محيطات الكون) و يشده و يلويه في الفم كتمساح يرقص و فريسته بين فكيه رقصة الموت الدائرية لكن لا لينهي اللسان أو ليفتك به بل ليعيد له الحياة.

راجعوا كتاب نيتشه ECCE HOMO (هوذا الإنسان) حتى تخسروا خوفكم من الزناديق و الزنادقة و الزندقة و التزندق، حتى تفهموا أن الطبيعة زندقتنا منذ أن وجدنا و أن الفضيلة في الزندقة لا في التقديس و لا في العبادة و لا في عار الاستسلام للشبح و نصوصه و رجاله و لاهوته و فقهه و قديسيه و أوليائه و الصالحين، لتعرفوا أننا كنا جميعا زناديق قبل أن يدمروا أجمل ما فينا منذ أن نفتح أعيننا أطفالا.

يقول لكم نيتشه بعلو الصوت فاسمعوا يرحمكم العقل ترحموا أنفسكم:
(أنا، مثلا، لست فزاعة على الإطلاق، و لا أنا غول أخلاقي، بل إنني من طبيعة نقيضة لذلك الصنف من البشر الذين ظل الناس إلى حد الآن يقدسونهم كأمثلة للفضيلة. بل لأقولها بيني و بينكم أن ذلك بالذات هو ما يبدو لي أحد عناصر اعتزازي بنفسي، فأنا تلميذ لديونيزيوس، و إني لأفضل أن أكون مهرجا على أن أكون قديسا. فليقرأ الناس إذا هذا النص، فلعلي قد وفقت في مهمتي، إذ ربما لم تكن له من غاية سوى التعبير بصفة بهيجة وودودة عن هذا التناقض).

المصدر: ECCE HOMO هوذا الإنسان، فريدريك نيتشه، الترجمة عن الألمانية: علي مصباح، منشورات الجمل.

يقول عن نفسه أنه ليس غول أخلاقي و أنه في ذات الوقت نقيض الفضيلة، فعنده يستوي نقيض الفضيلة مع نفي انعدام الأخلاق و هما فقط عندنا متعارضان لأن الفضيلة عندنا هي رذيلة عند نيتشه فنحن نقدس الدين و الشبح الخرافي و النصوص و نستسلم لهم و نخاف منهم و نوقرهم و نعيش بما نسميه هديهم، أما نيتشه فيحتقر هذا الغباء يحتقر استسلام الإنسان للغيب و القصص التي ليس عليها دليل و التذلل أمام الشبح و السلوك المازوشي المستلذ بألم العبادة و الطقوس و الفرائض و الخنوع و الثقة بما لا يشاهد و لا يسمع و لا يرى أثره لأن أشخاصا سابقين قالوا أنه موجود و أنه كتب كتاب و أرسل رجال و أمر بأفعال و نهى عن أفعال و وعد بثواب و حذر من عقاب، هذه هي الفضيلة عندنا و هي عين الرذيلة عند نيتشه.

الرذيلة عندنا هي الحب هي الشوق هي الرغبة هي اجتماع المرأة بكامل حريتها و إرادتها مع الرجل بكامل حريته و إرادته. رذائلنا الفرح و السرور و المسرح و الفن و الرقص و الموسيقى و الشراب و المهرجانات و النشوة و الكتابة و الشعر و السباحة و التعري من القيود و الجنون اللذيذ، إن الرذيلة عندنا هي كل شئ جميل و طبيعي، هذه رذيلتنا، أما عند نيتشه فهذه هي الفضيلة التي يجعل منها رديفة لكيان ديونيزيوس الإله القديم إله الزراعة و الخصب و المسرح و الخمر و النشوة، إنه يعرف نفسه على أنه تلميذ لديونيزيوس لأنه تلميذ خاضع لكل تلك المعاني، لأنه الإنسان الذي يعيش إنسانيته، و البشري ضارب الجذور في طبيعته البشرية، لأن عقله ما يزال جميل ما يزال طبيعي ما يزال غير فاسد، ما يزال طازج، ناضج، قادر على مشاهدة كل ما هو جميل و الاعتراف بأنه جميل و عيش جماله و التغني به و إبرازه.

أما فضيلتنا فما هي سوى إنتاج العقل المشوه المريض الفاسد غير الناضج الذي قلب المفاهيم و رأي البشع جميل و الجميل بشع و ووطن قوته في ترسيخ البشاعة و عيشها و اكتناز المزيد منها و دوران حياة الفرد و حياة كل من يحب حولها، لهذا فإن فضيلتنا رذيلة عند نيتشه و رذيلتنا فضيلة، إنه يعيد الزندقة إلى مكانها الصحيح قبل أن يخطفها الشبح و رجاله و نصوصه، يضعها حيث كانت في صلب الإنسان و متغلغلة في نسيجه و كيانه، إن الزندقة هي الحياة و هي عين الفضيلة، و كل نقيض لها هو الرذيلة، لانه البلاهة و الحمق و الاتباع و التسليم و الاستسلام و النقل و الخنوع و الذل و الإزهاق و كبت الطاقات و القيد في مستويات إداركية سافلة و منحطة و إخصاء الفكر و ذبح الإمكانيات و انعدام التطور و كبح الحب و شد وثاق الفرح و ربط الوعي، إنه إبقاء الإنسان كالحيوان يأكل يشرب ينام يتخيل ثواب الشبح و عقاب الشبح و يدور في مساحات الشبح و يضع نظارة الشبح يرى الحياة بلونها الرمادي الفقير بالحياة لا يسأل لا يفكر لا ينتج لا يبدع لا ينتشي لا يبلغ الذروة، قديس، ولي، صالح، لا شئ، هذا عين الرذيلة عند نيتشه و هذا ما لا يكن له سوى الاحتقار و لا يستحق سوى أعلى درجات الإدانة و أشدها قسوة، إنه ضد الإنسان، إنه ضد الزنديق، إنه ضد الزندقة، إنه الانتحار الشبحي باسم حياة لا يعرفها أتباعه.

سبحاني و تعاليت.



#الزنديق_الأعظم (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- همسات في الزندقة III
- خواطر الزنديق الأعظم II
- خواطر في الزندقة II
- خواطر الزنديق الأعظم I


المزيد.....




- RT ترصد التوغل الإسرائيلي في القنيطرة
- بوتين: نسعى للريادة في الذكاء الاصطناعي
- فرنسا تسحب مقاتلتين ميراج من تشاد إيذانًا بانسحابها العسكري ...
- منظمة ألمانية تنتقد تمويل أوروبا لتونس وليبيا لإدارة الهجرة ...
- الجيش الروسي في سيفاستوبول يسقط 5 مسيرات أوكرانية ويصد اثنتي ...
- هل هناك تواصل مباشر بين طهران وإدارة العمليات العسكرية في سو ...
- وكالة الطيران الروسية تمدد القيود على الرحلات إلى إسرائيل
- أوربان: زيلينسكي يرفض مقترحا قدمته هنغاريا بإعلان هدنة مع رو ...
- الحرس الثوري الإيراني: طورنا مع وزارة الدفاع طائرة مسيّرة -ف ...
- مسيّرات غامضة على الساحل الأمريكي وعضو في الكونغرس يقول: على ...


المزيد.....

- تداولية المسؤولية الأخلاقية / زهير الخويلدي
- كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج / زهير الخويلدي
- معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية / زهير الخويلدي
- الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا ... / قاسم المحبشي
- الفلسفة القديمة وفلسفة العصور الوسطى ( الاقطاعية )والفلسفة ا ... / غازي الصوراني
- حقوق الإنسان من سقراط إلى ماركس / محمد الهلالي
- حقوق الإنسان من منظور نقدي / محمد الهلالي وخديجة رياضي
- فلسفات تسائل حياتنا / محمد الهلالي
- المُعاناة، المَعنى، العِناية/ مقالة ضد تبرير الشر / ياسين الحاج صالح
- الحلم جنين الواقع -الجزء التاسع / كريمة سلام


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - الزنديق الأعظم - هوذا الإنسان ECCE HOMO