أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - هيثم بن محمد شطورو - سوريا في مواجهة الصحراء














المزيد.....

سوريا في مواجهة الصحراء


هيثم بن محمد شطورو

الحوار المتمدن-العدد: 4855 - 2015 / 7 / 3 - 08:35
المحور: المجتمع المدني
    


و إنها لتبدو صرخات الجهل المقدس مدوية كرياح السموم الصحراوية في وجه المعرفة و الحضارة. رياح البداوة التي تريد ان تعصف بالشمال و الغرب. و منذ هجمات الهكسوس الهمجية على الدولة الفرعونية الى اليوم. و الهكسوس قبائل بدوية دخلت مصر في نهاية حكم الأسرة الفرعونية الرابعة عشر. كانت أسماء ملوكهم سامية عمورية مثل صقر خان و ابوفيس و خامودي و معبوداتهم سامية مثل بعل و عانة. حكموا مصر مدة مئة عام من السلب و النهب و التخريب. بدو الصحراء يزحفون على الحضارة، بهمجيتهم و يتمكنون من النيل منها اذا كانت الدولة قد تكلست مفاهيمها و انظمتها و نواميسها و طبقيتها بين العبيد و الأسياد و بين العائلة المالكة و الشعب. حين يستقر الحكم في عائلة لفترة طويلة نسبيا فـتـنـتهك بدورها منطق الدولة نحو منطق العصابة الحاكمة المغتصبة للحكم.
و اليوم، انفجرت ثورة الحرية، ثورة الشعوب العربية على الدولة العائلة الطبقية المافيوزية الاستبدادية، فهبت رياح السموم الصحراوية البدوية لتـنـقض عليها بمقولات التوحش الذي تعنون بالاسلامويات الايديولوجية.
فمنذ فجر التاريخ ، كانت سوريا تعني في اللغة الآرامية الغرب. منذ ذاك التاريخ كان الغرب يمثل الحضارة و الرقي. و بالرغم من كون الكنعانيين الذين استوطنوا في سوريا انحدروا من الصحراء التي سميت فيما بعد بالصحراء العربية، إلا أنهم بين الأجنة الخضراء و مياه الفرات و النسمات البحرية للبحر الأبيض المتوسط و التـفاعل مع الثـقافة اليونانية و الرومانية فقد تحضروا و أصبحوا حضارة. حين أصبحوا حضارة أصبحوا يمثلون عنصر تـفوق على الأصل الذي انحدروا منه. الأصل البدوي الجائع.
فسوريا بموقعها تاريخيا تربط حضارات الداخل في غرب آسيا و بلاد الرافدين بالبحر المتوسط و أوربا. كان ذلك شان الحضارة الآرامية و الفينيقية ( 1250 قبل الميلاد). فتحها الاسكندر الأكبر سنة 332 ـ 331 قبل الميلاد فانتـشرت فيها الحضارة الإغريقية، كما فتحها الرومان و انتـشرت فيها المسيحية الأولى..
و ها هم بدو الصحراء يقـفون على نـفس مسافات القرون المنصرمة. يريدون الانقضاض على الغرب و العمليات الارهابية في مدريد 2005 و باريس هذه السنة يدخل في نفس السياق. كما ان الحياة المعاصرة برمتها تمثل الغرب الممتد من سوريا الى مصر و المغرب العربي و اوربا بالنسبة لبدوي الصحراء العربية.
مقولة الأصل البدوي الصحراوي أثـثـوها بمقولات اسلاموية حيكت أنسجتها حسب الأصل البدوي ما قبل الإسلام بمئات السنين. الإسلام الذي مثل في جوهره التاريخي اكبر عملية لتمدين الصحراء و حولوه إلى اكبر عملية لتصحير المدن. فالعملية بسيطة جدا و هي العمل بظاهر القرآن، و لكن هذا لا يكفي لتأثيث صحراويتهم فظاهر القرآن بدوره في عدة مواقع ما يعاكس الروح البدوية الصحراوية في الجلافة و التوحش و العنف و الغدر. فالقرآن الكريم يهاجم الأعراب بكل صراحة و يصفهم بالنفاق و الغدر و الخديعة. لذلك استـنجدوا بخلق سنة نبوية قولية و فعلية تم خلقها أعرابيا عبر مئات السنين لتناقض القرآن و تـنسخه و تـثبت الجمود و تغيـيب العـقل و التحجر و الاصنمة. فأنت هنا أمام إسلام هبلي صنمي يناقض بالتمام الإسلام التحرري من الأصنام..
و بطبيعة الحال، فان النظرة العلمية لا ترى في أي شكل من أشكال الوعي و الثقافة سوى بنية فوقية تعكس أساسا ماديا من اجتماع و سيكولوجية جماعية و أنماط اقـتصادية موجودة في الواقع الحي الملموس....
و بدو الصحراء اليوم هم اشد خطورة من الحملات الصليـبية و الاستعمارية. بدو اليوم ينامون على بحر من البترول و الغاز و تريليونات الدولارات التي تركع الدول و الحكومات. و آخر مثال ساطع هو الاعتـذار الذي قـدمته وزيرة الخارجية السويسرية على تصريحاتها المنتـقـدة لوضعية حقوق الإنسان المنتهكة في السعودية. بدو اليوم لهم سطوة العفريت المنفلت من القمقم في ألف ليلة و ليلة..
فبدو الصحراء لا ينـشغلون بفكرة الله الواحد المجرد لأنهم غير قادرين على الارتـقاء بالتجريد. فليس من فكر حر و الفلسفة عدو لدود لان حرارة الصحراء الملتهبة و رياح السموم فيها و الغبار و الحياة البدوية لا يمكن لها أبدا ان يكون لها عقل بارد يفكر بالمنطق و يتـتبع انبناء الأشياء شيئا فشيئا من خلال جزئياتها و القوانين التي تحكمها. فتلك وضعية الإنسان المستـقر في مناخ بارد نسبي و ممطر و مديني. ما يهم الصحراوي البدوي هو الامتلاء بالأكل حتى التخمة ليتجاوز شبعه نحو إشباع أجداده الجائعين منذ مئات السنين...
و انك لتصاب بالذهول حين يصبح الإسلام جنة و نار بينما قال الرسول ان الجنة ما لا عين رأت و لا أذن سمعت و ما لا يخطر على بال احد. أي أنها خارج كل حدود العقل الإنساني الزمكاني بالضرورة مثلما قال الفيلسوف الالماني "ايمانويل كانط".
لكن بدو الصحراء منذ وجدوا قبل ظهور الإسلام بمئات السنين كانوا يحلمون بالأجنة الخضراء التي تجري من تحتها الأنهار و بالعـسل و الإشباع من الجوع و يحلمون بالضلال و أوراق الأشجار الوارفة و النسمات العـليلة. يحلمون بالغرب، بسوريا التي مثـلت على مدى التاريخ عقدة مزدوجة لدى بدو الصحراء. سوريا الآراميـين و الكنعانيـين الذين اختلطوا بالأوربيـين و أسسوا حضارات عـظيمة و انفصلوا عن أصلهم. سوريا الغرب و البدو المغتربين المنبتين عن بداوتهم الأصلية و تجاوزها في أحاسيسهم و مشاعـرهم و أفكارهم و أمعائهم. سوريا التي ولدت في جزء منها منهم و تجاوزتهم عبر التاريخ بكل ما فيها. بل سوريا التي حملت أجمل ما في الصحراء و هو التعلق الشعوري بالمطلق و التعلق بالقيم الأخلاقية في ذاتها و أسستها حضاريا و مدينيا بامتزاج مع الروحية الأوربية منذ الإغريق و الرومان إلى البيزنطيين في عهد الدولة الأموية. سوريا الغرب المتحضر في مواجهة الصحراء البترودولارية الاسلاموية الهمجية البدوية التي أغراها النفط في أن تبني لنفـسها نموذجا عالميا. لكنه نموذج من تراب و غبار. نموذج يماثل الأبراج الزجاجية في الصحراء الملتهبة..



#هيثم_بن_محمد_شطورو (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- القراصنة
- التنورة المتمردة
- محاولة الاستئناس في تونس بحزب -سيريزا-
- اللوحة الغريبة
- هل القرآن دستور الدم المراق؟
- قصتي مع الفتاة الروسية
- النجاح الأوتوماتيكي لفشل الحكومة التونسية
- من الاستكلاب البشري إلى التأله الإنساني
- ثورة محجبة
- ضرورة الانفتاح الوطني في تونس
- شهادة حية لحرب 1967
- -وينو البترول- في تونس
- السيجارة
- سخرية جادة
- العراق بين العمامتين
- المأزق التونسي الحالي
- بهجة الحياة
- فاجعة العري و لذته
- بين الأصنمة و الحرية
- مأزق اليسار


المزيد.....




- مقتل واعتقال 76 ارهابيا في عملية فيلق القدس بجنوب شرق ايران ...
- -الدوما-: مذكرة الجنائية الدولية لاعتقال نتنياهو ستكشف مدى ا ...
- الداخلية الفنلندية توقف إصدار تصاريح الإقامة الدائمة للاجئين ...
- الإعلام الإسرائيلي يواصل مناقشة تداعيات أوامر اعتقال نتنياهو ...
- هذه أبرز العقبات التي تواجه اعتقال نتنياهو وغالانت
- الأمم المتحدة: إسرائيل منعت وصول ثلثي المساعدات الإنسانية لق ...
- مقارنة ردة فعل بايدن على مذكرتي اعتقال بوتين ونتنياهو تبرزه ...
- كيف أثر قرار إصدار مذكرات اعتقال بحق نتنياهو وغالانت على دعم ...
- سفير ايران الدائم بالأمم المتحدة: موقفنا واضح وشفاف ولن يتغي ...
- سفير ايران بالأمم المتحدة: أميركا وبريطانيا تساهمان في استمر ...


المزيد.....

- أية رسالة للتنشيط السوسيوثقافي في تكوين شخصية المرء -الأطفال ... / موافق محمد
- بيداغوجيا البُرْهانِ فِي فَضاءِ الثَوْرَةِ الرَقْمِيَّةِ / علي أسعد وطفة
- مأزق الحريات الأكاديمية في الجامعات العربية: مقاربة نقدية / علي أسعد وطفة
- العدوانية الإنسانية في سيكولوجيا فرويد / علي أسعد وطفة
- الاتصالات الخاصة بالراديو البحري باللغتين العربية والانكليزي ... / محمد عبد الكريم يوسف
- التونسيات واستفتاء 25 جويلية :2022 إلى المقاطعة لا مصلحة للن ... / حمه الهمامي
- تحليل الاستغلال بين العمل الشاق والتطفل الضار / زهير الخويلدي
- منظمات المجتمع المدني في سوريا بعد العام 2011 .. سياسة اللاس ... / رامي نصرالله
- من أجل السلام الدائم، عمونيال كانط / زهير الخويلدي
- فراعنة فى الدنمارك / محيى الدين غريب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - هيثم بن محمد شطورو - سوريا في مواجهة الصحراء