أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - جانيجر كريموف - المفهوم الماركسى للقانون















المزيد.....

المفهوم الماركسى للقانون


جانيجر كريموف

الحوار المتمدن-العدد: 4837 - 2015 / 6 / 14 - 16:44
المحور: ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية
    



ترجمة سعيد العليمى
يزخر تاريخ الفكر القانونى بمحاولات لكشف جوهر القانون وذلك باشتقاقه، على سبيل المثال، من "الروح المطلق" أو "الآمر المطلق" أو "الإرادة الحرة" أو "القاعدة الأساسية"، أو "التضامن الاجتماعى" أو "النظام الواقعى للحياة" إلخ. ولسوء الحظ لم تثمر هذه المحاولات أية فائدة. يكتب النظرى الألمانى (الغربى) كارل إمجه Karl Emge لقد أسف كانط حتى فى زمانه لأن الفقهاء كانوا لا يزالون يبحثون عن تعريف للقانون. بيد أن انصرام قرن ونصف من المناقشة القانونية الفلسفية لم يجعل مهمة تعريف القانون أسهل(1). ويضيف الأكاديمى الإيطالى دل فكيو Del Vecchio أنه لا زالت كلمات كانط صادقة، وأن الدراسات العديدة لهذه المسألة لم تسفر عن أية نتائج مقبولة(2).
لقد برهنت الفلسفة المثالية فى القانون أنها غير قادرة على حل القضايا الأساسية والجوهرية فى نظرية القانون. لقد تطلب الأمر عبقرية ماركس ليخترق الغطاء الذى يغلف النظريات المثالية العديدة فى القانون ويكشف جوهرها الحقيقى.
إن نقطة الانطلاق والقوة المحركة لأى فعل إنسانى هى الحاجات، والاستهلاك والإنتاج فى ترابطاتها الداخلية وتفاعلاتها المتبادلة. ففى مرحلة معينة من التاريخ، يؤدى نمو القوى المنتجة للمجتمع، وتطور التقسيم الاجتماعى للعمل وزيادة إنتاجيته لظهور الملكية الخاصة. يقود هذا بدوره لتقسيم المجتمع إلى طبقات متطاحنة: مع وجود طبقة الملاك فى ناحية، والطبقات المحرومة فى ناحية أخرى، فإن الأولى الآن فى موضع يتيح لها استغلال الأخرى. لتحويل هذه الفرصة إلى واقع، تنظم طبقة الملاك نفسها فى دولة تتصرف كأداة لاستغلال وقمع ومحاربة الطبقات الأقل حظاً. و يوظف القانون أيضاً لهذه الغاية. كتب ماركس وإنجلز "إضافة إلى أن الأفراد الذين يحكمون فى هذه الظروف قد أسسوا سلطتهم فى شكل الدولة كان عليهم أن يعطوا إرادتهم التى تحددها هذه الشروط المعينة، تعبيراً عاماً بوصفها إرادة الدولة، كقانون تعبيراً مضمونه محدد دائماً بعلاقات هذه الطبقة(3). يترتب على ذلك أن المقولة الأساسية التى تصور جوهر القانون هى الإرادة، أو حتى نكون أكثر تحديداً إرادة الطبقة أو الدولة.
إن أعضاء طبقة معينة، المتحدون بواسطة الشروط المادية العامة للحياة، لهم لهذا السبب مصالح وغايات عامة أساسية. هذه الواقعة بدورها تربط بوثوق أعضاء طبقة ما معاً، حافزة إياهم على أن ينظموا أنفسهم وفقاً لذلك جاعلة وحدة إرادتهم مشروطة بحل أكثر المشاكل التى تتعلق بالطبقة ككل أهمية.
أثناء عملية الإنتاج الاجتماعى، تتطور (جملة) المصالح الاقتصادية لهولاء الذين ينتمون لطبقة معينة وتتخذ شكل إرادة طبقية عامة، تدعم وتعزز وتحمى علاقات الإنتاج المتوافقة معها، وأية علاقات أخرى مؤسسة عليها أو، إذا كان ضرورياً تجاهد، على الضد، لتغييرها أو حتى للقضاء عليها. إن الطبقة السائدة فى ظل شروط علاقات إنتاج معينة تهتم، وذلك أمر مفهوم، بالحفاظ على هذه العلاقات. وهكذا، فإن إرادتها التى هى فى نفس الوقت إرادة الدولة، موجهة نحو تعزيز وجود العلاقات الاقتصادية والسياسية وغيرها من علاقات بمختلف الوسائل بما فيها القانون.
إن إرادة الدولة، التى تخلق القانون ويعبر عنها فيه، متجذرة فى إرادة أعضاء الطبقة السائدة، ولكنها ليست جملة الأفعال الفردية الاختيارية لأعضاء هذه الطبقة فحسب. عندما تحدثا عن مجتمع يوجد فيه تقسيم العمل والملكية الخاصة فقد أشار كارل ماركس وفردريك إنجلز إلى أن تأكيد الذات وأنانية أفراد الطبقة الحاكمة تتطلب فى حالات استثنائية إنكاراً للذات فى القانون وتأكيداً ذاتياً لمصالحهم فى الحالات الوسطية النموذجية(4).
قد تسهم إرادة عضو الطبقة الحاكمة فى تشكيل الإرادة العامة لطبقة معينة وصياغة تعبيرها فى القانون، مع ذلك، بعد أن يغدو القانون نافذاً، قد تتنازع إرادة الفرد المعنى مع القانون القائم بسبب تغير فى مصالح الفرد. وبغض النظر عن هذا، فلا يبلغ كل فرد فى الطبقة الحاكمة مستوى إدراك مصالح طبقته، وإرادته من ثم لا تلعب دوراً فى عملية سن القانون.
على أية حال، يفكر هذا الفرد، تحت تأثير الشروط المادية للحياة العامة بالنسبة للطبقة المعنية، وفق نفس الاتجاهات مثله فى ذلك مثل أى أحد آخر من أعضائها. إن مصالحه، بوصفها مصالح عضو فى الطبقة الحاكمة، وإن تكن غيرمدركة مُعبر عنها مع ذلك فى القانون من خلال واسطة أنشطة سن القانون التى يقوم بها هؤلاء الأعضاء فى الطبقة الحاكمة الذين أدركوا مصالحها العامة/ المشتركة.
يترتب منطقياً على ما سبق أنه كلما كانت البنية الاجتماعية وبنية الدولة أكثر ديموقراطية فى بلد ما، كلما عبرالقانون بشكل أفضل عن إرادة الشعب. ولهذا السبب تحديداً فإن الاشتراكية هى أكثر الشروط ملائمة للتعبير الحر عن إرادة كل عضو فى المجتمع بصدد عملية سن القانون. على سبيل المثال، فقد أصبحت المناقشات القومية حول أشد مشروعات القوانين أهمية تقليداً فى الاتحاد السوفييتى. وهكذا فإن دارسين من حقول مختلفة، اقتصاديون ذوى خبرة، إداريون وإخصائيون اجتماعيون قد انهمكوا فى تطوير مشروع دستور 1977 لاتحاد الجمهوريات الاشتراكية السوفييتية الذى طرح آنئذ لمناقشة قومية استمرت أربعة شهور. وقد أسهم فى المناقشة 140 مليون مواطن، أى، أكثر من أربعة أخماس سكان البلاد الراشدين، التى أسفرت عن تعديل 110 مادة من جملة 173 مادة من المشروع وإضافة مادة واحدة.
هذه هى الكيفية التى تتشكل بها إرادة الناس، ولكن لا ينبغى تفسير هذه العملية بسذاجة بوصفها محصلة ميكانيكية للآراء، والرغبات، والمقترحات التى جرى التعبير عنها. خلال المناقشة القومية حول مشروع القانون، فإن بعضاً فقط من العدد الكبير من الأفكار والتوصيات التى قدمها أعضاء المجتمع قد جرى اختيارها ـ تلك التى تعكس بأشد الأشكال صواباً ودقة حاجات التقدم الاجتماعى وتشير إلى أشد الطرق والوسائل عقلانية وفعالية لاستخدام الميول الموضوعية بالتوافق مع حاجات ومصالح الناس. وهذا الاختيار يتبعه بلورة لإرادة الناس من خلال ضفر جدلى لهذه الجوانب من الأفكار والتوصيات التى تسهل بأعظم درجة ممكنة إنجاز أهداف البناء الشيوعى من خلال الإجراءات القانونية.
إن أى إرادة عامة مركبة هى من ثم جديدة نوعياً وأعلى قياساً بالإرادة الفردية. والإرادة العامة المركبة هى مرحلة أعلى فى تطور إرادة الفرد، إنها أكثر عينية وتنوعاً من الأخيرة فى مضمونها، وطبيعة عملياتها الجوهرية وفى علاقتها بالبيئة وبظواهر أخرى. كقاعدة فإن الإرادة العامة المركبة ليست أغنى فى المضمون فحسب وإنما أفضل تنظيماً، ومن الناحية البنيوية أكمل فى الشكل، ومن ثم أكثر قابلية للحياة، فعالة وفاعلة.
يحدد الطابع الإرادى للقانون أيضاً كل سماته الأخرى ـ تحدُدَه الشكلى، طابعه المعيارى والعام، واعتماده على الإنفاذ بالقوة enforcement. لقد جرى توضيح هذه السمات بشكل تفصيلى فى الأدب المدرسى، لذا ندعها جانباً فى الوقت الراهن. سوف نشير فحسب إلى أنه للوهلة الأولى قد تبدو هذه السمات متطابقة فى أى نظام قانونى تاريخى. مع ذلك فإن تحليلاً أعمق يظهر أن التطابق أمر شكلى فقط، إلى المدى الذى يكون فيه جوهر الأشكال التاريخية للقانون ذاته مختلف بشكل جوهرى فى كل حالة على حدة. وهكذا، يعبر القانون الاشتراكى بوصفه متميزاً عن كل الأنظمة القانونية التى تعزز النظام القائم للأشياء لصالح أقلية النخبة الحاكمة، عن الإرادة العامة لأغلبية العمال، فى ظل الاشتراكية المتقدمة لكل الشعب. يفرض هذا الظرف الهام طابعه على كل سمات القانون الاشتراكى الأخرى.
يخفق المنظرون الغربيون فى ملاحظة هذه الاختلافات، أضف إلى ذلك يذهب بعضهم إلى حد طرح إدعاء عبثى مفاده أن القانون لا يوجد فى البلدان الاشتراكية. وأن غياب القانون والاستبداد يسودان هناك. كثيراً ما تتم الإحالة إلى أطروحة لينين القائلة بأن دكتاتورية البروليتاريا الثورية ليست مقيدة بأى قانون. هذه الإحالة، على أية حال، تمثل سوء تفاهم واضح. فلم يكن فى ذهن لينين القوانين التى سنتها البروليتاريا وتخدم سلطتها، وإنما تلك التى تعزز وتحمى سلطة الملكية الخاصة، واستغلال الإنسان بواسطة الإنسان، الظلم والممارسات المعادية للديموقراطية الصادرة عن النظام القيصرى. لا يمكن للنظام الجديد بالطبع، أن يلتزم بقوانين النظام القديم ومن ثم يسعى لإلغائها.
تبدع دولة العمال محل النظام القانونى القديم نظاماً جديداً ـ نظاماً للتشريع الاشتراكى، الحماية والضمانات المؤسسة على انصياع صارم ومتماسك لمتطلبات الشرعية الاشتراكية. لقد لعب لينين نفسه دوراً عظيماً فى تأسيس النظام والقانون الاشتراكى. ففى السنوات الأولى للسلطة السوفيتيية كان مصراً بالفعل على أنه: "كلما اقتربنا أكثر من الوصول إلى أوضاع سلطة دائمة غير قابلة للزعزعة، وكلما تطورت التجارة أكثر... كلما كان أمراً إلزامياً بالنسبة لنا أن نطرح الشعار الحازم حول شرعية ثورية أعظم"..(5)
يمكن لنا أن نقتبس عدداً كبيراً من التوجهات والتصريحات المماثلة التى انتهى إليها لينين ـ حول الحاجة لتحسين التشريع السوفييتى ولتقوية الشرعية الاشتراكية، حول الحماية الصارمة وضمانات حقوق المواطنين، إلى آخره. إنه لمن المهم التأكيد، على أية حال، بأن هذه المطالب قد وضعت دوماً بثبات فى الممارسة وأن القانون والنظام فى البلاد يقوى بثبات.
إن دور القانون الاشتراكى والشرعية عظيم بصفة خاصة فى ظل الاشتراكية المتطورة . وقد شرحت كلاسيكيات الماركسية اللينينية الحاجة إلى القانون خلال كامل فترة البناء الشيوعى بواسطة المتطلبات الموضوعية لحماية الملكية الاشتراكية، والتحكم فى مدى العمل والاستهلاك، وضمان حقوق المواطنين وحريات المواطنين، وتأدية واجباتهم تجاه المجتمع، والدولة، والمواطنين الآخرين. وبسبب التعقد المتنامى لنظام العلاقات الاقتصادية فى ظل الاشتراكية المتطورة، يبدو القانون والشرعية أيضاً كوسائل فعالة للتخطيط والتحكم فى التركيب الاقتصادى الموحد. أضف إلى ذلك فإن القانون يُستدعى لتثبيت مبادئ ومؤسسات الاشتراكية الديموقراطية وتعيين طرق ووسائل تحقيقها على أساس قانونى.
أخيراً، فإن الدورالمتنامى للقانون والشرعية فى المرحلة الراهنة من تطور اتحاد الجمهوريات الاشتراكية السوفييتية مشروط بالنمو العام للثقافة فى المجتمع السوفييتى. فلا يمكن للقانون أن يحرز درجة أعلى من المستوى الثقافى للمجتمع. حيث يتطلب المستوى الثقافى المنخفض جهوداً تنظيمية لإدخال المبادئ القانونية فى المجتمع. الآن، إذا كان مرتبطاً بمستوى الثقافة ككل والوعى القانونى على وجه الخصوص، فإن مغزى القانون فى مراتبية القيم الاجتماعية ينمو مع مستوى الثقافة والوعى.
إن نمو دور القانون والشرعية فى حياة المجتمع السوفييتى منعكس فى دستور عام 1977 لاتحاد الجمهوريات الاشتراكية السوفييتة. وهكذا، فإن المادة الرابعة تصرح: إن الدولة السوفييتة وكل أجهزتها سوف تعمل على أساس الشرعية الاشتراكية، مؤمنة الحفاظ على القانون والنظام، وهى تحمى مصالح المجتمع وحقوق وحريات المواطنين. سوف تراعى المنظمات الحكومية وغير الحكومية والموظفون الرسميون دستور اتحاد الجمهوريات الاشتراكية والقوانين السوفييتة.
من الطبيعى أن يثمر نمو دور القانون فى المجتمع الاشتراكى تطويراً نظرياً كثيفاً لطرق تحسين الضبط القانونى المتوافق مع العلاقات الاجتماعية والتعزيز الأبعد للشرعية. وقد أثمر هذا بدوره عدداً من المناقشات بين الفقهاء السوفييت، وبصفة خاصة حول مسألة تحديد مفهوم القانون.
لقد انتهى اخصائيو القانون السوفييتى إلى التعريف التالى للقانون: القانون هو إرادة الطبقة الحاكمة التى عهد بها للدولة وجرى التعبير عنها فى نظام من القواعد الشاملة الإلزامية التى تهدف إلى تنظيم العلاقات الاجتماعية فى صالح هذه الطبقة معتمدة فى تحقيقها على سلطة الدولة لإنفاذها بالقوة enforcement.
ونحن نعتقد أن هذا التعريف صائب من الناحية الأساسية ولكنه مُعَّرض للنقد فى عدد من النقاط المخصوصة. وهنا سوف أعيد طرح هذا النقد بشكل شديد الاختصار.
أولاً، يعتقد كثير من الدارسين السوفييت، بمن فيهم مؤلف هذا المقال، أن القانون بوصفه ظاهرة اجتماعية معقدة يعكس ويركز كامل تنوع الحياة، وعليه، لابد وأن يكون له أكثر من تعريف يحيط بكل خصوبة جوهره، ومضمونه، وأشكال تعبيره. وهذا يصدق أكثر على القانون الاشتراكى، مادام تأثيره على المجتمع يتوسع كما لاحظنا.
ثانياً، ينقص هذا التعريف من وجهة نظرنا أنه لا يقيم تمييزاً واضحاً بين القانون وجملة التصرفات القانونية. ولابد للتشريع، على أية حال، أن يتوافق مع مبادئ القانون، وأولاً وقبل كل شىء لمعايير مثل المساواة، العدالة، الأخلاق الإنسانية، والأممية. وتقود هذه المعايير تحديداً الهيئات التشريعية السوفييتة فى خلق، وتطوير وصقل التشريع.
ثالثاً وأخيراً، يتعين أن تقتصر سمات القانون على الملامح الموصوفة فى التعريف، وخصوصاً طبيعته المعيارية. وأياً ما كانت أهميته، فإن القانون لا يتجلى فحسب فى وجود قواعده وإنما أيضاً تحولها من النظرية إلى الواقع، فى تحققها، وتطبيقها الفعلى وإحرازها نتائج فعالة. وهذا ما يميز بصفة خاصة القانون الاشتراكى الذى لا ننظر له بوصفه رغبات طيبة أو نصيحة شفوقة وإنما كوسيلة فعالة لحماية الإنجازات التاريخية للاشتراكية، أداة للتنظيم والضبط، وضمان حقيقى لديموقراطية وحرية المجتمع وكل عضو من أعضائه.
الخلاصة، أريد أن أتناول مشكلة إضافية أخرى، وهى تلك التى تتعلق بمصير الدولة والقانون فى ظل الشيوعية. هذه المسألة جديرة بالنظر لأن هناك تشوشاً حول هذه المسألة فى الأدب الغربى. وهى تنبع إما من سوء فهم أو من قصد شرير.
تنطلق الماركسية من الافتراض بأنه بدءاً من الثورة الاشتراكية، يمر المجتمع بمرحلتين أوليتين فى تطوره. الاشتراكية هى المرحلة الأولى والشيوعية هى الثانية والأعلى. ولكل من هاتين المرحلتين ملامحها الخاصة بها، ولكنهما نتاج نفس التشكيلة الاقتصادية الاجتماعية الشيوعية. سوف تضمحل الدولة والقانون تدريجياً فى مجرى هذا التطور التاريخى الطويل، ويتحدد معدل وطول هذه العملية بكل من العوامل الخارجية والداخلية لكل بلد بمفرده. يتطلب الاختفاء التام للدولة والقانون أن تنجز هذه الشروط معاً: أولاً: بناء مجتمع اشتراكى متقدم (الشرط الداخلى) وثانياً، انتصار وتعزيز الاشتراكية على النطاق الدولى (الشرط الخارجى). يترتب على ذلك أننا معنيون بعملية محكومة قانوناً من الاضمحلال التدريجى للدولة والقانون، وليس إلغاؤها الفوضوى. يتسم جدل هذه العملية بوحدة ميلين متناقضين. لإعداد الشروط الداخلية لاضمحلال الدولة والقانون، علينا أن نبنى مجتمعاً شيوعياً متقدماً. إن الدولة الاشتراكية والقانون هما أدوات أولية فى هذه العملية، ولهذا السبب تحديداً ينمو دورهما فى المجتمع، بينما يتغير طابعهما باتجاه ديموقراطية أعظم.
بعد إنجاز مهمام دكتاتورية البروليتاريا فى المرحلة الأولى من البناء الاشتراكى تتطور الدولة والقانون تدريجياً إلى دولة وقانون لكل الشعب فى ظل اشتراكية متطورة، غرضهما الأساسى الآن بناء الشيوعية. على أية حال، حتى وإن بُنى مجتمع شيوعى متقدم، سوف توجد الدولة والقانون بالضرورة حتى يزول خطر الحرب ويتأسس سلام مستقر مضمون. فى ظل هذه الظروف فقط سوف تضمحل أخيراً الدولة والقانون ويحل محلهما إدارة ذاتية شيوعية عامة بشكل كامل. حينئذ فقط سوف يحقق المجتمع المثال الإنسانى "العظيم للبشرية ـ وهو سيادة حرية أصيلة وكاملة.

هوامش
(1) Carl August Emge, "Recht und Psychologie", Academie der Wissenschaften und Literatur, Abbandlungen der geistens und sozialwissenschaftlichen Klasse, No. 1, 1954, p.3.
(2) G. del Vecchio, Lehrbuch der Rechtsphilosophie, Basel, 1951, p. 336.
(3) ماركس وإنجلز، الأيديولوجية الألمانية، موسكو، 1968، ص "336.
(4) المصدر نفسه.
(5) ف. ا. لينين، الأعمال الكاملة، المجلد 33، موسكو، 176.
***** مصدر المقال : Problems of contemporary world No (90) The "Marxist conception of law. USSR Academy of sciences Moscow, 1980.
** جانيجر كريموف: عضو مراسل فى أكاديمية العلوم السوفييتية.



#جانيجر_كريموف (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- ما هي أبرز مخرجات الاجتماع بين الفصائل الفلسطينية في دمشق؟
- الفصائل الفلسطينية:نؤكد ضرورة التلاحم بين الشعبين السوري الف ...
- بلاغ صحفي حول اجتماع المكتب السياسي لحزب التقدم والاشتراكية ...
- حزب العمال: مع الشعب السوري في تقرير مصيره في إطار سوريا حرة ...
- بيان صادر عن الفصائل الفلسطينيه في دمشق
- مجتمع في أوغندا يعود لممارساته القديمة في الصيد والزراعة لحم ...
- بيان صادر عن الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين
- س?بار?ت ب? ?ووخاني ?ژ?مي ئ?س?د و پ?شهات? سياسيـي?کاني سوريا ...
- النسخة الإلكترونية من جريدة النهج الديمقراطي العدد 582
- الثورة السورية تسقط الدكتاتورية بعد 13 عاما من النضال


المزيد.....

- الرؤية الشيوعية الثورية لحل القضية الفلسطينية: أي طريق للحل؟ / محمد حسام
- طرد المرتدّ غوباد غاندي من الحزب الشيوعي الهندي ( الماوي ) و ... / شادي الشماوي
- النمو الاقتصادي السوفيتي التاريخي وكيف استفاد الشعب من ذلك ا ... / حسام عامر
- الحراك الشعبي بفجيج ينير طريق المقاومة من أجل حق السكان في ا ... / أزيكي عمر
- الثورة الماوية فى الهند و الحزب الشيوعي الهندي ( الماوي ) / شادي الشماوي
- هل كان الاتحاد السوفييتي "رأسمالية دولة" و"إمبريالية اشتراكي ... / ثاناسيس سبانيديس
- حركة المثليين: التحرر والثورة / أليسيو ماركوني
- إستراتيجيا - العوالم الثلاثة - : إعتذار للإستسلام الفصل الخا ... / شادي الشماوي
- كراسات شيوعية(أفغانستان وباكستان: منطقة بأكملها زعزعت الإمبر ... / عبدالرؤوف بطيخ
- رسالة مفتوحة من الحزب الشيوعي الثوري الشيلي إلى الحزب الشيوع ... / شادي الشماوي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - جانيجر كريموف - المفهوم الماركسى للقانون