|
علاقة الريع التنظيمي بالفساد التنظيمي وبإفساد العلاقة مع المستهدفين.....7
محمد الحنفي
الحوار المتمدن-العدد: 4832 - 2015 / 6 / 9 - 21:45
المحور:
الحركة العمالية والنقابية
إلـــــى:
الشهيد عمر بنجلون في ذكراه التاسعة والثلاثون.
محمد الحنفي
الإخلال بالمهام وضرورة الإجراءات التأديبية:
والتنظيمات الجماهيرية التي تنتزع التفرغ لمسؤوليها، أو لبعض منخرطيها، لينصرفوا إلى خدمة مصالحهم الخاصة، بعيدا عن إنجاز مهام التنظيم، التي تفرغوا من أجلها، كمن يغير وظيفته من عمل إلى آخر مختلف، مؤدى عنه، وليس تطوعيا؛ فإن ذلك معناه: أنها انتزعت التفرغ لأناس تقمصوا النضال الجماهيري، من أجل الحصول على التفرغ المؤدي إلى الاستفادة من الريع المخزني. وهو ما يعني، في عمق الأشياء، أن ادعاء النضال من أجل تحقيق غاية انتهازية، في التفرغ المؤدى عنه، والانصراف إلى خدمة المصالح الخاصة، أو القيام بأي عمل مؤدى عنه، لتحقيق التطلعات الطبقية، ينفي عن المتفرغ كونه يناضل من أجل الجماهير الشعبية الكادحة، وطليعتها الطبقة العاملة.
ولذلك، فإن أي تنظيم جماهيري، استحق أن يكون له متفرغون، عليه أن ينظم مسابقة بين الراغبين في التفرغ، من بين أعضاء التنظيم، وأن يبحث في الملفات بحثا علميا دقيقا، تسعى إلى أن تكون واضحة مع الأعضاء، وصولا على فرز: من هو الأجدر بالتفرغ، ومن هو غير الأجدر، حتى وإن كان يدعي أنه أكثر إخلاصا للتنظيم، حتى لا يسقط أمام:
أولا: متفرغ مسؤول، يتنصل من المهام التي تفرغ من أجلها، لينصرف إلى شؤونه الخاصة، أو إلى القيام بأعمال مدرة للدخل، برفع مستواه المادي، من أجل أن يصير من ذوي الدخل المرتفع، حتى يحسب إلى جانب أصحاب رؤوس الأموال الكبيرة، أو أصحاب العقارات، والإقطاعيات التقليدية، أو العصرية.
ثانيا: متفرغ ينصرف إلى البحث عن عمل آخر مدر للدخل، وأمام أعين مسؤولي التنظيم الجماهيري، وكيفما كان هذا العمل؛ لأن ما يهم المتفرغ، ليس هو كرامته، وكرامة من تفرغ من أجل تقديم الخدمات لهم، مقابل ما يتلقاه من أجر، بل هو تنمية ثرواته، عن طريق القيام بأي عمل كان، وعن طريق استغلال جميع العلاقات، التي تتحول، في معظمها، إلى علاقات مشبوهة، وممارسة الابتزاز باسم التنظيم، على المستهدفين، وعلى الإدارة في القطاعين: العام، والخاص.
ثالثا: متفرغ لا يهتم بتقوية التنظيم الجماهيري، وتوسيعه على المستوى المحلي، بقدر ما يحرص على التواجد في ممارسة الابتزاز على المستهدفين، ومن أجل أن تتسع دائرة ممارسة الابتزاز على الإدارة في القطاعين: العام، والخاص، وعلى جميع المستويات المحلية، والإقليمية، والجهوية، والوطنية، إن كان التنظيم يشمل جميع هذه المستويات، حتى تتضاعف استفادته.
وهذا السقوط، يقتضي من المناضلين الصادقين، في مختلف التنظيمات الجماهيرية، وخاصة منهم، من يتحمل المسؤولية في قيادة التنظيم، والعمل على:
أولا: اتخاذ الإجراءات التأديبية في حق المتفرغ المخل بمهام وظيفته الجديدة، في التنظيم الجماهيري، حتى يتم الحسم مع جميع الممارسات، التي يقوم بها، بعد حصوله على التفرغ، لا باعتباره مناضلا، بل باعتباره موظفا لدى التنظيم الجماهيري، لا ينجز المهام الموكولة إليه.
ثانيا: قيام قيادة التنظيم المناضلة، بإبلاغ الجهات المانحة للتفرغ، بأن التنظيم الجماهيري، يستغني عن المتفرغ، باعتباره لا يقوم بالمهام الموكولة إليه، ومطالبتها بسحب التفرغ الممنوح له، حتى يعود إلى ممارسة عمله.
ثالثا: تنظيم مسابقة بين الراغبين في التفرغ، لخدمة مصالح المستهدفين بالتنظيم الجماهيري، من أجل فرز الأحق بالتفرغ، ممن لا ينتهزون الفرص، من أجل خدمة مصالحهم الخاصة.
ونظرا لأن التنظيمات، لا تقوم بالإجراءات التنظيمية / التأديبية، في حق المتفرغين، الذين يتحولون إلى موظفين أشباح، ونظرا لأن الجهات المانحة للتفرغ، لا تراقب التزام المتفرغين بالعمل الذي تفرغوا من أجله، فإن المتفرغين، الذين لا ضمير لهم، سيستمرون في ممارستهم الانتهازية، التي لا علاقة لها باحترام المهام، التي تفرغوا من أجلها، إلى حين مجيء جيل جديد من المناضلين، الذين يرفضون ظاهرة المتفرغين الأشباح، ومن أجل أن لا يتحول التفرغ إلى مرض عضال، من أجل أن يصير كل متفرغ مسؤولا أمام التنظيم، وأمام الجهة المانحة للتفرغ. وإلا، فإن التنظيم الجماهيري، سيصير عبارة عن قيادة بيروقراطية، يحيط بها جيش من العملاء، الذين يتحولون إلى متفرغين أشباح، لا يهتمون إلا بإحكام قبضتهم على التنظيم، في مستوياته المختلفة، حتى يتم توظيفه لخدمة المصالح الخاصة للجهاز البيروقراطي، ولعملائه من المتفرغين، ومن أجل استغلاله في ممارسة الابتزاز على المستهدفين، وعلى الإدارة في القطاعين: العام، والخاص، ليتحول التنظيم الجماهيري إلى تنظيم للعصابات، التي تمارس النهب باسم التنظيم الجماهيري، وباسم النضال الذي لم يعد واردا.
عوامل وضع حد للريع المخزني، وإعادة تربية العاملين في التنظيمات الجماهيرية:
إن مشكلتنا القائمة الآن، في التنظيمات الجماهيرية، أن كل من يتحمل المسؤولية في هذه التنظيمات، صار يحلم بالتمتع، بأي شكل من أشكال الريع، بحكم علاقته بالإدارة المخزنية، التي تفتح له آفاق تحقيق مختلف التطلعات الطبقية، التي لا علاقة لها بطموحات الجماهير الشعبية الكادحة، كما لا علاقة له بطموحات العمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين .
والحلم بالتمتع بالريع المخزني، وخاصة عن طريق التفرغ، باسم التنظيمات الجماهيرية، صار مرضا عضالا، بالنسبة للمسؤولين في التنظيمات الجماهيرية المختلفة، التي يمكن تسميتها بتنظيمات الريع المخزني، لجنوح معظم مسؤوليها، إلى القبول بالتمتع بالريع المخزني.
أما الوفاء إلى مبدئية التنظيمات الجماهيرية، وإلى مبادئها، وإلى الإخلاص في خدمة المستهدفين بالتنظيم الجماهيري، فقد أصبح من آخر ما يمكن التفكير فيه، وممارسته من قبل مسؤولي التنظيم الجماهيري، ومن المتفرغين منهم بالخصوص.
ولوضع حد للريع المخزني، فإن على المسؤولين عن التنظيمات الجماهيرية، الأوفياء لمبدئية، ولمبادئ التنظيم الجماهيري المبدئي، نرى:
أولا: ضرورة التدقيق في الملفات المعروض أصحابها على التنظيم، من أجل التفرغ، حتى لا يسقط التنظيم الجماهيري في اختيار الانتهازيين، الذين يظهرون خلاف ما يضمرون. ولقطع الطريق أمام إمكانية تفشي الانتهازية، في تقمص النضال الجماهيري من أجل التفرغ.
ثانيا: تشكيل لجنة، تكون مهمتها مراقبة، وتتبع ممارسة المتفرغين، على المستوى الوطني، والمستوى المحلي، والإقليمي، والجهوي، شريطة أن لا يكون من بين أعضائها مسؤول متفرغ، وأن يكون أعضاؤها أوفياء للتنظيم المبدئي، ولمبادئ التنظيم، وللشعب المغربي، وللمستهدفين بالتنظيم الجماهيري.
ثالثا: أن يعمل التنظيم الجماهيري على اتخاذ الإجراءات الضرورية، التي تقتضيها مضامين التقارير المرفوعة إليه، من قبل لجان المراقبة، في مستوياتها المختلفة.
رابعا: إخضاع المتفرغين إلى المساءلة، والمحاسبة، أمام التنظيم، وأمام القانون، إذا اقتضى الحال، لإهداره أموال الشعب التي توصل بها كأجر، عن عمل لم يقم به، وباسم التنظيم، وأن تعتبر المدة التي تفرغ فيها، واشتغل بعمل آخر مدر للدخل، تغيبا غير قانوني عن العمل.
خامسا: قيام التنظيم الجماهيري، بإعلان الاستغناء عن متفرغ معين، بناء على التقارير التي تثبت أنه لا ينجز المهام الموكولة إليه، وأنه يسيء إلى سمعة التنظيم الجماهيري، حتى يحسب عليه ما يقوم به المتفرغ، وحتى لا يعتقد المستهدفون أن المتفرغ، لا زال يعمل باسم التنظيم الجماهيري المبدئي، وحتى لا يعتبر هذا التنظيم المناضل، قائما على الريع المخزني.
وفيما يخص إعادة تربية العاملين في التنظيمات الجماهيرية، نجد أنه، من الضروري أن يكون لأي تنظيم جماهيري، نظام أساسي، ونظام داخلي، والنظام الداخلي لا بد أن يحدد السمات العامة، التي ينجزها المناضل الجماهيري على أرض الواقع، والجزاءات التي تترتب عن الإخلال بتلك السمات، وغير ذلك، مما له علاقة بالعمل الجماهيري، وبالمحافظة على التنظيم الجماهيري، وتقويته، وتغلغله في صفوف الجماهير الشعبية الكادحة، ومساهمته في تحقيق طموحاتها القريبة، والمتوسطة على الأقل، وعقد ورشات تكوينية دورية، إلى جانب الدورات التنظيمية، التي يعقدها التنظيم حول مضامين النظامين: الأساسي، والداخلي، وحول البرنامج الجماهيري للتنظيم الجماهيري، على مستوى البناء، وعلى مستوى الأجرأة، وعلى مستوى التحيين، حتى يصير أعضاء التنظيم الجماهيري، على بينة من السمات العامة، والمشتركة للتنظيم الجماهيري، ومن الجزاءات، ومن البرامج، وكيفية أجرأتها، وتحيينها... إلخ.
وبالإضافة إنجاز ورشات أخرى لصالح الأعضاء، لرفع مستواهم النظري، والعملي، في أفق أن يقوم الأعضاء بدورهم الكامل، في تغيير منظومة القيم، في صفوف الجماهير الشعبية الكادحة، وبالتالي، فإن أي عضو في التنظيم، تفرغ لصالح التنظيم، ولخدمة مصالح الجماهير الشعبية الكادحة، سيكون رهن إشارة التنظيم، ورهن إشارة الجماهير الشعبية الكادحة، ورهن إشارة الواجب، مهما كان تحمله صعبا.
وتفعيل عوامل وضع حد للريع المخزني، بموازاة مع تفعيل الدورات التكوينية، لصالح الأجهزة، ولصالح المنخرطين، لا بد أن يؤدي إلى إيجاد تنظيمات جماهيرية نوعية، تقوم بدورها كاملا، لصالح الجماهير، ومع الجماهير، في أفق أن تكتسب الجماهير منظومة القيم النبيلة، التي ترفع مستوى عملها، من أجل تحسين أوضاعها المادية، والمعنوية، والفكرية، والحقوقية، وغير ذلك، حتى تنخرط، ومن الباب الواسع، في إنتاج التقدم، والتطور.
#محمد_الحنفي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
لشكر بنكيران شباط الزين الي فيك لوبيز جنيفر: صناعة مخزني
...
-
أمس اتصلت...
-
علاقة الريع التنظيمي بالفساد التنظيمي وبإفساد العلاقة مع الم
...
-
في شعرك يا سيدتي...
-
{الزين اللي فيك}...
-
علم أنت، يا سيدتي...
-
سأغادر...
-
شاعرة أنت لا كالشواعر...
-
علاقة الريع التنظيمي بالفساد التنظيمي وبإفساد العلاقة مع الم
...
-
قصيدة عبدو...
-
علاقة الريع التنظيمي بالفساد التنظيمي وبإفساد العلاقة مع الم
...
-
المناضل المثال والمناضل الانتهازي أو جدلية البناء والهدم في
...
-
هذي أنت يا كادحة...
-
المناضل المثال والمناضل الانتهازي أو جدلية البناء والهدم في
...
-
المناضل المثال والمناضل الانتهازي أو جدلية البناء والهدم في
...
-
المرأة: الواقع الحقوقي / الآفاق.....8
-
ليتني أستمد الجرأة...
-
المرأة: الواقع الحقوقي / الآفاق.....7
-
المرأة: الواقع الحقوقي / الآفاق.....6
-
المرأة: الواقع الحقوقي / الآفاق.....5
المزيد.....
-
طريقة التقديم على منحة البطالة في الجزائر 2024 والشروط المطل
...
-
2nd Day of Works of the 4th World Working Youth Congress
-
Introductory Speech of the WFTU General Secretary in the 4th
...
-
الكلمة التمهيدية للأمين العام لاتحاد النقابات العالمي في الم
...
-
رابط مباشر .. الاستعلام عن رواتب الموظفين في القطاعين المدني
...
-
وفد برلماني سيتفقد المنشآت النووية لمراقبة تنفيذ قانون العمل
...
-
الحكومة الجزائرية تعلن عن تعديل ساعات العمل في الجزائر 2024
...
-
المالية العراقية تعلن عن موعد صرف رواتب المتقاعدين في العراق
...
-
“الجمل” يتابع تطوير شعبة الفندقة بالجامعة العمالية لتعزيز ال
...
-
وزارة المالية.. استعلام رواتب المتقاعدين وحقيقة الزيادة في ا
...
المزيد.....
-
الفصل السادس: من عالم لآخر - من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة
...
/ ماري سيغارا
-
الفصل الرابع: الفانوس السحري - من كتاب “الذاكرة المصادرة، مح
...
/ ماري سيغارا
-
التجربة السياسية للجان العمالية في المناطق الصناعية ببيروت (
...
/ روسانا توفارو
-
تاريخ الحركة النّقابيّة التّونسيّة تاريخ أزمات
/ جيلاني الهمامي
-
دليل العمل النقابي
/ مارية شرف
-
الحركة النقابيّة التونسيّة وثورة 14 جانفي 2011 تجربة «اللّقا
...
/ خميس بن محمد عرفاوي
-
مجلة التحالف - العدد الثالث- عدد تذكاري بمناسبة عيد العمال
/ حزب التحالف الشعبي الاشتراكي
-
نقابات تحمي عمالها ونقابات تحتمي بحكوماتها
/ جهاد عقل
-
نظرية الطبقة في عصرنا
/ دلير زنكنة
-
ماذا يختار العمال وباقي الأجراء وسائر الكادحين؟
/ محمد الحنفي
المزيد.....
|