|
أيام ثورة ، وأنا ...!!!
حسّان الضويحي
الحوار المتمدن-العدد: 4822 - 2015 / 5 / 30 - 15:00
المحور:
سيرة ذاتية
بدايةً ... الواقع الصحي كان مرتبكاً خلال أيام النظام ، وهذا الارتباك يعود لأسباب كثيرة منها : 1- تفشي ظاهرة الفساد المستشري أصلاً في كافة نواحي الحياة 2- توغل بعض الأشخاص في شريان الواقع الصحي وعدم الاستغناء عنهم . 3- مدراء وقواد قواعد صحية غير أكفاء يعتمد عليهم النظام كونهم من أعوانه . 4- العاملين بحد ذاتهم وخنوعهم للظروف . 5- الواسطة والمصلحة التي كانت شريان الحياة في ذلك القطاع 6-حتى على مستوى الأكل والمشرب كانت هناك مافيات حقيقية تمسك هذا الجانب . فتصوروا معي يرعاكم الله كم كان الوضع سيئاً ...؟!! ثم تحررت الرقة ...من قبضة النظام ... واستبشر الناس خيراً وبعضهم فرّ مع النظام لأن ذلك لا يروق له ... طبعاً أنا كنت مبعداً عن هذه المدينة لأنني كنت في قطاع صحي آخر ...
المهم ... أتيت محافظة الرقة منشقاً من العسكرية وفي اليوم التالي زرت المشفى الوطني في الرقة ، وهذا المشفى هو المشفى الوحيد تقريباً الذي يغطي قرابة مليون شخص .. يعيشون بالمدينة والقرى المحيطة بها ... لا أريد أن أطيل ... الواقع الصحي كان مقبولاً إلى حدّ ما ... الأطباء متواجدون بعدد جيد لم يهرب أحد ... الالتزام بالمناوبات في المشفى مقبولة ... الكادر الصحي ملتزم نوعاً ما ليس لأنه مفروض عليك الدوام أبداً ... إنما من واجب إنساني ... بعد ذلك الذي حصل ... هو وجود المنظمات العالمية الصحية غزت المدينة وبدأت تقدم الذي لديها ... وبدأ احتكار الجانب الطبي لبعض الأشخاص كذلك ... من يعرف الأخريقوم بتوظيفه في هذه المنظمة ولا أظلم أشخاصاً ... هناك من كان جيداً بالفعل وحقيقياً في عمله إلا أن الأخر كان أسواء من السوء ، بل ويحتكر كل شيء لمصلحته ... انقسمات شديدة في القطاع الصحي ، كل يغني على ليلاه ... إلا أن الأمور تمشي على قدم وساق ... الأمور مضبوطة نوعاً ما ... كل جماعة لها طبيبها وشخصياتها المتواجدة في المشفى والتي تسير امور جماعته . المعاناة كانت موجودة كذلك في نقص بعض المواد وبعض الأدوات إلا أن تعويضها كان جيداً إلى حدّ ما ... شعورك أثناء ذلك وانقلة بأمانة ... كطبيب ....ينتابك خوف شديد ربما تحاسب عليه لفعل لم تقترفه ، لا أحد يحميك أبداً ... وأنت كشخص ربما تنتسب اسماً لقطاع صحي لا أحد يرحمك حتى وإن كنت في أسواء الظروف .... خوف من الأخر ، جماعات كثيرة ، خطف ، قتل وارتباك شديد يحيط بك ... طبعاً النظام لا يتركك بحالك فالقصف مشتعل وتعرضت المشفى الوطني في الرقة لأكثر من غارة ... أحدها كان في العناية المشددة مثلاً ، وثانية في قسم الكلية والكلية الاصطناعية . وطابق كامل تقريباً أغلق لأستهدافه .... والكثير الكثير .... بعد ذلك وفي بداية شباط عام 2014 ... بدأ الاقتتال من جديد بين فصائل ودولة العراق والشام .. كان يوم أحد إن لم تخني ذاكرتي ... أتينا يومها إلى المشفى وبدأ العمل وكان هناك إصلبات كثيرة جداً ... بحيث دخلنا غرف العمليات ولم أخرج يومها ... حتى الساعة العاشرة والنصف ليلاً ... أخدت قسطا من الراحة وعدت لأجد لا أحد ....المشفى مخلى تماما من كل شخص .... هربت كذلك أنا وبالكاد وصلت مكاناً أمناً يومها .... ليس طويلاً لنبدأ فصلاً جديداً هو الواقع في ظل الواقع الصحي في ظل الدولة الاسلامية في العراق والشام ... استمرت حرب تحرير الرقة كذلك حوالي الأسبوع تقريباً ... لا تستطيع الخروج من البيت ... رصاص في الشوارع ... الكهرباء مقطوعه وقد تأتي قليلاً ... الخبز غير متوفر ... الماء كانت موجودة ...
ذهبت إل المشفى بعدها ... علماً أن هناك كثيراً من الاتصالات جرت بيننا ...أقصد مدير المشفى وبقية الأطباء ... بهدف الترتيب لإعادة الحيوية للمشفى والواقع الصحي الجديد ... لم أكن فعالاً كما يجب ، أحسست أن هناك الكثير من الصعوبات تحيق بنا ... وبالفعل كان هناك ... بدأت دورة المشفى من جديد بواقع أخر ... والواقع الصحي بشكل عام ... لم نتأثر بأحد ولم نصدم بأحد ، بدأنا العمل في ظروف غامضة نوعاً ما في الفترة الأولى ... الكل يقوم بعمله كما سبق مع بعض التغيرات الطفيفة للواقع المفروض ... وبدأ تنظيم الدولة بإدارة القطاع الصحي ... كان جيداً لا تدخل من أحد في العمل أبداً ... التزمت الدولة الاسلامية ببعض الامور مادياً ... وتأمين بعض الالتزامات ... كانت هناك بعض المنظمات العالمية وأخص بالذكر الميدكل ريليف قدمت للمواطنين الكثير ، والقطاع الصحي والجراحي كذلك خصوصاً ... ما شاهدته بعدها التدخل الصريح في إعادة هيكلة القطاع الصحي ... شيئاً فشيئاً ... لا تستطيع أن تعمل شيئاً دون موافقة مسبقة من التنظيم ... شيئاً فشيئاً صار لهم ما يسمى التمكين ... لكن إلى الان لم نتأثر كثيراً ... طبعاً لا وجود لرواتب للموظفين ، إلا بعض الهبات التي تقدمها الدولة الاسلامية ... الباقي كان يعاني بالذهاب إلى محافظة أخرى لإستلام راتبه من النظام وفيما بعد منع حتى الموظفين من ذلك ... اذكر اني التزمت معهم بطلب من ما يسمى ليكن رئيس للقطاع الصحي في الولاية .....بأن ازور المرضى بشكل عام المتواجدين في قسم الجراحة كاشرافٍ عام ... وهذه هي المرة الوحيدة التي أخذت عليها أجراص منهم ... لكن لم يتعرض أحد إلى شيء ... وكما قلت هنا بدأنا بإعادة هيكلة القطاع الصحي ... والبحث عمن يكون سنداً قوياً للتنظيم من الأطباء، على الأقل هكذا أحسست ... لكن شعورك لا يقاوم في أن هناك شيء يتغير ... خلال تلك الفترة كانت الأمور جيدة للقطاع الصحي تماماً ... لا أحد يتدخل بل هم يعينوك على اجتياز صعوبات معينة ، إلا انه لا رأي لك ؟ لا تتدخل في سياسة ما ... عليك العمل فقط ...وبدون نقاش وإلا ستكون عرضة لمسألة قد تكون نتائجها وخيمة بالنسبة لك ... وجاء يوم أخر ككل يوم ، وبدأ التغير ... وهنا بدأ القطاع الصحي بالانحطاط ... طبعاً هناك أسباب كثيرة، ليس التنظيم وحده من ساهم فيها بل وطمع بعض الأطباء ... خلال الفترة التي كنت متواجداً فيها لم يمنع التنظيم عمل المنظمات الدولية بظني بل كان متماشياً معها من خلال مراقبته ... بدأ هناك على ما أذكر ما يسمى بدائرة الصحة ... نصبوا عليها رئيساً منهم ليدير الواقع بالمجمل في الولاية وأقصد ولاية الرقة ... ورئيساً جديداً للمشفى ،، وهكذا ... انتعضنا في البداية وبدأ الأطباء بالابتعاد شيئاً فشيئاً ... وأنا كنت من الذين ملّوا الوضع ككل . ليس هرباً من التنظيم بل من تردي الأوضاع بشكل عام ... النظام كان لا يرحم بقصفه والتنظيم لا يرحم بقوانينه ... عاش الشعب عسرة صحية مقيتة والله خلال فترات كثيرة وإلى الأن ... خرجت من مدينتي إلى مكان أخر ... ومنفى جديد ... لأعيش فيه ... تواصلت كثيراً مع بعض الأصدقاء ...من الأطباء وغيرهم ... لا شيء يوحي بأن الواقع الصحي على ما يرام ... التدخل من التنظيم وصل كل شيء ... فأنت مرهون لكي تعيش بأن تؤمن إيمانا مطلقاً بالأفكار ... وهنا المصيبة ،،، أفكار ... بظني وحسب رؤية أرسمها دوماً بأن التنظيم يريد كل الأطباء أن يكونوا تحت جنحه ... وفرّ الكثير منهم خارج البلد لسوء ربما في المعاملة أو لعدم قناعة بما يحصل ... التنظيم لا يرحم أحداص عند الخطأ ...أبداً ... وماهيّة الخطأ أصلاً غير معروفة ... الكثير من الحكايا في الجعبة لكن لن يسمح الوقت ولا الحروف بنشرها ...
#حسّان_الضويحي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
بين فكري وأنا ..!!
المزيد.....
-
صور سريالية لأغرب -فنادق الحب- في اليابان
-
-حزب الله-: اشتبك مقاتلونا صباحا مع قوة إسرائيلية من مسافة ق
...
-
-كتائب القسام- تعلن استهداف قوة مشاة إسرائيلية وناقلة جند جن
...
-
الجزائر والجماعات المتشددة.. هاجس أمني في الداخل وتهديد إقلي
...
-
كييف تكشف عن تعرضها لهجمات بصواريخ باليستية روسية ثلثها أسلح
...
-
جمال كريمي بنشقرون : ظاهرة غياب البرلمانيين مسيئة لصورة المؤ
...
-
-تدمير ميركافا واشتباك وإيقاع قتلى وجرحى-..-حزب الله- ينفذ 1
...
-
مصدر: مقتل 3 مقاتلين في القوات الرديفة للجيش السوري بضربات أ
...
-
مصر تكشف تطورات أعمال الربط الكهربائي مع السعودية
-
أطعمة ومشروبات خطيرة على تلاميذ المدارس
المزيد.....
-
سيرة القيد والقلم
/ نبهان خريشة
-
سيرة الضوء... صفحات من حياة الشيخ خطاب صالح الضامن
/ خطاب عمران الضامن
-
على أطلال جيلنا - وأيام كانت معهم
/ سعيد العليمى
-
الجاسوسية بنكهة مغربية
/ جدو جبريل
-
رواية سيدي قنصل بابل
/ نبيل نوري لگزار موحان
-
الناس في صعيد مصر: ذكريات الطفولة
/ أيمن زهري
-
يوميات الحرب والحب والخوف
/ حسين علي الحمداني
-
ادمان السياسة - سيرة من القومية للماركسية للديمقراطية
/ جورج كتن
-
بصراحة.. لا غير..
/ وديع العبيدي
-
تروبادورالثورة الدائمة بشير السباعى - تشماويون وتروتسكيون
/ سعيد العليمى
المزيد.....
|