راضي كريني
الحوار المتمدن-العدد: 4798 - 2015 / 5 / 6 - 08:34
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
6-5-2015
استقدموهم كاحتياط
راضي كرينّي
في هذه الأيّام، يحتلّ غضب ومظاهرات واحتجاجات وصدامات المهاجرين "اليهود" من أصل إثيوبي (يهود الحبشة) في إسرائيل (الفلاشا) عناوين وسائل الإعلام في إسرائيل. فكان اعتداء رجلي شرطة على جنديّ إثيوبيّ بمثابة القشّة التي قصمت ظهر البعير للإثيوبيّين الذين استقدمتهم حكومات إسرائيل بناءً على قانون الهجرة وإجراءات حكوميّة خاصّة، وليس على أساس قانون العودة، كما استقدمت بعض اليهود ومَن حولهم مِن دول الاتّحاد السوفييتي السابق.
لقد بذل الحاخامات الشرقيّون السفرديم (عوفاديا وعمّار وأرييه درعي إيّاه وغيرهم) جهودًا جبّارة لاستقدام يهود الفلاشا (يهود إثيوبيا الذين تنصّروا طوعًا أو إكراهًا) إلى البلاد وإهمالهم؛ كاحتياطيّ وككتلة مؤثّرة من المصوّتين لحزب اليهود الشرقيّين المتديّنين "شاس".
لم تعد الأقليّة الإثيوبيّة قادرة على تحمّل المعاناة؛ فانتقلت مِن وضع الفهم إلى وضع الصدام، واقتنعت بأنّ حكومة إسرائيل لا تفهم إلاّ بالقوّة؛ فهتف الإثيوبيّون: "لا نريد ذلّنا المؤبّدا وعيشنا المنكّدا" (أمّا نحن؟!)؛ فصعّدوا من مقاومتهم للفقر والذلّ والإهمال والعزل والتمييز العنصريّ؛ وكانت صداماتهم حامية مع الشرطة المستعدّة أبداً! فقامت بدورها واستعملت القوّة المفرطة لتقمع احتجاجهم على الممارسات العنصريّة والعدوانيّة ضدهم، ولتخنق صوتهم الداعي إلى المساواة والاندماج في المجتمع الإسرائيليّ الرافض والمزدري لهم والمستخفّ بهم و... والذي يعتبرهم بدون إحساس قوميّ ودينيّ.
تحرّك بيبي ودعا الجنديّ المضروب...
ذكّرني قدوم الجنديّ المضروب، من الأصل الإثيوبيّ، إلى ديوان رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو-بيبي "والعبط والبوس" بما حصل لأبي نوّاس مع الفضل.
غضب الفضل بن الربيع وزير المهديّ على "أبو نوّاس" لكثرة ذكره ومعاقرته الخمر والغلمان؛ فطلب من مسؤول شرطة المهديّ أن يضربه مائة مقرعة (سوط) ... بدأ الضرب وأخذ أبو نوّاس يستغيث... بعد أن ضربه أكثر من عشرين ضربة صاح أبو نوّاس وصرخ: عذري واضح وقائم في كتاب الله. فسمعه الفضل؛ فقال: هاتوه... فسأله الفضل: أين عذرك؟ فقال ورد في سورة الشعراء: "ألم ترَ أنّهم في كلّ وادٍ يهيمون، وانّهم يقولون ما لا يفعلون" فانا ممّن يقول ولا يفعل. فضحك الفضل وأخلى سبيله.
وبرّأ الجنديّ الإثيوبيّ بيبي من التهمة، ورفع عنه الشبهة؛ لأنّه يقول ولايفعل، وتاب بيبي إلى بارئه "سالما منعّما وغانما مكرما" و... و"دقّي يا مزّيكا" على قيم الديمقراطيّة الإسرائيليّة، وعلى التربية المدنيّة، وعلى بلد متعدّد الثقافات الخالي من الاستقطاب الطائفيّ والقوميّ "وطني بيبي وسارة الأكبر و....!!!
#راضي_كريني (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟