|
العدالة الطرقية
محمد البكوري
الحوار المتمدن-العدد: 4793 - 2015 / 5 / 1 - 14:53
المحور:
حقوق الانسان
العدالة مفهوم مطلق ،يبدو في غالب الاحيان متماهي مع كل القيم السامية المتمحورة حول الحق و الخير و الجمال .وعبر التاريخ ، تعددت أوجه العدالة و تنوعت توصيفاتها العملية :*اخلاقيا: كل المبادئ و القواعد المثالية.* قانونيا :احترام القانون القائم وتطبيقه على الجميع ،بدون استثناء او تمييز. *جنائيا: عدم الافلات من العقاب وتوفير ضمانات المحاكمة العادلة *انتقاليا توطيد صيرورة المصالحات. *اجتماعيا : تكافؤ الفرص من أجل احلال التوازنات الاجتماعية .* سياسيا: التمكين من المشاركة في اتخاذ القرار. *انسانيا :حماية الانسان من المخاطر المحدقة به . كما انقسمت اسسها النظرية الى عدالة تبادلية ، تقوم على المساواة المطلقة بشكلها الحسابي الصرف والى عدالة توزيعية ، ترتكز على مبدأ الاستحقاق ،حيث يحصل كل فرد على ما يستحقه حسب امكانياته و استعداداته و ظروفه . ورغم مرور زمن طويل عن حديث افلاطون عن العدالة كاهم منتجات الفكر الانساني ،فان النظرية السياسية ، لم تتمكن في اطلاقيتها من حسم الامر على مستوى تحديد مفهوم دقيق ونهائي لها . فهي تعني عند ارسطو، السلوك وفق القوانين ورعاية المساواة من أجل غاية واحدة هي السعادة البشرية . وبالتالي ،فالعدالة عنده ،هي الفضيلة الكاملة التي تنطوي تحتها كل الفضائل السامية الاخرى ، وهي بذلك تتدعم بمبدأين هما :مبدأ المساواة ، ومعناه ان الجميع يخضع للقانون بدون تمييز ومبدأ الانصاف ،وهو ان يمنح كل فرد ما يستحقه بغض النظر عن منطق القانون .وتاكيدا لهذا المبدأ الثاني ،يرى جون رولس في كتابه "نظرية العدالة A Theory of Justice "،ان العدالة تقوم على قاعدة الانصاف ، وهي قاعدة تقضي من جهة حق كل الافراد في الاستفادة بالتساوي من نفس الحقوق الاساسية ، ومن جهة ثانية عدم وضع عوائق امام أولئك الذين بحكم مواهبهم الطبيعية أو ظروفهم يوجدون في وضع أحسن ، شريطة ان يكون لباقي الافراد حق الاستفادة ايضا من هذا الوضع . في حين يؤكد اسبينوزا ،ان الدولة هي الضامن للاستمرارية العدالة ، وان هذه الاخيرة ، هي تجسيد للحق وتحقيق له . فلا يوجد حق خارج قوانين الدولة . تطبيقا لكل ما سلف، يمكن تعريف العدالة الطرقية ،ووفق المنظور الانساني ، بكونها هي الاستفادة -وعلى قدم المساواة مع مراعاة قاعدة الانصاف - من الحق في طريق آمنة ، بدون مخاطر، وهي الاستفادة التي تضم في طياتها: السلامة الطرقية ،جودة الطريق، فعالية المراقبة الطرقية ... ولتتحول -عبر ذلك- فيها الطريق الى ضامن لحق الحياة و ليس مهدر له .في هذا الصدد، تفسر المبادرات المعلن عنها بعد الفواجع التي عرفتها مؤخرا طرقنا :الرغبة الحكومية في تحويل اللجنة الوطنية للوقاية من حوادث السير الى وكالة بعد توصية من البنك الدولي ،المطالبات الشعبية و الحقوقية في توفير أسس هذه العدالة على مستوى العديد من المناطق التي تعرف هشاشة طرقية ومنها الدعوة وبالحاح الى التفكير الجدي في بناء نفق تيشكا ، المناداة من طرف الهيئات الحقوقية باكتتاب وطني من أجل توفير بنيات طرقية آمنة ... وهي المبادرات المعلنة في ضمنيتها ،عن عدالة طرقية منادى بها من طرف الجميع ، و التي تجد منطلقاتها المرجعية في السياق المغربي من خلال متن وروح دستور 2011 :*الديباجة"ارساء دعائم مجتمع متضامن يتمتع فيه الجميع بالامن و الحرية و الكرامة و المساواة و تكافؤ الفرص و العدالة الاجتماعية ومقومات العيش الكريم " .*الفقرة الثانية من الفصل 6"تعمل السلطات العمومية على توفير الظروف التي تمكن من تعميم الطابع الفعلي لحرية المواطنات و المواطنين و المساواة بينهم". *الفصل 19"تمتع -الجميع-(الرجل و المراة) على قدم المساواة بالحقوق و الحريات المدنية و السياسية و الاقتصادية و الاجتماعية و الثقافية و البيئية " .*الفصل 20"الحق في الحياة هو أول الحقوق لكل الانسان و يحمي القانون هذا الحق".*الفصل 21"لكل فرد الحق في سلامة شخصه و اقربائه وحماية ممتلكاته . تضمن السلطات العمومية سلامة السكان وسلامة التراب الوطني في اطار احترام الحريات و الحقوق الاساسية المكفولة للجميع ". *الفصل 35"كما تعمل الدولة على تحقيق تنمية بشرية مستدامة من شانها تعزيز العدالة الاجتماعية والحفاظ ... ... على حقوق الاجيال القادمة -تسهر الدولة على ضمان تكافؤ الفرص للجميع و الرعاية الخاصة للفئات الاجتماعية الاقل حظا " .ان الدستورالحالي ، وفي اطار حرصه على ترسيخ مختلف أوجه العدالة ، يتحدث عن كل ذلك بمبادئ عامة على الدولة -باعتبارها حسب اسبينوزا هي الضامن للعدالة - قراءاتها القراءة الناجعة ،ان هي أرادت وبعزم ،التجسيد الفعلي لشتى أبعاد العدالة ، ومنها العدالة الطرقية ، التي بامكان وضع التصورات العملية بخصوصها ،تجنيب المغرب ويلات حرب طرق ، تستنزف يوما بعد يوم البلاد والعباد.
#محمد_البكوري (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
بوح الطام طام (2)
-
بوح الطام طام (1)
-
عطسات البنغو ! أو - ديجيتالية عايشة مولات لبحر -
-
فجرية الفجور أوغروب التشظي !
-
مرتين.....
-
فيسكاليتية اللذة !
-
الهجرة السرية والامن الانساني المفقود
-
-المكتب المركزي للابحاث القضائية ومأسسة الحكامة الامنية بالم
...
-
سحر القلادة
-
زوائد ... زوائل
-
القامرة- التي في خاطري و-القاهرة-التي في خاطرك -المحطة العاش
...
-
مريولة و البحر ...
-
فاجعة طانطان : الاسئلة -الحارقة
-
ازمة العقار بالمغرب ومخاطرالفقاعة
-
...الرواح .. والياذة NOHA
-
لاءات..-شالا-..
-
تينية العمق !!!
-
! - أنطلوحبية الوفاء - !
-
-المخاطر المتحركة-ايبولا نموذجا - -
-
مخاطر الاستغوار: النشاة و التدبير -حادثة إمينولاون نموذجا-
المزيد.....
-
مقتل واعتقال 76 ارهابيا في عملية فيلق القدس بجنوب شرق ايران
...
-
-الدوما-: مذكرة الجنائية الدولية لاعتقال نتنياهو ستكشف مدى ا
...
-
الداخلية الفنلندية توقف إصدار تصاريح الإقامة الدائمة للاجئين
...
-
الإعلام الإسرائيلي يواصل مناقشة تداعيات أوامر اعتقال نتنياهو
...
-
هذه أبرز العقبات التي تواجه اعتقال نتنياهو وغالانت
-
الأمم المتحدة: إسرائيل منعت وصول ثلثي المساعدات الإنسانية لق
...
-
مقارنة ردة فعل بايدن على مذكرتي اعتقال بوتين ونتنياهو تبرزه
...
-
كيف أثر قرار إصدار مذكرات اعتقال بحق نتنياهو وغالانت على دعم
...
-
سفير ايران الدائم بالأمم المتحدة: موقفنا واضح وشفاف ولن يتغي
...
-
سفير ايران بالأمم المتحدة: أميركا وبريطانيا تساهمان في استمر
...
المزيد.....
-
مبدأ حق تقرير المصير والقانون الدولي
/ عبد الحسين شعبان
-
حضور الإعلان العالمي لحقوق الانسان في الدساتير.. انحياز للقي
...
/ خليل إبراهيم كاظم الحمداني
-
فلسفة حقوق الانسان بين الأصول التاريخية والأهمية المعاصرة
/ زهير الخويلدي
-
المراة في الدساتير .. ثقافات مختلفة وضعيات متنوعة لحالة انسا
...
/ خليل إبراهيم كاظم الحمداني
-
نجل الراحل يسار يروي قصة والده الدكتور محمد سلمان حسن في صرا
...
/ يسار محمد سلمان حسن
-
الإستعراض الدوري الشامل بين مطرقة السياسة وسندان الحقوق .. ع
...
/ خليل إبراهيم كاظم الحمداني
-
نطاق الشامل لحقوق الانسان
/ أشرف المجدول
-
تضمين مفاهيم حقوق الإنسان في المناهج الدراسية
/ نزيهة التركى
-
الكمائن الرمادية
/ مركز اريج لحقوق الانسان
-
على هامش الدورة 38 الاعتيادية لمجلس حقوق الانسان .. قراءة في
...
/ خليل إبراهيم كاظم الحمداني
المزيد.....
|