أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - محمد فرج - الأول من أيار، هيمنة الإدارة الحديثة















المزيد.....

الأول من أيار، هيمنة الإدارة الحديثة


محمد فرج

الحوار المتمدن-العدد: 4793 - 2015 / 5 / 1 - 09:50
المحور: ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية
    



إدارة المشاريع، أنظمة دعم القرار، إدارة المخاطر، أساسيات القيادة، عناوين محفورة في وعي الأجيال القادمة، وتتوسع! عناوين تمثل اليوم شعارات النجاح، النجاح القائم على الندرة، ولكنها ليست ندرة السلعة هذه المرة، وإنما ندرة الإنسان بوصفه سلعة.


تفكيك الإدارة الحديثة يقودنا إلى تعرف نمط آخر من أنماط الهيمنة في النظام الرأسمالي العالمي، وإلى حربة أخرى تغرس في صدور العمال، ولكن نعومة أكبر هذه المرة!

أدبيات الإدارة كأداة هيمنة

الأنماط التي تصدرها أدبيات علم الإدارة تكشف عن مدى إدراك الرأسمالية العالمية لطبيعة المجتمعات، وتكشف إدراك المراكز المسيطرة على العالم لنوافذ الولوج إلى الطبقة العاملة وإبقائها على ما هي عليه، ويمكن اعتبار علم الإدارة الحديث هذا، أحد أكثر الأدوات فعالية في إطالة عمر هذا النظام، وإن كان تفكيكها هنا لاحقاً سيشعرنا بسخرية ما.

الأدبيات الحديثة تصدِّر أنماطاً متعددة من الإدارة: الإدارة الديمقراطية، الإدارة البيروقراطية، وإدارة “دعه يعمل”. وتقدم النموذج الأنسب لطبيعة المؤسسة، فتقول أن نمط البيروقراطية مناسب في المؤسسات التي تضم عمالة غير ماهرة، وغير كفؤة، ومن هنا تأتي الحاجة إلى إدارة تتدخل في أدق التفاصيل، ويكون هدفها عبور مرحلة غياب الكفاءة، والاعتماد على مدراء مهرة، يرفعون مستوى العمالة، وفي هذا الشكل، الذي يعبر عن مرحلة محددة، تكون العمالة عبئاً كبيراً على إدارتها.

وإدارة “دعه يعمل”، هي إدارة قائمة على مبدأ غياب الإدارة الفوقية، والاعتماد على مبدأ الإدارة الذاتية للأفراد، وهذا النمط يمكن تبنيه في المؤسسات التي تضم- بالكامل- عمالة منظمة ذاتياً، يدرك كل فرد فيها ماذا يجب أن يفعل، وأين، ومتى، ويعرف جيداً الحلقة التي تليه في خط الإنتاج (على اختلاف أنماط الإنتاج من الصناعي إلى التكنولوجي وحتى إلى الخدمي)، الجميع يدرك ذلك داخل المؤسسة، لا حاجة لطرف خارجي يفرض إنتقال مخرجات العملية “أ” كمدخلات للعملية “ب”، ولا حاجة لمراقبتها زمنياً حتى. عامل واحد غير كفؤ قادر على جر هذا النظام بأكمله إلى الانهيار.

أما الإدارة الديمقراطية فهي مزيج من الشكلين، وتشبه في التنظيمات السياسية ما يسمى المركزية الديمقراطية، التي تتبناها أغلب أحزاب اليسار.

ماذا لو سحبنا هذه الأنماط إلى حيز السياسة؟ لن يكون ذاك إقحاماً، وخصوصاً عندما تداخلت لغة السياسة بأدبيات الإدارة لحديثة، ففي خطابات الملوك والرؤساء يتحدثون دائماً عن تحويل المخاطر إلى فرص، وهذا فصل خاص في مساق إدارة المخاطر!



الإدارة السياسية الأمريكية، وفي دول المراكز الصناعية الأخرى كذلك، تحجب عن دول الأطراف النموذج البيروقراطي، الأسلم لمجتمعاتها، وتصدر له نموذج “دعه يعمل”، لكي تكون هي الطرف العامل الوحيد فيها، فهي تصدر دعاية الاقتصاد المفتوح، ولكنها تتبنى نموذج اقتصاداً موجهاً، أي أنها ترفض نموذج “دعه يعمل” داخلياً، وتتبنى عملياً نموذجاً بيروقراطياً، لتصدر الأول إلى دول الأطراف.

وفي الإدارة كذلك، فصل متخصص عن القوة، والمقصود هنا قوة تحفيز العمال لأداء العمل، ويعرفونها على أنها القدرة على تحفيز العامل لأداء مهمة، لم يكن ليؤديها بغير هذا التحفيز. ويقسِّمون هذا التحفيز إلى أشكال: المكافأة، الإجبار، الموقف، وغيرها. وهم يشجعون استخدام أنماط هذه القوة بشكل ديناميكي ومتحرك، لا يقف عند نمط واحد من الأنماط، وهذا سر إضافي من أسرار الإدارة الرأسمالية في حمل العمال على تحمل مشاق العمل العاتية. والمكافأة في هذه الأدبيات لا تقتصر على المكافآت المالية، وإنما تتعداها إلى المكافآت العاطفية، والتدخل في عوالم العمال الشخصية، عائلاتهم وهمومهم. فمكافأة العمل الجاد، أو التحفيز باتجاهه هي الدخول إلى هذه العوالم، وتقديم الدعم المعنوي، يلبس رب العمل دور المتعاطف مع هم غير محسوس، غير مشترك، هكذت يصبح الهم مادة أصيلة للسيطرة، ومادة أصيلة كذلك للتدليل على تكافؤ مصطنع فيما يشعر به كل من العامل ورب العمل.



الإدارة الحديثة ودورة حياة الوظائف

مع التطور الحديث للعمل ظهرت وظائف جديدة، واندثرت أخرى، ولكن الأهم أن بات للوظائف الجديدة دورة حياة!

للوظائف الحديثة دورة حياة أقصر من الوظائف التقليدية المعروفة، فمهنة أمين المكتبة، التي لا تخضع لشروط تطور متسارعة تتطلب مهارات جديدة، والتي لا ندري متى سيأتي دورها في التلاشي، أطول عمراً من الوظائف التي تتقلب شروطها بسرعة كبيرة، كالعاملين في فطاع التكنولوجيا على سبيل المثال.

يشجع علم الإدارة الحديثة تعلم أدبيات الإدارة، كفرصة للانتقال إلى ساحة أخرى من العمل تقتصر على إصدار الأوامر واتخاذ القرارات والتخطيط الاستراتيجي، ويتبنى هذا العلم في الكثير من مدارسه نظرية الانفصال بين مواقع الإدارة ومحتوى العمل وتفاصيله، أي أنه يدعم فكرة إدارة مشاريع بناء من قبل مدير في قطاع مصرفي.

في هذه الحالة يجد العاملون مكاناً لهم في المواقع النادرة للإدارة بعد إنتهاء المهمات المطلوبة في دورة الحياة نفسها، فينتقل العامل إلى موقع إصدار الأوامر، ومع تقدم العلوم وانخراطه فقط في إصدار الأوامر، تصبح هذه هي مهمته الوحيدة.

ودورة الحياة هذه تنقضي لأسباب عديدة، منها التطور السريع في بعض القطاعات، والانقطاع عن متابعته، مما يعني بالضرورة العجز عن أداء المهمات اليومية المرتبطة به، وعندها يبدأ العامل في محاولة الانتقال إلى دورة حياة جديدة، قسم جديد، وفي أغلب الأحيان في المواقع الإدارية. وإما تنقضي لانتهاء دورة حياة المرتبات والخضوع لحاجات تقليص تكلفة الكادر.

إن الانتقال المنوع بين الوظائف هو حاجة نفسية مهمة، ولكن العرض والطلب في السوق لا يؤمنه إلا بضرائب باهظة الثمن.



الأنانيات الموزعة، وعناقيد القلق

“حرب الفرد ضد الجميع”، هذا ما عممته أدبيات الإدارة الحديثة بعيداً عن كل الإدعاءات القائلة بـ ” عمل الفريق”، ليس هنالك ثمة فريق في ظل منافسة مسعورة، مجاميع العمال تخوض معارك طاحنة فيما بينها للتقرب أكثر من مواقع الإدارة، ولذلك تتصارع جميعها في دراسة أدبياتها كذلك، وطوابير المتعطلين عن العمل تتربص لهم من الخارج، وتتصارع فيما بينها كذلك، وتدرس علم الإدارة، حتى قبل الحصول على وظيفة عادية. العمال يحملون بعضهم قيم مغربة داخل مؤسسات العمل، تماماً كما يحدث بين البائع والمشتري.

والإدارة الحديثة تدير هذه الأنانيات الموزعة، بمنطق ديناميكي كذلك، من خلال تسعيرها وترويضها في آن واحد، فهي تقدم للعمال فكرة عمل الفريق، ومشاركة المعرفة والهدف والواحد، وفي الوقت نفسه تبقي على صيغة “التطور” من خلال الانتصار في “حرب الفرد ضد الجميع”، والانتصار في هذه الحرب يعني التقرب أكثر من عضوية العقد العالمي الجديد.



أدبيات الإدارة وصياغة العقد العالمي

سوق العمل لم يعد يطلب مهارات بقدر ما يطلب معرفة، و خبرة واسعة في العمل المكرر، وهذا بالضبط ما يضع العمال في مواجهة الحقيقة المرة، بأنهم تحولوا إلى آلات، بما يشبه تماماً حقبة الثورة الصناعية. ومنافستهم في حفظ أدبيات الإدارة، ليست بلا معنى، فالتعامل المالي والتقني بين الشركات في العالم أجمع اتفق على لغة مشتركة، وهذه اللغة هي PMP، و PRINCE2، و ITIL.



أصحاب العمل الذين يقرفون تفاصيل هذه اللغات المكررة، يلقون بها على كاهل العمال “الطموحين”، وبهذا تصبح دلالة نجاح العمال، ومنافستهم، وتشتتهم، هي تملك أدوات هذه اللغة، المبنية على الطرائق “Methodologies”.

هذا هو ما يواجهونه العمال كل يوم، ويتذكرونه في الأول من أيار، تحديداً في بلادنا، فهم يواجهون أنماط الإدارة المستوردة، أو بدقة أكبر، المصممة بناء على الطلب، ليس طلبنا نحن، وإنما طلب الحاجة لتصديرها بهذا الشكل. يواجهون أداة هيمنة سياسية على أنظمتهم، تفرز أدوات هيمنة في أماكن عملهم، وتشعل حروباً فيما بينهم، ومع طوابير الانتظار المتربصة بمواقعهم، وتمنحهم كذلك أحلاماً، أحلاماً وردياً في امتلاك لغة العصر، الإدارة الحديثة، اللغة “الأضمن” في عصر الموت المبكر للوظائف.



#محمد_فرج (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- جولة في وعي الطبقات
- الوطنية والقومية والأممية بدلالات قيم الوجود
- حوار مع فرويد (2-3)، الحضارة والدين
- حوار مع فرويد (1-3)، عن الحضارة والسعادة
- “جهاد النكاح” الجنس في الاشتراكية والرأسمالية والدين
- عن داعش، في سياق الاحتلال المدني والحاجز الديني
- الطبقة العاملة الآسيوية، إذ تنتحر ولا تثور
- كيجينيسكي، الرياضيات والفلسفة وتفجير الجامعات
- معنى أن تكون يسارياً
- عن الإمبريالية (1-4)
- المانفستو الرأسمالي والمانفستو الشيوعي (2-2)
- المانفستو الشيوعي والمانفستو الرأسمالي (1-2)
- في التهديد الأمريكي لسوريا
- في هدم النموذج الإخواني
- الحرية والتكنولوجيا
- أوهام الحرية في ظل الرأسمالية
- -جهاد النكاح”| الجنس في الاشتراكية والرأسمالية والدين
- “جهاد النكاح”| الجنس في الاشتراكية والرأسمالية والدين
- الرأسمالية والاتفاقيات الزائفة | كيوتو نموذجاً
- الحرية في عصر الاغتراب والاستلاب


المزيد.....




- حزب الفقراء، في الذكرى 34 لانطلاقته
- تركيا تعزل عمدة مدينتين مواليتين للأكراد بتهمة صلتهما بحزب ا ...
- تيسير خالد : سلطات الاحتلال لم تمارس الاعتقال الإداري بحق ال ...
- الديمقراطيون لا يمتلكون الأجوبة للعمال
- هولندا: اليمين المتطرف يدين مذكرتي المحكمة الجنائية لاعتقال ...
- الاتحاد الأوروبي بين مطرقة نقص العمالة وسندان اليمين المتطرف ...
- السيناتور بيرني ساندرز:اتهامات الجنائية الدولية لنتنياهو وغا ...
- بيرني ساندرز: اذا لم يحترم العالم القانون الدولي فسننحدر نحو ...
- حسن العبودي// دفاعا عن الجدال... دفاعا عن الجدل (ملحق الجزء ...
- الحراك الشعبي بفجيج ينير طريق المقاومة من أجل حق السكان في ا ...


المزيد.....

- الثورة الماوية فى الهند و الحزب الشيوعي الهندي ( الماوي ) / شادي الشماوي
- هل كان الاتحاد السوفييتي "رأسمالية دولة" و"إمبريالية اشتراكي ... / ثاناسيس سبانيديس
- حركة المثليين: التحرر والثورة / أليسيو ماركوني
- إستراتيجيا - العوالم الثلاثة - : إعتذار للإستسلام الفصل الخا ... / شادي الشماوي
- كراسات شيوعية(أفغانستان وباكستان: منطقة بأكملها زعزعت الإمبر ... / عبدالرؤوف بطيخ
- رسالة مفتوحة من الحزب الشيوعي الثوري الشيلي إلى الحزب الشيوع ... / شادي الشماوي
- كراسات شيوعية (الشيوعيين الثوريين والانتخابات) دائرة ليون تر ... / عبدالرؤوف بطيخ
- كرّاس - الديمقراطيّة شكل آخر من الدكتاتوريّة - سلسلة مقالات ... / شادي الشماوي
- المعركة الكبرى الأخيرة لماو تسى تونغ الفصل الثالث من كتاب - ... / شادي الشماوي
- ماركس الثورة واليسار / محمد الهلالي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - محمد فرج - الأول من أيار، هيمنة الإدارة الحديثة