محمود شقير
الحوار المتمدن-العدد: 4790 - 2015 / 4 / 28 - 11:26
المحور:
الادب والفن
الشجر واقف فوق الرصيف،
يتدثر بالصمت والسكون، ولا يبدو أنه ينتظر أحداً أو يؤرقه غياب أحد. والمرأة تتمشى تحت ظلال الشجر، تقطع مسافة مائة متر في عصبية، تتوقف لحظة، تتلفت في كل اتجاه ، ثم تعود.
مدرسة البنات تقذف في وقت معلوم، بأفواج من بناتها فوق الرصيف.
بنات بفساتين زرقاء وجوارب بيضاء قصيرة، ونهود. البنات يتضاحكن بصخب، يمشين ببطء فوق الرصيف، يبصرن الأولاد المتلهفين لخروجهن من المدرسة. البنات يتباطأن في مشيهن على نحو مقصود، والأولاد ينتشرون في عمق الرصيف. أولاد بقصات شعر مختلفة، وسلاسل معدنية في رقابهم، وزنود. والمرأة تشعر أنها على وشك أن تختنق، تمط عنقها إلى أقصى حد ممكن، لعلها تبصر نهاية الرصيف، تحاول أن تشق لها طريقاً. أفواج البنات تحاصرها من كل الجهات، والبنات يتراشقن في مزاح كثيف، بالدفاتر والكتب، وبكلمات لها وقع مكشوف، ولا يغادرن الرصيف، يتظاهرن بالحياء كلما اقترب منهن الأولاد أكثر مما ينبغي، والأولاد يضحكون بخشونة ويطلقون في سماء الرصيف، صفيراً وكلاماً محملاً بألغاز لا تخفى على أحد.
الرصيف بعد نصف ساعة تقريباً، يخلو من البنات، ويخلو من الأولاد،
ولا يبقى هناك سوى الشجر، وفردة حذاء للمرأة التي لا يدري أحد كيف اخترقت أفواج البنات، ومضت راكضة نحو المجهول.
#محمود_شقير (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟