اللحية الحمراء 1965(أكيرا كيراساو):عن طبيب يعالج المرضى من خلال النظر الى اعماق الروح

بلال سمير الصدّر

الحوار المتمدن-العدد: 4782 - 2015 / 4 / 20 - 00:35
المحور: الادب والفن
    

اللحية الحمراء 1965(أكيرا كيراساو):عن طبيب يعالج المرضى من خلال النظر الى اعماق الروح
اللحية الحمراء هو نهاية العصر الذهبي للأمبراطور،وهي الفترة الذهبية التي امتدت كما يرى البعض من راشومون وحتى اللحية الحمراء وهذا من عدة نواحي:
فهو التعاون الأخير بينه وبين استوديوهات التصوير اليابانية وبالأخص (توهو)،ومن هنا كان على كيراساو البحث عن مصدر آخر لتمويل أفلامه،كما أن اللحية الحمراء شكل التعاون الأخير بين كيراساو والممثل الأسطورة توشيرو ميفوني خاتما مرحلة طويلة من التعاون بينهما بدأت من الملاك الثمل 1948 وحتى اللحية الحمراء 1965،وهذا التعاون اثمر عن ستة عشر عملا كاملا...
فيلم اللحية الحمراء هو فيلم طويل نسبيا(أكثر من 3ساعات) واستغرق عامين كاملين لأتمام تصويره وانتاجه،وهو من الأفلام المتأنية الحريصة على الباطن المعرفي أكثر من الظاهر السطحي...
يحكي الفيلم عن قرية في اليابان في أوائل القرن التاسع عشر معدمة وفقيرة يحضرها مع بداية الفيلم طبيب جديد ويبدأ بالتعرف على المجتمع من خلال دليل هو معاون اللحية الحمراء.
المرضى هنا فقراء مليئيين بالقمل والبراغيث،ونحن في العيادة لا نملك الكثير من المال ولكن اللحية الحمراء هو من خلفنا ليلا ونهارا...في خضم التعريف بالمكان وجودك يجعلنا نتساءل:لماذا تريد أن تصبح طبيبا...
الطبيب الجديد (Noboru Yashumoto) يشم رائحة الفاكهة المنتنة ....أنها رائحة الفقراء ...لو كانوا ميتيين لكان خيرا لهم...
ولكن هناك اللحية الحمراء رئيس الأطباء الذي استطاع كيراساو ان يجعل منه يضفي بحضوره على كل زمن الفيلم،حتى لو يكن (توشيرو ميفوني) حاضرا بشخصه...اللحية الحمراء شخص متجهم طويل الصمت في أواخر اواسط العمر.
يقول اللحية الحمراء:اسمي هو اللحية الحمراء-كناية عن لحيته التي تميل الى الحمرة-واسمه الحقيقي هو صعب التهجئة(Kyojo Niida).
هذا الواقع يجعل من الطبيب الجديد لايرغب بالبقاء...هو طموح ولكن هذا المكان لمن أراد أن يدفن حيا...ولكن الواقع لم يكتمل بعد ...هناك تفاصيل أخرى
هناك مكان غير مسموح لأي احد الدخول اليه سوى اللحية الحمراء ويلاحظ (Yashumoto) فتاة شابة حزينة وكأنها تبكي وتحاول كسر القفل والخروج والمشهد برمته يثير استغراب الدكتور الجديد.
المنزل شبيه بالسجن وأوساجي الممرضة هي الوحيدة المسموح لها بالدخول وتمتلك المفتاح والفتاة المحبوسة بالداخل تدعى (Matis) وهي كلمة تعني حرفيا حشرة فرس النبي.
لاأحد يعرف من هي بالضبط سوى انها ابنة تاجر قتلت ثلاث بائعين آخرين بدبوس شعر يشبه تماما الدبوس الذي استخدمه بيدرو ألمودفار في مصارع الثيران،بينما يصف اللحية الحمراء حالتها بأنها ولدت على هذه الشاكلة(هستيريا عصبية أكثر منها حالة مرضية مادية).
في جلسة العشاء الأولى مع اللحية الحمراء يعمل كيراساو على ابراز الظلال من خلف الشخصيات التي تجلس على شكل خط مستقيم والحالة هي ان الظل أكبر من الشخصية وكيراساو متمكن جدا من الصورة وراشومون هو خير مثال على ذلك.
إذا هذه هي حكاية اللحية الحمراء...مجموعة من القصص عن الشخصيات المعدومة الفقيرة الذي يجمعها الواقع الأجتماعي أولا واللحية الحمراء ثانيا...
فمثلا من هذه القصص أن هذه المرأة (ماتيس) تغوي الطبيب الجديد من خلال رواية قصة مكررة عن تحرشات جنسية في سن التاسعة ومن ثم تحاول قتله والمحاولة كانت ناجحة لولا تدخل اللحية الحمراء في اللحظة الأخيرة.
عن الفقر وقصص عن مشايعات جنسية من القاع السفلي في شيء من الاستطراد ولايوجد أي شيء من الممكن اعتباره حبكة مركزية للفيلم،وفي نفس الوقت لاشيء ممكن اعتباره تفاصيل لاداعي لها.
عن رجل دفن زوجته وهو يفصح ويعترف على سرير الموت،ومن ثم يروي كيراساو هذه القصة بشيء من التفصيل وبالتالي فكما قلنا بأن الفيلم عبارة عن عدة قصص مختلفة ولكنها مرتبطة ومتحدة بالمجتمع والمكان الذي تدور فيه احداث الفيلم.
بينما سيعمل كيراساو في الجزأية الثانية على التأريخ لحالة مرضية لعاهرة(Otoyo) الذي يصر اللحية الحمراء على اخراجها من الماخور بعد مشهد قتال يقوم فيه اللحية الحمراء بتكسير عظام عدد ليس بالقليل من حراس الماخور،ولكن الطبيب يبدو نادما لأنه ليس من واجب الطبيب تكسير العظام بل على العكس تماما.
اللحية الحمراء هو عن الشكل الحقيقي للمجتمع السفلي القروي الياباني في القرن التاسع عشر من خلال سردية بطلها طبيب يدعى باللحية الحمراء يبدو بأنه خارج معطيات المكان ومن خلال لقبه يبدو بأنه ايضا خارج معطيات الزمان،يعالج الناس من خلال النظر الى اعماق الروح وليس من الغريب إذا ان يقوم بالتغطية على جريمة قتل يداعب فيها الجانب الروحي للجريمة.
الطبيب الجديد تخلى عن آماله من أجل هذا المجتمع،وربما من أجل اللحية الحمراء الشخصية الأسطورية،ووجد السعادة بالبقاء بين فقراء ربما يبدو موتهم أفضل من حياتهم،ولكنه كطبيب لايستطيع أن يقول هذا الكلام أبدا.

#بلال_سمير_الصدّر (هاشتاغ)      

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات