أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - فاطمة ناعوت - مصرُ أينما جُلتَ














المزيد.....

مصرُ أينما جُلتَ


فاطمة ناعوت

الحوار المتمدن-العدد: 4760 - 2015 / 3 / 27 - 13:58
المحور: المجتمع المدني
    


لا أسافرُ، للأسف، إلا للعمل. لا أمتلكُ بعدُ رفاهيةَ الوقت التي تتيح لي الطيران إلى هنا أو هناك من أجل الاستمتاع والاستجمام ومعرفة أماكن وثقافات جديدة والتعرف على بشر جدد، دون أن يكون ورائي جلساتُ مؤتمر فكري، أو أمسياتُ مهرجان أدبي، أو بروڤ-;-ات حلقة تليفزيونية.
أنا في مملكة المغرب من جديد. وأذكرُ أن زيارتي الأولى للمغرب كانت عام 2004، للمشاركة في مؤتمر حول المرأة العربية ودورها المجتمعيّ. وكرّمنا على هامش المؤتمر الأديبة المغربية "خناتة بنونة"، إحدى الرائدات العربيات في الحراك السياسيّ وفن الإبداع السردي في مرحلة الستينيات من القرن الماضي. وقدّمت يومها دراسة مطّولة عنوانها: "كلُّ مكان لا يُؤنّث، لا يعول عليه"، استلهامًا من العظيم مُحيي الدين بن عربي، وفيه تكلمت عن تقزّم دور المرأة في الحراك العربي، وأسباب ذلك سياسيًّا وسوسيولوچيًّا. وذكرتُ في بحثي أعداءَ المرأة التقليديين الثلاثة: (المجتمعُ الرجعيّ الظلامي، الرجلُ المأزوم المتصدّع، سوءُ تأويل النصّ الديني )، وانصبّتْ دراستي على تحليل العدو الرابع الأخطر، وهو المرأة ذاتها، حين تتواطأ، ضدَّ نفسها، مع الأعداء الثلاثة السابقة.
وأذكرُ وقتها أنني حضرتُ حفلا يقدّم فن "العَيْطة" الشعبي، الذي يحتاج أن يُستعاد الاهتمامُ به من قِبَل المُشتغلين على الموروث الشعبيّ والمثقفين كتراثٍ غنائيّ موسيقيّ وكتعبير ثقافيّ وسياسيّ كذلك. إذ يُقالُ إن ذلك اللونَ من الغناء ساهم في مقاومة الاستعمار خلال تسريبه مقولاتٍ من شأنها تعبئةُ الحسّ الشعبي تجاه المستعمر سواء المباشر أو غير المباشر. مجموعة من النساء، خمسٌ أو ست، في وضع الجلوس، تحمل كل منهن دُفًّا أو طبلة صغيرة جدًّا، يخبطن عليها بأطراف أصابعهن فيما يغنين تناوبًا كلٌّ حسب دورها الخاص، في نبرات حادّة وطويلة تشرخُ القلبَ، وتبرز فيها نغمةُ العويل أو النحيب أحيانًا مما ذكرّني بفن "العديد" أو "العدّودة" في الريف المصري والسودانيّ، حين تقوم مجموعة من النساء بتأبين الميت ورثائه غناءً.
أما اليوم، فتواجدي في مدينة الدار البيضاء المغربية الساحرة لسبب آخر. مناظرةٌ فكرية بيني وبين شيخ مغربي إسلامي "تكفيري”. والنعتُ الأخير ليس من عندي، إنما أطلقه هو على نفسه بكل فخر واعتزاز (واليوم يتبرأ منه!)، بل تجاوز المدى قائلا: "كلُّ مسلم لابد أن يكون تكفيريًّا، وإلا غدا كافرًا.” وأما عن رأيه في المرأة، فقد قال في حديث تليفزيوني: "كنتُ أتمنى أن أكون امرأةً، من فرط المكانة العالية والحقوق التي تتمتع بها المرأة المسلمةُ في المجتمعات العربية.” وها أنا ذا أنازلُه في أرضه المغرب، أي أن الجول باثنين، كما تقول أدبياتُ كرة القدم.
ونتركُ المناظرةَ لحالها، وأعود للمغرب وشجونه.
أتجوّلُ الآن في شوارع المغرب وطرقاته في طقس أوروبي قارس ومطير. أدخلُ من بوابة ماركش في الدار البيضاء وأجول في أسواقها الشعبية الآسرة، وأنا أضعُ في أذني سماعةَ "آي بود" تنقلُ لي صوتَ "عبد الوهاب" يغني: "يا سماءَ الشرقِ طوفي بالضياءِ وانشري شمسَك في كلِّ سماء. ذكّريه واذكري أيامَه بهُدى الحقِّ ونور الأنبياء. كانتِ الدنيا ظلامًا حولَه، وهو يَهدي بخُطاه الحائرينَ". وفجأة يأتيني من أحد المحال المغربية صوتُ "أم كلثوم" تشدو "أنت عمري"؛ وبعد برهة يخترقُ قلبي صوتُ العظيم "محمد رفعت" يؤذن لصلاة المغرب. أرفعُ عن أذني السماعاتِ وأُنصتُ لصوت المغرب والحياة. تأكد لي الآن أنني لا أحملُ مصرَ في قلبي وفقط، كما أقولُ لنفسي دائمًا، إنما يحملُها في قلبِه كلُّ العالم العربي والغربي. ولا عجب في هذا؛ أليست هي "أمَّ الدنيا"؟
أيها المصريُّ كريمَ العنصرين، شرِّقْ وغرِّبْ، في كل مكان، وطُفْ وصُلْ وجُلْ دون خوف من اغترابٍ في دروب الدنيا حيث شاء لك التجوالُ والتطواف، فثمة مصرُ حاضرةٌ في كل مكان من هذا الكوكب.



#فاطمة_ناعوت (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الرئيس.. والأم
- شكرا ونكتفي بهذا القدر
- أمي -الملاك-... التي لم تنجبني
- شارعُنا
- هل تذكرون لوزة وتختخ؟
- مفتاحُ الحياة في يدِ مصر
- لأنها مصرُ، احتشد العالم
- قطط الشوارع
- مصرُ على بوابة الأمل
- لو كان بمصر هندوس!
- زوجة رجل مهم
- قُل: داعش، ولا تقل: ISIS
- ماذا قال السلفُ القديم
- العالمُ يفقدُ ذاكرتَه
- العالم في مواجهة داعش
- دواعشُ بلا سكين
- الذهبُ على قارعة الطريق
- آن للشيطان أن يستريح
- المرأةُ الأخطر
- حبيبي الذي جاء من سفر


المزيد.....




- الأمم المتحدة: إسرائيل منعت وصول ثلثي المساعدات الإنسانية لق ...
- مقارنة ردة فعل بايدن على مذكرتي اعتقال بوتين ونتنياهو تبرزه ...
- كيف أثر قرار إصدار مذكرات اعتقال بحق نتنياهو وغالانت على دعم ...
- سفير ايران الدائم بالأمم المتحدة: موقفنا واضح وشفاف ولن يتغي ...
- سفير ايران بالأمم المتحدة: أميركا وبريطانيا تساهمان في استمر ...
- كنايسل تنتقد ازدواجية المعايير لدى الغرب تجاه مذكرات الاعتقا ...
- -المملكة المتحدة ستفي بالتزاماتها القانونية-.. لندن تعلق على ...
- 5 شهداء وعشرات الإصابات بقصف الاحتلال خيام النازحين بخانيونس ...
- شهيدان وأكثر من 20 جريح بقصف الاحتلال خيام النازحين بخانيونس ...
- مدفيديف: روسيا تدعم قرارات الأمم المتحدة لحل الصراع الفلسطين ...


المزيد.....

- أية رسالة للتنشيط السوسيوثقافي في تكوين شخصية المرء -الأطفال ... / موافق محمد
- بيداغوجيا البُرْهانِ فِي فَضاءِ الثَوْرَةِ الرَقْمِيَّةِ / علي أسعد وطفة
- مأزق الحريات الأكاديمية في الجامعات العربية: مقاربة نقدية / علي أسعد وطفة
- العدوانية الإنسانية في سيكولوجيا فرويد / علي أسعد وطفة
- الاتصالات الخاصة بالراديو البحري باللغتين العربية والانكليزي ... / محمد عبد الكريم يوسف
- التونسيات واستفتاء 25 جويلية :2022 إلى المقاطعة لا مصلحة للن ... / حمه الهمامي
- تحليل الاستغلال بين العمل الشاق والتطفل الضار / زهير الخويلدي
- منظمات المجتمع المدني في سوريا بعد العام 2011 .. سياسة اللاس ... / رامي نصرالله
- من أجل السلام الدائم، عمونيال كانط / زهير الخويلدي
- فراعنة فى الدنمارك / محيى الدين غريب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - فاطمة ناعوت - مصرُ أينما جُلتَ