أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الشهداء والمضحين من اجل التحرر والاشتراكية - سعيد مضيه - الرجل الذي رحل عنا















المزيد.....

الرجل الذي رحل عنا


سعيد مضيه

الحوار المتمدن-العدد: 4760 - 2015 / 3 / 27 - 12:23
المحور: الشهداء والمضحين من اجل التحرر والاشتراكية
    


الرجل الذي رحل عنا

غيب الموت المناضل الوطني والشيوعي المتميز، عربي عواد ، أبو الفهد. أتيحت لي فرصة وداعه الأخير في عمان يوم العشرين من شباط.الماضي. حملني في سيارته ابني نضال إلى بيت ابنه حيث يرقد على فراش المرض. وجدناه نائما وبجانبه رفيقة دربه وحياته ، السيدة سميرة فخري مرقة ، وابنته خولة. قالت انه شعر بتلبك في معدته بعد تناول وجبة غداء، وكعادته لم يكترث وأهمل صحته . ومضت في الذاكرة حينذاك لامبالاته في زنزانة العبدلي واستخفافه بالألم والمرارة تجلى في ضحكاته المجلجلة تسخر من زنزانة العبدلي الرهيبة . في صيف 1966 وفد علينا ونحن في سجن الزرقاء العسكري مجموعة من المعتقلين من نابلس نقلوا من زنازين العبدلي وحدثونا عن ضحكات مجلجلة كانت تؤنسهم وتبدد رهبة السجن. اجبناهم إنها ضحكات احد أبناء محافظتكم واسمه عربي عواد. كان عربي مناضلا صلبا عنيدا لا يعرف المهادنة، ولم يطاطئ رأسه أثناء الاعتقال او التحقيق او السجن. دأبه في تلك الأوضاع السخرية من سجانيه وبكل ما تفتقت عنه كراهيتهم للتقدم . رفض التعهد بترك النشاط السياسي مقابل الإفراج عنه؛ فأرسلوا خبيرة نفسية علها تسبر دخيلة نفسيته، أفهمها انها هي ومن ارسلوها بحاجة إلى معالجة تقوّم نفسياتهم السادرة في ساديتها ، تجهل قيمة الإخلاص لقضية التحرر الوطني والديمقراطية . كان هذا دأب أبي الفهد طوال مسيرته الكفاحية .
قالت لنا شريكة معاناته، اشتد عليه الإمساك وفقدان الشهية ، فتوجه إلى الطبيب ، ثم ادخل المستشفى لإجراء عملية جراحية؛ وتبين وجود كتلة ورمية ضخمة بالجهاز الهضمي، وخلايا المرض منتشرة في جسمه. ادخل إلى مستشفى الحسين للأورام، حيث رأى الأطباء ان الأفضل قضاء ما تبقى له من أيام بين ذويه وأصدقائه؛ فأعيد إلى البيت .
أفاق من نومه سلمنا عليه وسألني عن الضفة والخليل. ما زال ابو الفهد يحتفظ بالصوت الجهوري الذي خبرناه . أجبته أنهما متعانقتان متشابكتان . مضى في غفوة، ومضينا، امام رهبة المرض القاتل، نستعرض حوادث القتل بالجملة، محنة شعبنا في جميع اماكن تواجده؛ قالت السيدة سميرة أن أثاث بيتها في دمشق قد نهب، وعادت الأسرة تحيا التشرد كما أيام حياتهم المشتركة الأولى ولكن بدون مطاردات الأمن. غادرنا البيت، والألم يعتصرنا . ما هكذا كان متوقعا أن تكون نهاية أرجل مقدام .
في الأول من أيار في اوائل عقد الخمسينات احتفلنا بعيد العمال العالمي واستمعنا في منطقة على شاطئ البحر الميت إلى خطيب تتدفق الكلمات من فمه غير هيابة ولا متلعثمة. كانت شواحن إقدام وثقة بمستقبل لنضال. ضم الجمع رفاقا من مختلف مناطق الضفة. وعرفنا اسم عربي عواد، مناضل من بلدة سلفيت ، وكانت آنذاك تحمل لقب موسكو ، نظرا لكثرة المناضلين في صفوف الحزب من أبناء البلدة.
بعد فترة عرفناه في الخليل يخطب كريمة المناضل الوطني، فخري أسعد مرقة، وتردد على المنطقة ، والتقينا معه في اجتماعات للتثقيف السياسي. وأذكر انه قدم عام 1956 إلى المنطقة لإقناع صهره بالانسحاب من الترشح للانتخابات البرلمانية ، وذلك كي تتكثف الجهود وتتمركز لإنجاح الدكتور يعقوب زيادين ، مرشح منطقة القدس. تمت التريبات بهذا التوجه وانتقلت كوادر الحزب من الخليل إلى منطقة القدس للمساهمة في حملة المرشح يعقوب زيادين وكان النجاح حليفها.
اعتقل عربي عواد ضمن المئات ممن ألقي القبض عليهم إثر الانقلاب على الحكم الوطني عام 1957. اختفى من اختفى وشرد من استطاع، وتعرض المعتقلون للجلد والتعذيب. نقل أبو الفهد إلى زنازين سجن الزرقاء العسكري يجرب عليهم الخبراء الألمان فنون التعذيب والحرمان، وانتهت التجربة المشئومة باغتيال المناضل الشيوعي عبد الفتاح تولستان في إحدى زنازين العبدلي . داخل معتقل الجفر أسهم بمحاضراته ومداخلاته في إغناء الحياة الثقافية وتصليب الرفاق لتحمل أعباء السجن المديد.
في صيف 1966 جرت حملة اعتقالات شملت مختلف القوى الوطنية، واعتقل عربي عواد وادخل مع مجموعة من الرفاق زنازين العبدلي . رفض عرض الإفراج فورا مقابل التعهد بترك النشاط السياسي ، مصرا على ان ذلك حق وواجب وطني لا يجوز لأحد الحجر عليه. وصدف ان اعتقل في ذلك الحين المناضل نعيم الأشهب وكان مختفيا في بيت يحوي جهاز طباعة إصدارات الحزب الدورية . نقل الرفيق نعيم إلى سجن العبدلي والتقى بالرفاق في المعتقل ورفض أيضا العرض المخابراتي ونقل إلى السجن المركزي وكان موقعه بضاحية المحطة شرقي عمان قرب مطار ماركا. كنت نزيل السجن منذ نيسان 1966، وهناك التقيت بالرفيق نعيم.وعلمت منه دراما الإغراء والصمود الثوري.
تم الإفراج عن الشيوعيين المعتقلين في زنازين العبدلي وسجن الزرقاء العسكري بعد احتلال الضفة في حزيران 1967، والتقيت بأبي الفهد في مدينة الخليل ، حيث أقام فترة مع أسرته قبل الانتقال إلى بلدته سلفيت. تداولنا في الأوضاع الطارئة وكان أن اتفقنا على ضرورة الشروع بمقاومة سلمية للاحتلال على قاعدة اننا جزء من الأردن..
أمضيت فترة قصيرة خارج سجون الاحتلال قبل أن أبعد من الضفة إلى الأردن عام 1970 فلم أتعرف على تجربة الرفيق أبي الفهد. كان احد الرفاق القياديين في تنظيم الحزب بالضفة، وبعد إبعاد الكثيرين من الرفاق، شغل منصب أمانة التنظيم إلى أن أبعد. اعتقل عربي عواد في حملة شملت كوادر قيادية من الحزب عام1974 تم إبعادهم خارج الضفة ، إلى لبنان والأردن. وفي لقاء مع الملك حسين بعد إبعاده أعلن إصراره على مواصلة المقاومة بشتى أشكالها وتوجه إلى لبنان. وظني ان قرارا مجحفا بحقه صدر من قيادة جديدة للتنظيم بالضفة ، استفزه ورد عليه بانفعالية فصلته عن حزبه الذي أخلص له وساهم في بنائه .
أشاد حزب الشعب الفلسطيني بنضالات الرفيق عربي عواد في بيان النعي مقيما عاليا "دوره الكفاحي خلال مسيرته الكفاحية من اجل نيل حقوق شعبنا خاصة نضاﻻ-;---;-----;---ته الى جانب رفاقه في الحزب الشيوعي سابقا ( حزب الشعب ) وبما قدمه من تضحيات في اقبية السجون وما تحمله من ألم ومعاناة في سبيل تحقيق قيم الحرية والديمقراطية وتحقيق العدالة اﻻ-;---;-----;---جتماعية .
"إن حزب الشعب وهو يودع مع جماهير شعبنا وحركته الوطنية الفقيد الراحل يتقدم مرة اخرى الى ذويه ورفاقه بأحر التعازي."
وفي كلمة تأبينية نشرت على موقع الحزب الإليكتروني عنوانها "رحل عربي عواد سنديانة اخرى تمضي" نعاه الرفيق وليد العوض عضو المكتب السياسي لحزب الشعب الفلسطيني،قال فيها: "مات اابو الفهد كمن سبقه من رفاقه الشيوعيين نظيف اليد طيب القلب ، رحل رفيق درب من تبقى على قيد الحياة من رفاقنا مناراتنا اﻻ-;---;-----;---وائل الذين بهم نفتخر وتنحني لهم هاماتنا، رحل كما يرحل الشرفاء من أبناء الوطن تاركا خلفه سيرة نضالية نفتخر ونعتز بها نحن الشيوعيين الفلسطينيين، نعتز بها وقد تميزت بالعطاء الثوري غير المحدود في وقت عز فيه العطاء ، مسيرة تميزت بزرع بذور قيم الحرية والديمقراطية والعدالة اﻻ-;---;-----;---جتماعية والتضامن اﻻ-;---;-----;---ممي ، مسيرة طويلة امتازت بروح الكفاح الباسل لتلك السنديانات االتي شمخت بإباء وزرعت فينا روح اﻻ-;---;-----;---نحياز للفكر التقدمي المستنير، روح اﻻ-;---;-----;---نتماء والتضحية بغير حدود في مواجهة اﻻ-;---;-----;---حتلال ومن أجل الوطن وحريته واستقلاله وفي الدفاع عن العمال والفلاحين والفقراء كما زرعت فينا روح اﻻ-;---;-----;---نحياز لحقوق المرأة وحقها في المساوة.
ومضت الكلمة إلى القول: ابو الفهد الذي رحل التقيته وانا في عشرينات العمر ، مرارات قليلة في بيروت في أوقات حرجه فقد كان حانيا لكنه كان حاد البصر والبصيرة. اكتب هذه الكلمات وفاء في رحيله واعرف ان هناك من الرفاق الذين عايشوه يمكنهم قول الكثير فنحن علينا اﻻ-;---;-----;--- نكون أقل وفاءا من اﻻ-;---;-----;---خرين حتى لو اختلفنا ، فالخلاف في الرأي ﻻ-;---;-----;--- يفسد في الود قضية .



#سعيد_مضيه (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- نتنياهو تفوق على الجميع
- قاتل الشماء يتربص بالسيسي
- بصدد ازمة اليسار/ المعرفة قوة
- بصدد ازمة اليسار حوار مع الباحث حذيفة مطر صلاح
- بصدد ازمة اليسار
- جدل الإرهاب والعنصرية والحرب
- خالد الذكر فؤاد نصار في ذكراه المئوية
- حرب على عدة محاور يخوضها نتنياهو
- العاهة بنيوية في تركيبة النظام الرأسمالي
- الشعب الأسود وشعب فلسطين يصليان جحيم العنصرية
- لامصلحة لإسرائيل في الاتفاق مع العرب
- في ذكرى أكتوبر-3
- في ذكرى اكتوبر - المآثر التاريخية لثورة اكتوبر الاشتراكية ال ...
- في ذكرى أكتوبر - الهيمنة المطلقة لدولة الاحتكارات
- ثنائية القوي - الضعيف في صراعات المنطقة
- التنوير المجهض - امتهان الديمقراطية
- التنوير المجهض-3
- التنوير المجهض - تحديث زائف
- التنوير المجهض
- من أحشاء نظم الاستبداد السياسي 4من4 -ابن تيمية


المزيد.....




- الديمقراطيون لا يمتلكون الأجوبة للعمال
- هولندا: اليمين المتطرف يدين مذكرتي المحكمة الجنائية لاعتقال ...
- الاتحاد الأوروبي بين مطرقة نقص العمالة وسندان اليمين المتطرف ...
- السيناتور بيرني ساندرز:اتهامات الجنائية الدولية لنتنياهو وغا ...
- بيرني ساندرز: اذا لم يحترم العالم القانون الدولي فسننحدر نحو ...
- حسن العبودي// دفاعا عن الجدال... دفاعا عن الجدل (ملحق الجزء ...
- الحراك الشعبي بفجيج ينير طريق المقاومة من أجل حق السكان في ا ...
- جورج عبد الله.. الماروني الذي لم يندم على 40 عاما في سجون فر ...
- بيان للمكتب السياسي لحزب التقدم والاشتراكية
- «الديمقراطية» ترحب بقرار الجنائية الدولية، وتدعو المجتمع الد ...


المزيد.....

- سلام عادل- سيرة مناضل - الجزء الاول / ثمينة ناجي يوسف & نزار خالد
- سلام عادل -سیرة مناضل- / ثمینة یوسف
- سلام عادل- سيرة مناضل / ثمينة ناجي يوسف
- قناديل مندائية / فائز الحيدر
- قناديل شيوعية عراقية / الجزءالثاني / خالد حسين سلطان
- الحرب الأهلية الإسبانية والمصير الغامض للمتطوعين الفلسطينيين ... / نعيم ناصر
- حياة شرارة الثائرة الصامتة / خالد حسين سلطان
- ملف صور الشهداء الجزء الاول 250 صورة لشهداء الحركة اليساري ... / خالد حسين سلطان
- قناديل شيوعية عراقية / الجزء الاول / خالد حسين سلطان
- نظرات حول مفهوم مابعد الامبريالية - هارى ماكدوف / سعيد العليمى


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الشهداء والمضحين من اجل التحرر والاشتراكية - سعيد مضيه - الرجل الذي رحل عنا