|
اتهام منظمات حقوق الإنسان بالتحيز وتلفيق الأخبار
مصطفى محمد غريب
شاعر وكاتب
(Moustafa M. Gharib)
الحوار المتمدن-العدد: 4756 - 2015 / 3 / 23 - 12:53
المحور:
حقوق الانسان
القسم الأول أن خرق حقوق الإنسان في العراق له باع طويل يمتد على مدى تاريخ الدولة العراقية الحديثة تقريباً دون استثناء إلا لفترات محدودة، ولطالما قامت الحكومات العراقية المتعاقبة بخرق لائحة حقوق الإنسان التي تبنتها الأمم المتحدة، ونتج عن ذلك الكثير من التقارير التي أدانت تلك الحكومات وطالبت بوضع حد للممارسات غير الإنسانية والالتزام بلوائح حقوق الإنسان واستمرت التجاوزات بدون توقف وحسب الظروف التي مرت وبخاصة بعد استيلاء حزب البعث العراقي وحلفاء له على السلطة في انقلاب 8 شباط 1963 ولم يخلو عهدي الأخوين عارف من هذا الخرق مع الفارق! وبعد عودة حزب البعث العراقي بانقلاب 17 تموز 1968 تصاعد إرهاب وقمع الدولة واستمرت الخروقات لحقوق الإنسان واضطهاد المعارضين للحكم ، وقد فضحت منظمات حقوق الإنسان بهذا الخصوص النظام ألبعثي الذي اعتبر من الأنظمة الدكتاتورية الفريدة ولم تقصر في فضحها على نوع واحد من الخرق بل تنوعت الادانات والمطالبات مما جعل النظام ألبعثي في وضع مدان لا يستطيع التخلص منه ومن الوقائع التي ذكرتها التقارير إلا بالإنكار وبالأكاذيب والتلفيق وتغييب الحقائق ومهاجمة منظمات حقوق الإنسان ولجنة الحقوق والحريات النقابية في منظمة العمل الدولية وغيرها، وهذا الإنكار والتكذيب ومهاجمة منظمات حقوق الإنسان بسبب فضحها الممارسات القمعية وطمس الحقوق المشروعة التي ذكرها الإعلان العالمي لحقوق الإنسان هو دليل على إفلاس هذا النظام الدكتاتوري القمعي، وبدلاً من التحقيق النزيه والالتزام بتطبيق لائحة حقوق الإنسان فلقد تنمّر في عدائه لمخالفي الرأي والمعارضين للسياسة الإرهابية القمعية. بعد سقوط النظام ألبعثي 2003 والاحتلال ثم تشكيل الحكومات وبتشكيل أول حكومة عراقية استبشر العراقيون والقوى الوطنية بما جاء في الدستور العراقي من بعض المواد حول حقوق الإنسان، واستبشروا أكثر لأول مرة بولادة وزارة باسم وزارة حقوق الإنسان لكن الذي فاجأ الكثير من المواطنين أن خرق حقوق الإنسان ظل مستمراً ويأخذ أشكالاً وأساليباً عديدة، وتتحمل وزر هذا الخروقات ليست المؤسسات الأمنية الحكومية من الشرطة والجيش وحمايات المسؤولين في الحكومة فحسب بل المنظمات الإرهابية من جهة ومن جهة أخرى الميليشيات الطائفية المسلحة التي أصبحت بعد ذلك لا تقل خطورة عن داعش والقاعدة والمنظمات الإرهابية الأخرى، ولهذا تنوعت تقارير منظمات حقوق الإنسان ما بين الخرق الفاضح للأجهزة والمؤسسات الأمنية الحكومية أو منظمات الإرهاب والميليشيات المسلحة الطائفية، ومن منطلق معرفة المنظمات العاملة في حقوق الإنسان نقول أن الغالبية من منظمات حقوق الإنسان ليست بالحكومية وهي تعتمد في عملها وأنظمتها الداخلية على لائحة حقوق الإنسان التي تضمنت الإعلان العالمي لحقوق الإنسان كوثيقة دولية تبنتها الأمم المتحدة في 10 / 9 / 1948 في باريس - فرنسا، والإعلان يتكون من ( 30 ) مادة تبين رأي الأمم المتحدة في حقوق الإنسان، وهو يعتبر من الوثائق الدولية الرئيسية وله دعماً هاماً في القانون الدولي كما يشكل الإعلان كوثيقة دولية مع وثيقتي العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، والعهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية 1966 هذه الوثائق الثلاثة اعتبرت لائحة الحقوق الدولية "، في 1976 جرى التصديق على الوثيقتين فأخذت الحقوق الدولية قوة القانون الدولي " هذا الإعلان يعتبر من أهم الوثائق التي نصت على حقوق الإنسان وحظيت وما زالت تحظى بتأييد ودعم أكثرية الدول في العالم ما عدا الدول ذات السلطات الدكتاتورية أو المنافية للحريات والديمقراطية والدول ذات الحكم الثيوقراطي بقيادة رجال الدين. وهكذا يظهر أن منظمات حقوق الإنسان معنية بالوقوف مع الدولة المدنية وبالضد من الممارسات القمعية والأساليب غير الشرعية التي تمارسها الحكومات ضد المعارضين أو مخالفي الرأي، كما يجب أن تباشر عملها الرقابي بتجرد وعدم انحياز وهذا النهج تعتمده أكثرية هذه المنظمات، مع ذلك فان بعض الحكومات ترفع راية العداء المباشر ضدها لمجرد نشر بيان حول خرق حقوق الإنسان في بلدانها وتعدها تجاوزاً على الأمة وعلى تاريخ البلاد أو تعدها تدخلاً سافراُ في شؤونها الداخلية أو اتهامها بالكذب والتلفيق وانحيازها من اجل تشويه سمعة البلاد بما فيها اتهامات بالتبعية لدول استعمارية ولإسرائيل والصهيونية ولم تثبت هذه الاتهامات صحتها أمام حقائق مادية ظهرت أن هذه الحكومات غير الديمقراطية ما تزال تمارس سياسة قمعية وإرهابية مما جعلها متهمة بالخرق من قبل منظمات حقوق الإنسان الدولية والمحلية، وتبقى وجهات النظر بخصوص التقارير التي تنشرها منظمات الدفاع عن حقوق الإنسان ذات فاعلية مهمة أمام الرأي العام المحلي والعالمي ولهذا ترتعد هذه الحكومات المعادية للحريات والديمقراطية منها وتحاول تشويه عملها وأهدافها المعلنة وحتى شن حملات الاعتقال والسجن على معارضيها والعاملين المحليين في هذه الدول. في مقدمة هذه المنظمات منظمة (هيومن رايتس ووتش Human Rights Watch ) الدولية لكنها غير حكومية ومعنية بالدفاع عن حقوق الإنسان وهي ترصد الحكومات اللاديمقراطية بشكل عام وما تقوم به والمنظمات السياسية والدينية من خرق لحقوق الإنسان بدون إي تمييز بين مكونات الشعوب وكتلهم السياسية والجغرافية أو القومية والدينية والعرقية والمذهبية وهي تدافع عن حرية الرأي والمعتقد وإقامة العدل وتحقيق العدالة والدولة المدنية بحكم القوانين التي تسن من اجل ذلك، وتسعى لإقامة المجتمع المدني وهي تدين وتشجب وتحاسب في الوقت نفسه الدول التي تقوم حكوماتها بخروقات لحقوق الإنسان.، ومثلما أشرنا فان تاريخ خرق حقوق الإنسان عل كافة الصعد استمر من قبل الحكومات العراقية المتعاقبة وأدينت سياسة هذه الحكومات بشكل دوري ومستمر، وأدت مراقبة منظمات حقوق الإنسان للأوضاع السياسية والحقوقية بعد سقوط النظام البعثي إلى الكشف عن العديد من الممارسات القمعية التي انتهجت بالضد من المعارضين بشكل سلمي والذين يختلفون مع القوى المتنفذة وبالأخص المحاصصة الطائفية التي خلقت مناخاً لتصعيد العنف والانقسام والاحتراب الذي خلق المطبات أمام إيجاد حلول للازمات التي تعصف بالبلاد وتنذرها بمخاطر الفتنة الطائفية والحرب الأهلية. "يتبع"
#مصطفى_محمد_غريب (هاشتاغ)
Moustafa_M._Gharib#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
التخلص من داعش والمليشيات يحتاج إلى التكاتف والوحدة الوطنية
-
يوم الثامن من آذار لا يكفي للاحتفال فهو يوم واحد
-
عقلية الاستحواذ وقمع الأقليات القومية والدينية في إيران
-
هذا هو الرئيس.. هذه هي سمة التواضع سمة الأخلاق!
-
معاول الظلام والتخلف تساهم في تحطيم تاريخ العراق
-
إلى متى تستمر الاعتداءات على الصحافيين والصحافة؟
-
الميليشيات الطائفية المسلحة بين الحقيقة والنكران في العراق
-
رفض شعبي واسع لتواجد قوات أجنبية على الأراضي العراقية
-
هل توقف الزمن بالنسبة للعنف و التفجيرات والاغتيالات والخطف؟!
...
-
مستلزمات إعادة الثقة والتخلص من الميليشيات والإرهاب
-
خطورة الانفلات الطائفي على وحدة العراق
-
الحفاظ على تحرير كوباني اندحار للظلام والإرهاب والتطرف الدين
...
-
التعاون بين الحكومة العراقية وفيلق القدس الإيراني
-
مصيدة المتصيد
-
هو الشيوعي وحب الخليقة
-
الفساد والإرهاب توأمان لا يفترقان أبداً
-
مسؤولية تاريخية تقع على عاتق لجنة التحقيق في سقوط الموصل
-
ماذا حل بمشروع قانون الأحزاب في العراق ؟
-
أمتاز عام 2014 بالجرائم والخطف والاغتيال والحرب!
-
تصريحات مبطنة ضد البيشمركة والكرد هدفها زرع الشقاق والتخريب
المزيد.....
-
مقتل واعتقال 76 ارهابيا في عملية فيلق القدس بجنوب شرق ايران
...
-
-الدوما-: مذكرة الجنائية الدولية لاعتقال نتنياهو ستكشف مدى ا
...
-
الداخلية الفنلندية توقف إصدار تصاريح الإقامة الدائمة للاجئين
...
-
الإعلام الإسرائيلي يواصل مناقشة تداعيات أوامر اعتقال نتنياهو
...
-
هذه أبرز العقبات التي تواجه اعتقال نتنياهو وغالانت
-
الأمم المتحدة: إسرائيل منعت وصول ثلثي المساعدات الإنسانية لق
...
-
مقارنة ردة فعل بايدن على مذكرتي اعتقال بوتين ونتنياهو تبرزه
...
-
كيف أثر قرار إصدار مذكرات اعتقال بحق نتنياهو وغالانت على دعم
...
-
سفير ايران الدائم بالأمم المتحدة: موقفنا واضح وشفاف ولن يتغي
...
-
سفير ايران بالأمم المتحدة: أميركا وبريطانيا تساهمان في استمر
...
المزيد.....
-
مبدأ حق تقرير المصير والقانون الدولي
/ عبد الحسين شعبان
-
حضور الإعلان العالمي لحقوق الانسان في الدساتير.. انحياز للقي
...
/ خليل إبراهيم كاظم الحمداني
-
فلسفة حقوق الانسان بين الأصول التاريخية والأهمية المعاصرة
/ زهير الخويلدي
-
المراة في الدساتير .. ثقافات مختلفة وضعيات متنوعة لحالة انسا
...
/ خليل إبراهيم كاظم الحمداني
-
نجل الراحل يسار يروي قصة والده الدكتور محمد سلمان حسن في صرا
...
/ يسار محمد سلمان حسن
-
الإستعراض الدوري الشامل بين مطرقة السياسة وسندان الحقوق .. ع
...
/ خليل إبراهيم كاظم الحمداني
-
نطاق الشامل لحقوق الانسان
/ أشرف المجدول
-
تضمين مفاهيم حقوق الإنسان في المناهج الدراسية
/ نزيهة التركى
-
الكمائن الرمادية
/ مركز اريج لحقوق الانسان
-
على هامش الدورة 38 الاعتيادية لمجلس حقوق الانسان .. قراءة في
...
/ خليل إبراهيم كاظم الحمداني
المزيد.....
|