أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - إبراهيم رمزي - -السيخ- بغدادي














المزيد.....

-السيخ- بغدادي


إبراهيم رمزي

الحوار المتمدن-العدد: 4754 - 2015 / 3 / 20 - 08:35
المحور: كتابات ساخرة
    


"السيخ" بغدادي

كان يبدو داخل بذلته (المدنية) كمن ارتدى لباسا أكبر من مقاسه، رغم أنها بذلته المفضلة، ولكنه لم يلبسها منذ سنوات، تغير خلالها، وأضاع من وزنه الكثير، وتخففت جثته من اندلاق بطنه وترهله، وشحومه المكدسة المتراكبة. بشرته أصبحت تميل إلى السمرة، وكان عارضاه وذقنه أنصع وأقل تأثرا بتلويح الشمس، مما يفضح – لعين الرائي العادي – إقدامه "الحديث" على حلق لحيته الكثيفة. محاولا بذلك عدم إثارة الانتباه إليه خلال (عطلته) التي يزمع خلالها الرجوع إلى بلده لزيارة أهله.
سار نحو شباك الصرف – وبجانبه شخص يقوم مقام الدليل والترجمان – ، قدّم (الشيك) الذي بحوزته. ألقى عليه موظف البنك نظرة سريعة، وردّه إليه وهو يقول: مصرفنا – ككلّ المصارف - لا يتعامل بهذه العملة.
حاول الاحتجاج، فأفهمه الموظف أنه ضحية احتيال ونصب، وأن (الشيك) الذي بين يديه مصطنع، ولا قيمة له.
قال بلهجة اليائس، وبِلُكْنَته الأجنبية: "لا خول ولا كوة إلا باللاهي العديم".
أسقط في يده، وتبعثرت أحلامه. تواترت على مخيلته صور متناثرة للسنوات القليلة الماضية، والتي عرف خلالها ظروفا تتنوع بين السراء والضراء. جرّب التخمة في بعض الأحيان، والمسغبة وقلة الطعام في أغلب الأحوال، كما جرب انعدام النظافة، والاضطراب والقلق، والأرق، وقلة النوم، ، ... والانسلاخ من الأحاسيس الإنسانية البسيطة. ما عادت تثيره أنهار الدماء والأشلاء الآدمية المتناثرة، والجثت المنتفخة، والرائح العطنة النافذة، والموت المخيم على كل ركن من أركان هذا الصقع. كان أداة حرب وخراب ودمار وبطش وقسوة وحيوانية ...
استولت عليه نوبات ضحك هستيري، وبين النوبة والأخرى كان يرفع قبضته في الهواء مزمجرا:
يا "سيخ" بغدادي، أهذا مصير خدماتي خلال سنوات؟
يا "سيخ" بغدادي، دمرتُ وقتلتُ وذبحتُ من أجلك، وائتمرتُ بقذاراتك ووحشيتك.
يا "سيخ" بغدادي، ها هي عملتك لا قيمة لها، ولا يٌعتَرف بها حتى في أقرب المناطق من "خلافتك".
يا "سيخ" بغدادي، أيّ وَهْمٍ أنت؟ وأيّ وهْمٍ هي طريقك؟
يا بغدادي، أيّ ضياعٍ لمن غرّرتَ به وتَبِعك؟
تلاعبت به في لحظات قصيرة أحاسيس متصادمة قاسية: حسرة تعصر القلب، غضب، توعّد، استسلام، سخرية من النفس، سكونُ حركةٍ وبلاهةُ نظراتٍ، استنجادٌ بالمجهول، ضياعٌ في ضياع.
كان رواد المصرف يتابعون المشهد، وقد أجمعوا – في أعماق أنفسهم – أن الرجل مصاب بمسّ.
قال موظف المصرف: بين الحين والآخر يتوافد علينا أمثاله. ونهاياتهم – في الغالب الأعمّ - تكاد تتشابه. اللهم لا شماتة!



#إبراهيم_رمزي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- على هامش مقال للأستاذ كامل النجار
- الوقاية من وباء التعالُم
- هوية
- قليل من الوقاحة
- جَنة وجَنة
- تعقيب على: خطأ إملائي.
- بأية حال عدت يا عام؟
- الفحش في المؤلفات
- من أرض لوط
- دستور .. يا عالم، دستور
- رسالة إلى دعوي: لا تكن إلهي
- مقعد إسلامي دائم في مجلس الأمن
- ظل الله في الأرض؟؟؟
- قراءة في كتاب: تجربة فؤاد عالي الهمة بين الإبداع والاستنساخ.
- أدعية تسيء إلى النبي
- فتاوي النجاسة والكاماسوترا
- عن القُبلة ... ورمضان
- أحزاب جزر الواق واق
- جنس وخمر ... في رمضان
- قبل وجود اليونسكو


المزيد.....




- نائب أوكراني يكشف مسرحية زيلينسكي الفاشلة أمام البرلمان بعد ...
- مايكروسوفت تطلق تطبيقا جديدا للترجمة الفورية
- مصر.. اقتحام مكتب المخرج الشهير خالد يوسف ومطالبته بفيلم عن ...
- محامي -الطلياني- يؤكد القبض عليه في مصر بسبب أفلام إباحية
- فنان مصري ينفعل على منظمي مهرجان -القاهرة السينمائي- لمنعه م ...
- ختام فعاليات مهرجان القاهرة السينمائي بتكريم الأفلام الفلسطي ...
- القاهرة السينمائي يختتم دورته الـ45.. إليكم الأفلام المتوجة ...
- صحفي إيرلندي: الصواريخ تحدثت بالفعل ولكن باللغة الروسية
- إرجاء محاكمة ترامب في تهم صمت الممثلة الإباحية إلى أجل غير م ...
- مصر.. حبس فنانة سابقة شهرين وتغريمها ألف جنيه


المزيد.....

- فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط / سامى لبيب
- وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4) ... / غياث المرزوق
- التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت / محمد فشفاشي
- سَلَامُ ليَـــــالِيك / مزوار محمد سعيد
- سور الأزبكية : مقامة أدبية / ماجد هاشم كيلاني
- مقامات الكيلاني / ماجد هاشم كيلاني
- االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب / سامي عبدالعال
- تخاريف / أيمن زهري
- البنطلون لأ / خالد ابوعليو
- مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل / نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - إبراهيم رمزي - -السيخ- بغدادي