|
تركيا تدس انفها في كل ما يجري في المنطقة
عماد علي
الحوار المتمدن-العدد: 4730 - 2015 / 2 / 25 - 12:35
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
بعد التخبط الذي وقعت فيه تركيا في سياساتها الخارجية في السنوات الاخيرة، نرى انها تتمرغ في وحل خابط ليس لمصلحتها او كان بامكانها ان تتحاشاه و تحتفظ على سمعتها و ثقلها و مكانتها التي كانت تشتهر بها قبل عقدين او عقد من الزمن . بعد ارتفاع حماوة نرجسية اردوغان و طموحاته الشخصية، تاثرت تركيا برؤيته و نظرته، و بدروه حدث خلط بين الاستراتيجية التركية في سياساتها الدبلوماسية وطموحات رئيسها الصاعد، و اصبحت معلقة بين العديد من المعرقلات التي افرزتها تركيا الاردوغانية بنفسها جراء سلوكها و ما حدث لعلاقاتها مع دول المنطقة القريبة منها و البعيدة . انها ظنت نفسها قادرة على اعادة امجاد العثمانية و لها ان تفرض و تامر ما تريد غير ابهة بشيء لم تعلم بانها واهمة وان الظروف السياسية التي اقبلت على المنطقة و ان كانت لها يد فيها اصبحت لغير صالحها، بينما اعتقدت هي بانها جسدت ارضية يمكنها ان تتصرف و كانها في العصر العثماني بتفاصيله . انها تدخلت في كل صغيرة و كبيرة لدول المنطقة و ما يجري فيهن من كافة النواحي و السياسية بالاخص، لها راي و قول و موقف من ولو خطوة بسيطة فيما تُقدم عليها اية جارة لها. تتكلم و تبرز موقفا بشكل صريح عن قادة الدول و خططهم، تتدخل في شؤن المواطنين و ما يهمهم . لازالت تركيا على وهم اعادة العصر الذهبي لها، و هذا من الامراض الخطيرة التي تعاني منها . و على الرغم من كل ما تعلنه من مواقف تجاه اكثر الدول في كل ما يجري و ما يتغير، نرى انها لازالت متحفظة تجاه ايران لانها لازالت المريضة التي تعاني من عقدة نهاية الامبراطورية العثمانية و كذلك ما تضرر به على يد الامبراطورية الفارسية و ما لقنتها درسا في تاريخها ايضا، و حتى اثناء الحصار المفروض على ايران فانها اخذت موقفا معتدلا و اصرت على ان تكون بابا مفتوحا لايران، و سارت على سياسة تبادل المنفعة و التوافق و الاتفاق على مواقفهم الموحدة تجاه امور عديدة و منها الحركة التحررية الكوردية في الدولتين . عندما تظاهرت تركيا بحركاتها البهلوانية المظهرية امام العالم من مواقف ضد اسرائيل اعلاميا، و ارادت كسب ود العرب، فانها تنازلت بعدما لقنتها اسرائيل درسا في البحر المتوسط . و بعدما اتخذت موقفا مساندا لاخوان المسلمين في مصر و لم تاخذ بنظر الاعتبار مكانة و ثقل مصر و حتى دول الخليج، فانها اصطدمت بمواقف الدول الخليجية و اردن و مصر لتضارب مواقفهم مع ما اتخذتها تركيا من السياسات تجاه الاخوان التي صعدت منحياتهم و برزت قوتهم بعد ثورات الربيع العربي، و حتى في موقفها بهذا الاتجاه لم تكن تركيا منصفة فيه لانها كانت تدعم نظام القذافي لاخر لحظة من حكمه، و بهذا بينت مدى تناقضها في عملها و كيف كشفت نفسها و تخبطها و عدم التلائم في سيرتها بين الفعل و القول و المبدا و السياسة و متطلباتها . اليوم نراهاحائرة بين ما سارت عليه و ما تريده من اعادة النظر في سياساتها الخارجية، و لكنها ترى ان تتقدم بخطوات للحفاظ على ماء الوجه تجاه الدول الخليجية التي اتخذت موقفا صارما امام الاخوان و من يدعمهم ايضا . انها اتخذت موقفا حاسما امام الاسد و هذا يتوافق مع دول الخليج و في المقابل مواقفها مساندة لاخوان مصر و الخليج و انها لا توافق دول الخيج في خطواتهم ازاء الربيع العربي . انها تتساير مع اسرائيل سرا و علنا و هكذا الى دول الخليج ايضا، لذا لا يختلفون في توجهاتهم في هذا الجانب ايضا. انها تتدخل في شؤن العراق و سوريا و مصر و ليبيا، و هذا ما يدعو الى فرض مواقف متناقضة من علاقاتها مع دول المنطقة المختلفة . و اهم نقطة خلاف و اكبرها هي علاقاتها و تعاونها مع داعش و تنفيذ القضايا المفصلة به و مسايرته على العكس مما تريده دول الخليج و مصر و ايران و العراق و اردن و التحالف الدولي . في موقف محير اخر، تتعامل تركيا مع الكورد بتناقض واضح و متقاطع مع ما تهدفه في سياساته السرية، فانها و من اجل غيض اطراف اخرى و الاعتلاء في صراعها مع دول اخرى تهتم بجزء من الكورد في علاقة تكتيكية بينما تقف بالمرصد لاية خطوة بسيطة في جزء اخر، و تتصرف بعيدا عما تدعيه من القيم الاسلامية و تسير وفق ما تتطلبه المصالح و البراغماتية بشكل صارخ، و انها تخدع شعبها بالمباديء و القيم الاسلامية ليس الا من اجل اعادة الهيبة و المكانة التاريخية لها و هذا ما يتوضح من مراوغتهافي العملية السلمية التي ابرمتها مع الكورد في كوردستان الشمالية و ما تصر عليه من بقاء السيد عبد الله اوجلان مسجونا رغم توجهاته و نظرته الى عملية السلام الجارية في كوردستان . ما يميز السياسة التركية الخارجية مع الاخرين هو تدخلها المفصٌل الفاضح في كل صغيرة و كبيرة من امور دول المنطقة، و هي اكثر تدخلا و عملا من ايران بينما ايران على راس المحور الاخر تسير امورها بموالين لها، اي ان سمحت الدول لتركيا في اداء افعالها بحرية فانها تعيٌن لهم حتى اصغر الموظفين في دولهم . اليوم نلمس تراجعا جزئيا في سياسة تركيا ازاء ما يهم مصالح دو الخليج، بعدما تاكدت من انعدام الفرصة لعودة الاخوان و المرسي الى سدة الحكم في مصر من جهة، و تقارب في وجهات النظر ازاء سياسات المنطقة من قبل دول الخليج ذاتهم منذ رحيل الملك عبدالله من جهة اخرى . لذا، و من منطلق ما نلمسه من السياسات التركية في المنطقة، يمكن ان نقول اننا من المنتظر ان نرى سياسات منقلبة على بعضها ازاء مختلف الاحداث من قبل تركيا، و تصبح تركيا الدولة غير الموثوقة بها في المستقبل القريب، وبه يمكن ان نرى وجوها مختلفة لها في كافة الامور التي تهم المنطقة و لا يمكن الاعتماد عليها .
#عماد_علي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
لازالت هناك فرصة امام العبادي
-
بماذا يُفيد الارهاب الراسمالية العالمية ؟
-
هل من مشكلة لو انفصلت كوردستان عن العراق ؟
-
حيرة حكومة اقليم كوردستان بين انقرة و بغداد
-
هل ينجح بوتين في مسعاه في الشرق الاوسط
-
من هي الدولة التي يمكن الكورد ان يعتمد عليها ؟
-
سياسة امريكا على حساب شباب الشرق الاوسط
-
التقى العبادي البرزاني على ارض محايدة
-
تحررت كوباني دفاعا عن اهلها و ليس لتفعيل ضجة
-
الاصولية طاعون العصر اَم ماعون القصر
-
اليسارية بين الفكر و السياسة في الشرق و الغرب
-
اليس بامكان امريكا ان توقف سفك الدماء في كوردستان ولم تفعل ؟
-
معركة داعش اليوم اثبتت للجميع كوردستانية كركوك
-
بدا كسر شوكة داعش من كوباني
-
تحرير كوباني و موقف تركيا
-
اين تكمن الشجاعة للاعتراف بالحقيقة
-
وفيق السامرائي لازال يلعب لعبة البعث
-
هل من منفذ و منقذ ؟
-
العلاقة العراقية التركية و ما يهم اقليم كوردستان
-
سنجار بين الحانة و المانة
المزيد.....
-
الثلوج الأولى تبهج حيوانات حديقة بروكفيلد في شيكاغو
-
بعد ثمانية قرون من السكون.. بركان ريكيانيس يعيد إشعال أيسلند
...
-
لبنان.. تحذير إسرائيلي عاجل لسكان الحدث وشويفات العمروسية
-
قتلى وجرحى في استهداف مسيّرة إسرائيلية مجموعة صيادين في جنوب
...
-
3 أسماء جديدة تنضم لفريق دونالد ترامب
-
إيطاليا.. اتهام صحفي بالتجسس لصالح روسيا بعد كشفه حقيقة وأسب
...
-
مراسلتنا: غارات جديدة على الضاحية الجنوبية
-
كوب 29: تمديد المفاوضات بعد خلافات بشأن المساعدات المالية لل
...
-
تركيا: نتابع عمليات نقل جماعي للأكراد إلى كركوك
-
السوريون في تركيا قلقون من نية أردوغان التقارب مع الأسد
المزيد.....
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
المزيد.....
|