|
انطباعات عن معرض البيضاء للكتاب بنكهته ال -بنكيران - ية
رفيق عبد الكريم الخطابي
الحوار المتمدن-العدد: 4730 - 2015 / 2 / 25 - 12:35
المحور:
الصحة والسلامة الجسدية والنفسية
1 ـ مدخل :
كان من المفترض ان نتحدث في هذا المقال ، عن الكتاب ـ الكتاب التثقيفي معبد النساك المتعطشين إلى مزاحمة الآلهة في علمها و معارفها ، عن الأوراق التي نتطهر بها من أدران الجهل وأوساخ الهمجية ، عن الحروف تلك الدرر التي أخرجتنا من آل ( أقارب) حيوان إلى بني إنسان . الحديث عن الكتاب من المفترض أنه حديث عن حافظ للذاكرة ( شوبنهاور) وعن الحامل الناشر للحب والعقلانية ، عن هجرة الإنسان التاريخية من كوابح الغريزة إلى فضاء العقل والفكر الرحب . الكتاب / المكتبة فضاء المتع اللانهائية ، معابد القراء والباحثين الجديين عن فردوس المتع ، البحث والاكتشاف ، عن أتباع ، عباد و عشاق أثينا إبنة زيوس (المعرفة ) وأبولو ( الشعر والفن) أيروس وأفروديت ( الحب والجمال) ، عن ذاك الكتاب الجامع بين دفتيه كل أنواع الحور العين وكل اصناف الجمال ، مرآة من لا رفيق له ، و دليل التائهين ، ونور ملتهب لمن سئم ظلام / ات محيطه ، ودفئ من افتقد حضن محبوبته ، هذا الكتاب بتنا نفتقده بين أرصفة رواقات معارض أنظمة الديكتاتوريات الرجعية وخدمها من أحفاد من أقدموا على حرق كتب ابن رشد وقتلوا الحلاج وغير ذلك من جرائم قد يضاف إليها هذا المعرض المفترض أنه دولي وللكتاب . مع يقيننا من أن ذاك اليوم الذي تصبح فيه رائحة الكتب في المنازل أزكى رائحة ، بدل المعطرات وروائح الأكل والبراز وحتى رائحة فم الصائم ، هو يوم قادم لا راد له . ويكفي التذكير ونحن نتحدث عن الحلاج ، عن هذا الخالد ، تذكير أتباع قاتليه المجرمين بما كتبه أحد هؤلاء القتلة ( أخص بالذكر ابن تيمية) في معرض حديثه عن الحلاج :" من اعْتَقَدَ مَا يَعْتَقِدُهُ الْحَلاجُ مِنَ الْمَقَالاتِ الَّتِي قُتِلَ الْحَلاجُ عَلَيْهَا فَهُوَ كَافِرٌ مُرْتَدٌّ بِاتِّفَاقِ الْمُسْلِمِينَ .." كتب هذا المجرم ومن يلف لفه كانت حاضرة بل أستطيع القول أنها كانت هي السائدة ورائحة البترول والغاز المنبعثة منها تزكم الأنوف قبل العقول .
2 ـ العربي و بدعة القراءة :
لعل الزائر للمعرض المسمى دوليا للنشر والكتاب في دورته 21 والذي نظم من 12 إلى 22 فبراير 2015 بالدار البيضاء ، والمفترض أنه من تنظيم وزارة للثقاقة وليس للأوقاف أوالشؤون الإسلامية ، سيخرج على الفور بانطباع صادم عن ضخامة الحشود الزائرة التي حجت إليه ، وهو ما قد يعتبر ، خطأ ، مؤشرا على حجم المتعطشين لممارسة جرم وبدعة وخطيئة القراءة ، على اعتبار انتماء مجتمعنا إلى بيئة نبيها كان أميا في المخيال الشعبي ، على عكس ما تشير إليه الأرقام والتقارير التي تؤكد جميعها تدني نسبة القراءة عربيا إلى مستويات قياسية ، بل وفضائحية في بعض الأحيان ، مقارنة بباقي دول العالم " المتقدم " ، كما سنوضح فيما بعد . وهي مفارقة غريبة وعجيبة ( مفارقة بين عدد زوار معارض الكتاب والمقتنين للكتب و بين انخفاض الممارسين لفعل القراءة ) ضمن مفارقات أخرى رصدنا بعضها مما استطعنا التقاطه أثناء زيارتنا لذاك المعرض ، إضافة إلى الكيف أي نوعية الزوار ( زيارة رئيس حكومة و وزير ثقافة ، سفراء ..وغيرهم ) ممن نستطيع القول أن آخر همهم هو البحث عن إصدار جديد أو عنوان مغري لكتاب ، بل نستطيع الجزم أن بعض هؤلاء الرسميين ومن خلال نوعية خطابهم قد طلقوا الكتاب منذ فترة دراستهم . لكنها لعنة الكاميرات وجاذبيتها ، والإثارة التي تفوق في بعض الأحيان الإثارة الجنسية لدى بعض المسؤولين الرسميين المفتقدين لهالة ولقب المثقف . هذا الهوس البحثي لإشباع خصاص المسؤول الرسمي السياسي إلى ما يمكن تسميته المسؤولية الثقافية ( الثقافة بمعناها البسيط ) قد يفسر جزءا من حرص بعض من هؤلاء الرسميين على تسجيل تواجدهم بالمعرض صوتا وصورة . فإن كانت الأرقام تخبرنا بالتالي : تقرير (التنمية الثقافية) الذي تصدره مؤسسة الفكر العربي ، والذي قدمت مضامينه في الدورة العاشرة لمؤتمر " فكر " الذي انعقد بدبي في بداية هذا العقد ونشرته إحدى المجلات الكويتية ( العربي) تشير إلى التالي : ـ كل 300 ألف عربي يقرؤون كتابا واحدا . ـ معدل ما يخصصه المواطن العربي للقراءة سنويا ( خارج القراءة المدرسية) هو عشر دقائق فقط ، المعدل العالمي للقراءة السنوية للشخص الواحد هو 4 كتب بينما في العالم العربي هو ربع صفحة . ـ متوسط قراءة الفرد الأوربي يصل إلى 200 ساعة سنويا ، بينما ينحدر لدى المواطن العربي إلى 6 دقائق سنويا . ـ كل 20 عربي يقرؤون كتابا واحدا بينما كل بريطاني يقرأ 7 كتب ( أي 140 ضعف ) والأمريكي يقرأ 11 كتابا . ـ متوسط قراءة الفرد الأوروبي يبلغ نحو 200 ساعة سنوياً ، في حين يتناقص معدل القراءة لدى الفرد العربي إلى ما بين 6 و 10 دقائق سنوياً ، و وصف التقرير نسبة القراءة المسجلة في الوطن العربي ب`" المخيفة والكارثية " [ ونضيف إليها صفة المخزية وهي نتيجة طبيعية لنوعية الأنظمة السائدة في بلداننا ] . في دراسة صادرة عن اليونيسكو جاء فيها : " لا يزيد الوقت المخصص للقراءة التثقيفية عند الطفل العربي ـ دون احتساب وقت القراءة المدرسية ـ عن 6 دقائق في السنة ، أما حجم الكتب المخصصة للطفل العربي [ مع الأخذ بعين الاعتبار أن أغلبها له دور تجهيلي أكثر منه تثقيفي] فهو 400 كتاب في العام مقابل 13260 كتابا في السنة للطفل الأمريكي و3838 للطفل البريطاني و2118 للفرنسي و1485 للطفل الروسي . فبماذا إذن نفسر ذاك الازدحام والحرص من طرف العديد من المغاربة على زيارة المعرض كطقس سنوي ، قد لا يختلف في مضمونه عن الطقوس الأسبوعبة التي يمارسونها إن بزيارة ملاعب كرة القدم ومساجد الصلاة يوم الجمعة أو طقس يومي داخل المقاهي مم أجل مشاهدة مباريات كرة القدم وأفلام العنف وغيرها . وإن أضفنا إلى الازدحام مضمون أغلبية الكتب المعروضة وأغلبيتها تافه وأقرب إلى الأساطير والخرافة ، إضافة إلى غزارة كتب الطبخ المكرسة لاستعباد نصف المجتمع داخل المطابخ ومساهمة في نشر مختلف الأمراض النفسية المصاحبة لذلك (ذهان مدبرة المنزل أو عصاب ربة البيت بتعبير فرويد ) ، أمكننا القول أن زيارة معرض الكتاب في زمن الظلام بات أقرب إلى طقس زيارة الأضرحة لا ينقصه سوى البخور ، واقتناء الكتب قد يكون لتزيين جدران المنازل أو جلب البركة أو غيرها من أسباب التبضع كما في الأضرحة لكنه ناذرا ما يقتنى من أجل الدرس والقراءة . يضاف هذا الطقس إذن إلى مجموع الطقوس الأخرى العصية على التفسير و التي تمارس بشكل دوري ، فهي أقرب إلى الممارسة الهستيرية منها إلى أي شكل من أشكال الممارسة الواعية ، من قبيل الازدحام عند الحلاق وفي الحمام الشعبي و أماكن التسوق يوم أو يومين قبيل " عيدي " الأضحى والفطر ، وكأن هذه الأماكن تكون مغلقة قبل ذلك وبعده . أعتقد أن الأمر أقرب للممارسة الإدمانية التي قد تدخل ضمن سياق " الشوق اللاشعوري " الماسوشي ( الفيتشية ) لفعل الازدحام الذي أدمناه في الحافلة و سيارات الأجرة والأتوبيس و داخل المدارس والجامعات والسجون أيضا ، وقد تكون له علاقة بشكل من أشكال الحنين اللاواعي إلى دفء الأجساد البشرية بعد أن افتقد في العلاقات بين البشر ، في زمن لا يخجل فيه المسؤول الرسمي وهو يقف أمام الكاميرا داخل أروقة معرض الكتاب دون أن يلتفت إلى من يموتون بردا وحصارا نتيجة الثلوج فيستسهل الدفء الآدمي وسط المعارض أو المساجد مع ما يدره ذلك من مكاسب .
3 ـ انطباعات شخصية عن المعرض :
طبعا كان لصاحب هذا المقال نصيبه من كل هذا ، فقد ذهب في الصباح الباكر من يوم الأحد 15 فبراير بعدما تقيأته إحدى مصانع البرجوازية بعد ليلة كاملة من بيع قوة عمله ، و ها هو يحاول ترجمة ، ما التقطته مقلتيه المتعبتين من مشاهد إلى حروف وكلمات ، وما خلفته تلك الزيارة القصيرة ( 4 ساعات ) من انطباعات ومفارقات لديه : ـ دار النشر الفارابي : كل كتب لينين تم بيعها ، استنفدت في اليوم الثالث من المعرض ، ووجدنا تحت طاولة العرض ثلاث أكياس مملوءة بكتب لينين قال المشرف على الرواق أنها بيعت وأن أصحابها سيعودون إليها فيما بعد . ـ كتاب ماركس " رأس المال " في ثلاث مجلدات تباع بمعدل نسخة يوميا رغم أن ثمنه مرتفع جدا 650 درهم ، الأجزاء الكاملة لرواية " مدن الملح " في 5 أجزاء غير مجلدة ثمنها 400 درهم ، وديوان محمود درويش الأعمال الكاملة في 3 مجلدات ب 700 درهم . في المقابل نجد تفسير ابن كثير ، كنموذج أو عينة فقط ، في 5 أو 6 مجلدات ونوعية الورق والتغليف جيدة جدا مقارنة برأس المال يباع في إحدى دور النشر السعودية بثمن 180 درهم . يوم الأحد الموالي لم يتبق عند دار الفارابي سوى نسخة وحيدة من رأس المال . ـ غابت عن المعرض مجموعة من دور النشر السورية بالخصوص ، في المقابل نجد رواقا خاصا بجماعة " الإصلاح والتوحيد " الجناح الدعوي لحزب " العدالة والتنمية " المشكل للحكومة الحالية ، وهي جماعة دينية متأسلمة لا أعتقد ان لها صلة بدور النشر ولا بالكتاب الثقافي عموما الذي اراد له منظموه أن يكون معرضا.. ولا ندري إن كان لهذا الأمر علاقة بما صرح به رئيس الحكومة من كون : " معرض الدار البيضاء يشعل شمعة الحرية والديمقراطية في مرحلة تاريخية تشهد هجمة لفكر الظلام .." ولعلي به يقول وفقا لما وجدناه في المعرض أن المعرض سيطفئ كل الشموع فسحا للمجال أمام هجمة الظلام الذي يشكل الوزير أحد قادته . ـ وجود رواق لجمعية أو دار نشر لا اتذكر تسمى ب " مؤسسة محمد السادس " متواجدة بالشيلي ( شاط الخير على زعير فأرسلوه إلى الشيلي ) . ـ إحدى دور النشر المصرية وضعت كل إنتاجات غسان كنفاني جنبا إلى جنب مع كل أنواع كتب الطبخ والبخور والشعودة ، أحد الكتب وهو مجلد للأسف يحمل عنوان " برامج القنوات الفضائية الإسلامية وضوابطها الشرعية " وهو عبارة عن بحث لاستكمال الحصول على درجة الدكتوراه في الفقه ، وهو عينة جيدة عن نوعية البحوث التي تخرج إلى السوق و ممولي طبعها بينما تركن البحوث الفعلية والجادة ولربما يكون أصحابها داخل أسوار الزنازين . ـ رواق لجمعية من الأردن تسمى : " جمعية المحافظة على القرآن الكريم " وكأني بأصحاب الجمعية لا يتقون بقدرة الله على حفظه وهو الذي وعد بذلك بصريح العبارة ، ثم أن يأتي المرء من الأردن إلى المغرب بغاية المتاجرة بالحفاظ على القرآن لأمر مريب ، أما كان أجدى له أن يحافظ على كرامته كإنسان ! أما كان أجدى أن يحافظ على عاصمته من دنس سفارة الكيان الصهيوني ونظامه العميل أولا ! ـ فيما يخص كتب الأطفال وهي كثيرة جدا ، نجد المفارقات التالية : أحد الكتب عبارة عن أربع ورقات من الكرتون يعطي أسماء الصور باللغات العربية والفرنسية والإنجليزية ثمنه 20 درهم . في نفس الوقت نجد كتبا من نوع : كيف تصلي ؟ كيف تتوضأ ؟ بأثمنة تقدر ب 3 دراهم وبصفحات عديدة ! ونفس الملاحظة نجدها أيضا فيما يخص كتب الطبخ وتفسير الأحلام والرقية الشرعية وغيرها من كتب منع التفكير . ختمنا زيارتنا للمعرض داخل رواق دولة فلسطين ، ظنا منا أن ختامه سيكون مسكا ، لكنا وجدنا أن " كل بنات عبد الواحد واحد " : بعد جولتنا الأولية داخل رواق دولة فلسطين وجدنا أنه لا يضم أي كتاب يتحدث عن الحركة الشيوعية الفلسطينية أو العربية من قريب أو بعيد . سألنا إحدى المشرفات على الرواق عن كتب وروايات غسان كنفاني فقالت أنها غير متوفرة ونحن نتحدث معها جاء أحد الشباب أيضا يسأل عن رواية عائد إلى حيفا ، ثم توجهنا إلى المسؤول عن الرواق أبو عدنان صاحب الوجه البشوش والمرح الذي يعرج بإحدى رجليه ، رفقة إبنته الجميلة ( أمورته كما قدمها لنا فيما بعد ) ، لنسأله عن سبب هذا العقم ، وعن الأسباب التي دفعت المشرفين على المعرض المفروض أنه لدولة فلسطين والذي خاض شعبه ويخوض إحدى أشرس معارك التحرر الوطني كيف لا يعرض أي كتاب يتناول ذلك التاريخ ولا تلك التضحيات . تمتم أبو عدنان قليلا وهو يعتذر او يتأسف لم أفهم كلماته جيدا وبدأ يجوب الرواق يمينا وشمالا بحثا عما نريد ، وأخيرا وجد كتابا وحيدا في الدرج الأسفل لإحدى الأروقة وكانت فوقه كومة من الأوراق البيضاء ، جاء به مسرورا وبدأنا نضحك عن سر وضع الكتاب في ذلك المكان وتخبئته تحت الأوراق ! فأجاب أن الأمر مصادفة ليس إلا . في نفس الوقت نجد كتابا لأحد فقهاء الظلام في المدخل مباشرة ومعروض بعناية بالغة عنوانه كان :" زوال دولة إسرائيل حتمية قرآنية " للشيخ أسعد بيوض التميمي . فكيف وصل الحال بشعب الجبارين إلى أن يعرض بإسمه مثل هذا الفكر الخرافي ! بعد زوال شيء من الارتباك عن محيا أبو عدنان الرائع دار بيننا نقاش سياسي عام عن الوضع الفلسطيني و معاناة اللجوء ومؤامرات الأنظمة والوضع المغربي وغير ذلك كثير ، وفي الأخير قام بتقديمنا إلى أحد الوجوه الثقافية الفلسطينية وهو شيوعي فلسطيني من أراضي 48. بعد أسبوع سيخبرني أحد الرفاق بأن ثمن " قرص مدمج CD " واحد للأغاني الفلسطينية ثمنه 100 درهم ، في رواق من المفترض أنه رواق لدولة فلسطين ، وليس لمؤسسة تجارية .
4 ـ خلاصات :
ولعل الخلاصة الأولية ان المعرض لم يكن عرضا للكتب و فقط ، حتى الصفراء منها ، بل كان مكانا لترويج السلع الظلامية البائرة ، معرض لنشر فكر تتغدى منه داعش اليوم كما تغدى منه تثر الأمس ، وكان معرضا للاستعراض والإشهار السياسي وانحصر الكتاب التثقيفي ضمن مساحات ضيقة للغاية ولعل جلب محاضر أوربي لتنشيط إحدى المحاضرات باللغة الفرنسية ، أغلب الظن أنه فرنسي ، التي كان موضوعها عن الإسراء والمعراج لمؤشر واضح عن الطابع الدعائي الذي حكم المنظمين على الرغم من صراخهم الغوغائي حول : أن الوزارة تحرص على أن يظل المعرض وفيا لدوره في نشر ثقافة التنوير والديمقراطية والتسامح، وأنها لن تتردد في التدخل لمنع الإصدارات التي تتبنى التحريض وتشجع على الكراهية والإرهاب ( تصريح لوزير الثقافة) . أما الخلاصة الثانية : لمن دأب على مد اليد وطلب الصدقات مكرسا فكر الشحاذة كما كرس فكر الهزيمة والاستعباد ، لمن يجمعون الدراهم بإسم القدس وغيره ( وسط المعرض نصب هناك صندوق زجاجي كبير وشفاف لجمع التبرعات للقدس ) فنود أن نعطي أرقاما قد تدل الضالين إلى إحدى السبل الفعلية والجادة لدعم القضية الفلسطينية ككل وليس حصرها في القدس فقط . ولمن يتاجر بفلسطين " أن استضافة فلسطين في الدورة الـ 21 لمعرض الدار البيضاء تكريس للروابط العريقة التي تجمع الشعبين ورسالة دعم للثقافة الفلسطينية الصامدة في وجه العدوان الإسرائيلي ( تصريح لرئيس الحكومة المتأسلمة على هامش زيارته للمعرض ) ، فنقول أن دعم الثقافة الفلسطينية ومواجهة العدوان الصهيوني يستدعي أولا قراءة الوضع التالي الذي تكشفه الأرقام إن كانوا يقرؤون بالطبع أرقاما غير أرقام أرصدتهم البنكية : إن دولة الكيان الصهيوني توزع أكثر من 100 ألف نسخة من بعض الكتب في الوقت الذي يضطر فيه الناشر العربي إلى تقليص النسخ المطبوعة من كتب الثقافة العامة الموجهة لفئة الكبار سنا لتتراوح فقط ما بين 1000 و2000 نسخة من الكتاب الواحد . تنتج دولة الكيان الصهيوني وحدها ما بين 25 و30 الف كتاب سنويا وهو ما يعادل انتاج الدول العربية مجتمعة ، إن أخدنا دولة عربية كمصر نموذجا نجدها تطبع ما بين 12 و14 الف كتاب سنويا ، 85 % منها عبارة عن كتب تعليمية ( مدرسية وجامعية.) ـ عدد الكتب المطبوعة في اسبانيا سنويا يوازي ما طبعه العرب منذ عهد الخليفة المأمون ( قتل في بداية القرن التاسع الميلادي حوالي 813 م )إلى يومنا هذا . ووفق نفس المجلة ( مجلة العربي) فإن ما تستهلكه دار نشر فرنسية واحدة من الورق يفوق ما تستهلكه مطابع العرب مجتمعة . وفق استطلاع أجرته ورشة العمل العربية لإحياء القراءة والنتائج الصادرة من اتحاد كتاب الأنترنيت العرب تبين أن الوقت الذي يستغرقه المواطن العربي في القراءة لا يتعدى الدقيقتين سنويا بينما يصل في أوربا إلى 6 ساعات للفرد في العام ، مؤكدين أن ما تطبعه الدول العربية أجمعها يقارب المليون كتاب موزعة على 300 مليون عربي ، 60 % منهم أميون وأطفال و 20 % لا يقرؤون أبدا و15 % يقرؤون بشكل متقطع وليسوا حريصين على اقتناء الكتاب و 5 % فقط هم المواظبون على القراءة ، وهذه النسبة الأخيرة تبلغ مليون ونصف مواطن ، أي أن نصيب الفرد الواحد من هذه الفئة ( الفئة المواظبة على القراءة) هو أقل من كتاب سنويا مقابل 518 كتاب في أوربا و212 كتاب في في أمريكا للمواطن الواحد . ـ فإن كان معدل القراءة السنوية للشخص الواحد في العالم 4 كتب وفي العالم العربي ربع صفحة فقط فإنه في دولة الكيان الصهيوني يصل إلى سبعة كتب . ـ العرب قاموا في عام 2009 بتحميل 43 مليون فيلم و أغنية بينما حملوا ربع مليون كتاب فقط . وقد احتلت كتب الطبخ الصدارة بنسبة 23 % . اما عمليات البحث التي قام بها العرب في نفس العام على شبكة الانترنت عن المطرب تامر حسني فكانت ضعف عمليات البحث عن نزار قباني والمتنبي ونجيب محفوظ ومحمود درويش مجتمعين ( تقرير التنمية الثقافية العربي الثالث الصادر عن مؤسسة الفكر العربي 2010) . هذا دون الإشارة إلى التقرير الفضيحة الذي صنف فيه المغرب خلف عدد من الدول ذات الدخل المتدني أو المتوسط في الدراسة الدولية التي تم إعدادها سنة 2011 واحتل تلاميذ المستوى الرابع ابتدائي الرتبة الأخيرة من بين 48 دولة مشاركة في الدارسة من بينها دول عربية و افريقية . كما بينت هذه الدارسة أن التلاميذ الإناث والذكور على حد سواء يفتقرون للمهارات الأساسية للتعرف على الحروف ، وغير قادرين على نطق كلمات بسيطة ، وأن 33 في المائة من تلاميذ المستوى الثاني و17 في المائة من تلاميذ المستوى الثالث لم يتمكنوا من قراءة كلمة واحدة من النص باللغة العربية الفصحى . طبعا نحن لن نتوهم للحظة أن رئيس حكومتنا العتيدة ولا أسياده ، قد يعيرون اهتماما لمثل هذا الوضع ، ولا ان هذه الأرقام تدخل في حساباتهم ، ونعرف كذلك أن كل وقتهم مكرس لقراءة حساباتهم البنكية وتنمية أرصدتهم المسروقة ، وضمنها المهربة في بنوك سويسرا وغيرها ، فنحن نكتب لصناع التغيير لا لكراكيز الإمبريالية وخدمها ، نحن نكتب لأحفاد بروموتيوس الذين يسرقون المعرفة سرقة ويقدمونها للشعب مهما كانت الصعاب والتحديات ، ضدا على إرادة زيوس وأحفاده اليوم ممن يعتبرون المعرفة غير صالحة للبشر ، نحن على يقين ان نار المعرفة ، النار المقدسة التي أضاءت الكهوف المظلمة وفجرت الابداع البشري ، تلك النار التي حملها بروموتيوس ودفع ثمنها من دمه بأن علق على الجبل بأمر من كبير الآلهة زيوس وترك لتأكل كبده من طرف النسر ، هي نفس النار / الشعلة التي حملها كل شهداء شعبنا من أبناء وأحفاد القائد الشيوعي الشهيد عبد اللطيف زروال ودفعوا وسيدفعون ثمن نفس التحدي . ونحن في أجواء تخليد الذكرى الرابعة لاندلاع الانتفاضة المجيدة ل 20 فبراير ، نحيي شهداءها الأبطال وكل مناضليها الأحرار ، وهي لثورة حتى التصر ، ونار المعرفة وسواعد العمال وقبضات الفلاحين ستزهر يوما في بلدنا وسنبني وطن الإنسان ، ذاك وعد التاريخ و لا راد لقضاء الشعب .
#رفيق_عبد_الكريم_الخطابي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الحرب السرية ضد روسيا السوفياتية .. بعيون أخرى (5)
-
الحرب السرية ضد روسيا السوفياتية .. بعيون أخرى (4)
-
الحرب السرية ضد روسيا السوفياتية..بعيون أخرى (3)
-
الحرب السرية ضد روسيا السوفياتية..بعيون أخرى (2)
-
سنة 2014 ..وختامها قتل .
-
الحرب السرية ضد روسيا السوفياتية..بعيون أخرى
-
- وصية لينين - ... قراءة أخرى
-
رد أولي على اخر مقالات الشمري
-
من تانديت إلى البيضاء ..رحلة التساؤلات
-
حول مؤسسة ابن رشد وجائزتها الأخيرة
-
أكاذيب حول تاريخ الاتحاد السوفياتي ..الجزء الأخير
-
أكاذيب حول تاريخ الاتحاد السوفياتي ..الجزء 3
-
أكاذيب حول تاريخ الاتحاد السوفياتي... الجزء 2
-
أكاذيب حول تاريخ الاتحاد السوفياتي..الجزء 1
-
الثورة والثورة المضادة لن يوجد في بيتنا أي تروتسكاوي
-
11 شتنبر من وجهة نظر أخرى
-
من فؤاد السنيورة إلى فؤاد النمري.. طوبى للحريري الجزء 3
-
من فؤاد السنيورة إلى فؤاد النمري.. طوبى للحريري الجزء 2
-
من فؤاد السنيورة إلى فؤاد النمري.. طوبى للحريري
-
المنظمة الإرهابية الأكثر دموية في العالم
المزيد.....
-
تحقيق CNN يكشف ما وجد داخل صواريخ روسية استهدفت أوكرانيا
-
ثعبان سافر مئات الأميال يُفاجئ عمال متجر في هاواي.. شاهد ما
...
-
الصحة اللبنانية تكشف عدد قتلى الغارات الإسرائيلية على وسط بي
...
-
غارة إسرائيلية -ضخمة- وسط بيروت، ووسائل إعلام تشير إلى أن ال
...
-
مصادر لبنانية: غارات إسرائيلية جديدة استهدفت وسط وجنوب بيروت
...
-
بالفيديو.. الغارة الإسرائيلية على البسطة الفوقا خلفت حفرة بع
...
-
مشاهد جديدة توثق الدمار الهائل الذي لحق بمنطقة البسطة الفوقا
...
-
كندا.. مظاهرات حاشدة تزامنا مع انعقاد الدروة الـ70 للجمعية ا
...
-
مراسلتنا: اشتباكات عنيفة بين -حزب الله- والجيش الإسرائيلي في
...
-
مصر.. ضبط شبكة دولية للاختراق الإلكتروني والاحتيال
المزيد.....
-
الجِنْس خَارج الزَّواج (2/2)
/ عبد الرحمان النوضة
-
الجِنْس خَارج الزَّواج (1/2)
/ عبد الرحمان النوضة
-
دفتر النشاط الخاص بمتلازمة داون
/ محمد عبد الكريم يوسف
-
الحكمة اليهودية لنجاح الأعمال (مقدمة) مقدمة الكتاب
/ محمد عبد الكريم يوسف
-
الحكمة اليهودية لنجاح الأعمال (3) ، الطريق المتواضع و إخراج
...
/ محمد عبد الكريم يوسف
-
ثمانون عاما بلا دواءٍ أو علاج
/ توفيق أبو شومر
-
كأس من عصير الأيام ، الجزء الثالث
/ محمد عبد الكريم يوسف
-
كأس من عصير الأيام الجزء الثاني
/ محمد عبد الكريم يوسف
-
ثلاث مقاربات حول الرأسمالية والصحة النفسية
/ سعيد العليمى
-
الشجرة الارجوانيّة
/ بتول الفارس
المزيد.....
|