أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الصحافة والاعلام - مهند حبيب السماوي - أوهام التلازم بين الاخلاق والصحافة !















المزيد.....

أوهام التلازم بين الاخلاق والصحافة !


مهند حبيب السماوي

الحوار المتمدن-العدد: 4727 - 2015 / 2 / 21 - 01:58
المحور: الصحافة والاعلام
    


تشكل ظاهرة التلازم بين بعض المفردات اللغوية وعدم انفكاك بعضها عن بعض سمة جلية لاسلوب تفكير الكثير من الناس ممن اعتادوا، في كثير من الاحيان، على الربط بين مفردتين والقفز بعدها لتمظهراتها التي تتجسد في سلوك واقعي معاش، يؤمن، بكل ثقة، أن اقتضاء مفردة لاخرى في سياق حدث معين يستدعي عدم انفصالهما على الاطلاق.
يتحدث الباحث جميل صليبا في المعجم الفلسفي عن الملازمة " Inherence "باعتبارها، من الناحية اللغوية،" امتناع انفكاك الشيء عن الشيء، اما اصطلاحا فهي تعني أن الحكم،أذا وقع، يقتضي وقوع حكم آخر اقتضاءاً ضرورياً.
ويمضي الباحث، مستندا الى اصحاب كتب الشروح المنطقية والتعريفية الكبرى في تاريخنا العربي والاسلامي ككتاب نتعريفات الجرجاني وكشاف اصطلاحات الفنون للتهانوي ، فيتطرق للحديث عن انواع الملازمة او التلازم، فيشير الى ان" الملازمة الخارجية هي كون الشيء مقتضياً للآخر في الخارج، والملازمة الذهنية هي كون الشيء مقتضياً للآخر في الذهن. والملازمة " أما مطلقة، وأما نسبية فالمطلقة هي الملازمة العقلية التي لا يمكن تصور خلاف لازمها، والنسبية هي الملازمة العادية التي يمكن تصور خلاف لازمها.
ونتيجة تأثر الانسان، بصورة لاشعورية،بمبدأ التلازم وخلطه، في بعض حالات التشخيص، بين حالة التلازم وحالة الاستلزام، التي هي علاقة من طرف واحد، لذا تجده يقوم بالربط بين اشياء ويضع علاقة بين سمات لاتستلزم بالضرورة وجودها سوية، ثم تراه يتفاجئ وتعتريه الدهشة من غياب سمة عن سمة اخرى قام بربطها اصلا بصورة خاطئة.
التلازم الوهمي الذي نعرض الان محاولة تفكيكه وكشف ماينطوي عليه من زيف وما يتخلله من تضليل يتعلق بالوشائج " المفترضة" في ثنائية الاخلاق والصحافة التي خُدع بارتباطها الكثير من الناس، وهي بالطبع جزء من موضوع العلاقة بين الاخلاق والثقافة من حيث اعتبار الصحفي " الحقيقي " نموذج للمثقف الذي تتعدد مساحات عمله ومجالات تاثيرات ومفاعيل قلمه.
ثمة حالات عديدة شهد تداعياتها الوسط الاعلامي العراقي على المنصات الرقمية في موقع التواصل الاجتماعي الفيسبوك، تُجسد وتكشف كذبة التلازم بين " الصحافة والاخلاق"، وتفضح الوهم الذي استشرى لدى الكثير من ان الصحفي بالضرورة انسان اخلاقي تجد لديه كل المعايير القيمية للسلوك الحسن والتصرفات الخيرة.
وبالامكان ببساطة العثور على نموذج لهذه الكذبة او الوهم حينما يختلف صحفيان، وهما نموذجان للمثقف العراقي في العصر الحاضر، حول قضية معينة من قضايا الوطن والسياسية والثقافة الكثيرة ، او في حالة نقد احدهم لآخر ومن خلال الاداة الاعلامية التي يمتلكها ، سواء كانت صحيفة او اذاعة او فضائية او حتى مع "بوست" بسيط ينشره هذا الصحفي ضد زميله في نفس المهنة.
تراشق شتائمي وبذاءات لفظية ومصطلحات سوقية وعبارات متدنية تواجهها فورا حالما تدخل الصفحات الشخصية لهؤلاء الصحفيين، حيث الحوار والنقاشات تُدار بالطريقة " المتشنجة"، والاسلوب "التخويني" والمنهج " المتطرف" المعروف لدى بعض الصحفيين.
كما ان بعض من هؤلاء الصحفيين يسمح لعبارات خارجة عن حدود الذوق والادب والخلق الرفيع ان تجد لها مرتعا ومكانا تستقر فيه بحرية في صفحته الشخصية من غير مراعاة او اعتبار لاي جانب اعتباري او معنوي أو اخلاقي يمكن ان يلحق بصاحب الصفحة او باصدقائه ممن يربأون عن مثل هذه الالفاظ ويجدون فيها حرجا كبيرا.
وعلى خلاف الوهم الذي وجد له قبول في اذهان البعض، لا أجد مايبعث على الدهشة والحيرة في سلوك هذه الطبقة " المثقفة افتراضا " سواء ممن ينخرطون في المجال الاعلامي او اي مجال أخر من مجالات الابداع والثقافة والمعرفة والكتابة والفن، فاخلاقيات الذات الانسانية وسلوكياتها الحسنة ليس لها علاقة بالثقافة ومعرفتها وادراكها ، ولايوجد تلازم بينهما كما يعتقد الكثير من الناس ممن استغربوا ان يصدر من نماذج هذه الطبقة " المثقفة " مثل هذه الالفاظ البذيئة والعبارات الشائنة والمصطلحات" الوسخة".
التلازم المفترض بين الصحفي والاخلاق وهم كبير ينبغي ان لانصدق من يحاول تسويقه لنا من الصحفيين، او من غيرهم ، فالاخلاق شيء والثقافة شيء أخر مختلف عنها.
الاخلاق مبادئ وقواعد للسلوك الانساني متسقة مع قيم سامية ترتبط بالانسان من خلال المعايشة الوجودية الحقيقية وتتعلق بسلوكه وتنصهر مع شخصيته بواسطة المران النفسي الذي يرتبط بمصادر عديدة كالعائلة والاصدقاء والمجتمع والمدرسة ووسائل الاعلام والقانون ايضا، كما تجد تفصيل ذلك في موضوع التنشئة في علم الاجتماع والبرمجة الذاتية لدى علماء التنمية البشرية.
اما الثقافة، ففي تعريفها التقليدي المتعارف عليه عند الغالبية من الناس، هي مجموعة معلومات ومعارف حول فن او علم من العلوم يمكن ان يحصل عليها اي انسان بالقراءة والاطلاع واكتساب المعلومات من غير تمييز او تحديد لنوعية الاخلاق والسلوكيات التي تحملها هذه الشخصية.
لذا قد تجد رجلا يعرف مبادئ الفلسفة اليونانية ويعي تاريخ المسارح العالمية ويدرك تفاصيل احداث النهضة الاوربية، ويستطيع ان " يدوّخ " مستمعيه بعشرات النظريات الفلسفية والنفسية والاجتماعية ، لكنه من ناحية اخرى يتمتع بسلوك اخلاقي اقل مايوصف بانه مشين وسيئ جدا، ويمكن، في لحظات انانية، ان يضحي بأقرب الناس لديه او يبيع مبادئه ونظرياته ومعارفه بارخص الاثمان، بل ان هذا المثقف لايسمح لاي شخص ان يجادله في متبنياته الفكرية او في ارائه التي يؤمن بها مع انه يزعم ايمانه بحرية النقاش والجدل ويدعو للتعايش والتسامح الفكري والايديولوجي.
ومن الجهة المقابلة يمكن ان نرى شخصا آخر لايعرف نظرية "الوسط" الارسطية ولا "عالم مثال" افلاطون او "جدالات" السوفسطائيون ،ولم يسمع " بظاهراتية " هوسرل او " بنيوية " لفي شتراوس او " تفكيكية " دريدا، لكنه يتمتع بخلق دمث واخلاق عالية ونزاهة لاتزعزها اي اغراءات مادية او سلطوية ، بل قد يكون هذا الشخص "الامي ثقافيا" اكثر اجادة لاخلاقيات الحوار ومبادئ الاستماع وقواعد احترام الراي والراي الاخر.
آن الاوان برأيي لكي يفهم الناس ان لاتلازم بين الاخلاق والصحافة، فقد تم تضليلهم كثيرا باعتقاد مفاده ان المثقف عموما والصحفي خصوصا هو انسان اخلاقي سوف لن يصدر منه الا ماهو خير ولايُرى منه الا الخلق الكريم، في حين ان البذاءات الاخلاقية ومصطلحات الفجور والعبارات التي تبعث على الغثيان الاخلاقي والنرجسية وحب الذات هي اهم مايميز شخصية الكثير من هذه الطبقة خصوصا حينما يدخل في خلافات مع غيره من اقرانه، حيث يزيح الغضب والفلتان النفسي قناع الثقافة المزعوم ورداء الاتزان الفكري والاخلاقي الذي التحف بها.
ولن اذهب بعيدا في تحليلي المتعلق باخلاقيات المثقف والاعلامي اذا ما اشرت الى أن المثقف والاعلامي هو الاقدر على التلاعب والاحتيال وايجاد المبررات، بل المسوغات لكل مايود القيام به سواء كان الامر قانوني او غير قانوني، في حين ان الانسان البسيط غير قادر على امتلاك الأداة الفكرية والالاعيب المنطقية لكي يمارس منهج التبرير وتضليل الاخرين حول مايقوم به.
قراءة معمقة واستقراء دقيق لتصريحات وسلوكيات الاعلاميين والمثقفين الذين انخرطوا في العمل السياسي او اصبحوا ضمن الفريق الاعلامي لبعض السياسيين في العالم العربي، توضح ايضا حقيقة المثقف او الاعلامي الذي انخرط في مشروع هذا السياسي الذي قد يكون فاسدا او طائفيا او جاهلا، ومع هذا تجد الصحفي يدافع عن هذا السياسي ويمارس لعبة التبرير لكل مايصدر عنه من افكار ومشاريع مهما كانت تافهة او طائفية او بائسة.
ولا يكتفي الامر عن هذا الحد، بل تجد بعض الصحفيين يمارسون ايضا ظاهرة الابتزاز باسلوب دنيء مع الجهات والمؤسسات التي يختلف او يتعامل معها لدرجة صدمت الكثير واصابتهم بالدهشة من هذا النهج والتعامل الوصولي لتحقيق غايات نرجسية او أهداف مادية بحته حتى لو كانت على حساب اخلاقه وعنوانه الصحفي .

وللموضوع بقية ....



#مهند_حبيب_السماوي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- خطأ - داعشي- لفضائية العراقية !
- ثقافة الفوتوشوب...غياب الوعي أم تزييفه ؟
- فريد زكريا...مغالطات تحليلية وأخطاء معرفية بحق العراق
- أمل عراقي جديد ...
- المهمشون الحقيقيون من سنة العراق !
- اين المطالب الشيعية في الحكومة القادمة ؟
- مشكلة التمثيل السني في الحكومة القادمة !
- تصورات لمعالم رحلات داعش السياحية !
- مطلوب محلل سياسي للايجار !
- غلطة داعش الثانية !
- المقبولية أم لغة الارقام ؟
- ماهو نوع شخصيتك في الفيسبوك ؟
- مهزلة جديدة ...تحالف عالمي ضد الشيعة !
- ليس باللافتات وحدها يُنتخب المُرشح !
- نواب الفيسبوك...واقنعة العصر الرقمي !
- البحرين تُمجد صدام حسين...يالعاركم !
- الطائفية الرقمية ....الجزء الرابع
- الطائفية الرقمية/ الجزء الثالث
- الطائفية الرقمية ....الجزء الثاني
- الطائفية الرقمية ......قراءة في تحولات مفهوم الطائفية / الجز ...


المزيد.....




- العثور على قط منقرض محفوظ بصقيع روسيا منذ 35 ألف عام.. كيف ب ...
- ماذا دار خلال اجتماع ترامب وأمين عام حلف -الناتو- في فلوريدا ...
- الإمارات.. وزارة الداخلية تحدد موعد رفع الحظر على عمليات طائ ...
- صواريخ حزب الله تقلق إسرائيل.. -ألماس- الإيرانية المستنسخة م ...
- كيف احتلّت إسرائيل جنوب لبنان عام 1978، ولماذا انسحبت بعد نح ...
- باكستان ـ عشرات القتلى في أحداث عنف قبلي طائفي بين الشيعة وا ...
- شرطة لندن تفجّر جسما مشبوها عند محطة للقطارات
- أوستين يؤكد لنظيره الإسرائيلي التزام واشنطن بالتوصل لحل دبلو ...
- زاخاروفا: -بريطانيا بؤرة للعفن المعادي لروسيا-
- مصر.. الكشف عن معبد بطلمي جديد جنوبي البلاد


المزيد.....

- السوق المريضة: الصحافة في العصر الرقمي / كرم نعمة
- سلاح غير مرخص: دونالد ترامب قوة إعلامية بلا مسؤولية / كرم نعمة
- مجلة سماء الأمير / أسماء محمد مصطفى
- إنتخابات الكنيست 25 / محمد السهلي
- المسؤولية الاجتماعية لوسائل الإعلام التقليدية في المجتمع. / غادة محمود عبد الحميد
- داخل الكليبتوقراطية العراقية / يونس الخشاب
- تقنيات وطرق حديثة في سرد القصص الصحفية / حسني رفعت حسني
- فنّ السخريّة السياسيّة في الوطن العربي: الوظيفة التصحيحيّة ل ... / عصام بن الشيخ
- ‏ / زياد بوزيان
- الإعلام و الوساطة : أدوار و معايير و فخ تمثيل الجماهير / مريم الحسن


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الصحافة والاعلام - مهند حبيب السماوي - أوهام التلازم بين الاخلاق والصحافة !