أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - علي دريوسي - كي تصير كاتباً؟














المزيد.....

كي تصير كاتباً؟


علي دريوسي

الحوار المتمدن-العدد: 4711 - 2015 / 2 / 5 - 16:41
المحور: الادب والفن
    


كي تصير كاتباً ذات يوم .. عليكَ ألّا تخجل .. عليكَ أن تقرأ .. وأن تشاهد أفلاماً متنوعة .. وأن تزور المسرح والمهرجانات .. لكن عليكَ بادئ ذي بدء .. أن تتقيأ كتابةً .. ذكريات الطفولة والمراهقة .. ثم أحلامك الليلية .. الكئيبة والفرحة .. المخيفة واللامخيفة .. ثم أسراركَ .. ليس كل أسرارك ..

حينها وبعدها تبدأ الكتابة خارجاً عن تجربتك الشخصية .. حينها فقط تبزغ في رأسكَ الجميل شمس الأفكار الجديدة .. وتبدأ أحاسيسكَ الأدبية الفعلية شيئاً فشيئاً بالتبرعم .. فَتُتَرجَمْ دون تعب إلى أزهار .. إلى إبداع لغوي .. إلى كلمات .. تشمُ عبقها ويشمونه .. تدخلُ فيكَ وفيهم .. دون محطات استراحة .. لتسري فيكَ وفيهم قشعريرة لذيذة .. لتصلون معاً أقصى مراحل الاستمتاع والنشوة .. ومن بعدها تشعرون بالارتخاء وأحياناً بالنعاس .. بحسب زاوية الرؤية ونوع الإسقاط .. كما هي في مبادئ الرسم الهندسي ..

ليصبح النص الأدبي عندها مجموعة نصوص بعدد الذين يقرأونه ويستسيغونه .. مهما اختلفت مستويات ذكائهم .. فالنص الواحد لا يعرف قراءة واحدة .. لأننا لا نريد له التقديس .. حتى تلك التي النصوص التي وُصمتْ بالتقديس .. ويجمع عليها البشر .. تُقرأ بتباينات متعددة وفقاً لاختلاف المجموعات البشرية .. وأنماط البشر ..

فولفجانج بورشرت كاتب ألماني .. كتب قصة قصيرة جداً اسمها الخبز .. في عام 1946 وهو لم يتجاوز 26 عاما .. ثم مات .. قصته ما زالت إلى الآن تُدرس في المدارس وتمثل .. إنها فعلاً نموذج أكثر من رائع للقصة القصيرة جداً .. ولا أعتقد أنها معروفة في جيداً في العالم العربي ..

ينبغي احترام كل المحاولات الكتابية .. لأنها بمعظمها نتاج تأمل ومراقبة ومعاناة وتجارب .. لكن ليس من الضروري أن يعاني الإنسان كي يبدع .. هذا شيء والشيء الآخر هو الكتابة التي تبدأ لحظة انتهاء التجارب و المعاناة الشخصية .. وتحولها إلى روتين .. هذا النوع من الكتابة لا يجيده إلا المبدعين فعلاً .. هؤلاء الذن يفكرون بشكل ثلاثي الأبعاد .. ولعلهم نشأووا ضمن عائلات أرستوقراطة عريقة .. لكن لديهم مشاريع كتابية .. تقفز فوق المألوف .. وتتشابه إلى حدٍ بعيد .. مع مشاريع علمية بحتة .. كأن يكتب أحدهم رواية جوهرها محادثات فيسبوكية .. ليوضح من خلالها انعكاسات اللغة الافتراضية .. إن صح التعبير .. وتقمص الأسماء والأشخاص على تطور المجتمع .. دون أن يكون للكاتب علاقة أو تجربة مباشرة مع الفيسبوك.

ينبغي حسب رؤيتي المتواضعة .. احترام المصطلحات الجديدة في عالم الأدب والسياسة عل حدٍ سواء (النص المفتوح .. الحداثة .. مابعد الحداثة الخ.) .. دون إلزامية الأخذ بها .. مع جوازية نقدها .. لأن خلفها قد وُلِدَتْ بالتأكيد نظريات أدبية حديثة على أرضية المتغيرات الاقتصادية .. لأنها بمثابة نوافذ للإبداع والتحرر من القيود .. ومن اللاموضوعية بمكان ربطها بالعجز الأدبي أو الغموض الأدبي .. بل لعله على العكس .. وعلى المتلقي ألا يكون سلبياً .. عليه أن يقرأ ما بين السطور .. الأدب هو في المحصلة ليس إلا رافعة بناء شعبي ..

ومع هذا فإن كتابة مقال علمي اختصاصي قوامه خمسة صفحات باللغة الأم أو بلغةٍ ثانية .. هو عمل إنوفاتيفي تكثيفي معقد طويل الأمد .. هو نتاج قراءات واختبارات مضنية قد تمتد إلى عامٍ أو أكثر .. هو عمل لا يمكن مقارنته البتّة بكتابة القصيدة الشعرية أو القصة القصيرة .. لأنه يفوقهما إبداعاً .. لأنهما قصيرتا القامة أمام قامته الشامخة .

أهون مئة مرة .. أن تقرأ رواية من الدرجة الأولى .. على أن تقرأ مقالاً علمياً عاماً .. تربوياً أو فلسفياً أو اقتصادياً أو اجتماعياً ..
رواية من الدرجة الأولى .. مثلاً: "فوق الجبل تحت الثلج" ... لا تعني رواية من الدرجة الممتازة الملحمية الوثائقية .. مثلاً: "ملحمة عبد الرحمن منيف" ...

إن موضوعة "العلمي/الجمالي" شيقة وتستحق البحث .. لكن لماذا الخوض في تحليلها وبحثها دون مقابل مادي؟ في رأيي الشخصي الأولي لا يمكن فصل العلمي عن الجمالي .. وتجوز مقارنتهما نسبياً ..

"عملية" كلمة أضخم من هرم .. لكنها تشبهه .. كلمة تتضمن وسائل وأدوات منهحية منظمة وخبرات تراكمية وثقافة علمية .. وهكذا فإن عملية إيجاد ثغرة علمية تستحق البحث والدعم المادي .. هي إبداع .. صياغة هذه الثغرة بغية عرضها لتجد القبول والدعم المادي .. هو إبداع مضاعف .. أما عملية إيجاد الحلول المناسبة والتي تستغرق سنوات من العمل الدؤوب .. فهذا ما اسميه نشاط ذاتي إبداعي .. النتيجة النهائية هي إصدار تقرير من حوالي ثلاثمئة صفحة عن الدراسات التي أجريت والاستنتاجات التي تم التوصل إليها ... أما تلخيص تتائج هذا العمل في مقال علمي من خمسة صفحات فهو .. جنون إبداعي ..

ثم أني كتبت سابقاً:
لا أتردد أن أضع ثقتي بالشعراء كما برجال العلم .. لأني أعلمُ أن هناك شاعر يختبئ في أعماق كل رجل علم صادق .. وفي نفس كل شاعر صادق يختبئ رجل علم .. ولأني أعلمُ أيضاً بأن رجال العلم الحقيقيين يعرفون تماماً أن فرضياتهم تحمل في طياتها أحاسيساً ومشاعراً شعرية .. وبالوقت نفسه ليس خافياً عن الشعراء الحقيقيين بأن أحاسيسهم ومشاعرهم هي عبارة عن فرضيات غير مبرهنة علمياً ... وكما الشعراء أيضاً هم رجال العلم .. لا يرتبكون .. لا يحتارون .. ولا يضطربون من التَغايُر والتَنَوُّع في الظَواهِر والمَظاهِر ... كما أنهم لا يعتبرون أنفسهم خصوماً ومنافسين ومعارضين لبعضهم البعض ...

لا بد في يومٍ ما من تنظيف سوق الجماليات "أدب وموسيقى ورسم ونحت" .. وسوق العلم والبحث العلمي .. من أقزامه والمتطفلين عليه .. ومن حراسه ورجال أمنه ودكتاتوريته ..



#علي_دريوسي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حكاية لن تكتمل قبل سقوط القمر
- هواجس فيسبوكية -E-
- كيف أصبح كيس الطحين الفارغ بطلاً في الكاراتيه
- خربشات بسندلية -B-
- خربشات بسندلية -A-
- هواجس فيسبوكية -D-
- طلائع البعث بصل يابس
- سهرة سوسنية
- وحده .. يغني الصمت
- سَوْسَنات بسندلية
- هواجس فيسبوكية - C -
- منتورة بسنادا
- المنجنيق والأحلام الميتة
- هواجس فيسبوكية -B-
- سحريات من اللاذقية
- هواجس فيسبوكية -A-
- كيفَ حَرَقَ اليابانيْ عَلَمَ البعثْ في عام 1985؟
- موقف سرافيس بسنادا - بكسا
- خريطة بسنادا القديمة
- أصحاب القبعات الحمراء


المزيد.....




- مترجمون يثمنون دور جائزة الشيخ حمد للترجمة في حوار الثقافات ...
- الكاتبة والناشرة التركية بَرن موط: الشباب العربي كنز كبير، و ...
- -أهلا بالعالم-.. هكذا تفاعل فنانون مع فوز السعودية باستضافة ...
- الفنان المصري نبيل الحلفاوي يتعرض لوعكة صحية طارئة
- “من سينقذ بالا من بويينا” مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 174 مترج ...
- المملكة العربية السعودية ترفع الستار عن مجمع استوديوهات للإ ...
- بيرزيت.. إزاحة الستار عن جداريات فلسطينية تحاكي التاريخ والف ...
- عندما تصوّر السينما الفلسطينية من أجل البقاء
- إسرائيل والشتات وغزة: مهرجان -يش!- السينمائي يبرز ملامح وأبع ...
- تكريم الفائزين بجائزة الشيخ حمد للترجمة والتفاهم الدولي في د ...


المزيد.....

- تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين / محمد دوير
- مذكرات -آل پاتشينو- عن -العرّاب- / جلال نعيم
- التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ / عبد الكريم برشيد
- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - علي دريوسي - كي تصير كاتباً؟