|
مناسبة ذكرى 8 شباط: أفكار عن محاولة البحث الثاقب عن اضطراب قيادة ثورة تموز
أحمد الشيخ أحمد ربيعة
الحوار المتمدن-العدد: 4710 - 2015 / 2 / 4 - 22:44
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
بمناسبة ذكرى 8 شباط: أفكار عن محاولة البحث الثاقب عن اضطراب قيادة ثورة تموز.
أحمد الشيخ أحمد ربيعة تمر هذه الايام ذكرى 8 شباط الاسود، التي تبقى على مدى التاريخ موصوفة بهذه الشكل. اعدام وُصفي الى جانب الزعيم عبدالكريم قاسم، كوكبة من خيرة ما انجب الجيش العراقي على المستوى الوطنية او المهنية. تركز معظم الكتابات عن انجازات ثورة تموز1958 وتربطها باسم قاسم متجاهلة بوعي او بدونه دور العديد من الضباط اليساريين والمتنورين في تحقيق انجازات ثورة تموز المجيدة، وفي التأثير على بعض اتجاهات عبدالكريم قاسم التقدمية، حيث قلما تتوفر وثائق تمس هذا الامر، اضافة لتصفية حياة هذه المجموعة. كذلك نجد أن بعض الذين كانوا على قرب من ثنايا الامور صمتوا خوفاً او طوعاً. هذه المجموعة من الضباط ذوي الرتب العليا، التي كانت على تماس يومي مع قاسم، لعبت دوراً هاماً في التأثير على اتخاذ قائد ثورة تموز العديد من الاجراءات الوطنية. وقد تميزت عموما بنضج سياسي أعلى من طموح قاسم وكانت على تواصل وعلاقة اوثق بالقوى السياسية الداعمة لثورة تموز وبالذات الحزب الشيوعي العراقي، اضافة لكونها كانت اقدم في صلاتها بحركة الضباط الاحرار. تلك القوى كانت اكثر ادراكاً للمخاطر التي احاطت بثورة تموز ، لذلك ظلّت متذمرة من سياسة الزعيم عبد الكريم قاسم ،الوسطية والمتراخية، مع اعداء ثورة تموز وقائدها. لقد عملت القوى المعادية لثورة تموز بإثارة الشكوك حول هذه المجموعة وتخويف قاسم منها وقد نجحت في هذا الامر. ابرز هؤلاء القادة كان ( الزعيم الركن طه الشيخ أحمد، الزعيم الركن جلال الأوقاتي، العقيد فاضل عباس المهداوي اضافة لوصفي طاهر وماجد محمد امين). في تقييمه لرجال تلك المرحلة يشير الفقيد قاسم الجنابي مرافق الزعيم عبدالكريم قاسم ان العراق خسر في 8 شباط 1963 شخصيتين عسكريتين مهمتين هما طه الشيخ احمد وجلال الاوقاتي وان قذى احذيتهم افضل من كل الذين جاءوا بعدهم( برنامج مهمة عراقية- الزعيم عبدالكريم قاسم - قناة العراقية). بقيت هذه المجموعة وقلة نادرة من الضباط القاسميين مثل الزعيم عبدالكريم الجدة مخلصة للنهاية لقاسم ولثورة تموز ودفعت حياتها ثمناً لهذا الموقف. لعبت هذه الشخصيات ادواراً هامة وكان ابرزها الزعيم طه الشيخ أحمد ، خاصة في السنة الاولى من الثورة فإضافة لكونه مدير الخطط الحربية العام كان ( يقوم بواجبات المستشار الشخصي للزعيم عبد الكريم قاسم وموضع ثقته ويقوم بمهمة تنفيذ اوامره المتعلقة بقضايا الامن الداخلي وجمع المعلومات الخاصة ذات الطابع المؤثر والخطير على كيان الجمهورية - رسالة من السيد عربي فرحان للكاتب )، ويعتبره حازم جواد (أحد قادة انقلاب شباط الاسود ووزير داخلية الانقلاب) في صفحات مذكراته التي نشرت في جريدة الحياة اللندنية بانه كان الحاكم الفعلي للبلد في 1959 ويكتب عنه حنا بطاطو في كتابة المشهور عن العراق بانه القوى التي كانت تقف خلف العرش ويعزو الفقيد عامر عبدالله في صفحات مذكراته المنشورة في عدد من المجلات منها مجلة ابواب الصادرة عن دار الساقي، على ان احد اسباب عدم قدرة قيام الحزب الشيوعي بالتحرك ضد قاسم هو بسبب انقسام قواه العسكرية في الجيش بين طه الشيخ أحمد والمهداوي. هناك العديد من الشهادات بحقه وبحق هذه الكوكبة من القادة العسكرين الامجاد وغيرهم من الرتب الادنى. قسم من هؤلاء شارك في الحياة الحزبية والمدنية في فترة ابعاده من الجيش بمعنى إنه لم يكن اسير الثكنة وما تفرضه من طريقة تفكير محددة منهم جلال الاوقاتي، طه الشيخ أحمد، سليم الفخري، غضبان السعد وغيرهم. كما بقيت قضية الارتباط السياسي لهذه المجموعة يحيطها بعض الغموض اذا استثنينا جلال الاوقاتي وارتباطه بالحزب الشيوعي وفي فترة متقدمة قياسا مع الاخرين وقبل ثورة تموز ، فان البقية كانوا على علاقة بالشيوعين بشكل او اخر، لكن للأسف لم يبحث او يؤرخ هذا الجانب. مثلا كتب لي الشخصية الوطنية المعروفة الدكتور على حسين الساعدي وهو ابن رجل الدين الشهيد الشيخ حسين الساعدي . كان الشهيد الشيخ حسين الساعدي مسؤول محلية العمارة للحزب الشيوعي ، . كتب لي مرة كيف كان يزور طه الشيخ أحمد برفقة ابيه عندما كان صغيراً في العمارة في فترة الانتخابات عندما رشح طه الشيخ أحمد للانتخابات في نهاية الأربعينيات عن لواء العمارة، وكان يجري التنسيق في امر الانتخابات ويقوم هو بالتسجيل والكتابة ويصف كذلك اناقته وبيته وهدوئه. بتقديري تسليط الاضواء عن ادوار هذه الشخصيات ومؤثراتها على قاسم ومساره يمكن ان يساعد في رسم صورة اوضح لمسارات ثورة تموز المجيدة.
قبل فترة وجيزة توفى المناضل سلطان ملا علي وكان عضواً في لجنة التنظيم العسكري المركزي للحزب الشيوعي بعد ثورة تموز 1958، كنت استغرب مضمون اللقاء الذي اجري من قبل صحيفة شيوعية، التي ركزت كالعادة على الاهتمام بأمور اخرى كمظاهرة معينة او لقاء بشخص معين دون التطرق لعمله الاهم في الجانب العسكري ولم يؤرخ الشيوعين له شيء في هذا الجانب وفقدنا مصدراً هاماً عن تلك الفترة وعن التنظيم العسكري. في كتاب العميد المتقاعد خليل إبراهيم حسن ( اللغز المحير. عبدالكريم قاسم. بداية الصعود الجزء 6). قبل الاشارة لما ورد، اشير الى إن الكتاب كتب بروحية العداء لقاسم، الا انه يحوي معلومات هامة وكثيرة، وهي اوسع ما كتب عن ثورة تموز والمفارقة فأن قراءة اجزاء الكتاب المتعددة توصل القارئ الى استنتاج ضمني معاكس لما ارده صاحب الكتاب (العروبي الاتجاه) بأن قاسم كان قائداً عسكرياً متميزاً وهو الرابط الاساسي لمجموعات الجيش المعارضة ويحظى اسمه بثقة معظم الضباط الوطنيين بدون منازع ويكفي ان يعرف بعض الضباط ان قاسم جزء من الضباط الاحرار حتى ينضم لها. كان قاسم ذو كفاءة عسكرية متميزة وروح وطنية عالية ونزاهة وعفة وأمانة معروفة بين اوساط الضباط. وهو منظم كبير وذو عقلية استخباراتية وكان يقف على معظم التغيرات والاسرار في المؤسسة العسكرية. وقوف قاسم على راس حركة الضباط الاحرار كان ضمان حقيقي واساسي لنجاحها. وربطا لموضوع المقالة فقد وجدت في الكتاب الجزء 6 حيث ذكر الكاتب وهو شاهد على الحادثة في هامش الصفحة 84 ما يلي: ( وبعد ان ابدلت الثورة المصرية النظام الملكي بالنظام الجمهوري في 18 حزيران 1953 قررت حركة الضباط الاحرار في اجتماعهم في مسبح ( جرداخ ) الهندسة على وليمة ( سمك مسكوف ) التي دعاهم اليها مؤسس حركتهم رفعت الحاج سري تغيير النظام الملكي الى نظام جمهوري في حالة نجاح ثورتهم واذا بطه الشيخ احمد الذي كان مفاتحا بالأمر يستصحب معه الدكتور رفعة علي الذي كان على صلة بالحزب الشيوعي ويطلب تشكيل حكومة ظل وان يتولى هو وزارة الدفاع في هذه الحكومة وان يضم الدكتور رفعت الى التنظيم وقد رفض الطلب طبعا وقطعت صلة طه بالتنظيم ). نفس الامر جرى تأكيده في ندوة افاق عربية العدد 7 سنة 1984 حول الموضوع. الكاتب يشن بعدها هجومه على الشيوعيين وعلى بيان اصدره الحزب الشيوعي في ايلول 1953 حول نشاط السفارة الامريكية وجواسيسها بين الضباط ( الفاشست ). ( يبدوا ان الكاتب حسب معلوماتي يقوم بالإسقاط القسري لبيان للحزب الشيوعي حول نشاط لمجموعة عسكرية أخرى على هذا الحدث)
يشير الشيوعي المخضرم السيد بهاء الدين نوري في مذكراته( ص 167- 169 ) ان الحزب الشيوعي واثناء انتفاضة 1952 حيث كان بهاء هو المسؤول الاول ، طرح تشكيل حكومة وطنية يقودها الجادرجي ويكون أعضاء فيها من ممثلي الأحزاب الوطنية ومن عناصر المعارضة المستقلين أمثال الجواهري وعبدالرزاق الشيخلي، ويحتفظ الشيوعيون بأهم مقعدين: وزارة الدفاع للضابط الشيوعي المفصول سليم الفخري ووزارة الداخلية لنائب نقابة المحامين المحامي والشهيد لاحقا توفيق منير. وقرأت قائمة التشكيلة الوزارية في المظاهرات، ويذكر المفاوضات التي جرت بين ممثلي الحزب( عزيزالشيخ و غضبان السعد ) والجادرجي. طبعا الجادرجي رفض هذا الامر. لاحقا في نيسان 1953 اعتقل بهاء الدين نوري واودع السجن. بالتأكيد كان هناك تأثير او رابطة بين ما أرّخه الاثنان، خاصة اذا علمنا ان الفقيد ثابت حبيب العاني ذكر إن طه الشيخ أحمد والفقيد غضبان السعد كان او من أسّس التنظيمات السياسية في الجيش العراقي، لكن ما حجم التأثير وطبيعته وغيرها من الأمور المترابطة بتاريخ هذه الكوكبة من الابطال والتي كانت قريبة جدا من قاسم. بقي القليل من عاش تلك الايام ممن يعرف او سمع بعض بواطنها وخاصة في ما يمس هذه الحلقة المحيطة بقاسم اضافة لحلقة اوسع من الضباط الشيوعيين والوطنيين الذين دافعوا بكل بسالة عن ثورة تموز وقائدها وانجازاتها، وسعى غربان شباط الاسود ليومنا هذا الى تشويه التاريخ والحقائق والمحيطة بأحداث ثورة تموز والانقلاب عليها وما لاحقها من جرائم وخراب ظل العراق ووطناً وشعباً يدفع ثمنها ليومنا هذا. على النقيض من هذه الشخصيات كانت هناك شخصيات عسكرية ايضا قريبة من قاسم لكنها خانت ثورة تموز وقاسم وعبدت الطريق لنجاح الانقلاب منها مثلا الحاكم العسكري العام أحمد صالح العبدي حيث اظهرت الوثائق البريطانية المسموح نشرها بعد عشرات السنوات ارتباطه بالمخابرات البريطانية وهو اول مسؤول عمل على توفير الصلة للمخابرات البريطانية مع البعثيين في سنوات الثورة الاولى، ولا يمكن نسيان الدور الذي لعبه مدير الامن العام وهو أحد ضباط قاسم في التستر على نشاط الإنقلابيين ولعب دوراً هاماُ في تسهل نجاح الانقلاب المشؤوم. ان البحث والدراسة والتوثيق لدور هذه الشخصيات التي كانت قريبة من قاسم، بالتأكيد سيعلب دوراً هاماً في تدقيق التصورات عن ثورة 14 تموز.
#أحمد_الشيخ_أحمد_ربيعة (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
مقدمات لنتائج خائبة
-
قراءة في رواية حصار العنكبوت لكريم كطافة
-
نعثل الكافر
-
قادة الاسلام الشيعي وامارة المتغلب
-
بلوى العراقيين بقيادات حزب الدعوة
-
التفسير( الفقي ) لهزيمة قوات الجيش العراقي في الموصل
-
قراءة في رواية تيوليب مانيا لوفاء البوعيسي
-
بلوى الله بشهدائنا وشهدائهم
-
الشيوعيون والانتخابات البرلمانية بين النتائج والاستنتاج..
-
المالكي وحيدا
-
رامبو وحكومة الاغلبية السياسية
-
معارضة ( السواريٌة)*
-
معارضة ( السواريّة)*
-
قانون إبادة الشيعة !
-
قراءة في ( نعثل ) رواية لوفاء البوعيسي
-
نظرة أولية في مشروعي الاحوال الشخصية الجعفري والقضاء الشرعي
...
-
نظرة أولية في مشروعي الاحوال الشخصية الجعفري والقضاء الشرعي
...
-
التيار الديمقراطي العراقي وضرورة البحث عن المنطق الفاعل في ا
...
-
ناظم رمزي .. هل نتعرف عليه بعد موته..؟
-
نسمات أب والقادم من الايام
المزيد.....
-
موزة ملصقة على حائط.. تُحقّق 6.24 مليون دولار في مزاد
-
تقارير عن معارك عنيفة بجنوب لبنان.. ومصدر أمني ينفي وجود قاد
...
-
قوات كييف تعترف بخسارة أكثر من 40% من الأراضي التي احتلتها ف
...
-
إسرائيل تهاجم يوتيوبر مصري شهير وتوجه له اتهامات خطيرة.. وال
...
-
بوليتيكو: الصين تتجاوز الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي في
...
-
وسائل إعلام عبرية: اختفاء إسرائيلي في الإمارات والموساد يشار
...
-
غرابة الزمن وتآكل الذاكرة في أعمال عبد الله السعدي
-
فوائده كثيرة .. ابدأ يومك بشرب الماء الدافئ!
-
الناطق باسم -القسام- أبو عبيدة يعلن مقتل إحدى الأسيرات الإسر
...
-
-تحليق مسيرة ولحظة سقوط صواريخ-.. حزب الله يعرض مشاهد استهدا
...
المزيد.....
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
المزيد.....
|