أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - ياسين سليماني - كاريكاتورية لافتات -أنا محمد-














المزيد.....

كاريكاتورية لافتات -أنا محمد-


ياسين سليماني

الحوار المتمدن-العدد: 4694 - 2015 / 1 / 17 - 00:14
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


قبل فترة ليست بالطويلة وفي أيام العدوان المخجل على غزة، كتب أحد الكتاب ساخرا: احذري يا إسرائيل...إن العرب إذا غضبوا ...غيروا بروفايلاتهم على الفايسبوك !!
وبقدر ما يبدو المشهد كوميديا، بين الفعل الهمجي الذي يضرب الحياة الإنسانية في صميمها، والاستجابة الكاريكاتورية التي لم ترتفع إلى مستوى الفعل الحضاري الذي يشهد له بالمساهمة الفاعلة في دعم القضية العادلة، بين سوداوية المشهد العربي في خضوعه لأشكال الإمبريالية الصهيونية بخنوع بائس، وبين "غضب افتراضي" يجعلك تحس أن "جيش صلاح الدين" على أبواب القدس ليدك الصهاينة دكا !! بينما يتحرك الجبل ولا يلد إلى فأرا قزما.
لم يختلف الأمر في هذا عن "غزوة باريس" كما أسماها الإرهابيون الذين أنتجتهم السعودية بنظامها الفاسد المتواطئ مع شيوخ الظلامية المقيتة، التي لا يمكن أبدا فصلها عما يجري في سورية أو العراق وفي طرابلس اللبنانية أو ليبيا، كل البروفايلات تحولت في لمح البصر إلى "كلنا محمد" والعجيب أنّها كلها باللون الأسود والكتابة البيضاء، تماما مثل الأعلام التي ترفعها "داعش" !!
قد اسأل سؤالا بريئا: لماذا بعد كل هذه العقود التي عاشها المسلمون في فرنسا لم يزل نظر الآخر للإسلام أنه دين التطرف؟؟ الجواب بكل بساطة: لأنّ المسلمين لم يرتفعوا إلى مستوى تقديم الصورة الحضارية عن دين يُفترض فيه التسامح والإخاء والعدل وكل الصفات الإنسانية التي يعاني هؤلاء في الواقع فقرا مدقعا فيها. الفرنسيون لا يعرفون الإسلام إلاّ من خلال ممارسات البشر له، فلا تبتئس عندما يصفونك بالإرهابي، لأنك في بلدهم تمارس كل شيء يضرب دينك في الجوهر.
هؤلاء الذين أنزلوا هذه الشعارات لم يفعلوا سوى تمثيل مشهد كوميدي ليس على مقاسهم، بأصباغ وماكياجات تافهة تبدي آنيتها، وتعلن هشاشتها، إنها بشكل غير مباشر تقول أنّ ما حدث للصحيفة الفرنسية هو عين ما يجب فعله..بمعنى من المعاني، تبرير الإرهاب عن طريق رفع شعارات تؤيد النبي محمدا.
دون أن يرتفعوا إلى درجة الوعي الأخلاقي والمشاركة الفاعلة في طريق الحضارة ولذلك فهم يعانون كل الويلات، ويعتقدون بشكل مرضي أنهم ضحايا مؤامرة عالمية لمحوهم من الوجود. وضحايا لكل الامبرياليات العالمية وأحقادها ما ظهر منها وما بطن.
إنّ المدنية المعاصرة لابد لها أن تنبذ كل أشكال العنف أيا كان مصدرها وأيا من حاول شرعنتها. بعيدا عن عقلية "القطيع" كما يعلمنا نيتشه ، الذين يكتفون عند مستوى رد الفعل دون محاولة حضارية حقة للتقدم. الذين يتحدثون بأنهم "محمد" لو كان حيا لكان أول من أعلن براءته منهم.
من الطبيعي أن يثور هؤلاء ضد أي مساس بالمقدس، والنبي محمد أحد أهم المقدسات الإسلامية دون شك، لكن، ماذا لو كانوا هم أول من يدنسه؟
إنني أحترم الذي يعلن عدم قبوله لمبدأ ما، ورفضه له، ولا أحترم الذي يعلن تقديسه ظاهرا ويخفي تدنيسه له باطنا.
من الصعب على من لم يعرف "ترويض الشرسة" بتعبير شكسبير، وأتحدث عن النفس هنا، وأن يكون إنسانا، يتمتع بالشروط التي تجعله إنسانا، أن يدعي أنه مسلم ينافح في سبيل إعلاء كلمة الله...هؤلاء الذين بقدرة قادر أصبحوا جميعا "محمد" بينما لا يدري أحد أي جهنم كانت تحتفي بهم.
رد الفعل بجمع اللافتات وتغيير البر وفيلات في الفايس لإعلاء اسم محمد ليس إلا شعارات جوفاء كالتي كانت تتردد أيام الحزب الواحد، مهزلة بطعم الدين. فقط.
لست محمدا، ولا أريد أن أكون محمدا. أنا نفسي وأريد أن أكون نفسي، بعيوبي وخطاياي، ونزقي، بحسناتي وإيجابياتي وعالمي الخاص الذي أصنعه بساعديّ وعرق جبيني. وإذا كنت مسلما، ذاك الإسلام الذي دعا إليه الله –لا إسلام وهابيي السعودية الخبيثة- فيحسن بي أن أكون إنسانا قبل هذا وذاك. إن هؤلاء يرتكبون جرائم أخلاقية في حق أنفسهم والدين عندما يزعمون كاذبين أنهم محمد، ويحبون محمدا. فلو أحبوا محمدا حقيقة، لانتصروا له في دينه. ولقدموا من المعاملات والسلوكيات أنصع النماذج لتعاليم الدين الذي ظلمه أهله قبل أن يظلمه غير أهله.
ليس العيب في إسرائيل التي تقتل، ولا في فرنسا التي تسب النبي محمدا، ولكن العيب، كل العيب، في مليار ونصف مليار من الذين يعلنون دينهم ويلعنونه في الوقت نفسه بخذلانهم له وتقاعسهم المهين لأداء أبسط قواعده الإنسانية.
ربما ما حدث لـ "شارلي إيبدو" وما رسم من رسوم، يعيد إلينا الوعي بذاتنا ويجعلنا نفيق من الغيبوبة المزمنة التي نعانيها، أقصد تلك الوثوقية المفرطة في أنّ النصر يأتي من السماء لا من الأرض. وأنّ معركة الوجود تأتي بجيش من الملائكة كما في بدر، لا بعقل وإرادة وتحدٍّ وجودي يستلزم الشروط الموضوعية التي تكسب هؤلاء البشر صفة الإنسانية واحترام العالم لهم.
ازعموا كما تشاؤون أنكم محمد، وارفعوا اللافتات، واصدحوا في مساجدكم حتى تصموا الآذان بأنكم فداء للنبي، وبعد أيام، ستنسون كعادتكم في كل مرة، وستعودون للنحيب والصراخ بعد فترة إذا حدث حادث مشابه، وتنسون بعدها بأيام، وهكذا، فأنتم أبناء المصادفات، وعشاق اللحظات الطارئة...تتقاذفكم الأيادي كأوراق اليانصيب الرابحة، كلما أوشكت صحيفة على الإفلاس دغدغت مشاعركم برسم تعتبرونه مسيئا، فتشتعل حناجركم بالاحتجاج بينما تمتلئ خزائنهم بالدولارات. ألا يجعلكم هذا أسخف المغفلين على وجه الأرض؟ !!



#ياسين_سليماني (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- انتبهوا...أنهم يسرقون الله
- كلاب الله


المزيد.....




- سفير إسرائيل ببرلين: اليهود لا يشعرون بالأمان في ألمانيا
- أسعد أولادك…. تردد قناة طيور الجنة التحديث الجديد 2025 على ج ...
- استقبلها الان.. تردد قناة طيور الجنة أطفال الجديد 2024
- “فرح أطفالك طول اليوم” استقبل حالا تردد قناة طيور الجنة بيبي ...
- كاتدرائية نوتردام في باريس.. الأجراس ستقرع من جديد
- “التحديث الاخير”.. تردد قناة طيور الجنة 2024 Toyor Aljanah T ...
- المقاومة الاسلامية في لبنان تستهدف بالصواريخ تجمعا للاحتلال ...
- المقاومة الاسلامية في لبنان تعلن قصف صفد المحتلة بالصواريخ
- المقاومة الاسلامية في لبنان تقصف مستوطنة راموت نفتالي بصلية ...
- بيان المسيرات: ندعو الشعوب الاسلامية للتحرك للجهاد نصرة لغزة ...


المزيد.....

- شهداء الحرف والكلمة في الإسلام / المستنير الحازمي
- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - ياسين سليماني - كاريكاتورية لافتات -أنا محمد-