أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - طلعت رضوان - العلاقة بين الواقع والفولكلور















المزيد.....

العلاقة بين الواقع والفولكلور


طلعت رضوان

الحوار المتمدن-العدد: 4672 - 2014 / 12 / 25 - 20:13
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    



علم الفولكلور واحد من العلوم الإنسانية المهمة، لأنه يهتم بدراسة ما يُسمى (العقل الجماعى) لأى شعب، وأنّ الدراسات التى تمّتْ فى هذا الشأن، أثبتتْ أنّ الشعب فى أمثاله ونـُكته (جمع نكتة وهى صحيحية لغويًا) ومُجمل عاداته الخ، يُقدّم منظومة ثقافية، كثيرًا ما تكون مُـفارقة للمنظومة الثقافية الرسمية السائدة، بما فى ذلك التعليم والتشريعات القانونية.
والمصطلح مكوّن من: folk بمعنى: قوم أو شعب، وبذلك يكون (فولكلور) بمعنى عادات الشعب وأقوله المأثورة. ولهذا فإن folk song تعنى أغنية شعبية. وfolk tale تعنى حكاية أو أسطورة شعبية. وfolkway تعنى طريقة التفكير أو الشعورأو السلوك عند أى جماعة إنسانية. وعلم الفولكلور اهتمّ فى بدايته بدراسة جوانب الثقافة الريفية ((ثم توسّع مدلوله ليشمل ثقافات فرعية أخرى مثل المعرفة التقليدية والعادات الاجتماعية والتراث الشفوى والفنى للشعب)) (موسوعة علم الإنسان- تأليف شارلوت سيمور سميث- مجموعة مترجمين- المجلس الأعلى للثقافة- المشروع القومى للترجمة رقم 61- عام 98- ص520)
وعلم الفولكلور وثيق الصلة بعلم الأنثروبولوجى (علم الإنسان) لذلك قسّمتْ شارلوت الأنثروبوبوجيا إلى : أنثروبولوجيا اجتماعية وثقافية وسياسية وعن الأخيرة كتبتْ أنها ما زالت – بسبب حداثة عهدها نسبيًا– تـُعانى من عدم اكتمال نمو نماذجها المنهجية)) وفى تناولها للخصوصية الثقافية لكل شعب أشارتْ إلى أنّ لكل مجتمع منطقه الخاص وتماسكه الداخلى وفى ضوئهما يتم تفسير عاداته ومعتقداته (المصدر السابق- ص 142، 676)
نماذج من الفولكلور المصرى :
النكتة المصرية عبر العصور كانت أحد أسلحة التعبير عن السخط الاجتماعى ، وعندما ابتدع عبد الناصر حكاية 50% عمال وفلاحين ودخل أميون البرلمان انتشرتْ نكتة عن العضو الذى بالكاد يعرف القراءة ووقف يُحيى الرئيس فقال ((نشكر الرئيس على حـَسَن سَلوكه)) وكان يقصد (نشكر الرئيس علا حـُسْن سلوكه) وانفعل عبد الناصر فى إحدى خطبه وهاجم من يسخرون من حكمه. بعدها بأيام انتشرتْ النكتة التالية : عبد الناصر أمر بالبحث عن اللى بيألف النكت ضده : واحد مسجون قال لوزير الداخليه : أنا اللى بقول النكت دى . خده وراح لعبد الناصر اللى قال للمسجون : أنا اللى رفعتْ راسكو لفوق وعملتْ كذا وكذا ، فقال المسجون : أنا يا ريس قلت نكت كتير. بس ما قلت ش النـُكت اللى إنت قلتها دلوقتى . وذكر ثروت عكاشة أنه نتيجة سيطرة سامى شرف على معظم مؤسسات الدولة ، وأنّ الوزراء والسفراء يرتعبون منه ، انتشرتْ نكته تقول ((إذا كان لأحدكم حاجة عند سامى شرف فليتوسط لها عبد الناصر)) وأضاف أنّ السلطة الناصرية ((ضاقتْ بأى نكته تـُقال بين شخصيْن فى جلسة ودية داخل جدران البيوت عن طريق استراق السمع بالأساليب البوليسة المختلفة)) (مذكراتى فى السياسة والثقافة- ج2- دار الهلال- عام 88- ص437، 461) وعندما ارتفع سعر الأرز فى وزارة زكريا محيى الدين انتشرتْ النكتة التالية : واحد قابل جاره شايل كرنبه. سأله إنت إتجننتْ دا الرزغالى وموش موجود . ح تحشى الكرنبه إيه ؟ رد عليه ح أحشيها كفايه وعدل (السخرية فى تلك النكتة نابعة من أنّ كلمتىْ كفاية وعدل كانتا ضمن الخطاب الإعلامى الناصرى) وبعد هزيمة 67 انتشرتْ النكتة التالية : المشير عبد الحكيم عامر مِعلــّق ورده علا الأزبلايط (فى إشارة ساخرة عما سمعه شعبنا عن علاقة المشير بالفنانة وردة الجزائرية) أما النكتة التى جمعتْ بين السخرية والمرارة بعد كارثة الهزيمة فهى : قائد القوات البحرية المصرية رأى أسطولا أجنبيًا فقال (مين هناك؟) فجاءه الرد (إحنا الأسطول السادس الأمريكى فى عرض البحرالمتوسط . إنتو مين؟) فردّ القائد المصرى (إحنا الأسطول المصرى فى عرض النبى) المفارقة هنا أنّ مؤلف النكتة استخدم كلمة (عرض) مرتين : مرة فى (عرض البحر المتوسط) والثانية فى (عرض النبى)
وفى عهد السادات انتشرتْ النكتة التالية : السادات وبابا الكنيسة المرقصية وشيخ الأزهر داخل طائرة مُهدّدة بالسقوط ومطلوب تخفيف الأحمال . قائد الطائرة طلب منهم الإجابة على سؤال ومن يفشل سنلقى به من الطائرة : سأل السادات : تقدر تقول لنا اسم الرئيس اللى كان قبل منك ؟ وسأل شيخ الأزهر تقدر تقول لنا اسم رئيس الوزرا الحالى؟ وسأل بابا الكنيسه تقدر تقول لنا أسماء شهداء الثوره الجزائريه ؟
وفى عهد مبارك كانت النكت أكثر وأفدح ، من بينها : مبارك زار جنينة الحيوانات . سأل الفيل عن أحواله. ردّ الفيل : أحوالى سوده زى وشك . حتا البرسيم ناشف . أمر مبارك بقتله. وبعدين سأل الأسد نفس السؤال : ردّ الأسد : يا جدع إنت موش مكسوف من نفسك . دا حتا لحمة الحمير ما لهاش طعم . أمر مبارك بقتله. وجاء الدورعلى القرد فقال : أيامك كلها سرور يا ريس . عندى فول سودانى وموز. انبسط مبارك فطلب منه أنْ يقوم بتقليد الفلاحة وهى تعجن الدقيق، فردّ القرد (عاوزنى أعمل عجين الفلاحه. طيب هوّ فين الدقيق يا روح أمك؟) هذه النكتة انتشرتْ أثناء أزمة الدقيق وارتفاع سعره أثناء حكم مبارك.
فى علم الاجتماع تـُعتبر الأمثال الشعبية ذات أهمية لفهم الشخصية القومية لأى شعب. وتميّز تراثنا المصرى بأمثال شعبية بعضها يعود إلى مصر القديمة مثل (إعمل الخير وإرميه فى البحر) و(الكفن مالوش جيوب) وفى العصر الوسيط (أبوبلاش كتر منه) و(آخر خدمة الغز علقه)
ومن أمثال نقد استبداد نظام الحكم (جبناكى ياحكومه تحمينا حمّيتى النار وكويتينا) و(حاميها حراميها) و(ياما فى الحبس مظاليم) و(هوّ فيه واحد يقول للغوله عينك حمره ؟) وتصل الأمثال أحيانـًا لدرجة السخرية (إنْ دخلتْ بلد تعبد العجل حش وإديله) وأمثال عن الحمقى حسنى النية (رجع قفاه يقمرعيش) و(طلع من المولد بلا حمص) و(مستنى السمنه من بطن النمله) وأمثال عن قيمة العمل (العمل عباده) و(الإيد البطاله نجسه) وأمثال تسخر من التدين الشكلى مثل (عمايم علا روس بهايم) و(ضلالى وعامل إمام) و(يسبّح ويسرق) و(يحجّج الجمل والبردعه يروح بذنب وييجى بأربعه) و(بق بيسبّح وإيد بتدبح) ولأنّ شعبنا يتميّز بثقافة قومية واحدة لذا ابتدع المصريون المسيحيون بعض الأمثال عن أدعياء التدين مثل : (جوّ الكنيسه مصليه.. برا الكنيسه شيخة الحراميه) و(جوّ الكنيسه قديس وبرا الكنيسه إبليس) وسخرتْ أمثال الأميين (المسلمين) من الزوجه (الضُره) مثل : (الضُره مره) و(عقربتين علا الحيط ولا ستتين فى البيت) و(جوزالاتنين قفا بين كفين) وأمثال عن الاعتزاز بالكرامة (فقرا ويمشو مشى الأمرا) و(زبال وف إيده ورده) وأمثال تسخر من المغرورين مثل (زى الطبل صوت عالى وجوف خالى) وفى السخرية من الحاكم المغرور (يادوده تتمطعى تتقطعى) وهذا المثل مكوّن من ثلاث كلمات وحرف نداء مما يدل على عبقرية مبدعه. أما قمة النبل الإنسانى فقد صاغه مثل يسخر ممن يتعالون على غيرهم رغم معيشتهم المتواضعه فقال (حسدو الغجرعلا ضل الشجر)
وبعد قرار حظر التجول (فى فترة حكم مرسى) كان رد فعل أهالى بورسعيد أنْ يكون الليل حتى طلوع الشمس لممارسة حياتهم الطبيعية- من بيع وشراء ومظاهرات وهتافات- فى الشوارع والميادين . ولم يختلف أهالى السويس عنهم إلاّ فى شىء واحد وهو الغناء والعزف على آلتهم الموسيقية الشهيرة (السمسمية) فانتشرتْ فِرق الغناء فى كل ميادين السويس طوال الليل وهم يُغنون للحرية ويلعنون الاستبداد. أما أهالى الإسماعيلية فقد سطـّروا فى قاموس الفولكلور المصرى إبداعًا جديدًا عندما قرّروا إقامة مباراة لكرة القدم تبدأ من توقيت الحبس فى بيوتهم إلى السماح لهم بالخروج (من 9م- 6ص) وبمجرد الإعلان عن المباراة انهالتْ عليهم طلبات المشاركة من كل الفرق الرياضية سواء من مدن القناة أو من خارجها.
اهتمتْ الصحافة الأوروبية بما فعله أهالى الإسماعيلية ، فنشرتْ أكثر من مقال عن (ظاهرة المقاومة بالإبداع الشعبى) بينما الصحافة المصرية (التى أدانتْ الطوارىء والحظر) تناولتْ الموضوع كمجرد خبر، ولم تهتم بنشر دراسة عن جذور مقاومة الاستبداد بالإبداع الشعبى.
إنّ ما فعله أهالى مدن القناة من رقص وغناء وممارسة حياتهم الطبيعية خلال ساعات الحظر (وخاصة عبقرية فكرة مباراة الكرة) هو إمتداد للخيال المصرى فى إبداعه العفوى مُتعدّد الأشكال سواء فى الأمثال الشعبية أو النـُكت أو الدراما الشعبية (صندوق الدنيا- الأراجوز- مسرح الشارع) وأنّ هذا الإبداع أخذ عدة محاور: محور حب الحياة (أغانى الفلاحين للزرع وللربيع وأغانى الأفراح وسبوع الطفل إلخ وهومحور تعود جذوره إلى جدودنا المصريين القدماء) ومحور قداسة العمل والذى تردّد فى أكثر من مثل مصرى (ازرع كل يوم تاكل كل يوم) وعبّر عن الاستقامه فى المثل الشهير (بدل ما تغشه قل له فى وشه) والأكثر من ذلك عندما قال (زى ما تكون لىّ أكون لك.. ما إنت ش رب أخاف منك) وفى رفضه للنميمة قال (زى ما تقول علا غيرك يتقال عليك) وعن تمنياته للغير بالخير قال (إنْ كان جارك فى خير إفرح له) وعن حبه للمودة قال (صبّح ولا تقـبّح) ويصل تسامحه لدرجة أنْ يقول (يا بخت من قِدِرْ وعِفِى) (أحمد تيمور باشا- الأمثال العامية- مركز الأهرام للترجمة والنشر- عام 86 وأحمد أمين- قاموس العادات والتعابيرالمصرية- المجلس الأعلى للثقافة- عام99)
هذا التراث الذى أبدعه شعبنا عبر آلاف السنين هو الجذر الذى برز بعد قرار الطوارىء والحظر، لذلك كان من الطبيعى أنْ يُعبّر شعبنا فى مدن القناة عن رفضهم بالإبداع الشعبى فنظم أهالى الإسماعيلية (كأس حظرالتجول) وأبناء بورسعيد الذين شاركوا فى المباراة هم أحفاد جدودهم الذين أبدعوا دمية اللورد اللنبى وأحرقوها كتعبير عن سخطهم للإحتلال الإنجليزى. هؤلاء الأحفاد قالوا بعد قتل الشباب على يد الشرطة وبعد قرار الحظر (عهد علينا يا شهيد. راح نحرر بورسعيد)) وهتفوا فى سخرية (ساعة الحظر ما تتعوضش) وغيّروا فى أغنية أم كلثوم فغنوا (حظر إيه اللى إنت جاى تقول عليه) وفى مدينة بور فؤاد فتح صاحب محل بقاله اسمه عزت عطا الله دكانه حتى منتصف الليل وعبّر لمن سأله (إنت موش خايف؟) فقال ساخرًا (أصل الريس قال الحظر فى بورسعيد وما قالش فى بور فؤاد) وفى السويس ارتفع شعار(يا عساكر مصر موش ح نطبق حظر) و(موش ح نخاف من حظر تجول لازم مرسى يمشى الأول) وخرجتْ السيدات تحملنَ غطيان الحلل ويدقون عليها وحملنَ لافتات مكتوب عليها (تنبيه هام . حانت ساعة الحظر. على المواطنين النزول إلى الشارع فورًا) ومع دقات الساعة التاسعة مساءً انطلقتْ الصافرات والشماريخ والألعاب النارية. وردّدوا هتاف (مرسى يا مرسى سيب الكرسى) و(القطه عضتْ وِرْكها.. هىّ اللى جابته لنفسها) ورفعتْ الطفلة آية الله محمد بسنة سادسة إبتدائى غطاء حلة ولافتة كتبتْ عليها (ح تعمل حظر لمين؟ السوايسيه موش خايفين) وقالت (أنا نزلتْ مع ماما وبابا عشان نقول لأ لحظرالتجول. ومرسى أصلا موش عارف يحكم محافظه إزاى ح يحكم بلد)) وردّد المتظاهرون (السويس بتقول كلمتها. الطوارىء على جثتها)
لم يقتصر الأمر على أهالى مدن القناة إنما شارك شباب الفيس بوك بإبداعهم فنشر أحدهم صورة للمثل عبد الفتاح القصرى وقال (إعملو حسابكم الحظر الجاى كلمتى موش ممكن تنزل الأرض أبدًا) وغيّر آخر فى أغنية أم كلثوم (وصفولى الحظر لقيته خيال . وكلام فى الهلس يدوب يتقال . أهرب من الحظر أروح علا فين . ولعبنا مع الجيش إحنا الاتنين) وكتب آخر (أهالى الإسماعيليه يُناشدون سيادة الرئيس عدم فك الحظر لحد ما يخلصو الدوره الكرويه اللى بدأوها) وعلى موقع (الإسكندرانيه ما بيتهددوش) قرأتُ (قال الملك فاروق إنّ نقطة دم مصريه أثمن عندى من كل عروش الدنيا والرحيل فورًا أهون على قلبى من سفك دماء مصريه حفاظـًا على منصبى) وكان تعليق ناقل النص (اللى عنده دم أحسن من اللى عنده دقن) وهذا المثل تحوير لمثل قديم (اللى عنده دم أحسن من اللى عنده فدادين) وبعد تراجع مرسى كتب أحدهم على الفيس (مرسى قدامك 3حلول بعد تفويض المحافظين لقرار الحظر : 1- تاخد مُثبّتْ قرارات 2- تنام على ضهرك شهرين لعلّ وعسى القرار يثبتْ 3- تاخد حبوب منع إصدار قرارات) وكتب آخر (الكائن الإخوانى موطنه الأصلى جبال المقطم ينمو بطريقه طفيليه على الثورات . يكذب تلقائيًا . لا يبيض ولكنه مفقوس)
ومن الأمثال المصرية التى تجمع بين البلاغة فى اختيار الكلمة وأسلوب تركيب الجملة ، وبين السخرية والنقد الاجتماعى (مين دارى بيك يا اللى فى الضلمه بتغمز) ، (سكتم بكتم) ، (يعرى ... (= مؤخرته بالعربى) للدبان ويقول دا قضا الرحمن) ، (الدنيا زى الغازيه.. ترقص لكل واحد شويه) وفى السخرية من الحاكم (السبع لما يعجّز.. تلعب القرود على ضهره) ويُعمّقه (جبناكى يا حكومه تحمينا .. حمّيتى النار وكويتينا) وعن الذى يهتم بشئون غيره وينسى أهله ووطنه أبدع شعبنا المثل الشائع (راحتْ تسكت ابن الجيران.. وسابت ابنها يعيط) وفى رفضه للتدين الشكلى (ضلالى وعامل إمام) ، (يصلى الفرض وينقب الأرض) ، (الفقير ما لوش فى الشرع شهاده) وذكر د. عبد الحميد يونس أنّ الفلاحين ((يكرهون القضاء الشرعى ويُفضّـلون حل مشاكلهم بأنفسهم)) (أبعاد الشخصية المصرية بين الماضى والحاضر- إعداد وتقديم ط.ر- هيئة الكتاب المصرية- عام 99- ص112)
وكتبت د. عزة عزت أنّ النكتة المصرية لاذعة ، والمصرى مشحون بالشجن الخفى الذى يُعبّر عن نفسه فى لونين : التصوف أو التدين المبالغ فيه والمجون والتحامق وليس بالعدوان والعنف. والملاحظ لما يجتاح مصر من عنف وإرهاب وتطرف ، لابد (لمن) يتتبع مصادره ومصادر إذكائه وتمويله ومنحه الشرعية ، سيجد أنها مصادر غير مصرية ، وأنها دخيلة وليست أصيلة ، وأنّ التعبير عن العداء لدى المصرى ، يبدو فى الكلام والمناقشات الحادة ، لكنه أبدًا لم يكن بالحرق والقتل وسفك الدماء إلاّ مؤخرًا، وهى ظاهرة جديرة بالدراسة بعد تصاعد التطرف الدينى)) (الشخصية المصرية فى الأمثال الشعبية- كتاب الهلال- عام97من 427 – 429) ومن الأمثال التى أدانتْ الانهزامية والاستسلام (اللى يكرى .. (أى مؤخرته بالعربى) ما يحسسش عليها) ، (اللى يعمل ضهره قنطره يستحمل الدوس) وعن قيمة الصبر نقلتْ ما كتبته د. نعمات أحمد فؤاد أنّ ((المصرى تعلم الصبر من الزراعة التى علمته الصبر الطويل الرحيم ، والسكينة والمُسالمة وطمأنينة الرضا وجلال التواضع))
وكتبت د. عزة عن موقف المصرى من الكراهية والعداوة ، أنّ هذه الظاهرة هينة إذا ما قيستْ بين الشعوب الأخرى من عادات ، يُوضح ذلك أنّ المصرى فى أمثاله يقول (الصلح خير) ، (السلام لله) ، (المُسامح كريم) الخ (202 ، 203)
يرى البعض أنّ المصرى مستكين لا يُقاوم الظلم ، لكن د. عزة ترى أنّ شعبنا قاوم بأشكال متعددة ، منها السخرية من الحكام وهو ما يتضح من أمثاله ونكته. فالمصرى يسخر كثيرًا من حكامه. صحيح هو يُهادنهم ويخشاهم ولكنه لا يحبهم ولا يحترمهم فى قرارة نفسه ، حتى إذا أحبّ حاكمًا مثل عبد الناصر لأسباب كارزمية ، فإنّ الأمر لم يخل من نكت ساخرة منه ومن عصره (448) وعن العلاقة الجدلية بين ولع شعبنا بالسخرية والفكاهة وبين الإحساس الدفين فى النفس المصرية ب (الشجن) اكتسبتْ د. عزة تواضع العلماء عندما نقلتْ كلمات د. عادل صادق الذى قال ((إنّ الشجن إحساس راقٍ وسامٍ . وهو إحساس بمعنى الحياة التى تفضى بالضرورة إلى الموت وفراق الأحبة. والمصرى بعراقته واستقراره على ضفتىْ الحياة ومراقبته لدورتها ودورة الفصول ، تولــّد لديه هذا الشجن الرقيق . أما النـُكت فهى قدرة لديه على رؤية الشىء على حقيقته)) ( 478)
***



#طلعت_رضوان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الإخوان المسلمون بين الشباب والشيوخ
- الفيلسوف والتخلص من آفة الثوابت
- الفلسفة والبحث عن التحرر
- خطاب التنوير (2)
- خطاب التنوير (1)
- قواعد اللغة والتنقيط فى القرآن
- الإكراه فى الدين إبداعيًا
- الخطاب الدينى : هل يقبل التجديد ؟
- اختلاف المصاحف (7)
- اختلافات المصاحف (6)
- اختلاف المصاحف (5)
- اختلافات المصاحف (4)
- مصر (الشعب) ومصر (النخبة)
- الاختلافات بين المصاحف (3)
- باب اختلاف المصاحف (2)
- باب اختلاف المصاحف (1)
- تفسير القرآن وأسباب النزول (9)
- كتب التفسير وأسباب المزول (8)
- من أين يأتى العدو ؟
- هامش على أسباب النزول عن مارية القبطية (7)


المزيد.....




- لوباريزيان: سجن 3 طلاب أرادوا إنشاء دولة إسلامية بفرنسا
- “هالصيصان شو حلوين”.. اضبط تردد قناة طيور الجنة الجديد 2024 ...
- “شاور شاور”.. استقبل تردد قناة طيور الجنة الجديد 2024 على ال ...
- قصة الاختراق الكبير.. 30 جاسوسا معظمهم يهود لخدمة إيران
- بالفيديو: خطاب قائد الثورة الإسلامية وضع النقاط على الحروف
- السفير الديلمي: كل بلدان العالم الاسلامي مستهدفة
- مقتل وزير اللاجئين في حركة طالبان الأفغانية بانفجار في كابول ...
- المرشد الأعلى الإيراني: الولايات المتحدة والنظام الإسرائيلي ...
- المرشد الأعلى في إيران يعلق على ما حدث في سوريا
- بابا الفاتيكان يوجه رسالة للقيادة الجديدة في سوريا


المزيد.....

- شهداء الحرف والكلمة في الإسلام / المستنير الحازمي
- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - طلعت رضوان - العلاقة بين الواقع والفولكلور