أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الثورات والانتفاضات الجماهيرية - سماح هدايا - التطرّف مكنون السلطات الاستبدادية














المزيد.....

التطرّف مكنون السلطات الاستبدادية


سماح هدايا

الحوار المتمدن-العدد: 4669 - 2014 / 12 / 22 - 23:51
المحور: الثورات والانتفاضات الجماهيرية
    


أكان من السهل الإطاحة بهذه الأنظمة الاستبدادية التي تجذّرت عميقا، من دون عمليّة تدمير تطال المجتمع بكل مستوياته، وتفكّك بنى الثقافة العميقة السائدة؟
نظام دقّ أوتاد الفساد والجهل في عمق الأرض... الإطاحة به تتطلّب زعزعة التراب والأرض تحت الأوتاد. لذلك لا غرابة في أن تصحب عمليّة التغيير المتمثّلة في الثورة حرب شرسة وتدمير بنيوي.
السؤال:
هل ستنتهي الثورة بالخلاص من العنف وتؤمّن في نهاية المطاف الحرية والاستقرار وسعادة الشعب بمطالبه، أم ستنتهي بحصاد مأساوي لحرب أهلية وسيطرة متطرفين وانتهازيين وتحيل المعتدلين والمفكرين والمخلصين إلى الوراء؟
من الصعب تأكيد جواب في زمن محدّد؛ لكنّ التداخل بين الانتفاضة والثورة والحرب الأهليّة، أدّى إلى تفاعل شديد وسيستمر التفاعل، ويأخذ مداه ومجاله لبلورة رؤية جديدة وواقع جديد. أما ما يظهر الآن من تشوش وفوضى وعنف، فهو جزء من مرحلة التغييرات، ليس النتيجة النهائية للتغييرات. سيطرة المتطرفين على المجريات القتالية وظهور العقول المتطرفة على المشهد وزج المطالبين بالثأر والانتقام بزخم في الحراك واندماجهم في القتال هو فصل من المعركة ومتناقضاتها؛ فالحرب العنيفة التي قادها تطرف طائفي كانت تتطلب بالمقابل متطرفين قساة للرد عليها. ثم فإنّ متغيرات كثيرة محلية وعالميّة تستجد وتتدخّل لتغيّر في مسار الأمور.
الإدراك العميق بأن الثورة لا تنحصر في إسقاط نظام سياسي حّاكم، وأنها نظام تغيير شامل يلزمه وقت للنمو والتطوّر، سيطوّر الخطاب السياسي ويجعله حيويا قابلا للفعل في حراك ثوري اجتماعي وفكري وسياسي وأخلاقي، وسسيسهم في إنضاج الرّؤية للواقع والماضي والمستقبل؛ فالمظالم التي تفاقمت مع الثورة جاءت نتيجة الاستبداد الطويل والقهر اليومي والجهل. وبالتالي فإن إسقاط نظام طاغ شمولي، لا يمكن أن يحصل بمعزل عن متناقضات حادة وتناحر شديد يفجّر مكنون السلطات الاستبدادية الفرعيّة الكثيرة؛ مثل العشائرية والدينيّة والطائفيّة والعرقيّة النامية في تربة النظام، والتي تسهم في إثارة التطرّف.
ظهور التّطرّف بهذا الشكل ليس ظاهرة غريبة أو مخالفة لسير التاريخ؛ لكنّ وجوده لا يعني بالضرورة اللزوم والثبات، وربما هو مرحلي. وبغض النظر عن الموقف المعادي للتطرّف ولأفعال المتطرفين الذين ينطلقون من مسلمات دينيّة فوقيّة إقصائية متطرفة وقبولها؛ فلا يمكن إغفال أن التطرّف هو أحد مكونات الحرب الدائرة. وأن تغلغله في الثورة أمر طبيعي كشكل من أشكال التّصدي للنظام السياسي الطائفي الذي مارس الإرهاب الممنهج بشكل عميق وواسع ضمن شبكة دعم إقليمي متآمر، خصوصا عند اندلاع الثورة السورية، التي تصدى لها بعنف دموي، منذ سلميتها وواجه أطفالها ونساءها ورجالها بوحشية في ظل تواطؤ دولي.
المعتدلون والعاقلون لا يستطيعون، أخلاقيا وفكريّا وعاطفيّا، خوض حرب طائفيّة عنيقة مع النظام الطاغية ومواجهته بقتال ضار شرس يقابل عنفه وجرائمه المرتكبة بحق الإنسانية. المتطرفون ظهروا ليقوموا بمحاربته، من داخل عقلية مماثلة، ومواجهة بطشه وأجهزة أمنه المرعبة ومقاتلة شبيحته الدمويين. اللعبة الإقليمية والدوليّة قامت بدورها في تاجيج الحرب الأهليّة بمساعي احتواء الثورة وتغيير مسارها وبتدوير حرب الإبادة ودعم الطغيان وشن الحرب الدولية ضد الشعب الثائر لتحويل الاختلافات الطائفية والعرقية إلى خلافات سياسية وتناقضات وطنيّة واتقسامات أخلاقيّة. التعبئة ضد مقاومة الشعب السوري الثائر، بدأت تعبئة طائفية شاملة وقومية مضادة، مارسها اللاعبون في الساحة السورية من مختلف الجهات. فمقابل ثورة إسقاط النظام، أوجدوا حربا أهلية مذهبية وقومية ليستنزفوا الثورة ويقضوا عليها في محاولة جديدة لإعادة رسم المنطقة داخل جغرافيا سياسية تقسيمية، تحافظ على مواقع اللاعبين ونفوذهم وهيمنتهم.
مع كل المتناقضات والمآسي والتغييرات...؛ فإنّ الثورة بدأت ثورة. والثورة مجرد خطوة لتحقيق الحرية والعدالة؛ لكنّها، وإن أخذت منحى العنف المسلّح والحرب الأهليّة، مستمرّة ولن تتراجع عن مطلبها في التغيير. العدالة محدودة والحرية محدودة وحالة الصراع ضد القهر ستنهك القوى المتصارعة...وستمتد...ويظل هدف الثورة مكافحة القهر والعبودية...المستقبل غالب ومغلوب، لا حياد فيه. والثمن فادح يدفعه الجميع... هي أمر استراتيجي. والأكيد أن المنطقة لن تعود إلى السابق.
مشروع الحرية ليس سهلاً، وتحقيقه يحتاج صبرا وزمنا، فهو تحرر داخلي وتحرر خارجي؛ صراع أفكار وفئات في الداخل. صراع قوى وإرادات في الخارج ومع الخارج. إنه أمر شائك من الصعب التنبؤ بنتائجه؛ لكنه يبقى مشروع تحرر..



#سماح_هدايا (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- هل يحتاج الأمر فصاحة وذكاء حتى نعرف أبسط الحقوق؟
- سياقات مجزوءة من زمن متجمّد
- ثنائية التضاد والتوافق-الأمة والأقليات-
- هل يمكن أن تبقى قضايا قضايا المرأة خاصة ومعزولة عن السياق ال ...
- أسئلة في الهوية والثقافة
- صناعة الحب في زمن الحرب
- مدخل في سياق المواطنة
- جراحهن أوسمة
- عقليّة صائدي الهنود الحمر
- التغييرات الثورية تقتحم واقع المرأة وتبدله
- الإيمان القبيح عندما يصبح علامة تجاريّة لترويج بضاعة السلطة
- التغيير استحقاق وهو قادم
- خلط الأوراق حتى الإيهام
- حتمية خلاص ... موت أو حياة...
- بلاغة الصدق وبيان الواقع
- المرجعيّة.. شرعيّة حق
- أينما توجّهتْ الحرية يرتعب الطغاة ويتلونون
- إشكالية اللغة العربيّة واللهجات المحكيّة
- يتناغم كل شيء من أجل الحياة...
- عنصريّة مشرعنة للتقتيل..وفتنة


المزيد.....




- الديمقراطيون لا يمتلكون الأجوبة للعمال
- هولندا: اليمين المتطرف يدين مذكرتي المحكمة الجنائية لاعتقال ...
- الاتحاد الأوروبي بين مطرقة نقص العمالة وسندان اليمين المتطرف ...
- السيناتور بيرني ساندرز:اتهامات الجنائية الدولية لنتنياهو وغا ...
- بيرني ساندرز: اذا لم يحترم العالم القانون الدولي فسننحدر نحو ...
- حسن العبودي// دفاعا عن الجدال... دفاعا عن الجدل (ملحق الجزء ...
- الحراك الشعبي بفجيج ينير طريق المقاومة من أجل حق السكان في ا ...
- جورج عبد الله.. الماروني الذي لم يندم على 40 عاما في سجون فر ...
- بيان للمكتب السياسي لحزب التقدم والاشتراكية
- «الديمقراطية» ترحب بقرار الجنائية الدولية، وتدعو المجتمع الد ...


المزيد.....

- ثورة تشرين / مظاهر ريسان
- كراسات شيوعية (إيطاليا،سبتمبر 1920: وإحتلال المصانع) دائرة ل ... / عبدالرؤوف بطيخ
- ورقة سياسية حول تطورات الوضع السياسي / الحزب الشيوعي السوداني
- كتاب تجربة ثورة ديسمبر ودروسها / تاج السر عثمان
- غاندي عرّاب الثورة السلمية وملهمها: (اللاعنف) ضد العنف منهجا ... / علي أسعد وطفة
- يناير المصري.. والأفق ما بعد الحداثي / محمد دوير
- احتجاجات تشرين 2019 في العراق من منظور المشاركين فيها / فارس كمال نظمي و مازن حاتم
- أكتوبر 1917: مفارقة انتصار -البلشفية القديمة- / دلير زنكنة
- ماهية الوضع الثورى وسماته السياسية - مقالات نظرية -لينين ، ت ... / سعيد العليمى
- عفرين تقاوم عفرين تنتصر - ملفّ طريق الثورة / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الثورات والانتفاضات الجماهيرية - سماح هدايا - التطرّف مكنون السلطات الاستبدادية