أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - مجدي عياد فرج - القبض علي الموضوعية - الجزء الثاني -العلم تحت المجهر















المزيد.....

القبض علي الموضوعية - الجزء الثاني -العلم تحت المجهر


مجدي عياد فرج

الحوار المتمدن-العدد: 4664 - 2014 / 12 / 17 - 12:27
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


في هذا المقال سأناقش طبيعة العلم والمعرفه العلميه إلي جانب أنني أود ان أعرب عن عدم إتفاقي مع فئتين في نظرتهم للمعرفه العلميه.
الفئه الاولي هي المؤمنين أيدولوجيا بالعلم ويرون فيه الحقائق المطلقه والواقع الغير قابل للشك، ورسالتي لتلك الفئه هي "تنويريه"، وذلك بطرح قضايا من فلسفة العلم وهي طبيعة المعرفه العلميه ونظرية المعرفه ، إلي جانب تنويهي بأن هذا يتعارض مع الروح العلميه.
الفئه الثانيه هي المقللين من شأن العلم لحساب نوع آخر من المعرفه سواء كانت أيدلوجيه دينيه أو فلسفه ميتافيزيقيه ، وستكون رسالتي "تحدي" وسأضع فكرهم علي المحك.

قراءه ممتعه

"هل الفيزياء هي تجريد رياضي لا يمثل الواقع بل يصوره علي طريقتنا الخاصه التي نرغب بها ؟"
أطرح هذا السؤال علي فيزيائي مثقف فلسفيا ، أتوقع أن يكون رد فعله هي ضحكة ساخره يعقبها تفكير عميق مهموم إلي أن ينتهي الأمر بأحباط داخلي .
قد يتعجب بعض الأشخاص من رد الفعل هذا الغير متوقع عن طبيعة علم نتاجه التكنولوجي في كل شئ حولنا.
مازالت تلك القضيه معلقه علي حد معرفتي ، لانها مرتبطه بطبيعة المعرفه التي هي مشكله يتجادل فيها الفلاسفه منذ قرون.
هذا هو السبب الوحيد الذي منع الكاتب من اعتناق العلم أيدلوجيا ، أي رفعه إلي مرتبة إيمان.

إن الزعم بأن العلم يمكن ان يكون إيمانا هو جهل بطبيعة العلم ، فالروح العلميه الحقه هي الذهن المنفتح علي كل نقد وكل جديد. فكل عالم تتمثل طموحه في تعديل وتطوير النظريات السابقه. أما الايمان بنظريه علميه أنها حقيقة مطلقه هو ضيق أفق. تعلموا الدرس ، ألم يقلب أينشتين المبادئ التي بنيت عليها الميكانيكا الكلاسية ويبين انها افتراضات حدسيه خاطئه لا تنتج من حتميه منطقيه.
ولكن ايضا لأكون منصفا فلابد ان أعترف بأن الحقائق العلميه عندما تتبدل فهي تنتقل من نطاق ضيق إلي نطاق أشمل وأوسع ، أو من رؤيه دقيقه إلي رؤيه أدق.
لذا فالكاتب يتبني رؤيه وضعيه وسطيه لطبيعة المعرفه العلميه.
هناك مشكله تثار دائما في فلسفة العلم وطبيعة المعرفه وهو ، هل يجب أن نعول المعرفه علي العقل الخالص ، أي نطلق العنان للعقل النظري ليبتدع النظريات التي هي الحقيقه طالما متماسكه منطقيا ، أم يجب أن تكون المعرفه واقعيه مستقاه من التجارب؟
أختلف فلاسفة العلم في الأجابه علي هذا السؤال. أما الواقع العلمي الأكاديمي حاليا لا ينتج المعرفه العلميه بأحدي هاتين الطريقتين المتطرفتين بل من الحوار والتكامل بينهم . فكل نظريه تقبل علميا يجب ان تكون متماسكه منطقيا ومتوافقه مع المعارف العلميه السابقه وأيضا لابد من تأييد تجريبي يؤكدها. ويمكن للقارئ ان يعود للمقال الذي ناقشنا فيه تلك القضيه
http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=443879

مشكله أخري تتمثل في أطروحة الفيلسوف دوهيم . وهي بأختصار انه لايمكن لأي تجربة ان تحكم علي صحة فرضيه بشكل منعزل وتمتحن هذه الفرضيه وحدها . بل ان التجربه تحكم علي نسق نظري كامل أي مجموعه من النظريات مجتمعه. أي ان العلماء حالهم مثل حال بحاره في وسط البحر لا يستطيعون تقييم أو تبديل ألواح الخشب في السفينه معا وإلا غرقت السفينه.

إشكاليه آخري بين العلم و المدارس الفلسفيه مثل الميتافيزيقيا المثاليه عند التقابل في قضيه مثل الوعي.
فالمشكله يمكن طرحها كالآتي : العلم الطبيعي قيد نفسه بالأشياء التي يمكن تناولها بالمنهج العلمي أي الاشياء الواقعيه ، لذا فهو لا يستطيع ان يتناول قضايا مثل لماذا الكون موجود ؟ وما طبيعة الوعي ؟ وما ماهية الأشياء ؟ وهنا يكمن أمل الفلاسفه الميتافيزيقيين في ان يجدوا مكانا لهم في عالم ساده العلم . إن الأدعاء بأن النزعه الماديه للعلم جعلته ينزع لتفسير كل الظواهر بأفتراضات ماديه طبيعيه أي أن العلم يؤيد الميتافيزيقيا المادية لا الميتافيزيقيا المثالية بحكم طبيعته ، ولكن يمكن للحقيقه أن تكون غير ذلك هو في غاية الخطوره ، فمعني ذلك أنه لاسبيل لمعرفة الحقيقه بفرض وجودها ، لأنه لايوجد منهج موضوعي آخر للمعرفه ، فالحل الوحيد سيكون الرجوع خطوه للخلف إلي الفلسفه أو خطوتين إلي اللاهوت ، فنكون قد فقدنا الموضوعيه وفرغت القضيه وكأننا محبوسين داخل غرفه لانستطيع رؤية ما بخارجها ونحن بالداخل ولكن إذا خرجنا نفقد الرؤيه.

المشكله يمكن تلخيصها في القول بأن العلم الطبيعي لا يمكن أن يخبرنا عن طبيعة الأشياء ، لكن الأمل يكمن في أستقراء تاريخ العلم ، فكم من ظاهره مقدسه كانت مستحيله علي العلم تناول موضوعها مبدأيا أقتحمها العلم وأتضح انه يمكن تناولها بالمنهج الطبيعي ، فظاهرة الحياه وعلم البيولوجي أوضح دليل علي هذا .
فمثلما امتلكنا معارف علميه قاطعه عن أشياء حيرت أرسطو وكثيرين غيره لابد أن الأجيال السابقه ستمتلك معارف علميه ستقطع شوط كبيرا في تلك القضايا التي نعنيها اليوم ، أتوق أحيانا أن أولد في الختام طمعا في الحصاد الكامل النهائي ، لكني هنا الآن فهنيئا للأجيال القادمه.

لاشك أن العلم نجح في تقديم معارف موضوعيه صحيحه ، والدليل علي ذلك الذي يمكن أن نقدمه هو التكنولوجيا ، وبالطبع ان هذا الدليل هو دليل الكسل ، لأننا يمكنا تأييد العلم حتي بدون ذكر شئ عن تطبيقاته ، ولكن روعة هذا الدليل انه لايتطلب ثقافه أو حتى قراءة وكتابه.
والكاتب يؤيد القول بأن الحقيقه العلميه مطلقه بمعني أنها تتعدي نطاق الأختلاف بين الأفراد وتتجاوز الحواجز الثقافيه أي موضوعيه ولكنها غير نهائيه ، ويري أيضا انه إذا كانت هناك حقيقه واحده مطلقه وصحيحه وموضوعيه فأن الأمل الوحيد يكمن في المنهج العلمي ، اللهم إلا إذا ابتدع البشر منهجا موضوعيا آخر.

نتوجه الآن بالحديث للفئه الثانيه واود ان اذكر بأنه من المقال السابق اتضح ان اللاهوت والفلسفه هي معارف غير موضوعيه ، اي انها ثقافات تختلف من ظروف لأخري.
ظلت كثيرا من المواضيع مقدسه لا يمسها العلم الطبيعي بشكل مباشر اللهم إلا في أزهان الفلاسفه ذوي بعد النظر في ذلك الوقت.
من أشهر تلك المجالات هي جسم الانسان والدماغ ومحاولة دراسة الذات البشريه بمنهج العلم الطبيعي ، كان ولايزال الانسان ينظر إلي كونه مختلفا عن مملكة الحياه علي الارض ، ألم يستمر الجدل في بعض القضايا المتعلقه بالجراحه ونقل الأعضاء وتطور الإنسان إلي يومنا هذا.
لاشك أن العلم نذيه عن الصراعات الايدلوجيه ولكن التقدم العلمي وإقتحام العلم لعالم المقدسات وضعه في مواجهة كثير من المعتقدات ، هنا تجد أصحاب كل عقيده يجدون أنفسهم أمام أربعة طرق لتفادي صدام العلم بالمعتقد ، الأولي هي الانفصام ، اتذكر جملة احد أساتذة الفيزياء النظريه وهو يقول لي أن العلم والدين مجالان منفصلين تماما لا يلتقيان ، لا اجد ان هذا حلا ، فكيف لشخص ان يعتقد في قصة آدم وحواء المذكوره في التوراة ويدرس البيولوجيا التطوريه في آن واحد ، ان هذه الطريقه ليست سوي هروب وانكار للمشكله.

الطريقه الثانيه هي اعادة تأويل العقيده لتتماشي مع ما إكتشفه العلم ، وهذه الطريقه المائعه لا تروق للكثيرين.

الطريقه الثالثه هي الطعن في إنجازات العلم لحساب المعتقد أي تقليد النعامه عند الخطر. ولا اقصد ذلك التشكيك الحميد الذي هو من صميم الروح العلميه فالعلم يتقدم خطوه بالنقد ، بل أقصد الرفض المبدأي للمنجزات العلميه عن جهل لانها لا تتفق مع القناعات المسبقه(بتشديد الباء).
إن الطريقه الاخيره تمثل خطرا علي كلا من العلم والمعتقد ، فخطرها علي العلم انها تثبط الفهم العلمي وتشوه الرؤيه العلميه الصحيحه لدي غير المتخصصين - وحتي المتخصصين أحيانا - أي انها تفسد الثقافه العلميه.
أما خطرها علي المعتقد فهو نفس الخطر علي نعامه تدفن رأسها ف الرمل عند رؤية أسد قادم لأفتراسها ، الاسد قادم قادم وتعلموا الدرس من كنيسة أوربا في القرون الوسطي.

أن التحدي الذي أوجهه للمدارس اللاهوتيه والفلسفيه التي عن جهل تطعن في المعارف العلميه "لاسباب ليست علميه" هو كالآتي : " حسنا لنفترض ان العلم غير موضوعي ، ألديكم منهج آخر للمعرفه "بشرط" ان يحقق كل منجازات العلم". ألم يتضح فشل اللاهوت والفلسفه في تقديم معرفه موضوعيه ، بل أود ان أدعوهم ان يشاركونا النقد الموضوعي لتحسين معرفتنا الحاليه والارتقاء بها ، بدلا من محاولتهم للعوده والانزلاق إلي أساطير القرون الغابره.

تبقي الفرصه الرابعه وهي الزعم بأن هناك معرفه موضوعيه بالتوازي مع المعرفه العلميه أو هي أشمل من المعرفه العلميه ، والجري وراء هذا النوع من المعرفه هو كشخص يركض خلف ظله ليلحق به ، قد يلحق به حقا في المالانهايه ، وحينما يقابلنا في المالانهايه سنهنأه بتلك الحقائق.

إن العلم ليس إيمانا ، أري في هذا تهور ، ولكنه ليس خاطئا إذا تصادم مع غرورنا وعجرفتنا وعقائدنا المسبقه ، أري في ذلك جبنا وجهلا. إنه افضل طريقه للمعرفه الموضوعيه حتي الآن علي الأقل. إنه شمعه اشعلها الأنسان بنفسه ليضئ بها عالم جهله ، ولكن رياح الخرافه رائجه وعنيفه واللهب الخافت يهتز مع هبوبها ، إني أشارك الراحل كارل ساجان في خوفه بأن تنطفي تلك الشمعه الضعيفه فيسود الظلام وننزلق عائدين لعصر الأساطير حينها ستبدأ الأشباح في التحرك ، ولكن إطمئن يا كارل فمن يستطيع عكس سهم الزمن .




#مجدي_عياد_فرج (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أصلبوا داعش
- القبض على الموضوعية
- الدراسه العملية والدراسه النظرية


المزيد.....




- صور سريالية لأغرب -فنادق الحب- في اليابان
- -حزب الله-: اشتبك مقاتلونا صباحا مع قوة إسرائيلية من مسافة ق ...
- -كتائب القسام- تعلن استهداف قوة مشاة إسرائيلية وناقلة جند جن ...
- الجزائر والجماعات المتشددة.. هاجس أمني في الداخل وتهديد إقلي ...
- كييف تكشف عن تعرضها لهجمات بصواريخ باليستية روسية ثلثها أسلح ...
- جمال كريمي بنشقرون : ظاهرة غياب البرلمانيين مسيئة لصورة المؤ ...
- -تدمير ميركافا واشتباك وإيقاع قتلى وجرحى-..-حزب الله- ينفذ 1 ...
- مصدر: مقتل 3 مقاتلين في القوات الرديفة للجيش السوري بضربات أ ...
- مصر تكشف تطورات أعمال الربط الكهربائي مع السعودية
- أطعمة ومشروبات خطيرة على تلاميذ المدارس


المزيد.....

- كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج / زهير الخويلدي
- معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية / زهير الخويلدي
- الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا ... / قاسم المحبشي
- الفلسفة القديمة وفلسفة العصور الوسطى ( الاقطاعية )والفلسفة ا ... / غازي الصوراني
- حقوق الإنسان من سقراط إلى ماركس / محمد الهلالي
- حقوق الإنسان من منظور نقدي / محمد الهلالي وخديجة رياضي
- فلسفات تسائل حياتنا / محمد الهلالي
- المُعاناة، المَعنى، العِناية/ مقالة ضد تبرير الشر / ياسين الحاج صالح
- الحلم جنين الواقع -الجزء التاسع / كريمة سلام
- سيغموند فرويد ، يهودية الأنوار : وفاء - مبهم - و - جوهري - / الحسن علاج


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - مجدي عياد فرج - القبض علي الموضوعية - الجزء الثاني -العلم تحت المجهر