سعيد العليمى
الحوار المتمدن-العدد: 4660 - 2014 / 12 / 12 - 21:54
المحور:
الارشيف الماركسي
بسمارك
حينما اراد الامير بسمارك ان يزحزح " اشيرون " * الاشتراكية ، وعرض على عبر وساطة براس رئاسة تحرير جريدة نورث جيرمان جازيت ، ثم عرض بعد ذلك من خلال بوخر على ماركس رئاسة تحرير شتاتس انتسيجر ، وفى الحالتين مع حرية تامة لترويج الاشتراكية بصراحة وصولا حتى نتائجها القصوى ، لم يكن حب الاشتراكية او معرفة الاشتراكية هى مادفعت الامير بسمارك لعمل هذا . فهو لم يفهم شيئا عن الاشتراكية حتى هذا الوقت ، كما لم يفهم ابدا اى شئ عنها حتى وفاته ، ولم يكن لديه اى مفهوم عن القوى المحركة للحياة السياسية والاجتماعية بالمرة . ومن المحتمل انه لم يعش ابدا فى اى وقت واى زمن " رجل دولة " كان اقل علمية ، واقل معرفة ، ومن اعتمد بشكل تام على التجربة ودهاء نصف مقامر ونصف بائع متجول ، مثل بسمارك . تضع هذه العروض المقدمة للاشتراكيين تحت ضوء ساطع عدم صدق زعم الامير بسمارك بأنه قد اعتبر دائما أن الاشتراكية الديموقراطية تتعارض مع وجود الدولة . لقد اراد بسمارك ان يستخدم الاشتراكية بهدف كسر وحل المعارضة البورجوازية الليبرالية وخاصة الحزب التقدمى .هذا فى حد ذاته هو اشد البراهين اقناعا بأنه لم يكن لديه تصور عن الطبيعة الحقيقية للاشتراكية .وهكذا تكرر بالطبع قدر الفتى الساحر . القوى الجوهرية التى استحضرت نمت فوق رأس الهاوى ولم يستطع ان يهزم الاشتراكية بل ان الاشتراكية هى التى هزمته .
ظهرت مسألة التاكتيكات آنئذ فى حزبنا للمرة الاولى . هل يجب علينا من اجل تنازلات معينة للعمال ، ان نساعد بسمارك ضد الحزب التقدمى والخصوم الآخرين لسياساته وبتوقع ان نصبح اقوياء بما يكفى لشن نضال ناجح ضده وضد الدولة العسكرية البوليسية لكبار الملاك التى تجسدت فى شخصه ؟ ام ان الحكمة ومصلحة الحزب تتطلبان ان ننتهز فرصة نزاع بسمارك مع البورجوازية التقدمية وخصوم سياساته الآخرين ، ونناضل ضد السياسات البسماركية وننظم البروليتاريا فى حزب سياسي مستقل بهدف اعداده للاستيلاء على السلطة السياسية ؟
تذبذبت البروليتاريا لبعض الوقت ، ولكن بعد بضع سنوات ، جرى التخلى عن التاكتيكات التى روجها بصفة رئيسية السيد فون شفايتزر التى تضمنت نهج الاقتراب من السياسة البسماركية وقبلت فى كل مكان التاكتيكات التى التزم بها الحزب من وقتها وحتى الآن . وتتقوم هذه التاكتيكات فى الحفاظ على صفاء الطابع الطبقى للحزب الاشتراكى كحزب بروليتارى ، وتدريبه بالتحريض ، والتعليم والتنظيم من اجل انجاز الانتصار للنضال التحررى ، لشن حرب منتظمة ضد الدولة الطبقية ، التى تتركز في ايديها السلطة الاقتصادية والسياسية للراسمالية ، وفى هذه الحرب ان ننتزع بقدر مايمكن المزايا من منازعات وصراعات الاحزاب السياسية الاخرى مع بعضها البعض .
*اشيرون هو الجحيم فى الميثولوجيا اليونانية – المترجم
يتبع
#سعيد_العليمى (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟