قاسم حسن محاجنة
مترجم ومدرب شخصي ، كاتب وشاعر أحيانا
الحوار المتمدن-العدد: 4660 - 2014 / 12 / 12 - 17:16
المحور:
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
http://www.alquds.co.uk/?p=263623
ليس بمُستغرب عن علي فرزات أن يكون رسمه الكاريكاتيري مُعبرا وبكثافة عن وضع ما . وفي هذا الكاريكاتير ، حيُ أثرياء وعلى مدخله شارة مرورية تُصور رقعة ملابس ، ومكتوب عليها ممنوع الدخول . والملابس المُرقعة تدُل على الفقير ، كما تدل البعرة على البعير في بلاد البعران . .. والفقراء ..!!
ماذا يوجد في أحياء الأثرياء بحيث يُمنع الفقراء من دخولها ؟؟ هل هي المطاعم الراقية ، حوانيت الملابس التي تبيع "منتوجات " أشهر المُصممين وأغلى الماركات ؟؟ هل هي المولات ببريقها وأضوائها الخلابة ؟ هل هي المقاهي التي تُقدم فطورا يبلغ ثمنه أجرة شهرية لعامل أو موظف ؟؟
لماذا لا يُريد الأثرياء دخول الفقراء إلى أحيائهم ؟؟ لئلا "يشوهوا " الصورة الجمالية ؟؟ أم ، لئلا "يُوسخوا " الشوارع والرصيف ؟؟ أم أن منظر الفقير يخدش العين التي إعتادت على رؤية "الجمال " الثري ، الشوارع النظيفة ، صناديق القمامة اللامعة ، الكلاب التي خرجت تتمشى مع أصحابها بعد الإستحمام بالشامبو ، جُزر الورد وسط الشارع والسيارات الحديثة واللامعة ..
لكن ، لماذا يتقيد الفقراء بقانون ممنوع الدخول هذا ؟؟
على الصعيد المادي ، فالفقير غير قادر إقتصاديا على التسوق في هذه الأحياء ، بل ولم يحلم حتى بتناول وجبة غداء في أحد المطاعم المُخصصة للأثرياء ، فهو بالكاد يستطيع توفير الخبز مع ما تيسّر من إدام ، له ولأبناء أُسرته ، التي ترتدي ملابس البالة (سيكوند هاند ) . وترك الملابس "المُرقّعة " التي خاطها أشهر المصممين لأبناء الذوات ، الذين يتنافسون في إظهار أجمل رقعة على بنطال أو جاكيت ..!! فهو لا يستطيع دفع ثمن رقعة واحدة .
نعم ، أحياء الثراء الفاحش ممنوعة على الفقير ، لأنه لا يملك ما يكفي لدخولها .
أما على الصعيد النفسي ، فالفقير ذوّت في نفسه ( عبر ألاف السنين ) القبولَ بقسمته ونصيبه ، ورضيَ خانعا بهما . فهذا ابتلاء لصبره ولرضاه ..
يرضى الفقراء بالفلسفة التي تُبرر فقرهم المُدقع وإملاقهم ، والتي أنتجها لهم الأثرياء أو ممثلوهم . ولم يتمردوا .
فالمُطالبة بالتوزيع العادل للثروات ، هو خروج على شرائع الحياة والكون منذ بدء الخليقة .
والسُلطان من إبتعد عن باب السلطان .. فكيف سينافس السلطان إذن ؟ إذا لم يقتحم عليه بابه ...!!
وينسى الفقراء في مرحلة غسيل الدماغ التي يمرون بها ، بأنهم هم ولا أحد غيرهم :
هم فقط من بنى القصور الشاهقات ..
هم وفقط هم من زرع الحدائق الغنّاء ..
وهم من أنتج الفواكه ، والخضرة والجبن والألبان ..
وهم من عصر الخمرة في الدنان ..
هم من خاط الرقع الثمينة في بناطيل الأثرياء
وهم من إستخرج المعادن والبترول ..
وهم ، لو أنهم يدرون ، هم من يمتلكون الحق في ملكية الأشياء التي أنتجوها
يا ليت الفقراء يعلمون ..
#قاسم_حسن_محاجنة (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟