القيادة الفلسطينية :عليها أن تعيد خلط الأوراق ،وتفعل أدوات المواجهة ..
طلعت الصفدي
2014 / 12 / 1 - 10:55
القيادة الفلسطينية : عليها أن تعيد خلط الاوراق ،وتفعل أدوات المواجهة ...
تتساقط حبات المطر في انتظار الأرض الحبلى بالوجع والهم الوطني ،مشبعة بغبار الحقد الدموي والإرهاب الصهيوني ،ودخان العدوان ورائحته تخنق الفلسطيني ،وتحاصره في قطاع غزة . لم ينته العدوان فذيوله وأوجاعه ونتائجه الكارثية أخطر منه ،فالمدمرة بيوتهم في انتظار اعمارها ،وتلقي موادها الأولية على الرغم من الشراكة الثلاثية سيئة السمعة ،حسب خطة روبرت سيري ( حكومة التوافق ،الأمم المتحدة ،اسرائيل ) غير موثوق بقدرتها على تنفيذ هذه المهمة في وقت قصير ،وحصارك يا غزة برا وبحرا وجوا مستمرا ،والمعابر موصدة بمكعبات اسمنية ولا بدائل ،وحكومة التوافق عاجزة عن القيام بدورها وعيونها بعيدة عن غزة ،والصراع الداخلي يحتدم ويتصاعد دون رحمة بالمواطنين ،ينتظرون أن تتعقل الاطراف المتصارعة ،خصوصا حركتي فتح وحماس ،وأن تعيا أن لا وقت للكلام الذي يطفح سما في فضائيات الضلالة ،تحت حجة حرية الرأي والفصاحة اللغوية ،والتصريحات التوتيرية في مواقع التواصل الاجتماعي ،تنشر غسيلها الوسخ والعار ،كمنابر لصيد الميتة والسب والشتم ،غافلون عن ممارسات قطعان المستوطنين بحق القدس والمسجد الأقصى ،والمقدسيون اطفالا ونساء منتفضون ضد كل اشكال الارهاب ،ودنس داعشي الصهيونية التوراتية ،وحدهم في معركة المواجهة كالمعتقلين والأسرى في خنادق التصدي الأمامية ،دون أن يتوقف الاحتلال عن ممارساته الارهابية في الضفة الغربية يسرق الأرض ويقتلع الزرع ،ويقتحم مواقع الكرامة والشرف والتاريخ العربي والإسلامي بإرهابه وتطرف حكومته العنصرية التي تسعى لقوننة عنصريتها بجعل اسرائيل دولة قومية لليهود .
وبلا استراتيجية سياسية وكفاحية موحدة ،تمتلكها القيادة الفلسطينية ،حنينها الى المفاوضات يشدها ،برغم مرور أكثر من عشرين عاما عليها ،والثقة بالراعي الأمريكي يبدو لم تهتز بعد ،برغم رفضه حق تقرير المصير للشعب الفلسطيني ،وتعطيله لكل قرارات الشرعية الدولية الخاصة بالقضية الفلسطينية .القيادة الفلسطينية تتلكأ وتتباطأ حتى الآن برغم كل التصريحات التي تناقض بعضها ،تاركة الشعب في حالة من فقدان الثقة بالقيادة ،وحالة من التشويش والقلق وفقدان الأمل ،ولا يعرف الى أين تتجه البوصلة ،ويحتاج الى الإجابة على السؤال ما العمل ؟؟ لماذا يجري تعطيل كل أسلحة المواجهة الدبلوماسية والكفاحية ،خصوصا أن لدى شعبنا مخزونا كفاحيا وقدرة على تحمل التضحيات من أجل حقوقه الوطنية . تتصاعد وتيرة الاجراءات الاحتلالية ضد الأرض والإنسان الفلسطيني ،والتي لا تهدد القضية الفلسطينية فقط بل الوجود الفلسطيني على أرضه ،بما فيها شعبنا في اراضي 1948،وما تصريحات ليبرمان بمقايضة وجوده بالمال والاقتصاد ،ومحاولة نيتنياهو واليمين المتطرف قنونة مشروع " الدولة القومية لإسرائيل ويهودية الدولة " إلا هجوما وإعلان حرب يهدف التصفية الوجودية والجسدية والروحية للشعب الفلسطيني ،ولا تأبه لكل التحذيرات والإدانات الأممية لها .
تحاول حكومة اليمين الصهيوني ،أن تستغل انشغال العالم العربي بأوضاعه الداخلية المؤلمة ،وصراعاته واقتتاله الدامي ،ومحاربة بعض بلدانه للإرهاب ضد داعش والنصرة وملحقاتها ،وحالة الانقسام في الساحة الفلسطينية لتنفذ مخطط سبق أن تم الاعلان عنه منذ قيام دولة اسرائيل على لسان بن غوريون أول رئيس وزرائها حين قال " نريد لهذه الأرض ان تكون أرضا يهودية كاملة وموحدة " . وتنفيذا للرؤية الاسرائيلية التوراتية ،فان القانون العنصري التي تحاول الحكومة الاسرائيلية اقراره في الكنيست ،بجعل اسرائيل دولة قومية لليهود ،يترتب عليه مجموعة من الاجراءات أخطرها تهديد الوجود العربي الفلسطيني في الاراضي الفلسطينية عام 1948 الذين يشكلون حوالي 20% من السكان غير اليهود ،واستخدام كل الوسائل بهدف تهميشهم ،واعتبارهم مواطنين من الدرجة الثانية غير مرغوب فيهم ،والانتقاص من حقوقهم التاريخية وكرامتهم وحريتهم في موطن آبائهم وأجدادهم ،وكأنهم ليسوا اصحاب هذه الأرض ،وتلزم كافة السلطات التشريعية والقضائية والتنفيذية والأمنية ووسائل الاعلام الصهيونية التعامل معهم على هذا الأساس ،كما تبيح للأجهزة الأمنية الاسرائيلية والجيش والمخابرات والسلطات المحلية مصادرة اراضيهم تحت حجج ومبررات ودواعي أمنية على طريق دولة نقية من الأغيار ،مما يؤكد دولتها العنصرية ،وممارستها لنظام التمييز العنصري البغيض الذي أدانه المجتمع الدولي ،وتحويلها الى دولة دينية فاشية ،تتعارض مع القوانين الدولية ،وحقوق الأقليات التي تحذر من تشكيل الدول على أساس ديني او عرقي او طائفي يجحف بحقوق الأقليات في الدولة . ان تصريح نيتنياهو رئيس وزراء اسرائيل " بان الدولة اليهودية تلغي حق العودة للاجئين الفلسطينيين " يؤكد مجددا عدم اعترافه بحقوق الشعب الفلسطيني وبقرارات الشرعية الدولية بما فيها القرار 194،ويرفض حل الدولتين .
أمام هذه الوضع الخطير الذي يهدد الوجود الفلسطيني على أرضه ،فعلى القيادة الفلسطينية لمنظمة التحرير الفلسطينية أن تدرك مخاطرها على الفلسطينيين والمنطقة ،ولا تتلكأ في التشاور ،ومشاركة الكل الوطني لاتخاذ خطوات تعيق وتعطل التوجهات الاسرائيلية اليمينية المتطرفة على المستوىين الداخلي والخارجي ،والعمل على حشد الدعم الدولي الرسمي والشعبي لمواجهة التمييز العنصري ،والإبادة الجماعية ،وعملية الاقتلاع لشعبنا ،وتفضحها أمام الرأي العام الدولي ،وتتدارس بعمق مجموعة من الاجراءات تشكل عدم الاعتراف بيهودية الدولة ،ولن تجدي تصريحات الرفض والإدانة والاستنكار ،بل تحتاج لخطوات عملية منها :
- سحب الاعتراف بدولة اسرائيل ،ما لم تعترف بالدولة الفلسطينية وبحقوق الشعب الفلسطيني ،فاعتبار اسرائيل دولة يهودية يلغى حل الدولتين ويفتح الساحة على صراعات جديدة.
- التوجه للجمعية العامة للأمم المتحدة ،وإعادة استصدار قرار باعتبار الحركة الصهيونية منظمة ارهابية وعنصرية كونها الأب الروحي لدولة اسرائيل .
- التوقيع فورا على ميثاق روما ،والانضمام لكل المنظمات الدولية بما فيها محكمة الجنايات الدولية وتقديم المسئولين السياسيين والعسكريين الاسرائيليين كمجرمي حرب وملاحقتهم دوليا ،وعدم ربطها بنتائج المشروع الى مجلس الأمن .
- التوجه فورا الى مجلس الأمن ،بالتعاون مع الجامعة العربية ،لاستصدار قرار بإنهاء الاحتلال الاسرائيلي عن الأراضي الفلسطينية المحتلة خلال فترة زمنية محددة ،وتطبيق قرارات الشرعية الدولية.
- اعادة النظر في التزامات السلطة تجاه اسرائيل ،والعمل على وقف التنسيق الأمني والاقتصادي مع الاحتلال الاسرائيلي .
- تفعيل المقاومة الشعبية وبناء جبهة مقاومة موحدة ،وتحويلها لمعركة حقيقية ضد المستوطنين وجنود الاحتلال ضمن الاراضي الفلسطينية المحتلة عام 1967 .
- تشجيع القوى والجمعيات ومؤسسات المجتمع المدني ،والجماهير بفئاتها على مقاطعة البضائع الاسرائيلية والأمريكية ،وتحويلها الى رأي عام فلسطيني ،وتعزيز العلاقات مع قوى التضامن الدولي مع الشعب الفلسطيني .
- تشكيل حكومة انقاذ وطني بديلا عن حكومة التوافق ،تقوم بواجباتها الاقتصادية والاجتماعية والديمقراطية ،تعمل على توحيد الوزارات والمؤسسات والأجهزة الأمنية ،وتعزيز صمود الجماهير الشعبية والفقيرة ،وحل كافة الاشكالات المعيقة للتوحد ،وتساهم في انقاذ مسيرة المصالحة الوطنية .
- ضرورة عقد مؤتمر وطني فلسطيني ،وإجراء حوار وطني شامل بمشاركة كافة القوى والشخصيات والقطاعات الشعبية والجماهيرية ،ومن الخبراء في كافة المجالات الاقتصادية والاجتماعية والأمنية والقانونية .. الخ في الوطن والشتات بهدف وضع استراتيجية سياسة وكفاحية من أجل اعادة بناء الوحدة الوطنية الفلسطينية ،والتوافق على استراتيجية وطنية موحدة تجاه مجمل القضايا الوطنية والمجتمعية التي تهم شعبنا في الوطن والشتات ،وترعى هذا الحوار منظمة التحرير الفلسطينية قائدة نضاله الوطني التحرري.