|
حوار حول نبذ الدعوات الدينية
التهامي صفاح
الحوار المتمدن-العدد: 4646 - 2014 / 11 / 28 - 21:58
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
قال صديقي : - يمكن لأي كان اليوم في عصر المعرفة والعلوم الحديثة والتكنولوجيا المتطورة والأنترنيت إذا قارن بين تاريخ البشرية البعيد والحيواني أي الذي كان ينزع فيه الإنسان لإثبات القوة عسكريا من خلال إخضاع الشعوب بالغزو والتفوق عليها معرفيا و إقتصاديا وغير ذلك وبين الآن إذا تحدثنا عن المجتمعات المتطورة الديموقراطية التي يتمتع فيها الإنسان بحقوقه كاملة ، أن يستنتج بكل سهولة أن تقدم المعرفة يؤدي لتحرير الإنسان من القيود والنزوع نحو السلام والكرامة الإنسانية وبالتالي التحول من المجتمع الحيواني الذي كانت تسوده علاقات القوة إلى المجتمع الإنساني الذي يسوده الإحترام والسلام والتنظيم والتخصص . قلت: - لذلك فالديموقراطية تعني نظريا تنظيم المجتمع تنظيما عادلا فيه مساواة وتعني الحوار بالكلام اليوم وتختلف عن تنظيمه الأمبراطوري الديكتاتوري حين كان حكام المجتمعات يعتمدون على التخويف و الإرهاب للمعارضين لهم وكان الحوار يتم بالسيف والقهر وليس بالمنطق والجدل الأخوي .هذا في القديم من الزمان. فقال صديقي : - نعم ، و لأن عدد سكان الأرض قديما لم يكن بالشكل المهول كما هو الآن فقد كانت هناك مساحات شاسعة بدون أو قليلة السكان حيث كانت الكثافة السكانية ضعيفة مقارنة بالآن .في بعض هذه المساحات كانت هناك تجمعات بشرية يحكمها التنظيم القبلي فحسب بينما تحت سطوة الديكتاتوريين الأقوياء كانت هناك طوائف أخرى ترزح تحت نير العبودية بل منهم من كان دون الآخرين يشكل أفراد الجيوش يستعملهم الحكام بطريقة عنصرية ظاهرة كوقود الحرب أو لأسوأ الأعمال . فظهر بين هؤلاء زعماء يا إما لتوحيد القبائل المتناثرة التي لم تكن تخضع لأي أمبراطورية قصد إعطائها قوة هي كذلك لتوظيفها في الغزو أو لتحرير العبيد المرتبطين برباط قربى ما والذين كانوا يرزحون تحت نير العبودية في أمبراطوريات ويشكلون جيشها الإحتياطي المعد سلفا للتعريض للموت قصد تشكيل قومية جديدة يمكنها هي أيضا السطو على مجتمعات أخرى .يمكن وصف حالة التجمعات البشرية آنذاك رغم تطوره الواضح بالنسبة للحيوانات الأخرى و كأنه يعيش في البرية والغابة و يسوده قانونها . قلت: - نعم تماما . ثم أضاف: - هؤلاء الزعماء تلبسوا بلباس الدين و إدعاء معرفة ما بعد الموت و الإتصال بخالق الكون و تمثيله على الأرض لتعبئة أفراد طائفتهم وكانوا أذكياء و مثقفين أكثر من مواطنيهم في ذلك الزمان الجاهل بالنسبة للآن.فحققوا أهدافهم بتزعم تلك الجماعات وتحريرها وتوظيفها بتحقيق تفردها العنصري بل منهم من صارأمبراطورا أو ملكا في الواقع دون تسمية نفسه بهذا الأسماء. قلت : - وبينما المعرفة كانت تجلب فقط المال والإحترام و المكانة الإجتماعية في اليونان القديمة منبت الفلسفة فقد كانت تجلب السلطة السياسية أو القرب من دائرتها في تجمعات بشرية أخرى . فتابع قائلا: - لذلك تناسل الوعاض و الدعاة الدينيين والأخلاقيين الذين يدعون لفلسفة و أفكارأولئك الزعماء أخذا بمعلوماتهم لنشرها على أوسع نطاق في غياب وسائل الإتصال وتعذر المواصلات و لو في رقع جغرافية تعد المسافات فيها بعشرات الكيلومترات فقط و ليس بمئاتها أو آلافها . فتماهوا معهم و لبسوا لباسهم و أبقوا على لحاهم ورددوا أقاويلهم بل أضافوا من عندهم ما لم يقله أولئك الزعماء و لفقوا ما إستطاعوا لذلك سبيلا خدمة لأهداف أسيادهم .. يزخر الثراث والتاريخ الديني بحكايات وروايات هؤلاء الكاذبة .لقد كان تحقيق تلك الأهداف الطائفية لحماية الجماعة مشروعا آنذاك وكان ينطلق من إعتبار الآخرين جاهلين و ساذجين يمكن إستغلالهم لتحقيق أهداف تبدو نبيلة في عيون الجماعة وبالتالي كانت الوسائل المستعملة لبلوغ تلك الأهداف مبررة حتى لو أنها إعتمدت على إستعمال الأكاذيب و الخدع . قلت : - للأسف اليوم و رغم تقدم وسائل الإتصال و المواصلات و التقدم المعرفي و التكنولوجي الذي أبان عن جدارته في تحسين حياة الإنسان و تحرره ودمقرطة مجتمعاته لا يزال من ينطلق من نفس المنطلقات وكأن الماضي المتخلف جدا لايزال حاضرا معنا. و بالأمس لا غير قرأت في شريط أخبارقناة الجزيرة تصريحا لخامنئي ديكتاتور إيران الذي يتحدث بإسم الإنتماء الطائفي الفارسي يقول فيه أن "الفكر التعبوي قد حقق نجاحات في كل من سوريا واليمن ولبنان الخ .إن الفكر التعبوي المقصود هو التشيع و إنتشار المذهب الشيعي في المناطق السنية .إنه غزو فكري .هذا هوالمقصود .ولكن بالنظرلحالة هذه البلدان المزرية على الصعيد السياسي و الأمني الناتجة عن توترات وصراعت حول السلطة و عنف داخلي يعتمد على منطق قوة السلاح ويحصد آلاف الضحايا و ليس على قوة المنطق الحكيم المؤدي للسلام يمكننا فهم ما يسميه خامنئي "نجاحات" .فلبنان بدون رئيس .و اليمن بدون حكومة يعبث بها الشيعة الحوثيون الذين لا يحترمون أي إتفاق أو إرادة سلام ..الحق عندهم في أفواه المدافع كما قال هتلر..و سوريا قد تمزقت تماما تمزق الفرائس تحت أنياب الأسود .هذا ما يمكننا وصفه بالعودة لحالة الحيوانية التي تحدثنا عنها في بداية هذا الحوار .إنها الغابة .و ليس أكثر دلالة على نجاحات خامنئي تلك الصورة المأساوية التي ظهر فيها حسن شحاتة المصري المتشيع الذي قتله السنة في مصر .لقد إقتلعوه الشيعة من بيئته الأصلية التي ترعرع فيها فصار معاديا لأهله حتى إبنه تبرأ منه .و حين رد عليهم ياسر الحبيب صاحب قناة "فدك" اللندنية المتشيطن بدا عاجزا عن الكلام وهو يرى نتيجة ومصير ما يدعو إليه وعاجزا عن وصف ما جرى لحسن شحاتة و أصحابه من المتشيعين الذين إنهال عليهم السّنيين بالهراوات . فقال صديقي: - لذلك أعتقد أنه آن الأوان لجعل الدين شأنا شخصيا وإعتباره حرية شخصية للعقيدة مكفولة للأشخاص فحسب و ليس للجماعات .ومن أراد البحث فيما لم يصل له العلم الحديث فيما يخص خالق و أصل الكون و تأسيس مؤسسات لذلك فليفعل لكن على حسابه الخاص و ليس على نفقات الجميع أي نفقات الدولة ..فللدولة تبعات أخرى تهتم بها كملء أفواه الجائعين و المتسولين أو إسكان الذين هم بدون مأوى يبيتون في الشارع أو المتضررين من الكوارث الطبيعية أو جرائم الإرهابيين في هذه المجتمعات و يشكلون عارا على المجتمع والدولة. يمكن أن تبقى أماكن العبادة مفتوحة بكل حرية لكل شخص للعبادة والمأوى والأكل و القراءة لكن ليس لتعبئة الناس بعضهم ضد بعض أو مقار لإنطلاق المظاهرات المخلة بالنظام العام أو للتخريب مثل ما يحدث في مصر بإسم الدين .هذا مرفوض. وبالتالي يجب تغيير المناهج الدراسية وتدريس التاريخ الديني المقارن بطريقة علمية وإحداث مواد لتدريس السلام و التضامن والتكافل والتعاون داخل المجتمعات والقيام بمنع التشيع و الدعوة إليه بالقانون و إعتباره جريمة و كذلك التهويد والتبشير و أي دعوة للدين. لأن هذه الدعوات تَعتبر الناس جاهلين وتحتقرهم و تتدخل في حريتهم و تعتبر القائمين بها أوصياء على الناس دون شرعية وتدخلا في سيادتهم على عقولهم التي توجد في أدمغتهم والتي هي جزء لا يتجزأ من أبدانهم المملوكة فقط لهم وحدهم .وهي دعوات للطائفية و العنصرية والكراهية والعنف والتوتر و الصراع والحرب وتهديد الأمن والإستقرار في المجتمعات الحالية في الشرق الأوسط وشمال إفريقا وتمزيقها من العيب والعار أن تستمرفي القرن الواحد والعشرين عصر الأنترنيت والمجال المفتوح للمعرفة العلمية الحديثة و الأخلاق الرفيعة المترفعة عن الطمع فيما للآخرين و حقوق الإنسان .وما داعش إلا تجسيدا لها. كما يجب منع أي تشهير بالأشخاص فيما يخص معتقداتهم الشخصية بأي شكل من الأشكال و إعتبارذلك جريمة بالقانون. ويجب تحرير الحكام من القيام برعاية هذه الدعوات و إنفاق أموال المجتمعات في سبيلها ليتفرغوا لباقي الملفات الشائكة و ما أكثرها و أعقدها. فقلت : - بالنسبة للمؤمنين بالله من سابع المستحيلات أن يكون الله يريد لنا هذه الحالة المزرية من التوتر والحروب والتخلف والجهل و المستوى الحيواني في القرن الواحد والعشرين. أما بالنسبة لغير المؤمنين به فالتوترو الحرب والكراهية كلها سببها عدوانية وجهل الإنسان فحسب. فقال صديقي: - نعم ، لذلك فالسياسة هي حقل مطلوب فيه تجند الجميع ولو بطوبة صغيرة للبناء ليس بمصطلحات الأديان القديمة الداعية للطائفية والعنصرية والكراهية والحرب و إنما بالمصطلحات الحديثة لعلوم السياسة والقانون و الحقوق البشرية والإقتصاد والفلسفة والحكمة المؤدية للحرية الحقيقية والكرامة و للسلام والتقدم و الإزدهار.فالقوة في السلام و ليست في الحرب أوالتوتر و تمزيق المجتمعات. .هل يستمرتماسك أي أسرة أفرادها متحاربين؟ قطعا لا. و إلا فالإنقراض هو ما ينتظر بعد العتبة في الآتي من الأيام و السنين بالنسبة للذين لا يريدون الإنصات اليوم لصوت العقل والكرامة و السلام.
#التهامي_صفاح (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
المغرب : التعليم يمكن إصلاحه و التلاميذ يمكنهم التعلم دائما
...
-
مجال شينغن shcenguen درس تاريخي حديث لشمال إفريقيا
-
داعش لا تكشف إلا عورة الفكرالذي تردده كالببغاء
-
مصر و محنة التخريب بإسم الإسلام
-
يا أمراء قطر: توقفوا عن دعم الإرهاب في شمال إفريقيا
-
للإيزيديين إيز..دا و خو ...دا (مرادفان لكلمة الله)
-
حينما تخطئ ثقافة الغدر والفرارهدفها وتتطاول على الربوبية
-
بالنسبة لسكان شمال إفريقيا ، هذه الأخيرة هي الهوية الواجبة
-
بعض الكلام عن -الخلق- و موجد الأكوان
-
بيان لإتحاد المؤمنين الربوبيين لشمال إفريقيا والشرق الأوسط
-
هل حسن البنا مؤسس الإخوان المسلمين ماسوني ؟
-
مزرعة الدجاج و الإستبداد
-
سافانا شمال إفريقيا والشرق الأوسط North Africa and Middle ea
...
-
الشعب التونسي يقول بوضوح (لا) للإسلام السياسي
-
هل تصيب عدوى -ألقوا الفاسدين في صناديق القمامة- الأكرانية من
...
-
اليوم الكالاكسي للسيدات Galactic women day
-
المغرب : تنظيم كأس إفريقيا للأمم و مصيبة إيبولا
-
المغرب : الضريبة على السيارت القديمة وقاعدة (ليس للقانون أثر
...
-
عاجل :هل تعتبر دول شمال افريقيا من درس الحوثيين في اليمن ؟
-
المغرب: أضحى وتقاعد وحق الكفاية في الإسلام
المزيد.....
-
استقبلها الان.. تردد قناة طيور الجنة أطفال الجديد 2024
-
“فرح أطفالك طول اليوم” استقبل حالا تردد قناة طيور الجنة بيبي
...
-
كاتدرائية نوتردام في باريس.. الأجراس ستقرع من جديد
-
“التحديث الاخير”.. تردد قناة طيور الجنة 2024 Toyor Aljanah T
...
-
المقاومة الاسلامية في لبنان تستهدف بالصواريخ تجمعا للاحتلال
...
-
المقاومة الاسلامية في لبنان تعلن قصف صفد المحتلة بالصواريخ
-
المقاومة الاسلامية في لبنان تقصف مستوطنة راموت نفتالي بصلية
...
-
بيان المسيرات: ندعو الشعوب الاسلامية للتحرك للجهاد نصرة لغزة
...
-
المقاومة الاسلامية في لبنان تقصف بالصواريخ مقر حبوشيت بالجول
...
-
40 ألفًا يؤدُّون صلاة الجمعة في المسجد الأقصى
المزيد.....
-
مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي
/ حميد زناز
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
-
( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا
/ أحمد صبحى منصور
-
كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد
/ جدو دبريل
-
الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5
/ جدو جبريل
المزيد.....
|