الطيب طهوري
الحوار المتمدن-العدد: 4646 - 2014 / 11 / 28 - 21:10
المحور:
الادب والفن
كل شيء يحيل إلى عكسه.. هكذا وجدتني..حين يسيطر علي النعاس، أستيقظ..وحين استيقظ يحاصرني النعاس..أشبع فأحس بالجوع، وأجوع فأشبع..
حين يأتي الليل أرى شمس النهار تضيئه، وحين يحل النهار أعانق الظلام..
أسير فأتوقف، واتوقف فأسير..إلى العمل نهارا/ليلا اذهب فأجد ابواب المؤسسة مغلقة..واذهب ليلا / نهارا فأجدها مفتوحة..أعمل/ لا أعمل..
حين يناديني أحدهم بالطيب أسمع كلمة الخبيث..وحين أنادى بالخبيث أسمع اسمي الطيب..
أكتب ،تبيض الصفحة، وأتوقف عن الكتابة ،تكتب السطور نفسها..
زرت الطبيب النفسي سائرا إلى الخلف فتوقف عن العمل، وحين حاولت المغادرة توقفت رجلاي عن الحركة وتكلم الطبيب ليصمت..وما إن صمت حتى استعاد الكلام..
قال: أنت لا أنت، وانت انت..
ولم أفهم شيئا ،وفهمت أنني أنا لا انا..وانني انا أنت..
في المنزل حين عدت سائرا إلى الخلف قدمت زوجتي طعام الغداء/ العشاء لي..رايت صحن الطعام فارغا، لكنني ما إن وقفت حتى امتلأ..مددت يدي إلى الطعام جائعا فشبعت ،وشربت الماء فعطشت..
ولأنني حي فقد مت، لكنني ما إن مت حتى حييت ومت وحييت ومت وحم..وهكذا كنت/ ما كنت..
سالت نفسي: من أنا؟، فكان الجواب: من أنت؟..
هكذا إذن صرت:
لا أنا مستيقظ ولا أنا نائم.. الأحلام تراوغ فيَ يقظتها..
لا أنا جالس ولا أنا قائم.. أتكور في المكان المتحرك كبة خيط تمتد إلي..
لا أنا جائع ولا أنا شبعان.. تملأ الريح فمي بفراغ الكلام ..
لاأنا مستريح ولا أنا تعبان.. تمتد يدي للمعول يحملها..
لا أنا مرتو ولا أنا عطشان.. تشرب الصحراء ماء يقيني..
لا أنا ليلي ولا أنا نهاري..لا فجر لي ولا غروب ..لابداية، لا نهاية..
لا أنا متعصب ولا أنا حواري.. ولست جاهلا او متعلما..
لا أنا عاري الجسم ولا أنا مكتس.. لا يراني أحد ويراني ..
لا أنا حافي القدمين ولا أنا محتذ.. لا الحر يلسع رجليَّ، ولا البر د يؤلمني..
لا أنا متوقف ولا أنا سائر.. أصطدم بالأشياء والناس ولا أصطدم..
لا أنا طيب ولا أنا خبيث..لا أعرف أحدا وأعرف الكل..
لا أنا متكلم ولا أنا صامت..يسمعني الناس ولا يعرفون صوتي..
لا أنا موجود ولا أنا غير موجود ..مكاني يسع الآخرين ويرفضهم..
لا أنا ميت ولا أنا حي.. قبري مفتوح ومغلق وينتظرني ويحضن غيري
أنا ولا أنا.. والأرض سمائي..
#الطيب_طهوري (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟