مديح الصادق
الحوار المتمدن-العدد: 4644 - 2014 / 11 / 26 - 10:31
المحور:
الادب والفن
بعد ما يقارب خمسة أعوام قضَّتها معي عائلتي من 1999 حتى 2005 في ليبيا
كانوا - بفعل ظروف قاسية هناك - مُضطرين للعودة للعراق، وبقيت وحدي في
نفس البيت الكبير؛ كم كان الفراق قاسياً في المنفى! فوثقتُ آلامي بتلك السطور.
اللوحةُ الأولى
في الساحةِ الخضراءِ
سادَ السوادُ وانحنى النخلُ
والشمسُ قد تسمَّرتْ
هربَ النجمُ، واحتجَّ القمرْ
صوبَ الشاطئِ الثاني البحرُ ولَّى هارباً
لم يُبقِ إلا القمامةَ أو
بعضاً من بقايا حجرْ
دكاكينُ أُغلقتْ أبوابُها
لا عِطرٌ يُباعُ، لا موزٌ، ولا ماءُ الزهرْ
اقفرَّتْ الطرقاتُ
واستوحشَتْ البيوت
ذبل الوردُ، ذابَ الجليدُ
وانحبسَ المطرْ
والمركزيَّةُ ها قد خلَتْ، طلاَّبُها قد غادروا
صمتَ الجميعُ
حتى المقاعدُ واللوحاتُ تحكي السِيَرْ
اللافتاتُ على المباني عُلِّقَتْ
والجمعُ يهتفُ:
أينَ سولافُ؟ وأينَ ماري؟ وأينَ سمَرْ؟
اللوحة الثانية
الوالدُ المسكينُ في المربوعةِ انزوى
في كلِّ ركنٍ يُنغِّصُهُ
ما خلَّفَ الأحبابُ من ذكرى
وآلافَ الصُورْ
فالأجربُ الذي آواهُ يوماً وأكرمَ
عضَّ اليدَ التي امتدتْ لهُ
مَنْ طبعُهُ الجُبنُ لا تعجبوا إذا غدَرْ
اللوحة الثالثة
في ( ككلَةَ ) الوادي الجميلُ الذي
آوى الأحبَّةَ ظِلُّهُ
رددَ الضحكاتِ، واسترجعَ الصدى
لم يبقَ فيكَ، يا وادي، من أثرْ
يا صانعَ الخبزِ، أينَ أحبَّتي؟
أينَ العويلُ؟
وأينَ مَن كانوا سلوتي؟
أجبني بالله
يا أخرسُ، يا تنُّورُ
وأنتَ يا شجَرْ
هاهُنا قاموا، وهُنا قعدوا
تلاسنوا، تشاجروا، تصالحوا
في قبضةِ كلٍّ منهمُ
ما نال من ضفيرة الشَعَرْ
زهرتي الأولى تستسيغُ قصائدي
والمغرورةُ الوسطى تقرأُ، تقرأُ
تكرهُ عيَّادَ المُدرِّسَ، الصغرى، والأسودَ
والزوجةُ تدعو: اللّهُمَّ استجبْ لي
فافترقنا
واستجابَ الدعاءَ القدَرْ
ليبيا، الجبل الغربي ( ككلة ) 2004
ملاحظة: الأجرب، شخص استقبلتُهُ وأكرمتُه؛ لكنَّهُ غدَر
#مديح_الصادق (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟