أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - نسرين السلامي - بائعة الكبريت














المزيد.....

بائعة الكبريت


نسرين السلامي

الحوار المتمدن-العدد: 4643 - 2014 / 11 / 25 - 00:42
المحور: الادب والفن
    


وعشت نصف هذا العمر لك ..
و ثمة قادم سيكون لي ..
ولا مكان لك بين اوراقي ..لا مكان لك بين شراشفي و لا في احلامي...
صباحا ساقف مزهوة ..اتاملني في مراة تشبهني ..
صباح الخير ..كما يحلو لعصافير الربيع ان تغني ..
صباح الشمس كما يحلو لسمائي ان ترقص.
صباح الحب كما يحلو لاقلامي ان تناديني.
صباح العيون الصاخبة ..كما يحلو لبوحي ...
صباح لوزك الابعد...صباح ورودي الاقرب..
على مائدة لامي ..جلست اتامل نبض الدفء في يديها...
امي تلك الصغيرة التي لم تكبر ..في خضم جنوني ..كانت هي طفلتي وكانت تتشبث بيدي لحظة نعبر الشارع سويا ..
امي تعرف انني لا اشبهها ..انا خوفها الاكبر فحسب ..
اتا تلك الانثى التي لا تتماهى معها. .يخيفها الادرينالين في لغتي ...
التوحش في عيني ...
ترهقها احلامي ..
عبث طفولتي الذي لا يتوقف...
امي طفلة رقيقة ...في طفولتي قرات لي قصة بائعة الكبريت ...بكيت طفلة الثلج التي توقف النبض في دمها ...بكيتها بحرقة ..وبكت امي معي ..
لسنين كثيرة اعتبرت ان بكاء امي معي ...لحظة احتضار بائعة الكبريت ... علامة مسجلة للامومة ...افراط في الحنان لا تمنحه الامهاات بسخاء ...ولمسة صغيرة حانية على جدران قلبي ...وامنت انه لكي اكون اما مثلها يجب ان ابكي مع ابنتي يوما بائعة الكبريت. ..
لكن لم يحدث ...
انا لم ابك بائعة الكبريت مع ابنتي ...ولم امنحها جرعة الحنان الزائدة التي منحتها لي امي تلك الامسية...
تذكرت وانا اترشف عبق الزهور في قهوتها ..تلك الجملة التي قالتها احدى المغنيات في مسابقة فنية حيث تزامنت حادثة سقوطها ارضا ..مع عيد الام ..
وجهت خطابا لامها بعينين دامعتين ...:لم يؤلمني انني وقعت المني انه لمرة اخرى .تركت وحدي لاسقط ..
انا لم يوجعني السقوط ...يا امي ...
المني انك لم تكوني هنا ...
انتظرت ان تبكي اوجاعي ايضا كما بكيت معي بائعة الكبريت ..
ولم اعرف بكبرياء المتمردة كيف اطرق باب بيتك ...
لم يقدني غروري ..اليك ..ولم تحملني وحدتي لاتقاسم معك كاس حليب ساخن ودمعتين ....
وقفت على اعتاب تلك المدينة التي افرغتني منك ...
لم يجب ان اعرف سائق سيارة الاجرة بالطرق والمنعطفات ...؟؟
لم لا يقرا لهفتي .؟
لم لا يقرا وجعي ...؟
ببساطة اقول له خذني لها...خذني لأمي ..
الا يعرفون في مدينة كهذه كيف يعيدون طفلة تائهة لامها...؟؟؟
حدثت امي عنك ..ذلك المساء..

كنت قد توقعت ان لا اجيد المشي عبر مسافات بعيدة ...لا اثار فيها لفتات الخبز ولا الحصى ...
ولم ترسل لي رسالة بحرية تعلمني فيها انك ات ..وانني قد لا اغتسل لمدة ثلاثة ايام كجوزفين نابليون ...وفاء لرائحة انتظارك...
توقعت ان لون الجنون في عيني سيبهت ...ان يصبح شعري اقل تمردا وفوضوية ...
ان اصبح باهتة الوجه ..لا كحل ..لا احمر شفاه ..
توقعت ان تدبر الحياة معك ...
ان يختفي صوت العصافير لحظة نحيبي الاخير ...
بجراة الاحتضار ..لم ابك ظهرك وانت تغادر ...وفاء لبائعة الكبريت لم ارثك وانت تحتضر في ضلوعي ...
لم اعد لك جنازة تليق برحيلك الاخير...
اكتفيت بالنظر عبر مراة امي ..اتفقد الكحل ..بريق العيون ...فوضوية الشعر ..
صباح الامنيات التي لم تتحقق بعد..
صباح طرقات الفل والياسمين..تلك التي تعشش في مسامي ..
صباح الاحلام الهادرة كامواج بحر تلك المدينة ....
صباح الطفولة المتاخرة...صباح امراة ما زالت انا ...
صباحك يا قديستي ..اعيديني حيث انت ...
خذيني لنعبر الشارع معا ...
لن اجري ولن اجرك من يدك ...ولن اختبر الادرينالين في ازدحام الشوارع التي تخيفك..
هبيني يا امي ...تلك الشرفة ..حيث تتفتح شجرة الفل في الامسيات ...
هبيني ذلك الخيال الذي سافر بدوني ..بعيدا عن ياسمينة حديقتنا ...
اعيديني ..حيث قبلة الصباح ..وهمساتك ...واشرعي نوافذ الغرفة ..ايقظيني مجددا ...لن اعترض ...
فقط اعيديني ..ولن اعترض..



#نسرين_السلامي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- الفلسطينية لينا خلف تفاحة تفوز بجائزة الكتاب الوطني للشعر
- يفوز بيرسيفال إيفرت بجائزة الكتاب الوطني للرواية
- معروف الدواليبي.. الشيخ الأحمر الذي لا يحب العسكر ولا يحبه ا ...
- نائب أوكراني يكشف مسرحية زيلينسكي الفاشلة أمام البرلمان بعد ...
- مايكروسوفت تطلق تطبيقا جديدا للترجمة الفورية
- مصر.. اقتحام مكتب المخرج الشهير خالد يوسف ومطالبته بفيلم عن ...
- محامي -الطلياني- يؤكد القبض عليه في مصر بسبب أفلام إباحية
- فنان مصري ينفعل على منظمي مهرجان -القاهرة السينمائي- لمنعه م ...
- ختام فعاليات مهرجان القاهرة السينمائي بتكريم الأفلام الفلسطي ...
- القاهرة السينمائي يختتم دورته الـ45.. إليكم الأفلام المتوجة ...


المزيد.....

- التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ / عبد الكريم برشيد
- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب
- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / د. أحمد محمود أحمد سعيد
- اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ / صبرينة نصري نجود نصري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - نسرين السلامي - بائعة الكبريت