|
بين الحسكة وحلب، والحلم الأوّل
أحمد حاج داود
الحوار المتمدن-العدد: 4614 - 2014 / 10 / 25 - 23:50
المحور:
الادب والفن
منذ أربع سنوات، وأنا أعيش متنقلاً بين الحسكة و حلب، لم أحدّد في أيٍّ من هاتين المدينتين تكون روحي طليقة أو مقيدة، في أيٍّ منهما يكون خيالي حرّاً أو منفياً ... سفرٌ ..و سفر.. ومن ثم سفر، وفي كل سفر حلمٌ جديد، و قصة عشقٍ جديد..بطليها إحدى الجميلات و خيالي المسافر معي.. قصص و أشعار و أغاني تتردد على ذهني ..وبين هذه و تلك، مناظر تمتد أمامي كبساط لا متناه في الطول ..تشعل ذاكرتي و توقظها ثم تتعبها و ترحل... في شوارع حلب أمشي، و تلحقني كلّ كائناتي، أقف برهة أتأمل نفسي لأتأكد بأني لا أقلد أحداً من المشاهير، وفي هذه الحركة شيء كبير من الثقة، و رغبتي الطفوليّة في أداء دور البطل في كل مشكلة تعترضني.. الكابتن ماجد..دايسكي ..ماوكلي..كلها أدوار قمت بتمثيلها في محاولة مني للمزج بين الواقعي والخيالي.. هكذا أبدأ.. أشعلُ سيكارة، وهنا في حلب أجاهر بها الشوارع و الأزقة والأسواق، أعيد علبة السجائر إلى جيب الجاكيت..وأمضي .. و كثيرة هي المرات التي أمضي فيها دون أن أدري إلى أين أنا ذاهب، فالباعة و السماسرة سيتكفلوا لك بهذا الشيء، ما إن يروا غريباً حتى يهاجموا عليه ويعرضو له قائمة المبيعات.. جينز، كنزات، جوارب تفضل استاذ، تفضل ابن عمي.... في شيخ مقصود، أعرف أصحاب المحلات واحداً واحداً, أسلّم عليهم، و يردّون سلامي بدعوة كريمة، فأنظر لساعتي فإن أسعفني الوقت جلست مع أحدهم لأسرد شيئاً من حنين المسافات... و أينما أكون في حلب ..في الميدان أو الأشرفية، أو الجميلية، فليس لي في النهاية سوى عالمي الصغير ..غرفتي في المدينة الجامعية أدخل لأجد شريكي في الغرفة يأكل، أحياناً كثيرة أجده جائعاً .. أسرع إلى دفتر اليوميات لأكتب شيئاً فأكتشف بأنه لا جديد لأضيفه إلى سطوري المتشابهة، فأقف هنيهةً أمام بياض الورقة الحاد، لأكتب في النهاية بضع كلمات تعبر عن فشلي بأمتلاك حلم أنثى تلوّن لي دفتري هذا وحياتي أيضاً... و في الكلية، حيث الدراسة والواجب الدراسي يلاحقني في كل زاوية، تسألني الدكتورة عن شيء ما، فأقف و أتأمل ما حولي، وتتابع الدكتورة: وين قلمك؟ لشو القلم وين الدفتر؟.. أجد نفسي في نهاية المحاضرة ، آه كم تغيرت! هل هذا أنا؟ ويوم آخر يمرّ .. وهكذا أجد نفسي على أبواب سفر جديد إلى مدينتي الحسكة.. على الأغلب أصل الحسكة في وقت متأخر فتستقبلني أشجار الكينا المنتشرة بغزارة هنا .. أصل البيت بعد نقاش حزين مع سائق التكسي الذي يشرح و يأسف لغلاء أسعار المواد الغذائية، فأوافقه الرأي دون أن أفهم بالضبط قصده، هل فاتحني بهذا الموضوع لأنه ما من موضوع يحكي فيه؟ ما أعلمه أن الناس التي لم تتعرف على بعضها بعد تتحدث عن الطقس و أحواله و المنخفضات و المرتفعات الجوية....المهم، أصل البيت و بعد سلام و عتاب أجد نفسي مستسلماً لحلمي الأول.. فهنا في هذه المدينة(الحسكة) التي أرجح أن تسميتها جاءت من الحسحسوك (بالتأكيد تعرفونها) كان حلمي الأول..هذه المدينة غسلت خيالي بكاءبتها و خيالها المتعب... أمشي في شوارع الحسكة لا كغريب، بل كأبن لهذه المدينة و بثقة عمياء بأني يوماً ما سأعود الى جوف رحمها منتصراً .. أمشي في السوق و أسلم على الباعة و أصحاب المحلات الذين يختلفون عن باعة حلب حيث لا صياح هنا.. أمر من ساحا ختو باتجاه تل حجر لأقابل أحد الأصدقاء ممن أنهكتهم الحياة، فنمضي معاً في جولة فنعرج جنوباً باتجاه كلاسة(كه لاسي) فإن صادف و كان يوم الخميس أجد نفسي و قد دخلت سوق الخميس (سوكا بينشمي) لأجد الفقراء يتهافتون على شراء الخضار و الفواكه والتي تكون بأسعار زهيدة...يحزنني أن الواقع لم يتغير ..فنمضي إلى الناصرة، لننطلق منها إلى الصالحية التي لا تستطيع أن تكون محايدة أبداً.. أقف أمام إمام جامعٍ أعرفه، يفتح باب الجامع ليؤذّن المغرب، نسلّم عليه فيخبرنا آخر ما فكّر به و يُسند كلامه ببعض آيات الله و أحاديث رسوله، أقابل أصدقائي هناك، نتبادل المحبة و الكلام، و بعد ساعات نعود.. وفي طريق العودة تستوقفنا فلافل الحمرة فنأكل، أتامل الورق الذي لفّ به، أجده أبيضاً يذكرني بصفحاتي عند بدء الكتابة... محلات الفلافل تبيع الصندويش ملفوفاً بصفحات الكتب في حارتنا بالناصرة، تأكل الفلافل و تقرأ الشعر أو تقرأ قصة... و أدخن سيكارة سراً، وأعود في ساعة متأخرة الى البيت، وأمرّ من أمام بيوتٍ أحببتها... وأحصي كم يوم بقي لي لأسافر.... من ثم أنام على حلمي الأول.. أو لا أنام
#أحمد_حاج_داود (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
خريف القلب
-
غيابها....، وخريفي
-
المثقّف العربي والخطر الكوردي
المزيد.....
-
الفلسطينية لينا خلف تفاحة تفوز بجائزة الكتاب الوطني للشعر
-
يفوز بيرسيفال إيفرت بجائزة الكتاب الوطني للرواية
-
معروف الدواليبي.. الشيخ الأحمر الذي لا يحب العسكر ولا يحبه ا
...
-
نائب أوكراني يكشف مسرحية زيلينسكي الفاشلة أمام البرلمان بعد
...
-
مايكروسوفت تطلق تطبيقا جديدا للترجمة الفورية
-
مصر.. اقتحام مكتب المخرج الشهير خالد يوسف ومطالبته بفيلم عن
...
-
محامي -الطلياني- يؤكد القبض عليه في مصر بسبب أفلام إباحية
-
فنان مصري ينفعل على منظمي مهرجان -القاهرة السينمائي- لمنعه م
...
-
ختام فعاليات مهرجان القاهرة السينمائي بتكريم الأفلام الفلسطي
...
-
القاهرة السينمائي يختتم دورته الـ45.. إليكم الأفلام المتوجة
...
المزيد.....
-
التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ
/ عبد الكريم برشيد
-
مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة
/ د. أمل درويش
-
التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب
...
/ حسين علوان حسين
-
التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا
...
/ نواف يونس وآخرون
-
دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و
...
/ نادية سعدوني
-
المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين
/ د. راندا حلمى السعيد
-
سراب مختلف ألوانه
/ خالد علي سليفاني
-
جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد
...
/ أمال قندوز - فاطنة بوكركب
-
السيد حافظ أيقونة دراما الطفل
/ د. أحمد محمود أحمد سعيد
-
اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ
/ صبرينة نصري نجود نصري
المزيد.....
|