عماد عبد اللطيف سالم
كاتب وباحث
(Imad A.salim)
الحوار المتمدن-العدد: 4600 - 2014 / 10 / 11 - 22:00
المحور:
الادب والفن
أنتِ لا تحبّينَ شِعْرَ " التفعيلة " ، و تكرهين قصيدة النثر .
أنتِ لا تطيقين الروايةَ ، لأنّها طويلةً جداً .. ولا تفهمينَ القصصَ القصيرةَ ، لأنّها قصيرةٌ جداً .
أنتِ ضدّ الفلسفة ، وضدّ جميع الفلاسفة . و تسألينني دائما : ماذا يعني أن يكون المرءُ فيلسوفاً ، أو أحمقاً .. إذا كان هناك بينهما فرقٌ ما في الأصل .
انتِ تعتقدينَ أنّ " المُتصوّفةَ " مجانين . وأنّ " مولانا " جلال الدين الرومي ، لو تقدّمَ لخُطبتكِ ، فأنّكِ ستموتين من الرعب . وإنّ " بابا " لم يكن ليسمحَ لهُ بالدخول إلى " الصالة " . وكانَ سيطردهُ شرّ طردة بمجرد أن يطرقَ جرس الباب الصغير المؤدي إلى الحديقة ، في قصركم المنيف ، ذو السبعة أبواب .
أنتِ تتذمّرينَ من الموسيقى التي أعشقها ، ومن الأغاني التي أحبّها .. لأنّ الأولى مُمّلةٌ جداً ، والثانية غير قابلةٍ للفهمِ .. وعندما قلتُ لكِ .. و فيروز .. وفيروز .. قُلُتِ لي أنّ صوتها يشبهُ طنينَ نحلةِ محبوسةٍ في زجاجةٍ مغلقة .
أنتِ كُنتِ تسافرين كلّ عامٍ مرّتينِ على الأقل إلى بيروتَ و تبليسي وأسطنبول . وأنا بالكادِ أغادرُ حيّنا في الرصافة ، إلى حيّ آخرَ في الكرخِ ، لزيارةِ خالتي " بدريّة ".
ومع كلّ ذلك ، فأنتِ تكتبينَ لي الأن .. رسالةً من عالَمٍ آخر ، و مدينةٍ أخرى ، وبيتٍ آخر .. وقُربَ رجُلٍ آخر :
[ أنأ أعرفُكَ منذُ الأزَل .. و أحِبُّكَ منذُ الأزل .. ولا أزال . ]
سيدتي العزيزة .. أنا لا " أزَلَ " لي .
أنا مقطوعُ الجَذْرِ ، و مثلومُ الخاطِرِ ، ومكسورُ القلب .
أنا مثلُ ( كَزار حنتوش ) الذي كتبَ يوماً :
" لولا بغداد وفيروز ورسمية .. لأقترنت ضفدعة بي .. ولألقى العنزُ عليّ الفضلات .. ولكنتُ مجرد عربة .. دون قيود أو عجلات . "
( كَزار) .. شقيقُ روحي ، الذي سافرَ ، فقط ، من الديوانيّةِ إلى بغداد ، ومن بغداد إلى الديوانيّة . وعندما ماتَ كانت زوجتهُ و حبيبتهُ ( رسمية محيبس ) تقفُ إلى جانبه . تعرفهُ منذُ الأزل .. و تُحبّهُ إلى ما بعد الأزل .. وتكتبُ لهُ وهو هُناك .. في رمل النجف الشاسِع :
" آه كم يبدو هذا العالم موحشٌ دونك " .
#عماد_عبد_اللطيف_سالم (هاشتاغ)
Imad_A.salim#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟