صبري هاشم
الحوار المتمدن-العدد: 4600 - 2014 / 10 / 11 - 20:05
المحور:
الادب والفن
زمن البغايا
***
هنالك
في مدينتي الأولى
التي لا تُشبهُ كلَّ المُدنِ
هنالك
في حاضنتي الأولى
هنالك .. هنالك
حيثُ يهيلُ الزمانُ رمالَهُ على نساءٍ
وجدْنَ متاعاً في مَبْغى
تركْنا كثيراً مِن حسراتٍ
وقليلاً مِن ذكريات
هنالك
حيثُ تتفتقُ فحولةُ الرّجالِ
وبذورُ مَن لم تخصبْ بعد أرضُ كرومِهم
تجتمعُ البغايا
في بيوتٍ آيلةٍ للزوالِ
تحرسُها شرطةٌ
يسيلُ لُعابُها للشهوةِ والرشوة
هنالك
خلف ذلك الزمنِ الممزوجِ بوهمِ اللذّةِ أحياناً
المُعفّرِ بالذلِّ والمهانةِ
تقيمُ نسوةٌ
يحلمْنَ بعائلةٍ مِن زوجٍ وعيال
فصيّرهنَّ الربُّ بغايا
هنالك
حيثُ تتشابهُ المُدنُ في السلوكِ البشريِّ
سفحْنا أجنةً فوق الأسرةِ المستباحةِ لكلِّ طالبٍ
هنالك هنالك
مثلما هنا وفي كلِّ مكانٍ
تقيمُ اللواتي كنَّ إلى الأمسِ آنساتٍ
أو سيداتٍ
فقيل : هنا تقيمُ العاهرات
فيما تقطنُ العاهراتُ الحقيقياتُ قصوراً شامخةً
إليهنَّ يُشيرون : تلك جنانُ المُحصّنات
هنالك
خلف سكنِ البغايا يجثو مسجدٌ
يؤمُه المؤمنون
ومَن جدَّ في العبادةِ
ثم مَن ادعى
هنالك
في صدرِ المبغى يشمخُ جامعٌ ومآذنُ وقبابٌ مثلما
تصهلُ بأمانٍ كنيسةٌ للسريان
يرتادُها في الآحادِ ربٌّ
لا يرى ما صنعت
بسكّانِ الحجراتِ الرطبةِ يداه
حيثُ تنفلتُ النطفةُ إلى أقصاها
في أرحامِ نسوةٍ
كنَّ أجملَ مِن حورِ العينِ
وأشهى
مِن كلِّ مُتَخفّيةٍ وراء حجابِ
هنالك
حيثُ تقيمُ الأجسادُ العاريةُ
إلاّ مِن قطعِ قماشٍ صغيرةٍ مُطرزةٍ بالدانتيلا
يقضي بعضُ الآلهةِ وطراً في التسبيحِ
ووطراً مِن زواجِ المتعةِ
هنالك
هنالك
حيث تقيمُ الأرواحُ الخاويةُ
الخائفةُ المُتشبثةُ بأملٍ واهنٍ
يأتي أو قد لا يأتي
بعد طولِ انتظار
هنالك تقيمُ ما أُصطلحَ على تسميتِهنَّ بالساقطات
فيما الساقطاتُ يقمْنّ في بروجٍ عاجيةٍ
هنالك
هنالك
تقنطُ الجميلاتُ
وينقطعُ في مداهنَّ خيطُ الرّجاء
هنالك
هنالك
اللعنة على المجتمعات
تقيمُ في الظلامِ
نسوةٌ مظلومات
27 ـ 1 ـ 2010 برلين
***
#صبري_هاشم (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟