صبري هاشم
الحوار المتمدن-العدد: 4597 - 2014 / 10 / 8 - 17:06
المحور:
الادب والفن
***
أيُّها العاشقُ
***
تعالَي شاهقةً
مثلَ فرسٍ مُغيرةٍ
تلتهمُ ضفافَ الصباحِ
مثلَ فرسٍ قادمةٍ مِن وراء المجرّاتِ
تحملُ قمراً مُدْهِشاً ونافذةً للبَوْحِ
هذه الأفراسُ خطفتْ وردةَ الماء
وبها عَبَرَت تخومَ الصحراء
تعالَي شاهقةً
كما عرفتُكِ للوهلةِ الأولى
اغمريني برائحةِ الوجدِ
ثم تضمّخي بزيتِ المُغرياتِ
مُغريةً تعالَي
كما عهدتُكِ
منذُ تَهَوّرِ النّهدِ في ميدانِ الرقصِ
اغسلي وجهَ الصّبحِ بالضحكاتِ
وداعبي بهجةَ النّدى
أنتِ
أنتِ
كم أخشاكِ مسكونةً بموسيقا الرّيح
وشهوةِ الشّمسِ
وأنينِ النهارِ
تعالَي ، مِن علٍ ، مُبَخّرةً
فأنا ، منذُ اشتياقِ السواحلِ لجسدِ الأنثى ، منتظرٌ
منذُ انطفاءِ الحكايا في كؤوسِ الليلِ
أنا منتظرٌ
فوقَ رصيفٍ لا يملُّ انتظاري
وشيئان مِن حوليَ يدوران
مِن وهجِ اللحظةِ يقتربان
عني يبتعدان
شيئان يصبّان في نهرِ تَوتُّري :
لوعةُ الحنينِ إليكِ أيتها البلادُ البعيدة
والألمُ الصاهلُ في صدري
اقتربي طازجةً
فما أشهاكِ هذا الصّباح !
وما أطيبَكِ في المساء !
اقتربي يا نبعَ اللذّةِ
فهذي الجدرانُ الوهميةُ
ستنفتحُ على السهولِ المسكونةِ بالرّحيل
وهذهِ الصروحُ الرّماديةُ ستنهدُّ
وفوقها ينمو زهرُ البهجةِ
تقدّمي
ما أرقّكِ اللحظةَ !
عاليةً كوني
شاهقةً
ومعكِ اجلبي الصحراءَ
وشيئاً مِن سرابٍ
وأوهميْنا ببحرٍ بلُّوريٍّ
قولي هذا بحركم الذي به تحلمون فاركبوا السّفينةَ
ثم ارتحِلوا
غادروا المدينةَ
تعالَي واجلبي المطرَ
هل يأتي المطرُ بعد الآن ؟
هل تأتي السّحابةُ العاشقةُ ؟
هل يأتي النّسيمُ بعد هبوبِكِ ؟
هل تأتي بلادٌ حزينة ؟
شيئان مني يقتربان
شيئان عنّي يبتعدان
شيئان حولي يدوران
كلّما عصفتْ بنا المنافي
كلّما كانت تلك البلادُ بعيدةً
تلك البلادُ التي كانت إلى جواري
تُظللني مِن وهجِ الهجيرةِ
كأنّها شجرٌ فردوسيٌّ
تميلُ حيثُ أميلُ
تعالَي
شاهقةً مثلَ طائرٍ أغوتْه أطيافُ نجمةٍ
تعالَي
فتلك البلادُ صارت بعيدةً
هجرتْنا وعلينا بعد الآن
لن تنشرَ الظّلالَ
تلك البلادُ التي في المسافةِ غارتْ
لم تَعُدْ بعد الآن بلاداً
لم تعُد كما كانتْ
برلين 1 ـ 11 ـ 2009
****
#صبري_هاشم (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟