هيثم خوري
الحوار المتمدن-العدد: 4576 - 2014 / 9 / 16 - 22:21
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
يكثر في الوسط السوري استخدام مصطلحات سياسية ك "حقوق الانسان" و"العقد الاجتماعي"، ولكن ربما لكثرة استخدامها، ابتدأت تفقد معانيها الحقيقية، لهذا وبغية إعادة هذه المعاني سنتتبع جذور نشأة هذه المصطلحات في الفكر السياسي، ولهذا سأعرض لكم في عجالة شئ من رؤية الفيلسوف الإنكليزي توماس هوبز لهذه المفاهيم.
توماس هوبز فيلسوف إنكليزي عاش في القرن السابع عشر، وكان في ذلك العصر يعتبر حكم الملوك آتياً عبر توكيل إلهي. كتب هوبز، في عام 1651م، كتاباً بعنوان "الطاغوت". في هذا الكتاب طرح أن شعب في بلد معين يجب أن يطيع سلطة ذلك البلد، ولكنه رفض أن تكون هذه الطاعة آتية من الامتثال لإرادة الله، بل من المصلحة الذاتية للشعب، وليس من الأمر الالهي.
بحسب هوبز، فإن الفرد يجب أن يطيع من هو أو هم في السلطة، بقدر ما تؤمن له هذه السلطة الأمان. إن مهمة الحكومة في الدرجة الأولى هي توفير الحماية والأمان. وليثبت وجهة نظره أن الناس كانوا في "حالة الطبيعة الأولى"، أي في حالة حرية كاملة، حيث لا أحد لديه سلطة على أحد، في هذه الحالة فإن كل فرد له الحرية الكاملة، وكلهم متساوون ولهم "الحق الطبيعي" أن يفعلوا ما يشاؤون. المشكلة ستكون في الطبيعة الانسانية التي لها نزعة دائمة لا تخمد إلى السلطة. وهذه النزعة التي لا تخمد تقود الفرد إلى سلطة بعد سلطة لا تتوقف إلا بالموت. وهي التي تؤدي بالأفراد إلى عداوة الواحد مع الآخر، وتقلب "حالة الطبيعة" إلى حرب لكل انسان مع كل انسان.
لهذا بحسب وجهة نظر هوبز، فإن الأفراد الحذرين العاقلين الذين يراعون مصالحهم الذاتية يدخلون في “عقد اجتماعي” مع السلطة السياسية القائمة. لهذا فإنهم يتخلون عن جزء من حقوقهم الطبيعية للسلطة السياسية، مقابل أمنهم. إذاً فإن الشعب بموافقته يسمح للسلطة أن تفعل أي شيء لتحافظ على النظام والسلام، وهو يمنحها سلطات لا محدودة لفعل ذلك، إلا في حال ابتدأت تشكل خطراً عليه، فله الحق بالدفاع عن نفسه.
لا شك أن هناك إضاءات جميلة في طروحات هوبز، فمثلاً هو يعتبر الأفراد متساوين ولهم الحق الطبيعي بأن يكونوا أحراراً، وأنهم بموافقتهم يصنعون الحكومات ليحموا مصالحهم، وبهذا فإنه يكون الشخص الأول الذي يطرح مفهوم العقد الاجتماعي. بالمقابل فإنه بإعطائه عندما تلك السلطة شبه المطلقة للحكام ربما يقع بالتناقض مع نفسه.
بالرغم من هذا التناقض المحتمل، تبقى نظرية هوبز واحدة من اللبنات الأساسية في فكر الحريات والعقد الاجتماعي. غداً سنتكلم عن جون لوك، ونبيّن كيف تجاوز في طروحاته نقاط ضعف نظرية هوبز.
ملاحظة: عُرض هذا النص في إطار حوارات مجموعة "حوار الجمهورية".
#هيثم_خوري (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟