أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - رشيد العالم - كرسي الإعتراف (1)














المزيد.....

كرسي الإعتراف (1)


رشيد العالم

الحوار المتمدن-العدد: 4575 - 2014 / 9 / 15 - 17:54
المحور: الادب والفن
    


كُرْسِيّ الاعْتِرَافْ (1)

كلّ ليلة تمرين أمام عينيّ، قمرا ً مكتملا ً منيرا ً، تذوب هَالاته في العين السّاهرة، نجُوما ً وَضّاءة ً ترفرفُ نحو بريقي، كلّ لحْظة تمسِكين دقائق رُوحِي، وَتلمِسِين دَقّات قلبِي الوَجلة، بأنامِلكِ الرّقيقة الرّطبة، رُطوبَة خدّ الرّضِيع، وزهْرِ " الأونبييليا" فتُرَوّضُ عَضَلاتُ قلبي المُرهقة، وتنتعش دورَة دَمِي البَاردة، بُرُودة نهْر السّين فِي فصْلِ الشتاء، بُرُودَة أرصفة " ييلابوغ " و" مُوسْكو "، تَعْبُرين عَلى جَسدي الخافت غمامة ً بَارقَة، تُفزِعِينَ أحَاسِيسي فأسهَرُ متوجّسا ً مِن ظلي المُرْتعِشِ عَلى الحَائط.
تُخَاطِبينني بكلِمَات مُشفّرة، بعِبَارَات حَلاجِيَة، تُحدِث فِي سَريرة نفسي، صوتا ً أشبه بصَوتِ البَرق وهدّه، غير أنني بَعدَ كلّ الكلام وَكل المُكَاشفة، لا أقوَى عَلى الجُلوس عَلى كرسيّ الاعتِرَاف الذي مَثل أمَامَ نَاضِري.
اختصَرتُ الحُلمَ مَعك، تجاوزتُ مَنطقَ المسَافة والاتجَاهَات، تجَاوزتُ قوَانين " يُوهَان كبْلرْ " و " تعاَليم مِنشيوسْ " وأنتِ رفيقتي، لم يَعُد الليل بَهيما ً مُدلهما ً، يُعَشش في فيَافِيه الصّمت، وَلمْ يَعُد النهاَرُ مُضِيئاً ً تلقي فيه الشمسُ خَيَال جسدِهَا المتوقّدِ والمضطرم، فيلمعُ الصّخر، وينضجُ الثمر، فينتعش الهواء، ويصَلي الشجر، ويتلألأ الخَرِيرُ مترنما ً، عَلى أوبريتاتِ بَسْمَتك الفِيفَالدِية.
كلّ ليلة يلقي الليل مِعْطَفهُ الثقيلَ عَلى جَسَدي النّحِيف الهشّ، أفرّ منه إلى جِلدك الأسمَرِ الشهيّ، الذي يزوبِعُ رَمل الضِفاف غيرة ً، فيهيج البحر غيرة ً، عَلى رَمْلِ الضفاف.
أفشل في نزع مِعطف الليل الثقيل، لأنني غادرتُ جسَدي، وَنِمتُ عَلى تلالِ جَسَدِك ذاتِ الحَرَكة الرّهيفة، مِثلَ حَرَكة البَحْرِ عِند فجْر صَيفيّ،
فِي حُلم يسافر عَبرَ مَقامات السّهرُودي الصّوفية، ومَوَاويل أحمد التوني، وياسين التهامي، إلى حَيث تذوبُ العَين، مِن سَكرة النور فتسْكرُ السّماء، وتذوبُ مِثل وردة ٍ كالدّهان.تلقي بي عَيناكِ في جبّ حُلم عَميق، يصلبني فيه الشوق على صَليب غربة وَاجمَة، وَتغرسُ فيهِ الوِحْدَة، مَسَامير الحِيرَة في جَسَدٍ أرّقته، ذئاب جائعة تحُومُ حَول الجُبّ.
قد لا أصَاحِبكِ فِي هذا الحُلم الجَمِيل العَذبِ الوَدِيع، العَذب عُذوبَة العَسَل المُصفّى، الصّافي صَفاء ماء ِالحَجَر الذي انبجسَت مِنهُ اثنتا عشرة عَينا،
رئة ٌ تستنشق الموت، رئة يَخْتنقُ فِيهَا الهَوَاء
قد لا تنعمُ باستنشاق أنفاسك...
جسد ٌ جَريح ٌ يسيل دما ً عَديم اللّونِ، قد لا يَنعَمُ مِنك بلمسَة، تضَمّد تباريحه، وتخِيط أغوَارَه النازفة.
يَعزّ عَليّ أن تتيهِي فِي سَيناءِ الشوق مثلي، أربَعِين سَنة ً كاملة.
يَعز عَليّ أن تُصْلبِي فِي أرضِ اليَبَاب مِثلِي، عَلى مَوات تجرفُهُ الأرض نحو قدمِاي.
يَعِزّ عَليّ أن تكابدِي مِثلمَا يكابدُ الشعراءُ الشّوق.
نامي قريرَة العَين قد حَمَلتُ عَنك الخَطِيئة.
نامِي عَلى مَلكوتِ الحُلم، ولتسْتَوِينَ عَلى عَرش البَراءة النّضِرَة،
عَلى عَرشِ الصّفاءِ العَلوي، والجَلالة السّامِيَة، عَلى عَرشِ الرّوح البَارقة.
نامِي، مُشعْشِعَة الرّوح، قد صُلبتُ فداء لك ِ
قبل ترَبّعِي أمَامَ عَينَيْكِ
عَلى كرْسِيّ الاعتراف.

بقلم : رشيد العالم
EMAIL / [email protected]
FACE -;- rachid elaalem



#رشيد_العالم (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- لم أكن ملاكا ولا شيطانا
- حوار مع الأديب عبد الواحد العرجوني
- في ذكرى رحيل جبران خليل جبران
- حوار مع الروائي محمد العرجوني.
- عيون جبران خليل جبران
- لم يعد للنبوة صوت
- عن الزهد وإبقاع العصر
- قصص قصيرة جدا ً
- وكذلك سولت نفس الخرافة
- من أشكال التطرف الغربي والعربي
- جسد يتفتت على جسد
- فلتبقى كما شئت حاضرا غائبا
- صوفية التيه
- لم تكوني أول ولا آخر من أحببت


المزيد.....




- وفاة الممثلة البريطانية الشهيرة ماغي سميث
- تعزيز المهارات الفكرية والإبداعية .. تردد قناة CN العربية 20 ...
- بسبب ريال مدريد.. أتلتيكو يحرم مطربة مكسيكية من الغناء في ال ...
- إصابة نجمة شهيرة بجلطة دماغية خلال حفل مباشر لها (فيديو)
- فيلم -لا تتحدث بِشر- الوصفة السحرية لإعادة إنتاج فيلم ناجح
- قناة RT Arabic تُنهي تصوير الحلقات القصيرة ضمن برنامج -لماذا ...
- مسلسل حب بلا حدود 35 مترجمة الموسم الثاني قصة عشق 
- نضال القاسم: الأيام سجال بين الأنواع الأدبية والشعر الأردني ...
- الإمارات تستحوذ على 30% من إيرادات السينما بالشرق الأوسط
- رواية -الليالي البيضاء- للكاتب ضياء سعد


المزيد.....

- مختارات أنخيل غونزاليس مونييز الشعرية / أكد الجبوري
- هندسة الشخصيات في رواية "وهمت به" للسيد حافظ / آيةسلي - نُسيبة بربيش لجنة المناقشة
- توظيف التراث في مسرحيات السيد حافظ / وحيدة بلقفصي - إيمان عبد لاوي
- مذكرات السيد حافظ الجزء الرابع بين عبقرية الإبداع وتهمي ... / د. ياسر جابر الجمال
- الحبكة الفنية و الدرامية في المسرحية العربية " الخادمة وال ... / إيـــمـــان جــبــــــارى
- ظروف استثنائية / عبد الباقي يوسف
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- سيمياء بناء الشخصية في رواية ليالي دبي "شاي بالياسمين" لل ... / رانيا سحنون - بسمة زريق
- البنية الدراميــة في مســرح الطفل مسرحية الأميرة حب الرمان ... / زوليخة بساعد - هاجر عبدي
- التحليل السردي في رواية " شط الإسكندرية يا شط الهوى / نسرين بوشناقة - آمنة خناش


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - رشيد العالم - كرسي الإعتراف (1)