أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد لكطيبي - الشعر اليهودي – الاسلامي فضاء للحوار الحضاري















المزيد.....

الشعر اليهودي – الاسلامي فضاء للحوار الحضاري


محمد لكطيبي

الحوار المتمدن-العدد: 4540 - 2014 / 8 / 11 - 15:25
المحور: الادب والفن
    


الشعر اليهودي – الاسلامي فضاء للحوار الحضاري

مع الفتح الإسلامي للأندلس شهدت الحياة الاجتماعية و السياسية و الاقتصادية تحولا جذريا، حيث عم الأمن والسلام، وحل التعايش و الوئام، وأحسن الحكام العرب الفاتحين معاملة أهل الذمة يهودا و مسيحين ، فنالوا حريتهم، وتحرروا من القيود التي كانت مفروضة عليهم، فاستردوا أموالهم، و أعيدت كرامتهم، فكان من اللازم أن ينظر هؤلاء الى الدين الإسلامي بارتياح.
و في ظل هذا المناخ المتسامح عاش اليهود جنبا إلى جنب مع المسلمين الفاتحين، فنهلوا من خيراتهم و عظم شأنهم ومارسوا بكل حرية شعائرهم، واقتسموا الألم والفرح معهم، ونمى وترعرع في هذه الأرض الخصبة الأدب اليهودي و أتى ثماره في كل حين بإذن ربه، فبرز الكتاب و الشعراء و النقاد و الأدباء.
ومن المؤكد لدى الباحثين العرب والمستشرقين، أن العربية و العبرية تنتميان إلى أسرة لغوية واحدة، أو ما اصطلح عليه لوادفيك شولدرز اللغة الأم، وقد حظيت اللغة العربية بمكانة أساسية في الأندلس خلال القرون التي حكم المسلمون، حيث كانت اللغة الرسمية للبلاد، لذلك كان على كل الطوائف اتقانها، فخبرها المسيحون و اليهود خاصة لانهم أدركوا أن بقاءهم مرهون ببقائها، تقدمهم مشروط بتقدمها، على نحو ما نجد لابن هارون موسى بن عزره، ويهودا الحريزي ابن جناح، ودوناش بن لبراط وابن ميمون وغيرهم، وقد برع هؤلاء حتى صنفوا فيها مؤلفات تضاهي تلك التي حبرها العرب
وفضلا عن تأليف الكتب قام اليهود بترجمة المؤلفات العربية كمقامات الحريري واشتهرت عائلات كبرى بالترجمة كعائلة تبون، وابن ميمون، غير أن تعلم اليهود للغة العربية قراءة وكتابة، لم يقض تماما على العبرية ،بل ظلت هي الأكثر استخداما في المجالات الدينية، و الفلسفية والصوفية.
وبما أن اللغات تتقايض فيما بينها، فإن العربية و العبرية لا تخرج عن هذا الاطار، فقد أخذت العبرية عن العربية- بما أنها اللغة الرسمية آنذاك-على المستوى المعجمي والبلاغي، والشعري الذي سنحاول الوقوف عنده، باعتباره أوضح المسالك بين الإبداع العربي والعبري، كما أنه الموضوع الذي فصل فيه الزعفراني القول في الكتاب قيد الدراسة.
وإذا كان الفكر مرآة تعكس الحياة العلمية والاجتماعية، فإن الشعر وسيلة تعبيرية أخرى عن الفكر والمعرفة، لاسيما في جانب الحياة العاطفية حيث يعكس الشعر الأفراح والآلام، باعتبارها إحساسات تولدها مشاعر نفسية ووجدانية. والدراسة التي خصها الزعفراني في هذا المجال كانت بعنوان:la poésie juive en occident Musulman 1977، "الشعر اليهودي في الغرب الإسلامي"، أرخ فيه الزعفراني للشعر اليهودي وأصوله القديمة، وما طرأ عليها من تغيير في المشرق، وما روته يهود المغرب عن إخوانهم المشارقة، كما أن الكتاب عرض لنماذج الشعر اليهودي وفن النظم عند اليهودي من جميل الصور البلاغية، وهو كما قال الأستاذ أحمد ستحلان "ديوان تاريخ قبل أن يكون ديوان شعر) (".
فما دور الفضاء الشعري في الحوار الحضاري؟ وكيف قدم الزعفراني الشعر اليهودي كتراث حضاري بأرض المغرب؟
1- شعر البيوط (Payyot)
يعتبر شعر البيوط أو الشعر الديني من أكثر الأشكال الأدبية خصوية وغنى عند اليهود المشارقة، و نظرا لحال اليهود آنذاك –العصر الذهبي للأندلس- تمكنوا إحياء الشعر الديني وبعثه من جديد، بعد أن أصابه من الضيق ما أصابه من طرف الحكام القوط، الذين حكموا الأندلس قبل المسلمين ، "وصار الشعر العبري منذ ذاك يعد أن متن وسائج القربى بالشعر العربي على الخصوص، يعرف مواطن خصبة لم تطأها قدمه من قبل ومناهل جديدة لم يسبق له أن نهل منها، وثورة غيرت قوالبه وتقنياته، فأصبح شعر "البيوط" الديني الذي ازدهر في فلسطين في أشكاله وأغراضه التقليدية في مرتبة دون مرتبته( ).
إن تميز اللغة العربية بنظامها الشعري الخصب و الغني غنى الشعر نفسه، حيث طبع بطابع موسيقي وإيقاعي فريد، ما أهله للتأثير في كل شعر اقترب منه، وفي هذا السياق بات من المسلم به أن بحور الشعر العربي تركت اثارا واضحة جلية في شعر يهود الاندلس .
كما يقر بذلك الاستاذ الزعفراني "أصبح الشعر العبري، الديني و الدنيوي، ينظم على قانون العروض بأسلوب و تقنيات النظم الشعري العربي، الذي كان يعاصره .كما أصبحت اللغة العبرية، قراءة تنسج على منوال اللغة العربية ،شيأ فشيأ، اللهم ما كان من الفروق بمد الحركات الطويلة، و القصيرة ،كما استهوى الشعراء اليهود وزن البحور العربية التي تبنوا قواعدها .بالرغم من بعض الاضطراب الذي يخل أحيانا ببنية البيت الشعري العبري و بما يتقيد به إيقاعه و طبيعته، نتيجة لذلك بما ليس فيه( ).
لقد رفض الشعراء اليهود في بادئ الأمر الخروج عن الشعر الديني، لأن ذلك يمس بوحدة المعتقد، وأن المؤمن عليه الاشتغال بأمور الدنيا، وهو نفس الشيء حدث عند المسلمين ، في بداية الدعوة الإسلامية، حيث كانوا أشد حذرا في التعامل مع النص القرآني، إلى أن أدركوا أن لشعر أهمية في نشر الدين فخرجوا عن المألوف، وأصبح الشعر عندهم من المفاتيح لفهم ما ألغز في النص القرآني، فبرعوا في فن القول، و أحسنوا في نظم الشعر، ونسجو في كل مناحيه، ومع التعايش الذي كان سائدا خلال العصر الذهبي للأندلس، خرج اليهود أيضا عن المألوف بعد اطلاعهم على الشعر العربي، ولم تعد للشعر الديني أهمية بل تجاوز الأمر الى الأبداع في الشعر الدنيوي بغزارة يعز نظيرها.
وقد كان لخروج الشعر الديني "البيوط" من هذه القدسية ظهور مدرستين شعريتين يقود أحداهما دوناش بن لبراط وثانيهما مناحيم بن سروق، اللذان كانا على معرفة بالأدب العربي، وتقنيات النظم الشعري، "استطاع دوناش بن لبراط أن يوائم تقنيات الأوزان الكمية واضعا بذلك أسسا لعلم عروض عبري حديد يعتمد على علم العروض العربي، رغم بعض الاضطرابات التي تحدث في إيقاع البيت الشعر أحيانا"( )
و"غير خاف أن موسى ابن عزر (1070- 1140) شاعر العبرية المشهور وعالم العربية، الذي كان قد ألف كتاب "المحاضرة والمذاكرة" قصد أن يكون أداة تمكن الشاعر العبري من الاستفادة من البلاغة والشعر العربي، وتحدث فيه المؤلف عن أفضلية الشعر العربي وعظمة لغته التي كان ينظم بها هو يقول: "صار الشعر عند العرب طبقا وعند غيرهم تطبعا كما نقل عن احد شعراء العربية قوله "أفضلية اللغة العربية بين اللغات كأفضلية فصل الربيع بين الفصول"( ).
وإذا عدنا إلى كتاب المحاضرة والمذاكرة يتأكد لنا ما هب إليه الزعفراني، يقول صاحب الكتاب وهؤلاء الإسماعيليون لما سكنوا هذه الجزيرة الموصوفة لمصادقتها (مصاقبتها) لديار فارس والشام رق كلمهم، وعذب قريضهم ولطفت خطبهم أكثر من العرب العارية سكان الصحراء، ومن أهل الوبر بني إبراهيم (بنو إبراهيم) من قطوره المقول عنهم") (.
2 - الشعراء اليهود المغاربة.
لقد اقتبس الشعراء يهود المغاربة من العهد العتيق، و التوراة كما فعل اليهود الأندلسيين "اقتبسوا من كتاب العهد العتيق عموما ومن التوراة خصوصا، مثلهم في ذلك مثل كل أجيال شعراء المدرسة الأندلسية في العصر الوسيط"(...) كما اقتبسوا طرائق النظم والمبنية على ترتيب حروف الهجاء والتوازي وشكل القصيدة الشبه مقطعية التي كانوا يعتمدون فيها قصائد غنائية كانت معروفة سابقا".( )
وبعد خروج اليهود من الأندلس تحول هذا الإرث مع هؤلاء إلى البلدان الأخرى خاصة المغرب، و قام اليهود المغاربة بالنظم على طرائق إخوانهم المشارقة، ويعود الفصل الأول إلى "الإرث الأندلسي والتراث الثقافي الذي يتبلور في العصر الذهبي للأندلس المغربي، وفي الواقع فإن الشعراء اليهود الأندلسيين المغاربة أخذوا فنهم الشعري من مدرسة الأدب العربي ومن العلوم الإنسانية العربية، وبقوا أوفياء لها مرتبطين بها"( ).
3 -المدرسة الاسبانية ودورها في الشعر اليهودي المغربي.
تعتبر المدرسة الاسبانية المرجع المفضل للأدباء المغاربة الذين ينحدرون في غالبيتهم من أصول قشتالية، أو إليها سيكون شكل من الأشكال"( )، خاصة مدرسة دوناش بن لبراط.
أصبحت أوزان الشعر العبري العروضية التي وضعها دوناش بن لبراط والتي حصر تلامذته فيها يعد قوانينها، معتمدين جميع الشعراء في الأندلس طيلة العصر الذهبي وظلت حية لدى اليهود بعد تهجيرهم، في البلدان التي رحلوا إليها خصوصا في المغرب (...) وسيشهد على ذلك ما استخرجناه من ديوان يعقوب أبنصور اذ نظمت عشرات من قصائده تسع عشرة قصيدة متساوية المقاطع من بحر الوافر واثنان من بحر الوسيط (...) وأشار الشاعر الى لحن او نغم أي النموذج للأستاذ لواحد وثمانين مقطوعة كما أشار إلى ثلاثا منها بدون قياس او ميزان، وفي الديوان أيضا مقطوعتان لم يعرف لهما بحر او ميزان"( ).



#محمد_لكطيبي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الفلسفة اليهودية-الإسلامية أنموذج للحوار الحضاري
- إلى متى نكذب على التاريخ ؟


المزيد.....




- الفلسطينية لينا خلف تفاحة تفوز بجائزة الكتاب الوطني للشعر
- يفوز بيرسيفال إيفرت بجائزة الكتاب الوطني للرواية
- معروف الدواليبي.. الشيخ الأحمر الذي لا يحب العسكر ولا يحبه ا ...
- نائب أوكراني يكشف مسرحية زيلينسكي الفاشلة أمام البرلمان بعد ...
- مايكروسوفت تطلق تطبيقا جديدا للترجمة الفورية
- مصر.. اقتحام مكتب المخرج الشهير خالد يوسف ومطالبته بفيلم عن ...
- محامي -الطلياني- يؤكد القبض عليه في مصر بسبب أفلام إباحية
- فنان مصري ينفعل على منظمي مهرجان -القاهرة السينمائي- لمنعه م ...
- ختام فعاليات مهرجان القاهرة السينمائي بتكريم الأفلام الفلسطي ...
- القاهرة السينمائي يختتم دورته الـ45.. إليكم الأفلام المتوجة ...


المزيد.....

- التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ / عبد الكريم برشيد
- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب
- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / د. أحمد محمود أحمد سعيد
- اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ / صبرينة نصري نجود نصري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد لكطيبي - الشعر اليهودي – الاسلامي فضاء للحوار الحضاري