أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - وليد المسعودي - مقدمة حول المعرفة التاريخية 2-4















المزيد.....

مقدمة حول المعرفة التاريخية 2-4


وليد المسعودي

الحوار المتمدن-العدد: 4512 - 2014 / 7 / 14 - 17:04
المحور: دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
    


ويختلف " الاشاعرة " عن المعتزلة في تكوينهم المعرفي من حيث اعتمادهم على الوحي والنقل والسماع ، فضلا عن إقصاء العقل والمعرفة الحسية التي يعتبرها أبي الحسن الأشعري " مظنة الخطأ " ، وبذلك تغدو المعرفة غير معرضة للتأويل حتى مع الوحي بسبب النظر إلى القرآن بشكل ظاهري ، لا يمكن أن يتم تجاوز ما هو ظاهر إلا من خلال الحجة أو الدليل ، إذ يقول " القرآن على ظاهره ليس أن نزيله عن ظاهره إلا بحجة " (11) ، وبالتالي هنالك عودة مستترة للعقل صنعها الأشعري بشكل تبريري وتوفيقي إلى حد بعيد من اجل محاربة المعتزلة بالتعاون مع السلطة الرسمية متمثلة بخلافة المتوكل تلك التي استثمرت إمكانيات الأشعري في تسقيط الخصوم وتثبيت ملامح الحكم الجديد متمثلا بتزاوج " الفقه والسلطان " الذي سوف يعتمد كثيرا عليه المذهب السني ، مع استثمار الأشعري لأفكار الحنابلة وأهل الحديث بشكل انتقائي ، وخصوصا فيما يتعلق برفضهم لعناوين أساسية اعتمدتها مدرسة الاعتزال متمثلة بالعقل والمنطق ، ليكون البديل قائما على ثقافة النقل والسماع واعتماد الموروث المعرفي من السلف ، دون وجود القدرة على نقد الحاكم وسياسته من جهة ، ودون نقد البناء العقائدي والمعرفي من جهة أخرى . فالتوحيد مثبت في اتجاهين ، الأول معني بالصفات كالعلم والقدرة والإرادة ضمن مستوى المطلق منها منكرا بذلك أي ادوار معينة للإنسان ، والثاني يراد منه " تمجيد السلطان " بشكل مستبطن من أجل تثبيت دعائم الحكم ، وضمان وجوده ، حتى لو كان حاملا لصفات الجور والظلم ، مادامت القدرة والإرادة خارجة عن سياقهما البشريتين (12) . أما رؤيته للعدل فقد حددها من خلال نظرية " الكسب " تلك التي تقول إن الله " خالق لأفعال العباد ، وهو مريد لكل ما يصدر عنهم من خير وشر " ، وان وجدت هذه الأفعال ، فهي مصاغة بقدرة " الله " وإرادته ضمن سنن ثابتة لا تتغير ، وهذه الرؤية لا تدع للإنسان مجالا للاختيار ، الأمر الذي يضعنا في النهاية داخل نظرية الجبر الإلهي . (13) ، وهذه الرؤية يختلف معها " النظام " ألمعتزلي في كون الإرادة مرتبطة بالعلم فحسب ، وذلك لان " الله " قد وضع سياقات معينة للمعرفة ، حدد الايجابي منها والسلبي ، وبالتالي لا يتدخل في صناعة الأفعال بل يمتلك العلم في زمنية حدوثها فحسب ، وهنا يشكل ذلك نفي للإرادة عند " النظام " سواء كانت إرادة " الله " في صناعة أفعاله أو أفعال الإنسان (14)
وهكذا الحال مع مرتكب الكبيرتين ومبدأ الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر يقف الأشعري معهما موقفا يتماها مع السلطة الحاكمة الجائرة ، متمثلا بعدم التعرض لها أو اتهامها بالكفر أو الفسق ، وبالتالي يكون الإصلاح موجها عن طريق النصح وليس عن طريق السيف ، الأمر الذي يجعل من النظرية الاشعرية نظرية النظام الحاكم وأيديولوجيته ، تلك التي ثبتت واختيرت بوسائل وأشكال إلهية وغير بشرية إلى حد بعيد .

سؤال الحاضر

إن الهدف من عرض هذه المدارس والفرق الإسلامية بشكل مختصر ، يكمن في وضع مجموعة من الأسئلة أمام المجتمع العربي في صورته الراهنة من اجل محاولة فهم الحاضر وإبراز أهم المعوقات والعوامل التي ساعدت على نسيان وتجاهل المعرفة التاريخية في ثرائها وتنوعها الكبيرين ، فضلا عن عدم الحصول على معرفة تاريخية عابرة للأثر الديني التقديسي ، مفكر فيها ضمن زمنية النشأة والظهور والتطور ، وخاضعة لمقاييس العلوم الإنسانية الحديثة ، والأسئلة تتمثل في : -
1- ماذا تبقى من هذه المدارس والفرق الإسلامية كأنظمة عقائد وسلوك اجتماعي وثقافي وسياسي .. الخ ؟
2- كيف يفهم المجتمع العربي في صورته الراهنة ، هذا التنوع التاريخي والثقافي الإسلامي ؟
3- ما هي سياقات تداول المعرفة التاريخية
4- كيف تعاملت الحداثة العربية مع التاريخ العربي الإسلامي ؟

أصوليات موروثة

من حيث المحتوى والمضمون بالنسبة لوجود المدارس والفرق الإسلامية في الأزمنة الراهنة لم يتبقى منها سوى النماذج المكتملة ، والأصولية ، سواء تلك المرتبطة بالمذهب السني ، " من حيث كونه داعم للسلطة السياسية السائدة ، وقابع ضمن حدود العقيدة التي تعتمد النقل والموروث أكثر من اعتمادها على العقل ، فضلا عن غياب البعد التاريخي في النظر إلى الإسلام ، متوافقا مع صيغ التحولات في السياسة والاجتماع ، أو متزامنا مع الظروف المحيطة ، صاحبة النشأة والظهور والتطور من شكل إلى آخر ، أي غياب نظرية التزامن السياسي والاجتماعي والاقتصادي في تأثيرها على الإسلام ، من حيث الانقسام إلى مدارس ومذاهب وطوائف مختلفة فيما بينها .
كذلك الحال مع التشيع من حيث كونه لا يستطيع الخروج أيضا من " زمنية الإطار " ليس بسبب التماثل مع نسخ الأصول المتنوعة ، تلك التي تعتمد على عصبية الوراثة في الحكم فحسب بل هنالك " النزوح " إلى مكتسبات الآخرين من ثقافة وأبنية فلسفية ومعرفية تلك التي تتعلق بمفاهيم العصمة والمنقذ والانتظار.. الخ ، وكل ذلك يشكل إضافات للمقدس وتكثيف للمعنى المطلق الذي يلغي الوقائع الملموسة والمعاشة ، صاحبة الإنتاج والظهور . وهكذا نقول لم يتبقى اليوم من تراث الخوارج الايجابي شيئا يذكر ، وخصوصا فيما يتعلق بصيغة التلازم التاريخي " البراكسيس " ربط العمل والفكر في هوية واحدة ، تلك التي مكنتهم من تحقيق نجاحات مرموقة في المغرب ، وبناء " جمهوريات تسووية " كما يسميها أحمد صادق سعد (15) ، معتمدين على الروح الثورية التي يمتلكونها بشكل دائم ضد الحكام والولاة الجائرين ، إذ إن وجودهم اليوم لا يشكل أثرا مشاركا في زحزحة الثنائية السنية والشيعية في الأزمنة الراهنة ، بعد الكثير من الحملات والتصفيات التي أنهت وجودهم السياسي والثقافي المعرفي ضمن فرق متعددة كالازارقة والصفرية والنجدية ، حيث تمكث " الاباضية " آخر المتبقي منهم في مناطق محدودة من عالمنا العربي في عمان وبعض المدن الصغيرة في المغرب العربي ، وكذلك الحال مع المعتزلة ، أصحاب النظر العقلاني في الإسلام ، لم يتبقى منهم أي أثر معرفي واجتماعي ثقافي ، بسبب العداء المتواصل لهذه المدرسة التي جمعت في طياتها الكثير من الجدة والحداثة في تفكيرها وطرحها المعرفي ضمن أشكال متقدمة على ظروف عصرهم ومجتمعهم ، متمثلا بالنتائج التي توصل إليها المعتزلة بخصوص قضايا كالعقل وحرية إرادة الفعل والترك لدى الإنسان ، وهذه القضايا لم توجد داخل الفضاء الاجتماعي إلا من خلال تعدد أو كثرة المنافذ المعرفية لشعوب مختلفة وثقافات متنوعة ، فرضتها طبيعة التطور الاجتماعي العربي من حيث " تنامي حركة الترجمة والتعريب لألوان شتى من الثقافات " (16) ، فضلا عن وجود السلطة السياسية الداعمة إلى التفكير العقلاني والاغتناء بأساليب الجدل والمناظرات الفلسفية لرؤى وثقافات مختلفة فيما بينها ، لم تستطع القوى التقليدية ، المحافظة ، القضاء عليها ، إلا بعد توافر شروط التحولات في طبيعة النظام السياسي من شكل الانفتاح إلى شكل الانغلاق متمثلا بخلافة المتوكل ، التي ساعدت على طمس تراث الاعتزال ، والعودة إلى أبنية العقل المستقيل ، ذلك الذي يؤمن بالتقليد والتسليم الأعمى دون استعمال النظر والعقل ، فكان هنالك " جوقة " من المساندين والداعمين له من رجال الحديث من أهل السنة ، الذين مدحوا " المتوكل " بالرغم من كونه من أظلم الخلفاء ، الأمر الذي ساعد كثيرا على انتشار وتثبيت النزعات السلفية المحافظة أكثر فأكثر بسبب سيطرتها على الفضاء السياسي والثقافي والقضائي بشكل دائم ومستمر ، وصولا إلى تصفية التراث العقلاني ألمعتزلي بشكل نهائي ، إذ لم يتبقى من ذلك التراث الغني بالمصادر والكتب ، أي نتاج موثق سوى كتاب " الانتصار " لأبي منصور الخياط ، ألمعتزلي ، وما تبقى موجود في نصوص المعارضة كردود للنقد والذم من مثل " مقالات الإسلاميين " لأبي موسى الأشعري وغيرها ، وذلك إن دل على شيء فانه يدل على وجود التحالفات المتواصلة بين " السلطة والفكر" في تأبيد النماذج وإبقاء الأصوليات الموروثة التي تلغي دور الإنسان من النظر والإبداع والتغيير .

المصادر : -

1- إسماعيل ، د محمود / سوسيولوجيا الفكر الإسلامي ، ص 83
2- المصدر ، نفسه / ص 84
3- المصدر ، نفسه ص 85
4- مروة ، حسين / النزعات المادية في الفلسفة العربية الإسلامية ، ص 664
5- العلوي ، هادي / من تجارب التنظيم السري والعمل الحزبي في الإسلام / مجلة الثقافة الجديدة ، العددين 207، 208، نيسان 2009 .
6- مروة ، حسين / النزعات المادية في الفلسفة العربية الإسلامية ، ص 831



#وليد_المسعودي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مقدمة حول المعرفة التاريخية 1-4
- دائرة الاحوال المدنية
- مظاهر التخلف التربوي في العراق ( وسائل العلاج والتغيير ) 1-2
- مظاهر التخلف التربوي في العراق ( وسائل العلاج والتغيير ) 2-2
- ظاهرة عمالة الأطفال في العراق ( الأسباب ، المخاطر ، الحلول )
- انتخابات ؟!
- ظاهرة التحرش الجنسي ( الاساليب ، المؤثرات ، العلاج )
- البديل المناسب للمالكي
- بريد باب المعظم
- الطائفية والطبقة العاملة في العراق ( بديل وطني أم مصنع طائفي ...
- سؤال في الهوية العراقية ( البحث عن علمانية راسخة الجذور والب ...
- قواعد ثقافة الاحتجاج
- صناعة المجتمع المفتوح ( مشروع يتجاوز الطائفية في العراق )
- الملك المغتصب او العراق .. الى اين
- الصوت الاخر في العراق .. ولادة عهد جديد
- مثقف السلطة في العراق ( الوظيفة ، الاشكال ، المستقبل )
- الجمهور القارئ وثقافة الكتاب .. المعوقات .. المستقبل
- الوقوف على السواد
- الثقافة العلمية بين الواقع والطموح (4 - 4 )
- الثقافة العلمية بين الواقع والطموح (3 _ 4 )


المزيد.....




- موزة ملصقة على حائط.. تُحقّق 6.24 مليون دولار في مزاد
- تقارير عن معارك عنيفة بجنوب لبنان.. ومصدر أمني ينفي وجود قاد ...
- قوات كييف تعترف بخسارة أكثر من 40% من الأراضي التي احتلتها ف ...
- إسرائيل تهاجم يوتيوبر مصري شهير وتوجه له اتهامات خطيرة.. وال ...
- بوليتيكو: الصين تتجاوز الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي في ...
- وسائل إعلام عبرية: اختفاء إسرائيلي في الإمارات والموساد يشار ...
- غرابة الزمن وتآكل الذاكرة في أعمال عبد الله السعدي
- فوائده كثيرة .. ابدأ يومك بشرب الماء الدافئ!
- الناطق باسم -القسام- أبو عبيدة يعلن مقتل إحدى الأسيرات الإسر ...
- -تحليق مسيرة ولحظة سقوط صواريخ-.. حزب الله يعرض مشاهد استهدا ...


المزيد.....

- الانسان في فجر الحضارة / مالك ابوعليا
- مسألة أصل ثقافات العصر الحجري في شمال القسم الأوروبي من الات ... / مالك ابوعليا
- مسرح الطفل وفنتازيا التكوين المعرفي بين الخيال الاسترجاعي وا ... / أبو الحسن سلام
- تاريخ البشرية القديم / مالك ابوعليا
- تراث بحزاني النسخة الاخيرة / ممتاز حسين خلو
- فى الأسطورة العرقية اليهودية / سعيد العليمى
- غورباتشوف والانهيار السوفيتي / دلير زنكنة
- الكيمياء الصوفيّة وصناعة الدُّعاة / نايف سلوم
- الشعر البدوي في مصر قراءة تأويلية / زينب محمد عبد الرحيم
- عبد الله العروي.. المفكر العربي المعاصر / أحمد رباص


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - وليد المسعودي - مقدمة حول المعرفة التاريخية 2-4