عبد الكريم بدرخان
الحوار المتمدن-العدد: 4512 - 2014 / 7 / 14 - 06:55
المحور:
الادب والفن
خلال زيارتي لمتحف "آركولوجي" في اسطنبول قبل عام، وقعتْ عيناي على حجر سومريّ صغير، منقوشٍ بدقة متناهية الإبداع، وضعوا فوقه لافتةً تقول إنه يحوي أقدمَ قصيدة حب في العالم، ويعودُ تاريخ الحجر إلى عام 2100 قبل الميلاد.
لأعود اليوم وأجدَ أنّ المؤرخ وعالم الآثار الأمريكي "صامويل نوح كارامر" (1897-1990) هو الذي اكتشف هذا الحجر عام 1951، ثم قام بترجمة القصيدة من اللغة السومرية إلى اللغة الإنكليزية، ونشرها في كتابه "إنانا ملكة السماوات والأرض" (Inanna: The Queen of Heavens and Earth) عام 1983، ولقد قمتُ بترجمتها إلى العربية نقلاً عن كتابه هذا.
وضع "كرامر" بضعة ملاحظات على القصيدة، حيث وجد الكثير من التشابه بين النصوص السومرية القديمة و"نشيد الأنشاد" في الكتاب المقدّس، من حيث استخدام نفس مفردات الفضاء الجغرافي، ومن حيث أنّ النصّ يجمع بين الحوار والمونولوج، وتُختَتَم مقاطعُهُ باللازمة التي يردّدها الكورس. ومن حيث أن العاشقة راعية، بينما المعشوق هو الملك. ويرجِّح "كرامر" بأن "نشيد الأنشاد" هو نصٌّ منقّحٌ ومُطوَّر عن نصوص سومر، كما يضع فرضيةَ أنْ يكون العبرانيون قد اطّلعوا على هذه الأناشيد قبل مرحلة السبي البابلي، ثم حملوها معهم إلى مصر ثم فلسطين.
وتُنسب أقدم قصيدة في العالم إلى الشاعرة بُلبالة السومرية، التي لا نعرف عنها سوى أنها كانت ضمن فرقة إنانا، التي كانت تغنّي في البلاط السومري أواخر القرن الثالث قبل الميلاد. ويردُ ذكْر اسمها في نهاية القصيدة:
أيها العريسُ، يا مَنْ أحبَّهُ قلبي
جمالُكَ ساحرٌ وشهيٌّ كالشهد
لقد أسرْتَ قلبي، فدعنيْ
أقفُ بحضرتكَ خائفةً مرتعشة.
أيها العريس، يا مَنْ سيأخذونني إلى غرفة نومهِ
لقد أسرتَ قلبي، فدعني
أقفُ بحضرتكَ خائفةً مرتعشةْ.
أيها الأسد، ستأخذني إلى غرفة نومك
أيها العريس، دعني أداعبُك
إن أسلوبي حلوٌ وشهيٌّ
وفي حجرة النوم الملأى بالعسل
دعنا نستمتعْ بالجمال الباهر.
أيها الأسد، دعني أُدلّلُك
فإن تدليلي أشهى من الشهد.
أيها العريس، لقد أخذتَ مني أشهى ما تريد
فخبّرْ أمي، ستعطيكَ الأطياب
أما أبي فسيغدق عليكَ الهباتْ.
روحُك.. أعرف كيف أسعدُ روحكَ
قلبكَ.. أعرفُ كيف أُضحكُ قلبكَ !
أيها العريس، نَـمْ في بيتنا حتى بزوغ الفجر
أيها الأسد، نم في بيتنا حتى بزوغ الفجر
ولأنك رجلٌ شهوانيّ ..
هبْنيْ – بحقّـك - شيئاً من لمساتك ومداعبتك.
يا مولاي الملك، ويا سيدي الحامي
جسمي جميلٌ وحلوٌ كالشهد، فضعْ يدكَ عليه
غطِّهِ بيديكَ وكأنهما رداءْ.
إنها أنشودة بُلبالة
من قصائد إنانا.
* * *
#عبد_الكريم_بدرخان (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟