أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الصحافة والاعلام - محمد عبد المجيد - الإعلام .. مهنة من لا مهنة له!















المزيد.....

الإعلام .. مهنة من لا مهنة له!


محمد عبد المجيد
صحفي/كاتب

(Mohammad Abdelmaguid)


الحوار المتمدن-العدد: 4508 - 2014 / 7 / 10 - 15:27
المحور: الصحافة والاعلام
    


الإعلام .. مهنة من لا مهنة له!
إذا أردت القيام بواجب العزاء بغير معرفة مُسبقة بصاحب السرادق فعليك بالتوجه إلى أي صحيفة، فالمتوفىَ هنا مادة إعلامية أو خبرية أو تحليلية في عصر الاثنين: الإعلام الموجـِّه و .. غير الموجــَّه!
أنت لا تحتاج لأكثر من لابتوب وإنترنيت وبرنامج جاهز بقوالب مختلفة لتشييد صرح إعلامي في غرفتك المنزوية بركن قصيّ في بيتك القديم، أما الأخبار فتأتيك قبل أن تقوم من مقامك، أو تبحث عنها فيسبوكيا أو تويترياً لتنقلها في صحيفتك الإلكترونية ، فالصحافة الحديثة كمصانع السيارات، تفكيك وتجميع، تزويق وتجميل، نقل ثم تبديل لبعض الفقرات فتبدو كأنها آتية لتوّها من مراسل أو محلل أو خبير استراتيجي أو جاسوس نائم توقظه حاجتك في كل مرة تريد حشو صفحاتك بركام من الهلاميات الطلسمية والوهمية.
إن ثمة خللا في الفهم الحديث للإعلام جعل البحث عن الخبر لا يحتاج منك لأكثر من ضغطة خفيفة على الكيبورد، ثم تدور عيناك في محجريهما تبحثان عن جملة أو فقرة أو شائعة أو خبر قديم أو آخر حديث خارج من مصانع تـُـفبركه لك وتضع عليه إضافات تزيده إثارة، ويسيل له لعاب الباحثين عن الغثاء الخبري لإعادة تقديمه في صدر صفحة أو على لسان إعلامي لا يـُـفرِّق بين التخدير الثقافي و.. التغيــيب المعلوماتي.
تقرأ مثلا تغريدة في موقع لا تدري صحته عن أحد المسؤولين قوله باحتمال تغيير حقائب وزارية في غضون أسبوعين، فتنقل الخبر بعد عمل الخلطة الجديدة، ووضع صورة كبيرة قد لا تكون لها علاقة بالخبر، ولا تشير إلى أنه تويتري إلا إشارة عابرة لا ينتبه إليها أحد.
تنتظر يومين أو ثلاثة، فتقرأ نفس الخبر في مواقع مختلفة تكون قد نقلته عنك، فتضيف المواقع وتحذف وفقاً للمساحة العقلية غير اليقظة لقرائها، فيصبح الخبر كالآتي: مصدر موثوق يؤكد أن التغيير الوزاري المرتقــَـب يوم الثلاثاء القادم سيحمل مفاجأة!
يدخل الخبر في التغليفة النهائية لمصانع الفبركة فيصبح بعد أسبوع: رئيس الوزراء اعتمد التغيير النهائي وسيخرج من الحكومة ثلاثة وزراء منهم اثنان في حقائب سيادية!
بعد ثلاثة أسابيع يكون الخبر قد بهت، واختفى في تجويفات ذاكرة لا تحتفظ بما تتابع أو بما يُلقىَ إليها لأكثر من ساعات وأحيانا دقائــق.
في الإعلام الحديث تتراجع اللغة السليمة، وتتناقص المفردات المكتنزة من التاريخ الثقافي والفكري والمعلوماتي لأباطرة الإعلام الجدد، فألسنتهم إذا تحدثوا رفعتية متناثرة ( نسبة إلى المستشار أحمد رفعت )، وأناملهم إذا كتبت أعجمية مُعرَّبة، فالكتاب مهجور، ومكتبة البيت لا تتسع لأكثر من خمسة كتب مُهداة، قــَــبــَـلها صاحبنا على مضض.
في وقت متأخر من الليل وبعد منتصفه أبدأ في الاطلاع إنترنتياً على صحافتنا العربية الممتدة من البحر إلى النهر، وتزداد نبضات قلبي، ويرتفع ضغط دمي أو ينخفض وفقا للتمييز الذي لا يرهقني بين الفبركة و.. الخبر الصحيح، بين التفاهة في أحط صورها و.. الحقيقة في أنصعها، بين الغث المقزز و.. السمين الذي لا نستغني عنه.
في كثير من الأحيان تُحدد توجهات المحرر صيغة الخبر، فينقلب الأبيض أسود أو العكس، ويكبر الصغير، ويصغر الكبير، ويتعملق القزم، ويتقزم المارد، ويضع صاحب الخبر تحبيــشات من الارتياب بين ثنايا الخبر أو يُقسم أنه تنزيل من الذِكــْـر الحكيم أو رسالة غير سماوية نزلت عليه في تجليات عبقريته!
القاريء لا يحتاج إلى بانجو أو قات أو جراما واحداً من الهيرويين ليغيب فـًـيـُـصـَـدِّق الخبر، لأننا نذهب تلقائيا إلى موقع المصائد أو المصائب ( وهل هناك فارق؟)، فالإسلامي والمعتدل والمتطرف والمتسامح والسُني والشيعي والكردي والأرثوذوكسي والكاثوليكي والبهائي والملحد والماركسي والبعثي والداعشي والناصري والاخوانجي والفلولي والخليجي واليمني والترابي والوحدوي والتجزيئي والطائفي و .... كل يجري لأجل مسمى، ولقوم يحتضنونه فيظن أن العالم يبدأ عندهم و.. ينتهي بهم.
التواصل الإجتماعي أصبح مصدراً خصباً لأخبار المقاهي وجلسات الثرثرة والفرفشة وسهر الليالي وبعدما كان الفيسبوكيون ينقلون عن الصحافة، انقلب الوضع عاليه سافلـَـه فأصبحت الصحافةُ هي التي تلهث لنقل شائعات مُغرضة أو ساذجة مزح بها لابتوبيون وهم يتضاحكون، ويتغامزون، ويتهكمون، ويستعرضون جهلاً مخلوطاً بخصومة للكتاب، وكراهية للمعرفة.
في سُرادق الإعلام الجديد قائلٌ الخبر ينفيه، وناقله يؤكده، والحقيقة تلطم وجهها، والقاريء يُصدِّق ما في داخله فيذهب من تلقاء نفسه إلى حتفه المعلوماتي، فيأخذ النفي أو يلثم التأكيد، وفي الحالتين يكبر سرادق الإعلام.
إذا أردت النجاة بعقلك فلا تـُـصدِّق سبعة من كل عشرة أخبار تصلك أو.. تصل أنت إليها، وإذا كنت راغبا في صحة نفسية سليمة فضع شكوكاً في كل ثمانية أخبار، وإذا أردت العيش بسلام نفسي ووجداني وعقلي فتخلـَّـص من تسعة أخبار إثـْـرَ استقبال عينيك أو أذنيك إياها.
وكالات الأنباء الحيتانية تُحدد لك مَأكـَـلـَـك الخبري كما يفعل معك السوبر ماركت، فتدخل لتشتري، وتخرج منه وقد اشتراك!
الأخبار الاربعة الأولى في قنواتنا الفضائية تدفعها في آذاننا وعيوننا مصانع الخبر والتي نسميها وكالات الأنباء، ولكن لا مانع من خبر أو اثنين محليين عن الزعيم أو الحزب أو الدين يُسمح للمتلقي الكونتاكنتي أن يبثها ليشعر بالحرية المزيفة التي تخفي وراءها العبودية الطوعية.
لا تظنن أن وكالات الأنباء العالمية تدخل إلى مخدعك من البنايات الشاهقة فقط ، والصور المتحركة، والستالايات العملاق والدماء التي تنزف على أحد الأرصفة أو سرعة نقل خبر اغتيال مسؤول كبير، أو خطبة أمير المؤمنين الخليفة البغدادي، فهي أيضا لها فيسبوكياتها وتويتراتها فتأتيك من حيث لا تدري، وتنقل لك الخبر الكبير هنا، والشائعة الساذجة هناك، المعلومة المصورة هنا، وعكسها هناك!
كان الغزو الفكري والاستعماري والفتوحات يجتاحنا بواسطة القوىَ الكبرى، أما الآن فكل منــّـا يحاول أن يغزو أرض أو عقل الآخر، والبقاء ليس فقط للأقوىَ ، ولكنه أمْسَىَ للأبعد حتى باتت عزلة حي بن يقظان وروبنسون كروز هي الأكثر سلامة.
كان الكتاب يمنحنا مرجعية ويدلف فحواه إلى العقل والقلب والوجدان والنفس فيشدّها كلها إلى عزيمة واحدة، أما الآن فيستطيع أصغر فيسبوكي أو تويتري أنْ ينافس بشائعة مغرضة أو بلهاء أخباراً تبثها عمالقة وكالات الأنباء التي يمكن أن تُحدد لك تفاصيل يومك ونشاطاتك وردود أفعالك وعلاقتك بنفسك أو بالآخرين منذ أن ينبلج صباحُك إلىَ أنْ يبلل عرقــُـك وسادَتـَــك قبل أنْ تغـُـط في نومٍ عميق أو .. مـُـتقطع!
محمد عبد المجيد
طائر الشمال
أوسلو في 10 يوليو 2014



#محمد_عبد_المجيد (هاشتاغ)       Mohammad_Abdelmaguid#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تحذير من أجل مصر و .. أقباطنا!
- حوارٌ تَكْمِلَتُه تَطْبيقُه!
- متى نقوم بتحنيط الصحافة المصرية؟
- الارهاب والأشباح!
- حوار بين الضمير الديني و .. الضمير الاجتماعي!
- دعوني أفرح أياماً أو أسابيع فقط!
- القاضي الحُلم!
- دافعوا عن اليهود لنربح قضايانا!
- حوار بين مرسي و .. السيسي!
- حوار بين الحياة و .. الموت!
- الوطن من الخارج أكبر!
- المشهد المصري إذا عاد مرسي رئيساً!
- مقطع من يوميات شاب رابعي!
- أرجوكم، لا تقتلوا السيسي!
- أفراح القتلة وأعراس اللصوص!
- السطريون يسيطرون!
- سيعود الإخوانُ لحُكْمِ مصرَ رغم أنْفِنا!
- الدرويش البطل
- معذرة، فأنا لا أصَدِّق خبرَ الضبطِ والاحضار والقبض على مجرم!
- لماذا يختل ميزان العدل مع الدين؟


المزيد.....




- تحقيق CNN يكشف ما وجد داخل صواريخ روسية استهدفت أوكرانيا
- ثعبان سافر مئات الأميال يُفاجئ عمال متجر في هاواي.. شاهد ما ...
- الصحة اللبنانية تكشف عدد قتلى الغارات الإسرائيلية على وسط بي ...
- غارة إسرائيلية -ضخمة- وسط بيروت، ووسائل إعلام تشير إلى أن ال ...
- مصادر لبنانية: غارات إسرائيلية جديدة استهدفت وسط وجنوب بيروت ...
- بالفيديو.. الغارة الإسرائيلية على البسطة الفوقا خلفت حفرة بع ...
- مشاهد جديدة توثق الدمار الهائل الذي لحق بمنطقة البسطة الفوقا ...
- كندا.. مظاهرات حاشدة تزامنا مع انعقاد الدروة الـ70 للجمعية ا ...
- مراسلتنا: اشتباكات عنيفة بين -حزب الله- والجيش الإسرائيلي في ...
- مصر.. ضبط شبكة دولية للاختراق الإلكتروني والاحتيال


المزيد.....

- السوق المريضة: الصحافة في العصر الرقمي / كرم نعمة
- سلاح غير مرخص: دونالد ترامب قوة إعلامية بلا مسؤولية / كرم نعمة
- مجلة سماء الأمير / أسماء محمد مصطفى
- إنتخابات الكنيست 25 / محمد السهلي
- المسؤولية الاجتماعية لوسائل الإعلام التقليدية في المجتمع. / غادة محمود عبد الحميد
- داخل الكليبتوقراطية العراقية / يونس الخشاب
- تقنيات وطرق حديثة في سرد القصص الصحفية / حسني رفعت حسني
- فنّ السخريّة السياسيّة في الوطن العربي: الوظيفة التصحيحيّة ل ... / عصام بن الشيخ
- ‏ / زياد بوزيان
- الإعلام و الوساطة : أدوار و معايير و فخ تمثيل الجماهير / مريم الحسن


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الصحافة والاعلام - محمد عبد المجيد - الإعلام .. مهنة من لا مهنة له!