اليسار الانتهازي في تونس يتاجر بالدين


رفيق حاتم رفيق
2014 / 6 / 25 - 00:45     


ليست التجارة بالدين في تونس حكرا على حركة النهضة الاسلامية و أضرابها من الجماعات اليمينية الدينية كما يعتقد و انما يتقاسمها معها اليسار الانتهازى فخلال الحرب في أفغانستان اصدر حزب العمال الذى يتزعمه حمه الهمامى بيانا اعرب فيه عن انحيازه لحركة طالبان معتبرا اياها قوة وطنية تخوض الصراع ضد الامبريالية الأمريكية و كان وقتها متحالفا مع حركة النهضة فأراد التقرب اليها بمثل ذلك الموقف اما عندما اندلعت مواجهات دبنية في بورما فقد وجه دعوة للتظاهر في شوارع تونس دعما للمسلمين في هذا البلد و خلال الحملة الانتخابية ظهر حمه مع محجبات في صور كثيرة للايحاء انه ليس ضد الحجاب و المحجبات كما تباهى بدفاعه عن السلفيين و خلال سقوط قتلى منهم اثناء الهجوم على سفارة الولايات المتحدة الامريكية صرح قائلا انه مع حرمة الدم التونسي و ان التونسي لا يجب ان يقتل التونسي تحت اى طائل كان اما عندما سئل ما اذا كان مسلما ام لا فقد اجاب انه مسلم و ان الاسلام هو دين الشعب وعندما أيقن أن صفة الشيوعى التى كان يقترن بها اسم حزبه تتناقض مع ذلك تخلى عنها بسرعة .
يصدق حمه الهمامى وهما طالما كانت الانتهازية ضحية له و يتمثل في اعتقادها ان التنازلات الإيديولوجية كفيلة بلف الشعب حولها لذلك لا تجد حرجا في رمى الماركسية وراء ظهرها كلما تعلق الأمر بتحقيق تلك الغاية و هى لا تفعل ذلك بوضوح غالبا و انما تلجأ الى النفاق مقطعة أوصال كلمات ماركس و غيره من القادة الشيوعيين حتى تتناسب مع تلك التنازلات .
و يشارك كثير من قادة اليسار الانتهازى حمة الهمامى هذا السلوك و يتبارون معه في ملعب التنازلات تلك فشكرى بلعيد على سبيل الذكر أعلن هو الآخر إسلامه و بسمل و حمدل و كبر ثلاثا في مناسبات عدة و تباهى بصداقاته القديمة مع قادة من حزب النهضة الإسلامي و بدفاعه كمحام عن سجناء السلفية الجهادية قبل أن تغتاله رصاصات هذا الاخيرة . وقبل ذلك بسنوات ظهر محمد حرمل الأمين العام السابق لما كان يسمى الحزب الشيوعى التونسي و نجيب الشابي الامين العام السابق لما كان يسمى التجمع الاشتراكي التونسي و هم يصليان صحبة زين العابدين بن على بمناسبة ليلة القدر .
و إذا عدنا الى الربح و الخسارة من هذه التجارة أمكننا اكتشاف مدى كسادها فهى لم تجلب لأصحابها غير الخسران فهؤلاء الذين أرادوا من ورائها كسب القلوب للوصول الى السلطة عن طريق صناديق الاقتراع لم يغنموا شيئا يذكر بل انهم زادوا بصنيعهم ذاك شعبية اليمين الدينى الذى استغل تنازلاتهم الإيديولوجية للبرهنة على نفاقهم .
و يسود اعتقاد لدى جزء من الشعب ان من يغير لونه الايديولوجى بمثل تلك السهولة و السرعة و يتخلى عن ما كان يعتبره مبادئ أساسية لا تقبل الطعن غير جدير بالثقة فمن يبيع المبادئ اليوم يبيع الشعب و الوطن غدا إذا وجد لذلك سبيلا .