جان برو
الحوار المتمدن-العدد: 4448 - 2014 / 5 / 9 - 15:44
المحور:
الادب والفن
لَحْظَةٌ فَقَطْ
مَرَّتْ مِنْ أَمَامِي عُصْفُورَةٌ حُلْوَةٌ سَمْرَاءْ،
تَشُقُّ طَرِيقَهَا كَفَارِسَةٍ، يَشِعُّ فِي عَيْنَيْهَا الكِبْرِيَاءْ،
تَنْثُرُ فِتْنَةً عَلَى يَمِنِيهَا وَشِمَالِهَا، تَنْثُرُ سِحْرً،
وَتُعَطَّرُ مِنْ حَولِهَا الهَواءْ،
زَلْزَلَتْ قَلْبِي بِإبْتِسَامَتِهَا، صَعَقَتْ رُوحِي فِي لَحْظَةٍ،
وَكَأَنِّي عَاشِقٌ مُتَيَمٌ بِهَا، دُونَ أَيِّ لِقَاءْ،
حَاوَلْتُ أَنْ أُنَادِيهَا، تَلَعْثَمْتُ، تَعَرَّقْتُ، تَعَثَّرْتُ،
وَخَرِسَ مِنَ الدَّهْشَةِ فِي صَوتِي النِّدَاءْ،
مَرَّتْ مِنْ أَمَامِي..
وَكَأَنَّ الدُّنْيَا مِنْ حَولِهَا تَرْقُصُ،
وَجَيْشٌ مِنْ فَرَاشَاتٍ حَولَهَا تَرْقُصُ،
وَتَرْقُصُ عَلَى إِيقَاعِ خَطَوَاتِهَا الأَرْضُ وَالسَّمَاءْ،
فِي لَحْظَةٍ بَايَعْتُهَا، وَجَعَلْتُهَا أَمِيرَةً عَلَى قَلْبِي،
قَدَمْتُ لَهَا فُرُوضَ الطَّاعَةِ، أَعْلَنْتُ لِحُبِّهَا الوَلَاءْ،
اَنْشَدْتُهَا شِعْرً، وَكَأَنِّي بِهَا سَيِّدُ الشُّعَرَاءْ،
اَمْطَرْتُهَا حُبَّاً، وَكَأَنِي بِهَا زِيرُ النِّسَاءْ،
وَكَأَنِّي فَقِيهٌ فِي الحُبِّ،
تَخْرُسُ أَمَامِي أَفْوَاهَ الفُقَهَاءْ،
سَمْرَاءُ عَزِيزَتِي..
كَيْفَ صَنَعْتِ بِي مَا صَنَعْتِ؟
فِي لَحْظَةٍ سَمَّرْتِنِي فِي أَرْضِي دُونَ عَنَاء،
وَأَخَذْتِنِي فِي رِحْلَةٍ بَيْنَ النُّجُومِ، فَوقَ القَمَرِ،
بَيْنَ الحُقُولِ، ثُمَّ رَمَيتِنِي فِي صَحْرَاءْ،
وَشَقَقْتِ صَدْرِي دُونَ خِنْجَرٍ،
وَرَمَيتِ فِيهِ دَاءً لَيْسَ لَهُ دَوَاءْ،
وَرَمَيتِ فِيهِ أَشْيَاءً لَا أَفْهَمُهَا،
وَكَيْفَ لِي أَنْ أفْهَمَ الحُبَّ،
وَ الحُبُّ لَمْ تَفْهَمْهُ مَرْيَمُ العَذْرَاءْ،
أَخْبِرِينِي مَا هُوَ الحُبُّ؟
وَكَيْفَ سَأَشْرَحُهُ لِمَنْ يَسْأَلُنِي عَنْ ذُهُولِي،
وَقَدْ أَفْقَدْتِينِي كُلَّ عُلُومِ المَنْطِقِ،
وَصِرْتُ أُهَلْوِسُ كَالبُلَهَاءْ،
وَكَيْفَ سَأَشْرَحُ عِلَّتِي وَدَائِي الَذِّي أَجْهَلُهُ،
وَكَيْفَ سَأُقْنِعُ بِهِ جُمُوعَ الأَطِبَّاءْ،
مَرَّتْ مِنْ أَمَامِي السَّمْرَاءْ، أَرْسَلْتُ لَهَا قَلْبِي،
لَا هِي رَدَّتْ لِيَّ القَلْبُ، وَلَا أَنَا اِسْتَطَعْتُ اللَّحَاقَ بِهَا،
لِأَسْأَلَهَا عَنْ سِرِّ الشِّفَاءْ.
جان برو
#جان_برو (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟