أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - نجية نميلي (أم عائشة) - قراءة في نص -بطل- لنجية نميلي /إنجاز :المصطفى سلام















المزيد.....

قراءة في نص -بطل- لنجية نميلي /إنجاز :المصطفى سلام


نجية نميلي (أم عائشة)

الحوار المتمدن-العدد: 4437 - 2014 / 4 / 28 - 18:06
المحور: الادب والفن
    


بطل
أحكم وثاقها بكلتا يديه
أحست بالرعب
ارتعش بدنها خوفا وبردا
رآه عابر سبيل وهو يفعل فعلته
نهره ...شتمه ...تبارزا ....
انتصر عليه ....
مسح على رأسها وطمأنها
ثم....
انقض عليها.
___________

ينتسب هذا النص أجناسيا إلى فرع القصة القصيرة جدا ، و يلاحظ المتتبعون للشأن الأدبي حضور هذا النمط من الكتابة و الإبداع بصورة لافتة ، حيث بدأ يفرض نفسه من خلال جمعيات و رابطات و مختبرات ، و مدونات ...و يعرف النقاد و القراء خصوصيات هذا الأسلوب في التعبير السردي ، الذي يقارب ظواهر اجتماعية و إنسانية من خلال نصوص قصيرة في البناء لكنها ممتدة في الدلالة . و هذا من خصوصيات التعبير الأدبي الذي يجانب التقريرية و المباشرة في الرصد و التعبير .
فماذا يضمر نص" بطل "من مضامين دلالية ؟

أولا من حيث البناء :
في هذا النص ، انفتاح على آثار دلالية مقترنة بالبطولة ، أي أنه يعرض ذلك من خلال عملية الإخراج السردي التي تقوم هنا على :
- البناء
- المفارقة
من حيث البناء لدينا مساران مختلفان ، يتوسطهما مسار ثالث :
اعتداء على ضحية " امرأة " من خلال فعل محوري يوحي بالعنف ، كإفراط في استعمال القوة ، الذي ترتب عنه أضرار مادية و معنوية : من خلال إحكام الوثاق باليدين ، هذا الإحكام تحقق باليد ، و اليد أداة أو عضو ينجز أدوارا مختلفة حد التناقض : اليد تكتب و تمحو ، تعطي و تسلب ، تجود و تبخل ، تنقذ و تورط ، تقتل و تحيي، تبطش و تعدل ، تحنو و تقسو ....إنها مشحونة بعواطف و أحاسيس متناقضة . لقد بني النص أو أخرج سرديا من خلال ما يلي :
الرغبة : مصدر الإحساس .
اليد : منفذ أو منجز ، وسيط تعبره الأحاسيس .
الموضوع : أو الهدف الخارجي الذي يتأثر سلبيا أو إيجابيا بالفعل ، و تظهر عليه آثار ذلك .
إن سيرروة السرد في هذا النص القصير لها مفاصل ثلاثة :
انبعاث الرغبة أو ميلاد الإحساس .
تمريره باليد أو غيرها .
آثاره على الموضوع الهدف .
هكذا انتظم هذا النص من حيث بناؤه إلى السيرورة التالية : أولا (انبعاث إحساس ) أحكم وثاقها .... (و ثانيا بكلتا يديه )و ثالثا (أحست بالرعب و الارتعاش ).
و في المقطع الثاني لدينا نفس السيرورة السردية ، حيث السارد اتبع تقنية التكرار أو التوازي :

- انبعاث إحساس ما
- مسح على رأسها و طمأنها
- انقض عليها .
نلاحظ أن هذين المقطعين متوازيين من حيث البناء ، إذ هناك تشابه في المكونات و في المراحل ، أي أن الصيغة التي بني بها المقطع السردي الأول هي نفسها المتبعة في المقطع الثاني .و التوازي أو التشابه يفيد تكرار الظاهرة في الواقع ، حيث يشهد الواقع الإنساني و الاجتماعي تكرار ظاهرة الاعتداء على الأنثى من طرف ذكر ، سواء كانت طفلة ، شابة ، راشدة ، عجوزا ، متزوجة ، مطلقة ، عاطلة ، موظفة ...و المعتدي دوما هو ذكر ، و الخطاب القانوني المنظم لشكل الاجتماع الإنساني و المؤطر للعلاقة بين الذكر و الأنثى هو الذي يحدد مضمون الاعتداء و شكله ، كما أنه هو الجهة التي تحدد أشكال العقاب أو التعزير و صيغه . و النص هنا يحيل إلى ذلك عبر الإيحاء لا التقرير ، من خلال ربط الفعل أي الاعتداء بالبطولة ، و هي حمولة من المضامين و التمثلات ، قد تكون منافية للذوق العام أو النظام الأخلاقي السائد ، و هذا نجده في المجتمعات الأبيسية التي يحكمها نظام أبوي أبيسي ، و بالتالي تمثلات الرجل للمرأة هي التي تؤطر مواقف و رؤى الذكر للمرأة . و النص جعل في عتبته الدلالية المباشرة أن الاعتداء بطولة ، أي قوة و فعل أو سلوك يستحق الإشادة و التشجيع و أنه نموذج للاحتذاء و تجربة للاقتداء .....

ثانيا من حيث المفارقة :
لا يتحقق البناء السردي في تجربة القصة القصيرة جدا إلا عبر كوة المفارقة ، و ذلك بخلق بنيات أو مسارات يحكمها التناقض و الاختلاف ، و يمكن أن نقف عند بعض أوجه المفارقة التي توسل بها السارد في إخراجه السردي :

الوجه الأول : الظلم /العدل ، حيث الاعتداء في عالم الإنسان عامة و اعتداء الذكر على أنثى خاصة ، هناك من يعتبره بطولة و فحولة و ذكورة ، أي أنه فعل و سلوك إيجابي يناسب حقيقة الأنثى و خصوصية المرأة و بالتالي جوهر الرجولة . إن هذا السلوك انهزام في حقيقة الأمر و إعلان عن الضعف الداخلي ، و سلبية في التفاعل مع الأنثى ، لأن العلاقة بين الرجل و المرأة لا تقوم على الإفراط في القوة حد إلحاق الأذى الجسدي أو النفسي ، بل العكس هو الصحيح و الذي يناسب الطبيعة الإنسانية ، إذ هناك التواد و التراحم و الانسجام و التلاحم ، و الطبيعة جعلت العلاقة بين الذكر و الأنثى تقوم على نفس الرغبة و الحاجة ، ليس هناك حالة للاستغناء أو أن يقضي طرف وطره دون الآخر ، فالاعتداء هو مخالفة للنظام الطبيعي و لميثاق الإنسانية التي هذبت كثيرا سلوك الإنسان و شذبت منه جميع الشوائب و الفضلات ...

الوجه الثاني : الإنساني / الحيواني : اتخذ النص من كلمة بطل عنوانا له ، و قد وردت نكرة ، مما يضاعف غموضها و درجة الالتباس فيها ، و بالعودة إلى النص ، نلاحظ أنه أسس مفارقته على استعارة صفات الحيوان و نسبتها للإنسان ، أي أن الانقضاض و إحكام القبض أو الوثاق .. من شأن الحيوانات المفترسة ، و طريقة تعاملها مع خصومها أو بني جنسها ، سلوكها يقوم على الاعتداء و العنف و إلحاق الضرر .

الوجه الثالث : المسالم / المهاجم ، من خلال تجربة عابر سبيل في النص ، إذ المعروف أن عابر السبيل لأسباب كثيرة، يكون ضعيفا نفسيا و وجدانيا ، و فاقدا للثقة ، و أن الإحساس بالخوف هو القيمة المهيمنة عليه ، بحكم ابتعاده عن وطنه و مفارقته لأهله ، و ابتعاده عن أصدقائه ... و في متخيل المجتمع العربي بحكم الثقافة الدينية "عابر سبيل" نموذج أو نمط من الناس يستحق تعاملا خاصا ، أي بالإحسان إليه و تقديم الصدقة له و نصرته و إكرامه ... لكن النص يكشف عن الوجه الخفي لصورة ابن السبيل ، أي جانب القوة و إمكانية الهجوم و الاعتداء على الغير . لكن أن يكون عابر سبيل معتديا فهنا وجه المفارقة .

الوجه الرابع : الحق / الباطل : تحمل كلمة "بطل" تناقضا في طياتها ، حيث الشجاع هو البطل ، و رجل بطل بين البطولة و ظاهر الشجاعة ، أي أنه يتفوق على أقرانه في مبارزة أو مباراة ، و تتأكد شجاعته و بطولته متى خلت من الاحتيال أو الاستغفال مثلا ، كما تتأكد الشجاعة في المغامرة و عدم الخوف من العدو أو الخصم ، و النص هنا لا يجعل من الضحية خصما أو عدوا يقتضي الهجوم عليه أو مبارزته و الرغبة في إلحاق الهزيمة به ، هذا الشكل من المواجهة الذي يؤكد البطولة في معناها الإيجابي هو الصراع الذي تم بين عابر سبيل و المعتدي الأول في النص ، و هو ما يشكل المقطع الثالث في بنية النص العامة .
فالبطولة تقترن معجميا بالباطل ، و المقابل الحق أو نقيضه و خلافه ، و بالرجوع إلى النص ، نلاحظ أن ما قام به عابر سبيل في المرحلة الأولى هو حق و بطولة ، و بالتالي تكون البطولة ابنة الحق ، لأن من يدافع عن الحق بطل و شجاع و لا يدافع عنه رعديد أو خائف ، لكن ما قام به لاحقا هو باطل ، لأنه اعتداء .

على سبيل الختم :
يصور النص بعضا من مظاهر الاختلال في تمثلاتنا للقيم و المضامين الثقافية ، لأن التفاعل مع الأنثى سلوك تحكمه تمثلات لنوعية العلاقة بين الجنسين ، هذه العلاقة مؤطرة دينيا و فلسفيا و ..، كما يحكمها الصراع أحيانا كثيرة ، و تتخللها أشكال كثيرة من سوء المعاملة .
و الاعتداء هنا نموذج و شكل من أشكال سوء العلاقة . لكن النص لا يركز على السلوك أو الفعل الإنساني ، بل على التمثلات التي تؤطره ، حيث الاعتداء بطولة ، و النتيجة أن تمثلنا و فهمنا للبطولة كتغليب للعنف و الرغبة في إلحاق الهزيمة بالمرأة ، سواء كان المعتدي واعيا بها أم غير واع ، و كمبالغة في إثبات الفحولة المزعومة ....هو ما يجعل كثيرا من علاقاتنا يحكمها الاختلال و اللاتوازن . طبعا هذه ليست قراءة نهائية للنص ، بل يحمل بين طياته ، و من خلال استنطاق مكوناته اللغوية و السردية و الدلالية مايمكن به إنجاز قراءة ثانية أو ثالثة له ، و خاصة إذا استثمرنا المنظور النفسي في المقاربة الفنية ، حيث تكون البطولة هنا نتيجة و رهانا لحافز جنسي ، و هذا يتطلب منا أو من غيرنا استثمار عُدّة نقدية أخرى في المقاربة.


















#نجية_نميلي_(أم_عائشة) (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- قراءة في نص المصطفى سكَم / إنجاز محسن حزيران لفقيهي
- قراءة في نص -زيارة- لنجية نميلي /إنجاز :حيدر لطيف الوائلي
- لقاء مفتوح مع الناقدة الجزائرية : هداية مرزق
- جينات ...تحليق ...لولا...نسبية...العورة...الحل.(من بعض قصصي ...
- بفحولة النار أكتبك قصيدة
- اللحمة الطرية (قصة زجلية مستوحاة من واقع تلميذتي)
- سلطة السرد :تجليات اللفظ ومستويات المعنى /قراءة في نص أحمد إ ...
- -الأنثى -في قصصي القصيرة جدا
- قرءاة في قصيصة رحلة/ إنجاز :إسماعيل البويحياوي __( رحلة :من ...
- عتبات البناء السردي في القصة القصيرة جدا -ناقد- لمبارك السعد ...
- قراءة في نص - سفور- للسعدية بلكارح / إنجاز أمينة حسين
- الفصل الثاني من مسرحية (لا...أيها الآباء)
- مسرحية (لا...أيها الآباء )
- قراءة في نص -خطوبة- لعبد الله الواحدي
- قراءة تحليلية في القصة القصيرة جدا (الوصية) للأستاذ القاص: ع ...
- قصص قصيرة جدا (رابطة القصة القصيرة جدا في المغرب)
- حوار مفتوح مع الناقد المغربي : محمد يوب
- ومضة شعرية
- جدل الاتصال والانفصال في :-كيان امرأة-
- حوار أدبي_ ثقافي مع الأديبة الإعلامية المغربية :فجر عبد الله


المزيد.....




- الفلسطينية لينا خلف تفاحة تفوز بجائزة الكتاب الوطني للشعر
- يفوز بيرسيفال إيفرت بجائزة الكتاب الوطني للرواية
- معروف الدواليبي.. الشيخ الأحمر الذي لا يحب العسكر ولا يحبه ا ...
- نائب أوكراني يكشف مسرحية زيلينسكي الفاشلة أمام البرلمان بعد ...
- مايكروسوفت تطلق تطبيقا جديدا للترجمة الفورية
- مصر.. اقتحام مكتب المخرج الشهير خالد يوسف ومطالبته بفيلم عن ...
- محامي -الطلياني- يؤكد القبض عليه في مصر بسبب أفلام إباحية
- فنان مصري ينفعل على منظمي مهرجان -القاهرة السينمائي- لمنعه م ...
- ختام فعاليات مهرجان القاهرة السينمائي بتكريم الأفلام الفلسطي ...
- القاهرة السينمائي يختتم دورته الـ45.. إليكم الأفلام المتوجة ...


المزيد.....

- التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ / عبد الكريم برشيد
- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب
- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / د. أحمد محمود أحمد سعيد
- اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ / صبرينة نصري نجود نصري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - نجية نميلي (أم عائشة) - قراءة في نص -بطل- لنجية نميلي /إنجاز :المصطفى سلام