أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الارهاب, الحرب والسلام - هويدا طه - عندما يكون المذبوح واحد منا














المزيد.....

عندما يكون المذبوح واحد منا


هويدا طه

الحوار المتمدن-العدد: 1257 - 2005 / 7 / 16 - 12:45
المحور: الارهاب, الحرب والسلام
    


لفترة ليست قصيرة منذ اندلاع (خليط) المقاومة والإرهاب في العراق.. كنا قد (اعتدنا) ذلك المشهد على شاشات التليفزيون، ملثمون يحملون البنادق والرشاشات.. خلفهم يافطة كبيرة كتبت عليها آية قرآنية أو اسم ذو طابع ديني إسلامي لجماعة مسلحة.. وأمامهم يركع مختطف.. عاري الرقبة.. مشدود اليدين إلى الخلف.. معصوب العينين.. تضج بالرعب باقي ملامح وجهه الظاهرة.. يتلو بارتعاش ما أملي عليه.. أو يجتهد مذعورا وربما باكيا.. طالبا النجدة من مصيره المنتظر، تفاصيل المشهد من حادثة خطف إلى أخرى لم تكن تختلف كثيرا.. فقد كان ذلك المشهد ينقل إلينا أحيانا صورة مختطف واحد وأحيانا مجموعة من المختطفين.. ملامح آسيوية مرة وملامح أوروبية مرة وملامح عربية مرات، المختطفون موظفون دوليون أو معاونون لجيش الاحتلال أو سائقو شاحنات أو عمال بائسون أو صحفيون.. حتى كادت صور المختطفين في العراق من كل ملة ولون.. تصبح واحدة من مكونات (الثقافة العربية الحديثة) التي فرضتها ليس فقط ظروف الحرب في العراق.. وإنما فرضتها أيضا ظروف الخلخلة الحادثة في العالم العربي، لكن في جميع المشاهد السابقة كان المخطوف بالنسبة إلينا هو (الآخر).. يرفض بعضنا الأمر ويتحمس له البعض الآخر منا.. لكن الرفض أو القبول ظل في كل الأحوال موقفا من ذلك الآخر، إذ أن العمال والسائقين العرب الذين تم اختطافهم وتصويرهم قبلا.. أفرج عنهم أو سرحوا.. فبقي (المخطوف المذبوح) هو فقط ذلك الآخر، الآن.. وبعد ذبح السفير المصري إيهاب الشريف.. بدأت (ثقافة الذبح عربية الهوية) تتعرض على الملأ لأول امتحان.. لأن المذبوح هو من بيننا.. لحمه من لحمنا.. بغض النظر عن (موقفنا السياسي منه).. بدأنا حالة مراجعة لأثر الصورة في تكوين الرأي العام.. فالسفير المصري عرضت صورته معصوب العينين عاري الرقبة جاهز للذبح.. ربما مرة واحدة خلال ذروة تغطية الخبر.. ثم اختفت تلك الصورة رغم استمرار الحدث عنوانا كبيرا لنشرات الأخبار.. وظلت التغطية لخبر ملاقاته حتفه تتعاطى مع صور رسمية قديمة له.. برابطة العنق وعلى مكتبه بين أوراقه وتليفوناته.. من راجع الأمر.. ولماذا الآن وليس قبلا؟ ربما تلك المراجعة ليست بالضرورة (قرارا فرديا) لمسؤول عن صور نشرات الأخبار في التليفزيونات العربية.. قد يكون قرار عدم عرض صورته معصوب العينين عاري الرقبة.. جاء تعبيرا عن تلك الخلخلة الحادثة في العالم العربي.. خلخلة التغيير.. من ثقافة متكاملة متمكنة من نفس العربي.. عبّر عنها الذبح في العراق وهتك الأعراض في القاهرة والتعذيب هنا وهناك في جميع أنحاء العالم العربي.. كثقافة مشتركة بين السلطة العربية الجائرة والمنظمات العربية المتطرفة وأيضا..أفراد المجتمع.. إلى ثقافة أخرى ملامحها لم تتضح بعد.. لكن تباشيرها في ظهور.. الآخر يظلمنا نعم.. يعتدي علينا نعم.. لابد من مقاومته نعم.. بل حتى لابد أن نقاوم بالسلاح عندما يكون الآخر (جنود احتلال) وليس فكرا أو أفرادا مدنيين.. لكننا في العالم العربي في حاجة إلى تدشين ثقافة (المقاومة السلمية) التي جربتها شعوب أخرى.. وانتقلت بها من حال حضاري إلى حال حضاري مغاير أكثر أنسنة.. في حاجة إلى غرس تلك الثقافة في أعماق الأجيال الجديدة.. في حاجة إلى تعليم أبناءنا أن ليس بالسكين فقط يمكن مقاومة الظلم.. وإن كان ضروريا في حالة المواجهة مع (آخر) يحمل هو أيضا سلاحا.. لكن الاكتفاء بالسكين وحده.. حدا واحدا قاطعا.. سوف يجعل من تلك الأجيال القادمة مشروع شعب من الوحوش، أحد بشائر مخاض ثقافة المقاومة السلمية.. هو فورة (المظاهرات) التي تطالب بالإصلاح والديمقراطية والتغيير في أنحاء متفرقة من العالم العربي.. وخاصة في مصر التي فاجأت الجميع بذلك الخروج الشعبي السلمي.. ليس الأمر هنا متعلقا بالتساؤل(هل تجدي تلك المظاهرات نفعا؟).. فهي إن لم تجدِ نفعا فوريا في مواجهة سلطة فاسدة مستبدة.. يتشبث أصحابها بموقعهم.. فسوف تجدي في التكوين البطيء لتلك الثقافة.. ثقافة المقاومة السلمية، فاستهجان ذبح السفير المصري الذي عم الشارع العربي.. حتى لو كان عاطفيا لأن المذبوح لحمه من لحمنا.. وحتى لو كان في جزء ٍ منه عنصريا لأن المذبوح عربي.. فهو مقدمة لاستهجان كثير من الأشياء في ثقافتنا العادية.. تماما كما تحول موقف الشارع العربي من وضع أسامة بن لادن في مرتبة البطولة الخارقة أيام هجمات نيويورك وواشنطن.. إلى استهجان شعبي للهجوم على قطارات لندن.. نحن إذن نتغير.. نحتاج إلى وقت.. لكننا نتغير.. فكما بدأت الهوية الفرنسية لثقافة (الاستعمار المتوحش) تتلاشى من ذاكرة البشر.. ربما نكون نحن أيضا بدأنا طريقنا الطويل.. إلى جعل البشرية تنسى.. أن هوية ثقافة الذبح... عربية



#هويدا_طه (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- محمد أركون ونزعة الأنسنة في الفكر العربي
- وراء الإرهاب الفردي وإرهاب الجيوش فتش عن غياب العدالة
- أنس الفقي يدعو إلى إعلام الأعمال: بحبك يا ستاموني!
- العرب بين وثائقيات استكشافية وأخرى غارقة في الماضي
- وقت تحرك إعلاميي التليفزيون ومصريي الخارج
- مشاريع تنتهي وأخرى تبدأ:مطلب التغيير بين هيكل والظواهري وأم ...
- كفاية تتعولم
- بين عدو خبيث وعدو شرس: أم مكلومة في ابنها القاتل وأخرى في اب ...
- دعوة لتأسيس فضائية مصرية بعيدا عن فضائيات البترول
- ختان البنات في مصر: دعونا ننقذ غدير
- لا الفرنسية فضحت قبح نعم المصرية
- عبد العزيز مخيون مرة أخرى: ليس أول مناضل يدفع ثمن انحيازه لل ...
- السياسة المصرية: بلطجة من جهات سيادية عليا
- رحيل المطرب محمد رشدي: خايف؟.. لا واللاه ما انا خايف.. ما ان ...
- الرد الأمريكي على نظيف: إشكي مش حاسأل عليك.. إبكي مش حارحم ع ...
- شعب يصبر خمسين سنة ويقول دول فكة: مظاهرات عزل الوالي في التا ...
- بعد انتفاضة القضاة: هل تنضم الشرطة المصرية إلى معركة التغيير ...
- تحفظ الفضائيات تجاه الملف المصري: رهان على حصان الحكومات الخ ...
- حركة كفاية تدشن مرحلة انتقالية في حياة الشعب المصري
- لحظة التغيير تفرز فنان الشعب وفنان السلطة: في الفرق بين عبد ...


المزيد.....




- زيلينسكي: الحرب مع روسيا قد تنتهي في هذا الموعد وأنتظر مقترح ...
- الإمارات.. بيان من وزارة الداخلية بعد إعلان مكتب نتنياهو فقد ...
- طهران: نخصب اليورانيوم بنسبة 60% وزدنا السرعة والقدرة
- موسكو.. اللبنانيون يحيون ذكرى الاستقلال
- بيان رباعي يرحب بقرار الوكالة الذرية بشأن إيران
- تصريحات ماكرون تشعل الغضب في هايتي وتضع باريس في موقف محرج
- هونغ كونغ تحتفل بـ100 يوم على ولادة أول توأم باندا في تاريخه ...
- حزب -البديل- فرع بافاريا يتبنى قرارًا بترحيل الأجانب من ألما ...
- هل تسعى إسرائيل لتدمير لبنان؟
- زيلينسكي يلوم حلفاءه على النقص في عديد جيشه


المزيد.....

- لمحات من تاريخ اتفاقات السلام / المنصور جعفر
- كراسات شيوعية( الحركة العمالية في مواجهة الحربين العالميتين) ... / عبدالرؤوف بطيخ
- علاقات قوى السلطة في روسيا اليوم / النص الكامل / رشيد غويلب
- الانتحاريون ..او كلاب النار ...المتوهمون بجنة لم يحصلوا عليه ... / عباس عبود سالم
- البيئة الفكرية الحاضنة للتطرّف والإرهاب ودور الجامعات في الت ... / عبد الحسين شعبان
- المعلومات التفصيلية ل850 ارهابي من ارهابيي الدول العربية / خالد الخالدي
- إشكالية العلاقة بين الدين والعنف / محمد عمارة تقي الدين
- سيناء حيث أنا . سنوات التيه / أشرف العناني
- الجدلية الاجتماعية لممارسة العنف المسلح والإرهاب بالتطبيق عل ... / محمد عبد الشفيع عيسى
- الأمر بالمعروف و النهي عن المنكرأوالمقولة التي تأدلجت لتصير ... / محمد الحنفي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الارهاب, الحرب والسلام - هويدا طه - عندما يكون المذبوح واحد منا