|
حول أحداث فاس : عنف القوى الظلامية ضد مناضلي أوطم.
عماد الخليل
الحوار المتمدن-العدد: 4434 - 2014 / 4 / 25 - 22:18
المحور:
الارهاب, الحرب والسلام
للتاريخ الذي يدير له البعض ظهورهم طرائق مختلفة يكشف بها عن تفاهتهم ، وكل ما تقدم ( وهو لا يتقدم إلا من جانبه المتعفن ) يزيل أوراق التوت عن عوراتهم ، وكلما أوغل في تقدمه _ على أنقاض آلاف الضحايا _ ذكرهم بأنه لا يقبل الخضوع لإراداتهم ، لكن " ذيل الكلب لا يعدل أبداً " فكلما نبههم إلا ما فيهم من خطايا ، أو مزية في الرؤية الجدلية / الواقعية التي تعي جيداً أن للتغيير ثمنه وأن للثورة زكاتها من الضحايا ، سارعوا إلى التغطية عليه وتوريته ، ولا يألوا _ هؤلاء _ جهداً ، وبالوهم ، في تطهير صفحات التاريخ من الدماء أو القول الإنشائي أنهم ، في الوهم وعن طريقه ، قادرون على صنع تاريخ بدون مداد أحمر ؛ بيد أن للتاريخ منطقه ، وصيرورته التي لا يتأتى لمن ينظر للمتغير ، أو هو في جريان دائم ، كأنه ثابت وساكن ، لا تسعفه في تبيُّن منطق التاريخ وقوانينه بل الأكثر من ذلك تقدم له واقعاً غير التاريخ في توقعنه ، ترسم له الواقع _ مغايراً للواقع المتحقق _ ورديا أو هو أقرب إليه ، وتعكس في مرآته ما ليس فيه أو تخلط أوراقه فتتبعثر . مناسبة هذا الكلام ما أُشيع عن مقتل طالب في فاس ينتمي إلى إحدى التيارات من داخل القوى الظلامية ، سقط على إثر مواجهة مع الطلبة بقيادة مناضلي الاتحاد الوطني لطلبة المغرب ؛ لن أتحدث عن حدث لم تظهر تفاصيله الكاملة بعد، كما هرول البعض وسارع إلى لوْك الاتهامات وكيل التهم قديمها وحديثها وأشياء أخرى سحبها من الأدراج ونفض عليها الغبار ويقدمها بشكل جديد ، قد يُعذر من يتعاطى بأحاسيسه النبيلة _ أو نواياه الحسنة _ ودون اطلاع ولو بسيط على مجريات الأحداث وتاريخها ،مع مثل هذه الأمور نبادر فنقول أن هذا ليس أوانها أو موقعها أما ضعف اطلاعك فليس مبررا أبداً ، أما الآخرون ، أقصد خصومنا ، فنحن على وعي تام بأن ردودهم _ مهما تجلببت بالحيادية أو الإنسانية ..._ لا نجدها سوى نوع من الاستمرارية لصراعنا الطويل وهي ، أي ردودهم ( اتهاماتهم ) ، تعبير على اشتداد أوار الصراع في هذه المرحلة . أقول ، أو أكرر القول ، أنني لن أتحدث آنياً عن هذا الحادث لنقصٍ في المعلومات والمعطيات المتوافرة ، بل سأتحدث عن ما شهدته ، وشاركت فيه ، خلال مُقامي بالجامعة ( موقع مراكش ) من أحداث ذات صلة بصراعنا المديد مع هذه القوى الظلامية ، وتحديدا حدثين : الأول مع جحافل " منظمة التجديد الطلابي " وأخرى مع " العدل والإحسان " ، مع التعريج في بداية حديثي على بعض من محطات التاريخ القريب من تاريخ الصراع بيننا ، كماركسيين لينينيين و القوى الظلامية داخل الجامعة المغربية ، تلك إذن هي بنية مداخلتنا هاته التي نسعى من خلالها إلى إلقاء الضوء على المجهول ، عن قصد يُحاول إخفاءه ، لعل الذكرى تنفع الـمُضَلَلين أو من يستهويهم اللعب في المستنقعات . بدءا ما كانت المواجهة المادية (=الحرب) بدون " أسباب نزول " أو جزيرة معزولة عن الصراع في المجتمعات أو بينها ، إنها _ أي الحرب _ بحق شكل آخر ، كما لاحظ كلاوزفيتش ، من الأشكال الذي تُمارس به السياسة ، إن الأولى امتداد للثانية ، قد يلجأ إليها الضعيف أو المهزوم على مستوى الجبهة الايديولوجية والسياسية ، يسعى من خلالها ، أي الحرب ، لإعادة التوازن إلى الجبهتين الايديولوجية والسياسة أو أن تميل الكفة لصالحه ، هذا عين ما حدث إبان سبعينيات وتسعينيات القرن الماضي في المغرب ، ولسنا نعيد هنا سرد التاريخ ، فقد كان المد الاشتراكي في غايته وأوجه ( أعني خلال الستينات حتى بداية الثمانينات) ولم يكن المغرب استثناءً ، بل كانت اليد الطولى والسطوة لليسار في كل القلاع التي عارضت " الحكم الفردي " ودعت وناضلت من أجل مجتمع العدالة الإجتماعية ، فقد كانت الخطر الأكبر والأعظم في وجه النظام القائم في المغرب وواجها ، بأدواته المباشرة القمع الاعتقال والاغتيال ، لكن ما زادها ذلك إلا صمودا والتحاماً بالجماهير الشعبية فكتبت بمداد من دم بطولات تاريخية ( انتفاضات عارمة ...) وفَزع النظام من قيادات ثابتة على الموقف ومتطلعة إلى غد أفضل بمعية جماهير متلهفة لصنع التاريخ والدفع به قدماً ، أدى بالنظام القائم إلى البحث عن وسائل وأدوات أخرى للقضاء على هذه الحركة الفتية والآخذة في النمو ، فلم يجد أمامه سوى القوى الظلامية المستعدة للدفاع عنه ( بغطاء محاربة الإلحاد والعلمانية والتغريب ....) ليتأكد من بعد أن هذه القوى الورقة التي تستعملها الأنظمة للقضاء على معارضيها ، تجسد هذا في اغتيال أبرز مناضلي تلك الفترة ، أقصد الشهيد عمر بن جلون الذي قال عنه آنئذ مؤسس حزب العدالة والتنمية ( الخطيب ) إنه أخطر على الملكية من بنبركة ، ولا ننسى أيضاً الدفاع المستميت لابن كيران عن المتهمين بالاغتيال إبان محاكمتهم وتنظيمه لتظاهرات مؤيدة لهم في البيضاء ، وهو الذي أرسل رسالته الشهيرة ( نشرت مؤخرا ) إلى وزير الداخلية التي يقول فيها أن مهمته هي القضاء على المد العلماني والإلحادي في المغرب ؛ كل هذا ، وغيره كثير ، كان غير خافٍ على كل المهتمين بالشأن السياسي حينذاك ، وبالموازاة مع الحرب التي شنت على اليسار في المساجد وغيرها من أبواق النظام ، بدأت حملة أخرى على قلعة من قلاع النضال ، أعني الجامعة المغربية ، في شخص نقابتها الاتحاد الوطني لطلبة المغرب الذي كان في طليعة كل نضالات الشعب ، بل أعلن بغير تردد في مؤتمراته ( 13 ، 15 ) عن تبنيه لمطالب الشعب المغربي وتحليله لطبيعة النظام القائم وزيف شعاراته ومدى تبعيته للإمبريالية ، كل هذا جعل من حظر أوطم أو إقباره الهدف الرئيس بعد أن لم ينفع لا الاعتقال والأحكام الخيالية التي وصلت لقرون من السجن وتجاوزته إلى الحكم بالإعدام غير أن ما لم يفلح فيه النظام بأدواته المباشرة ( قوى القمع ، القضاء ...) أفلح فيه من خلال أداته الطيعة : القوى الظلامية . فهذه الأخيرة أعلنت أن دخولها إلى الجامعة بهدف القضاء على الملحدين والعلمانيين ( لا غرابة أن أطلقوا على أوطم : الاتحاد الوثني لملاحدة المغرب،وأيضا لم يخوضوا أي معركة نقابية في مواسمهم الأولى وحتى الآن ) فـ " التتار الجدد " قاموا منذ البداية بتكفير كل المناضلين ( المنتمين إلى الفصائل الطلابية وقتذاك، المستقلين والمتعاطفين ) دون ذكر الطالبات اللائي لا يرتدين اللباس الشرعي ، وقد كانت لجان الفتيا معدة للأسماء التي سينفذ فيها الحكم بالإعدام وباقي الأحكام الأخرى ، فنفذت غزوتي وجدة وفاس التي راح ضحيتها آلاف من الطلبة معطوبين وجرحى وعشرات خرجوا بإعاقات دائمة ، فبينما حصدت قوى القمع سنة 1989 ثلاث شهداء ( أجراوي ، زبيدة ، السعيدي ) بالرصاص الحي بتهمة التضامن مع القضية الفلسطينية ، حصدت ربيبتها القوى الظلامية ، وبأبشع الطرق ، روح شهيدين ، نفذت فيهما الحكم بالإعدام لا لشيء سوى لأنهما اختارا الإصطفاف إلى جانب الجماهير في الدفاع عن قضاياها،وزرعت الرعب في جل المواقع ، بل قامت بالاستيلاء على أوطم وطرد الفصائل من الجامعة ؛ فحتى أواخر التسعينيات أعاد النهج الديموقراطي القاعدي _ البرنامج المرحلي بناء ذاته في موقعي مراكش وأگادير ذكرنا هذين المثالين تمثيلا لا حصرا وهكذا حدث ببعض المواقع ، ولعل الزائر والمار مرور الكرام في كل المواقع الجامعية يدرك ، أنه لا فعل في الجامعة ، صغيرا كان أم كبيرا ، يقف وراءه مناضلو أوطم ( الماركسيين تحديدا ) ولازالوا يقدمون المعتقلين ، وأن القوى الظلامية تكتفي بنشر البيانات ، تلك حقيقة لا ينكرها إلا مغالٍ أو منافق ومهما فعل فـ"الشمس لا يحجبها غربال " كما يقال . خلصنا ، في عرضنا الموجز أعلاه ، إلا أن المبادر بالعنف منذ دخوله إلى الجامعة كان القوى الظلامية في شخص "فصيل الوحدة والتواصل" الذي أصبح فيما بعد " منظمة التجديد الطلابي " _ العجيب أن للعدالة والتنمية في الجامعة المغربية فصيل يدعي الانتماء إلى أوطم ويتكلم باسمها و منظمة التجديد الطلابي جاءت كبديل عن النقابة الشرعية أوطم !!! _ وطلبة العدل والإحسان بينما التزم الطلبة الميثاقيون الحياد وعدم الدخول في صراع مع الفصائل اليسارية ( نسأل هل تعرض لهم أحد ؟! ) ، وحتى نبدد الضباب على أعين بعض " المتثاقفين والمتثاقفات " ممن يلوك الكلمات دون دراية بمعناها أو قيمة الموقف الذي يعبر عنه ، سنتحدث عن ما شهدته وتفاعلت معه ؛ ففي الموسم الجامعي 2008/2009، للتذكير فالسنة الجماعية التي قبله شهدت أشرس معركة طلابية مع النظام القائم اعتقل فيها ثمانية عشر مناضل وطالب قضوا أكثر من ربع قرن في السجن واستمرت المحاكمات أزيد من سنة واعتبرت هذه المعركة أهم معركة شهدها العالم العربي إلى جانب إضراب عمال النسيج في المحلة بمصر ( انظر كتاب حالة المغرب 2007/2008) ، فوجئنا ، تحديدا في فبراير ، بإنزال أكثر من ألف وخمسمئة منتم للعدالة والتنمية بموقع مراكش بمبرر تنظيم ملتقى وطني وندوات من تنشيط الداودي وابن كيران وحفلة موسيقية ( نذكر أن " مناضليهم " ؟! يأتون في أول السنة في فترة التسجيل ويغيبون طوال السنة ؟! لا يخوضون معارك ولا يدافعون عن مكتسبات الطلبة ، فبأي مبرر تنظيم ملتقى وطني ؟!! ) وحاولوا المبيت في الحي الجامعي ( في كل غرفة أكثر من تسع طلبة ) لكن هالتهم جموع الطلبة الغفيرة التي خرجت ضدهم ، فباتوا تلك الليلة في فندق ( تبين في ما بعد _ خلال حديث مع بعضهم _ أنه محجوز مسبقاً )،في اليوم التالي نظموا ندوة أطرها الداودي في كلية الآداب ، ولم يمنعهم أحد ، كل ما في الأمر لحدود الساعة نقاشات مع الطلبة رافضة لمجيئهم وتعبئة ومظاهرات منددة بالحزب الذي وافق نوابه في البرلمان على تمرير الميثاق الوطني للتربية والتكوين ،منتصف اليوم عاد المناضلون والطلبة من محاكمة المعتقلين التي تتم على مستوى محكمة الإستئناف ( بعيدة جدا عن الحي الجامعي ) عادوا منهكين ، ككل مرة ، بفعل المطاردات في الأحياء المجاورة للمحكمة حتى باب الحي الجامعي ؛ فإذا بنا نرى جحافل التتار تتقدم إلى الحي الجامعي ، بدعوى أن ابن كيران سيحاضر في النادي وسط الحي الجامعي ( با ترى ماذا كان سيقول ؟!!! ) ، بشعارات خيبر خيبر .....التكبير ورايات سوداء وأخرى لحماس ، ويقولون أنهم سيطهرون الحي الفساد والعهر والإلحاد وأيديهم ملأى بالحجر وصلوا بعد مقاومة ضعيفة حتى أبواب العمارات ، كسروا أبوابها وغرسوا الرايات في الأرض إعلانا على انتصارهم ( السباب والشتم لم يقف ) ما العمل إزاء هذا الذي يصفك بالفاسد والعاهرة و و ...وتتبادل معهم الطالبات الشتائم ،والطلبة من على أسطح العمارات يتابعون المشهد السوريالي وما أسماه آنذاك رئيس منظمتهم بالفتح ( فتح وتحرير الحي الجامعي ) وهو لا يدري أن الطلبة ، أشير إلى أن الرفاق لا يتجاوز أصابع اليدين ، يحضرون المفاجأة التي ستقسم ظهره ، وبعد هنيهة أمطرت عليهم السماء حجارة لم يجدوا غير الهرب منها وتنظيم أنفسهم خارج الحي وفي الكليات ، لكن بلا طائل ، وإثر المواجهات تم اعتقال مجموعة منهم أخبرتنا أنهم أعلموهم أنهم في زيارة سياحية لمدينة مراكش فقط ولا علم لهم بهذا الأمر ؟!!. أعتقد أني كفيت ووفيت ، وأن حقيقة الصراع ضدهم هي أنه صراع وجود ، فإما مشروعهم أو مشروعنا ، ومن اختار الاصطفاف في أي جانب فهو مدرك لعواقبه ونتائج اختياره .
#عماد_الخليل (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
مآسينا...أولاد شِحِيبَرْ !
-
يتامى الدهر أو عندما يتمخزن الماركسي : صلاح الوديع أنموذجا
-
إلى المعطي بوملي...إلى المهدي.
-
زمنٌ ولَّى،زمنٌ هُجِر.
المزيد.....
-
-دارة سعاد-..تسعينية تحتضن إرث أسرتها منذ إمارة شرق الأردن ب
...
-
تهديدات جديدة يلوح بها بوتين مع ضربات عنيفة على أوكرانيا
-
بالصور.. الدفاع المدني البحريني يسيطر على حريق شب بعدد من ال
...
-
بالأسماء.. الجيش الإسرائيلي يعدد 70 قرية يحظر العودة لها بجن
...
-
لافروف يتهم مديرة -اليونسكو- بالضلوع في الحرب الإعلامية ضد ر
...
-
أقمار روسية ترصد واحدا من أقوى الأعاصير
-
إسرائيل تشن هجمات مكثفة على غزة تُسفر عن قتلى وجرحى ولبنان ي
...
-
هجمات روسية بالطائرات المسيرة تخلّف دماراً وتصيب 8 أشخاص في
...
-
إيران: على الاتحاد الأوروبي التوقف عن التصرف بشكل غير مسؤول
...
-
اليابان.. ابتكار ذكاء اصطناعي يحاكي طريقة تفكير مؤسس شركة -ب
...
المزيد.....
-
لمحات من تاريخ اتفاقات السلام
/ المنصور جعفر
-
كراسات شيوعية( الحركة العمالية في مواجهة الحربين العالميتين)
...
/ عبدالرؤوف بطيخ
-
علاقات قوى السلطة في روسيا اليوم / النص الكامل
/ رشيد غويلب
-
الانتحاريون ..او كلاب النار ...المتوهمون بجنة لم يحصلوا عليه
...
/ عباس عبود سالم
-
البيئة الفكرية الحاضنة للتطرّف والإرهاب ودور الجامعات في الت
...
/ عبد الحسين شعبان
-
المعلومات التفصيلية ل850 ارهابي من ارهابيي الدول العربية
/ خالد الخالدي
-
إشكالية العلاقة بين الدين والعنف
/ محمد عمارة تقي الدين
-
سيناء حيث أنا . سنوات التيه
/ أشرف العناني
-
الجدلية الاجتماعية لممارسة العنف المسلح والإرهاب بالتطبيق عل
...
/ محمد عبد الشفيع عيسى
-
الأمر بالمعروف و النهي عن المنكرأوالمقولة التي تأدلجت لتصير
...
/ محمد الحنفي
المزيد.....
|