حمودة إسماعيلي
الحوار المتمدن-العدد: 4430 - 2014 / 4 / 21 - 14:24
المحور:
السياسة والعلاقات الدولية
بالإفراج عن المعتقلين الصحفيين (الفرنسيين) الذين احتجزوا بسوريا من طرف جماعة "داعش"، انفتح بذلك باب عن الأوضاع المزرية والمهددة التي يتعرض لها الصحفيون بالقلعة السورية، فإذا جاء حسب لجنة حماية الصحفيين على أن "سوريا هي أخطر مكان في العالم بالنسبة للصحفيين"؛ أفلا يعني هذا أنها أخطر مكان في العالم بالنسبة للإنسان، باعتبار أن الصحفي إنسان : وليس بالضرورة أهميته الرمزية كرهينة مقابل فدية، أو وسيلة (لممارسة) ضغط خارجي.
فإذا كان عدد القتلى قد فاق 100000 شخص، منذ بداية الأزمة. دون ذكر استمرار القصف العشوائي لبعض البقاع، والاعتقالات التعسفية، وحالات الاختطاف والتهديد والترهيب. والاستعمال الغير قانوني للأسلحة بحلب وإدلب ودير الزور وحمص واللاذقية ودمشق، كزرع الألغام وإطلاق النار. فمن الطبيعي (في ظل ظروف كهذه) أن يضطر المواطنون إلى اللجوء لخارج الحدود كحماية للذات، فالأمر لم يعد يتعلق فقط بالتهديد الأمني بل حتى في نقص الموارد الغذائية، فالناس لم تعد تجد ما تأكل، وشبح الموت يخيم حول منازلها ! .
وبهروب السوريين من أخطر منطقة بالعالم، فإن المعاملات الغير الإنسانية المنتهكة لكرامة وحقوق الإنسان، تطاردهم حتى خارج الحدود، الأمر الذي يتجلى في المعاملات التي يتعرضون لها كلاجئين في بعض المناطق الأخرى بغرض الحماية والحفاظ على الذات (كمرفوضين بطرق غير مباشرة)، هذا إن لم يتم تنقيلهم أو ترحيلهم : كتخلص صريح من مادة خطرة ـ فبما أن اللاجئين يأتون من أخطر مكان بالعالم، فهم بذلك يمثلون خطرا ـ كإعلان عن قدوم خطر أكبر، والتسبب بمشاكل سياسية للدولة المضيفة.
ما يجعل الخطاب الإعلامي الذي يتصدى للأحداث الدموية السورية : بالدفاع عن مصالح السوريين والسهر على حمايتهم وحل الأزمة السياسية عبر التدخل السريع ـ ليس أكثر من بهرجة دعائية تغطي العجز والخذلان : فحتى الدعاية السياسية التي تتصدر صورة الجريح السوري كأولوية في الكشف الإعلامي لإجرام النظام، إنما لا تهتم به أكثر مما تهتم بالحجر الملقى بجانبه فوق الأرض، أو أنبوب الغاز الذي يمر من جانبه تحت الأرض : ما يهم هي نسب المشاهدة، وصورة المدلي بالخطاب وهو يرتدي ربطة عنق جديدة. دون الحديث عن مهزلة التعاطف مع الجماعات والميليشيليات الإرهابية (كمعارَضة حامية) ـ وهي اللوحة المشوهة التي يحاول رسمها اللوبي الإعلامي.
سوريا أخطر منطقة في العالم، هذا لأنها بقعة في كوكب العجز : أما القدرة على الكلام وفضح الأوضاع، إنما ضريبة تغطية لضعف الفعل والتصرف. فالسلام ليس دعوة ـ كشعار الاتفاقات والمفاوضات والاجتماعات الدولية ـ بل ممارسة وتطبيق.
أن تظل سوريا أخطر منطقة في العالم بالنسبة للإنسان، هناك من يستفيد من ذلك ! .
#حمودة_إسماعيلي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟