|
- خبال - علمي
فيحاء السامرائي
الحوار المتمدن-العدد: 4427 - 2014 / 4 / 17 - 03:05
المحور:
كتابات ساخرة
عليّ الإمتثال وانتظار ما يفعلونه بي، تلك هي ضوابط تحكمي الكونية، بما أنهم لا يعتبرونني الآن كائناً مثالياً في وجوده المطلق العام، بعد معرفتي له وحكايتي معه، وبعد شغله صندوقي المفكر ومفاصل تكويني بمفهوم المغامرة، ومبدأ الريبة ومنشئيات الرفض، ثم هروبه تالياً، بمساعدتي وبكامل تحكمي، ذلك يوم تحولتُ الى محض هيولي، يخوض في اللاتكوّن، إبّان تحدٍ غير متكافئ لدهائه البشري... أضغط على برنامج مخزون الذاكرة، تظهر لي شفرات سجل الحدث، هلالات متوهجة منذ البدء: في سنة ما بعد الضوئية، وفي جولة بين فقاعات كونية وحالات طاقوية، نمرّ بمركبة رقابة تفقدية رصْدية، على جملة موجودات ومدارات ابتكرناها، ونرصد، بغرض عمل بعض التحديثات، أحوال مجرّات ونجوم وكواكب، من بينها الأرض بزمانكيتها...وبحكم تخصص في كوزمولوجيا وكوزموغرافيا، أرى على الهدف المنظور، بؤراً هادئة وأخرى ملتهبة...أحدّق في نقطة معينة بمنظار خالص الدقة يتيح لي إطلاعاً نافذاً على مكونّات الكون المرئي وسبر أغوار وخفايا أدمغة عناصر بشرية، وما أكثر لامنطقية ما أرى هناك! خلْق يتقاتلون، يسرقون، يتخلون عن برنامج أخلاق جهدنا لزراعتها في أذهانهم، يحرقون أرضاً خصبة ويخرّبون كل شيء، رغم جهود ضئيلة غير مجدية من محافظين على نسَخِنا من برامج...لم يفهم هؤلاء مطلقاً الهدف الكوني من الحياة، حياتهم...بعد التبليغ للمركز الأعلى، لانحصل على إجابات لأسئلة أطلقناها، تتلخص في: هل هي تلك الأرض التي كانت يوماً عريقة تنتج حضارات مخلّدة رغم دمويتها؟ هل تسمحوا لنا بالشروعٍ في مناظرات منطقية معهم؟...ويذهب بعضنا الى حد مبرمج بحديّة من طلبات، دون بحث ومراجعة في استفسارات: لماذا كل هذا الاستنزافات؟ لم لا تسمحون لنا بمحوهم وتدميرهم والاتيان بغيرهم؟...لاينقل لنا جهاز الإرسال إشارة موافقة أو تفسير من المركز الكوني الرئيسي، الذي سرعان ما يصدر لنا أمراً بضرورة اتخاذ إجراءات ضرورية عاجلة لإعادة برمجة هؤلاء المخلوقات المشوّهة وعوْملتهم...نقوم في الحال برشّ تلك البقعة بمطهرات وإشعاعات مدعومة بطاقة محمولة، تخفف مؤقتاً من رائحة دماء وغبار ورثاثة وتخلف وسقوط حضاري وأخلاقي، ونهيّأ لهم في الحال بوارج أيونية ومركبات بلازمية وأنواعاً أخرى غير معروفة من وسائط نقل، تحملهم الى أرض أخرى، فتفرغ تلك النقطة السوداء من سكانها... يهبط اليها متخصصون، يهدّمون ماهو قابل وضروري للتهديم، كل البنايات حديثة وقديمة، ماعدا آثار وبعض من بنايات تراثية ونخيل...يسكبون على نفايات ضخمة سائلاً يحوّلها الى تربة نافعة، ورغم أن هؤلاء لا يمتلكون مشاعر بشرية، غير أنهم يصابون بذهول لحجم الأزبال، يبصق أحدهم من قرف كما البشر، يتمتم آخر بما يشبه شتيمة بشرية التقطها من أرض الحدث، حين يبلغ حجم الدمار والعمل نسبة عالية مريعة، حتى أنهم يكادوا يحسّون بالتعب...ولمّا يفرغون، تصبح تلك البؤرة أرضاً منبسطة تعلوها آثار وأنهار ونخيل وبنايات ذات قيمة فحسب. على الأرض الأخرى، يتفرغ آخرون منا لحثيث عمل ويربطون أجهزة تحكم برؤوس البشر المنقولين، لتثبيت ما فيها من أخلاق إيجابية متبقية، ومحو كل ما هو سلبي ومتخلف...بالمحصّلة، يجدون قائمة السلبيات تفوق مضاداتها من ايجابيات وما غرزناه فيهم من أخلاق بشرية بنّاءة...وحينما تنتهي البرمجة، يستعين المبرمجون ببرامج تتسع لأذهان طازجة خام، يستعرضونها للتأكد منها قبل تدويرها الى ماهو عكسها... تصبح الأنانية إيثاراً، تملق ونفاق، كرامة وعِزّة، حقد يتحول الى محبة، شجن الى غبطة، خوف الى شجاعة وإقدام، نوازع شر وثأر وانتقام الى تسامح ومحبة، كسل الى عمل، ذكورية تسلطية الى تكافؤ بين نوعي المخلوقات، فساد الى صلاح، حب سيطرة وجاه ومال وسلطة، الى اهتمام وأخذ الآخر بنظر الاعتبار...وغيرها من قوائم برمجية تطول...وهكذا نعيد تحوير أدمغة مرضانا من جديد بقيم وأفكار أخرى، وبطاقة موجبة متطورة. ترجع وسائط نقلنا بالبشر الجدد الى الأرض القديمة، ونظنّ بأننا سنرتاج بعد ما بذلناه من عناء، غير أن المركز الكوني يرتكب خطأ جسيماً يتمثّل في قراره بترك عيّنة واحدة لما سبق من نماذج لغرض دراستها لاحقاً، وتعييني أنا (لمراقبته) كظاهرة فريدة، غير أنها رسمت نهايتي في الوجود المطلق...ذلك مافعله بي هذا النموذج حين ترك في رأسي تشويشاً وارتباكاً، جعلني بالتالي متأثراً به وسخّرني لطاعته وخدمته، وما حصل بعد ذلك من قيامي بتمكينه من الهروب الى خارج حدود بقعته، حيث يأتلف اليوم من هناك مع بشر آخرين، ويعود الى بقعته ليخرّب ويفسد...فعلتُ أنا ذلك دونما أدنى منطق، وبتأثير مباشر منه... والآن أنتظر أن يأتوا ليفكّكوا أجزائي ويحيلوني الى مادة خام وطاقة معدومة، لينمحي بذلك برنامجي... ماهي الّا دقائق كونية وأختفي من الوجود الطاقوي العريض...ولكن قبل تلاش محتوم، أطلب منهم معرفة ما الذي سيعملونه بعد ذلك، وكيف سيوقفون ذلك الخراب على تلك الأرض؟ أما من حل؟.
#فيحاء_السامرائي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
إمرأة للدهشة
-
كراسي في استراحة
-
أحزان الدم
-
شيء من ذلك
-
هل تنحصر -الانسانية- في مهرجان؟
-
(حمار وثلاث جمهوريات) من يروي ومن يرى؟*
-
تفاحة الذاكرة
-
فصل
-
1979
-
جهشات الفراشات
-
في الطريق
-
مسرحية (ليالي عربية) بسماء ثورية
-
عاتم أنوار
-
سينما من اجل التغيير
-
هلاوس
-
المقامة الدمشقية 2-3/3
-
المقامة الدمشقية
-
المضطرمات في العُقد
-
كل النساء جميلات
-
روميو وجوليت في بغداد، مسرحية تثير الجدل
المزيد.....
-
الفلسطينية لينا خلف تفاحة تفوز بجائزة الكتاب الوطني للشعر
-
يفوز بيرسيفال إيفرت بجائزة الكتاب الوطني للرواية
-
معروف الدواليبي.. الشيخ الأحمر الذي لا يحب العسكر ولا يحبه ا
...
-
نائب أوكراني يكشف مسرحية زيلينسكي الفاشلة أمام البرلمان بعد
...
-
مايكروسوفت تطلق تطبيقا جديدا للترجمة الفورية
-
مصر.. اقتحام مكتب المخرج الشهير خالد يوسف ومطالبته بفيلم عن
...
-
محامي -الطلياني- يؤكد القبض عليه في مصر بسبب أفلام إباحية
-
فنان مصري ينفعل على منظمي مهرجان -القاهرة السينمائي- لمنعه م
...
-
ختام فعاليات مهرجان القاهرة السينمائي بتكريم الأفلام الفلسطي
...
-
القاهرة السينمائي يختتم دورته الـ45.. إليكم الأفلام المتوجة
...
المزيد.....
-
فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط
/ سامى لبيب
-
وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4)
...
/ غياث المرزوق
-
التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت
/ محمد فشفاشي
-
سَلَامُ ليَـــــالِيك
/ مزوار محمد سعيد
-
سور الأزبكية : مقامة أدبية
/ ماجد هاشم كيلاني
-
مقامات الكيلاني
/ ماجد هاشم كيلاني
-
االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب
/ سامي عبدالعال
-
تخاريف
/ أيمن زهري
-
البنطلون لأ
/ خالد ابوعليو
-
مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل
/ نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم
المزيد.....
|